كتَّاب إيلاف

الكارنتين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يدر بخلد العلامة جمال حمدان وهو ينتهي من كتابه " إستراتيجية الاستعمار و التحرير "، أن ما حلم به وتمناه هو مجرد " أضغاث أحلام ". فقد تصور أن تركيا وإيران مع العالم العربي سوف يشكلون يوما ما "مثلث القوة" في منطقة الشرق الأوسط.
واكتمال أضلاع هذا المثلث - برأيه - سيشكل لطمه قوية للسياسية الإسرائيلية في المنطقة العربية والإسلامية، التي تسعى حثيثا بإتجاه عدم قيام أي شكل من أشكال التعاون الاستراتيجي بين الدول العربية والإسلامية يؤثر على قوتها سلبا ً.القراءة الأولي للاعبين الاقليميين في المنطقة منذ أحداث غزة - نهاية 2008 - وتداعياتها حتي كتابة هذه السطور، تكشف عن أن إسرائيل وإيران وتركيا هم أضلاع هذا المثلث " الحلم "، وهم الأسرع تجاوبا مع المتغيرات الدولية، والأجدر فهما للتحولات الجديدة، بما يتيح لهم أن يصبحوا في قلب الترتيبات الإقليمية وليس خارجها أو علي هامشها، بينما يأتي استيعاب العرب بطيئا متثاقلا غارقا في الماضي بمشكلاته وتعقيداته من جهة، بالتزامن مع سعي بعض الأطراف العربية لتقويض النفوذ المصري والسعودي عربياً لحساب قوي إقليمية أخري، وتمكينها من السيادة على القرار العربي، وكأننا أمام تحالف شبه موضوعي في المنطقة يتشكل الآن على حساب الدول العربية كلها، بما في ذلك دول الممانعة.التحركات المصرية السعودية الراهنة، واعية وحكيمة، وهي تسعي بالفعل لرأب الصدع العربي، والانقسام الفلسطيني الفلسطيني، والعودة إلي مائدة المفاوضات مجددا، من أجل الخروج من هذا النفق المظلم في أسرع وقت ممكن، وقد أشار الدكتور عبدالمنعم سعيد إلي خطورة الموقف العربي الحالي، وما ينتظر العرب إذا ظلوا علي ما هم عليه، وذلك في مقاله المعنون : " الحجر علي العرب "، بجريدة الشرق الأوسط (28 يناير 2009)، يقول : " أن استراتيجية الحجر والاعتصار والحرمان العلمي والاقتصادي ربما تكون أكثر فعالية بالنسبة لعالم عربي يريد، أو يريد بعضه، أن يظل خارجا على العصر، وباقيا خلف الزمان ".
وينقل سعيد حرفيا ما قاله له " مارتن انديك " عام 2004 : " أن فشل كلينتون في تحقيق السلام بين العرب وإسرائيل قد جعل الاستراتيجية التي تجعل من السلام العربي- الإسرائيلي مفتاحا للشرق الأوسط استراتيجية فاشلة أيضا، حيث لا يوجد كثرة من الأمريكيين يتبنونها، وعلى العكس.. لم يبق أمام الولايات المتحدة والغرب كله سوى واحدة من استراتيجيتين: العنف والحرب، والضغط السياسي والدبلوماسي، من أجل تغيير طبيعة العالم العربي المغرقة في التقليدية والتطرف، أو الحجر (الكارنتين) الذي يمنع المغالاة والإرهاب من الولوج إلى الشواطئ الأوروبية والسواحل الأمريكية ".
ولأن الرئيس السابق جورج دبليو بوش قد جرب الاستراتيجية الأولي.... وفشل، فلم يبقي أمام الرئيس باراك حسين أوباما سوي الإستراتيجية الثانية !
ومن يحلل الاتفاق الإسرائيلي الأمريكي، بين ليفني ورايس، والذي وقع قبل قدوم أوباما إلي البيت الأبيض بثلاثة أيام فقط، وبمباركته، سوف يدرك بسهولة الحقيقة الصادمة لهذا الاتفاق، فقد جاء في النص الذي نشرته صحيفة "ها آرتس" الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني : " أن الطرفين سيعملان بالتعاون مع الجيران ومع أطراف أخرى في المجتمع الدولي لمنع إمداد منظمات إرهابية بالأسلحة ".
وحسب ليفني : " فإن بروتوكول الاتفاق مع الولايات المتحدة يتضمن إجراءات يساهم فيها حلف الأطلسي، ويستهدف وقف تدفق السلاح من إيران (ودول أخري، لم تسميها) إلى حماس.
والقراءة المتأنية لهذه الاتفاقية - كما يقول عبدالمنعم سعيد - " تشهد بأن جوهره هو فرض نوع من الحجر العسكري على العالم العربي كله، حيث يختص بالمراقبة اللصيقة، بالمخابرات والأساطيل والأجواء والفضاء، لكل البحار المحيطة بالعالم العربي: البحر الأبيض المتوسط، وخليج عدن، والبحر الأحمر، وشرق أفريقيا، من خلال تحسين الترتيبات القائمة وإطلاق مبادرات جديدة لزيادة الفاعلية لهذه الترتيبات فيما يتصل بمنع تهريب الأسلحة إلى غزة.
هذه الترتيبات القائمة، والمشار إليها، حسب سعيد، هي تلك المرتبطة بمبادرة "السعي النشط"، التي عرضها حلف الأطلنطي على دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، ووافقت عليها إسرائيل لمراقبة الحركة البحرية، من أجل مواجهة الإرهاب على إطلاقه، وليس ذلك المرتبط بغزة وحدها. وبشكل من الأشكال، فإن المبادرة الجديدة تربط ما بين غزة، والإرهاب، والقرصنة، وكل ما يبدو وكأنه أنشطة معادية للغرب خارجة من المنطقة العربية".
عصام عبدالله
dressamabdalla@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سر الوجود
جمال سعيدمعروف -

