كتَّاب إيلاف

نواب الامام في البرلمان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تتفاوت مواقف الحركات الاسلامية حول مشاركتها في السلطة السياسية في البلاد العربية كون هذه الأخيرة في نظر الكثيرين من منظّري هذه التيارات سلطة تحكم "بغير ما أنزل الله " أو انها "سلطة غاصبة " لا تنعقد في غيبة الامام. وان كانت هناك اختلافات جوهرية و واضحة بين حركة وأخرى، فإن المشترك بينها جميعًا إقرارها واتفاقها على غياب الدولة بشكلها "الاسلامي" الشرعي الصحيح الكامل في العصر الحالي.
ولسنا بمعرض مناقشة هذا الموضوع الذي تجاوزه الزمن تحت وطأة المتغيرات الفكرية المعاصرة التي أرخت بظلالها على كوكب الأرض كله بما فيه من أحزاب وتيارات دينية وغير الدينية، الأمر الذي نزع الكثير من الأقنعة عن مشاريع سياسية مصلحيّة بالأساس تلبست بلبوسات شتى على مر العصور، إلا أن مشاركة التيارات الدينية الشيعية في الانتخابات والدخوال للبرلمانات العربية يطرح العديد من التساؤلات حول الاشكاليات والعلاقة القائمة بين مرتكزات الفكر العقائدي والممارسات العملية. بين ولاية الفقيه و البدائل العملية:
وتشكل تجربة "حزب الله " في لبنان نموذجًا متقدمًا يعكس بشكل صارخ وواضح ابتعاد أعمال اللاهوت عن عمل السياسية التي هي من صنع العباد، وعلى الرغم من الغطاء الديني للحزب فإن ممارسات الحزب السياسية والتعاطي مع الأحزاب اللبنانية والقوى الأخرى تعكس التناقض بين الحزب كفكر والحزب كممارسة بغض النظر عن تقيم ذلك كون هذه المسألة تُحسب له أم عليه !
وعلى ايقاع التحولات المتسارعة في الداخل اللبناني، لا يزال مفكري "حزب الله " يبذلون الجهد لمحاولة تأويل الفكر "الأصولي" الذي يستقي تعاليمه من مبادئ "الثورة الايرانية " وجعله اكثر انساجمًا مع الحالة اللبنانية؛ ومع تسجيل بعض النجاحات والاخفاقات يبقى المنهج اللاهوتي هو الذي يؤجج الجماهير الشيعية والخطاب "الكربلائي" هو المحرك الشعبوي الداعم للحزب في انتخاباته النيابية.
ويقوم مُنَظِّري الحزب بممارسة دور السياسي ودور المفكّر الذي يطرح الأسئلة القوية وهو يدرك الحاجة إلى مقاربة بدائل حقيقية "لبنانية" ومعاصرة لفكر الثورة الثمانينيّ بما فيه مبادئ الخميني نفسه، بدلا من الخطاب التأويلي والتَّمجِيديّ الذي يعتمده وعّاظ الحوزات الراديكاليون والسيّاد من أصحاب العمائم السوداء، ويحاولون من خلاله عدم المسّ بتاريخ الثورة المليء بالأخطاء والكثير من الإخفاقات في وقت بدا من الضروري إعادة تقيم الفكر الثوري ضمن الأطر الفكرية للشيعة الإثنا عشرية.
وفي هذا السياق نسجل بعض نقاط الحرج العقائدي والديني التي يواجهها فقهاء الحزب مع بعض قواعدهم الحزبية، وان كانت معظم هذه السجالات تدور في اطر الحزب وكوادره "النخبوية ".
أولا: حزب الله وبحسب العقيدة الامامية التي ترتكز على المفهوم "الكربلائي" وتعتبره محورًا عقائديا حاسمًا في بناء الهوية الشيعية، فإن كلّ سلطة لغير الامام هي سلطة "جائرة وغاصبة " ويجب اعلان "الجهاد" ضدها من اجل محاربتها، والطريق يكون عبر "الاستشهاد" من أجل إعادة السلطة الى "الأئمة اصحاب الحق "، كما وان الرضى الشعبي والجماهيري عن اي سلطة كانت لغير الامام لا تُعد شرعية بحالٍ من الأحوال، وان التفاف الناس مهما كان عددهم وحجمهم حول سلطة ما لا يمنحها الشرعية، وهم يستحضرون المشهد الحسيني الكربلائي ورموزه ليؤكدوا على هذا المفهوم الذي يدخل في صلب الواجبات الشرعية الشيعية.
و"حزب الله" يصرّح ان النظام السياسي اللبناني الحالي هو السلطة السياسية الشرعية، ويحاول ان يجد لنفسه مخرجًا من أزمة "الشرعية" تلك في حصرها ضمن خصوصيات الحزب لا عموميات الخط السياسي للطائفة الشيعية. ثانيًا: اعتبار الوليّ الفقيه له ولاية "مُطلقة " تتبلور من خلالها عقيدة "الغيبة" لهذا الإمام المنتظر الذي لابد من "انتظاره"؛ و حزب الله يتعاطى ببراغماتية بالغة حيال عقيدة الغيبة فقد طوّر الفقه الشرعي السياسي الشيعي وأخرجه من فخ "غيبة الامام " و"انتظاره " ووجد حلا عبر مفهوم "الولاية الخاصة " التي تسمح لمن ينوب عن الامام بالتصرف مكانه أثناء غيابه وهم نواب الامام الذين يتحلون بشروط خاصة وهم فقهاء يملكون شروط المرجعية.
لا شك في أنه من الفريد والمثير في آن مَعًا ذلك التجاوز الغير معهود بين السياسة "الشرعية " من جهة و العقيدة الذي ينتهجها "حزب الله" من جهة أخرى في عملية مشاركته في الحكم ويُعَدُّ عمله هذا انتهاكًا صارخًا لمبادئ عقيدته الامامية الشيعية، وسواء كان يتعاطى مع الوضع على انه ظرف آنيّ واستثنائيّ وخلاف الأصل، أم كان يتعاطى معه على انّه القاعدة الاساس.
إذن فإن "حزب الله" يشارك في الانتخابات البرلمانية اللبنانية لسلطة لا يقر بجوازها أصلا ومعتقدًا غير انّه يتعامل معها ويقرّ بمشروعيتها واقعًا، ولقد استطاع ان ينهي المسألة العقائدية بشأن "مشروعية السلطة" مع القاعدة الجماهيرية التي لا تَخوض في السجال الفقهي بطبيعة الحال، عبر الربط المحكم بين الكوادر و"السيد" الذي ان قال "أطاعوه " كما سلموه مفاتيح عقولهم وقلوبهم ووثقوا بخيارته بشكل تام.
وقد سعى "حزب الله" الى استلحاق الشيعة في لبنان ما فاتهم من قطار التنمية والتعليم والنهوض وتحويلهم من طائفة "محرومة" الى طائفة "فاعلة " عبر عدّة محاور اعتمدها وبدأ العمل لها منذ الثمانينيات وهي التعليم والاعلام والمجتمع والدين والصحة، فأسَّسَ قواعد خدماتية استقطب من خلالها جماهيره، في وقت كانت الدولة اللبنانية غير قادرة على القيام بمهماتها تجاه رعيّتها، مكرّسًا بذلك موقعه السياسي الداخلي في الخريطة السياسية كأمر واقع في بلد يحمل الكثير من العجائب المتناقضة، وبرز واحدا من ابرز اللاعبين في لعبة التقسيم الطائفي، فيما يبذل الآن الجهد المكثف لاحلال تحالفات مع قوى سياسية وعلمانية ويسارية عبر اتقان رموزه للغة "وطنية" في محاولة منه لاقناع الجميع بأنه حزب وطني لبناني سياسي لا طائفي شيعي .
ربما يكون تصالحًا مفيدًا او غير مفيد ومفارقة تجمع بين أحزاب تدّعي القدسية والنسب "اللاهوتي " وأحزاب أخرى على الاقل تحيّد عمل الرب عن السياسة ان لم نقل ان بعضها يعتبر جزء من تكوينه الفكري قائم على "الالحاد".
فهل سينجح في تخطي جمهوره الشيعي لجمهور لبناني اكبر؟... ربما اذا تخلى بداية عن مسماه الالهي ونزع عن نفسه هالة القداسة وخلع ثوب العفة العقائدية ! Marwa_kreidieh@yahoo.fr
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
فكر تخديري
خوليو -