مما لا شك فيه تحليل ألأستاذ قريب جدأً من الواقع الملموس الذي نعيشه لكن السؤال من هو المسؤل عن هذا التشرذم بين أفراد الوطن الواحد قد يقول قائل الإستعمار والصهيونية وأقول أنا قد يكون للإستعمار والصهيونية يد ويد طويلة إلا انها ليست المنفذة مهمة هذه اليد التخطيط فقط اما مهمة التنفيذ فكانت ومع ألأسف الشديد بايدي زعمائنا الذين تقوقعو حول أنفسهم لدرجة الإضمحلال ومن ثم التلاشي وتسلموا مقدرات الوطن وثرواته لشذاذ ألأفاق تتصرف به كما تشاء مما أدى إلى وجود هذا الفراغ الخالي من أي مقاومة طبيعية تذكر قد نتحول في المستقبل إلى أرض خالية من اي وجود بشري ينتمي إلى العرب على الزعماء والحكماء من أبناء هذه ألأمة توحيد الصفوف ونبذ الخلافات مهما كانت قوتنا تكمن بوحدتنا ووحدتنا سر وجودنا على هذه ألأرض إن رغبنا أن يكون لنا وجود

مع الأسف
آمون رع -

مع الأسف يا صديقي الحجر على هذه المنطقة هو الحل الوحيد، والذي يؤرقني من زمن، وكنت دائماً أتحاشاه، بحثاً عن مخرج، لا يجعل مصيرنا مثل مصير أهالي مدينة تمكن منها وباء الطاعون، ولا حل إلا حصارها، وتركها تصفي نفسها بنفسها.نحن يا صديقي بالفعل كما لو نسعى بكل جهد، لكي لا يرى العالم حلاً معنا سوى ضرب هذا الحصار.لكن ياليته ينتهي مثل ما انتهت إليه رائعة ألبير كامي.تحياتي لك وللدكتور عبد المنعم سعيد.