هذا الجناح من التفكير الإسلامي لهو تفكير تخديري خطير مثل الجناح الآخر عندما يتدخل في السياسة، انتظار شخص لينقذ الأمة من الفساد والظلم كما يقولون له دور مدمر على البلاد،خطورة هذا الفكر تكمن بأنها تخدر ملايين من الناس وتأخذهم إلى الترهل وتعطيل الفكر والإنتظار، الدليل المرئي هو أنهم لايزالوا ينتظرون لأكثر من 1200 سنة ولم يظهر المهدي، وليتأكدوا أنهم سينتظرون أكثر من ذلك بكثير ولن يظهر مهما طلبوا أن يحرره من غيبته، الحقيقة أن العقل يخجل من هكذا تفكير وهو طبعاً ليس خاص بهذا الجناح، متدينون آخرون من أديان أخرى يعتقدون بعودة المخلص، ولكن الفرق أن هؤلاء تركوا الأمر جانباً واستخدموا العقل العلمي لحين عودة مخلصهم، المنتظرون الآخرون لايريدون تفعيل عقولهم ريثما يأتي مهديهم،ويصرون على تدمية أجسادهم عسى أن يعود، آسف انتظروه وأنتم جالسون لئلا يصيبكم مرض الدوالي......

فكر تخديري
خوليو -

هذا الجناح من التفكير الإسلامي لهو تفكير تخديري خطير مثل الجناح الآخر عندما يتدخل في السياسة، انتظار شخص لينقذ الأمة من الفساد والظلم كما يقولون له دور مدمر على البلاد،خطورة هذا الفكر تكمن بأنها تخدر ملايين من الناس وتأخذهم إلى الترهل وتعطيل الفكر والإنتظار، الدليل المرئي هو أنهم لايزالوا ينتظرون لأكثر من 1200 سنة ولم يظهر المهدي، وليتأكدوا أنهم سينتظرون أكثر من ذلك بكثير ولن يظهر مهما طلبوا أن يحرره من غيبته، الحقيقة أن العقل يخجل من هكذا تفكير وهو طبعاً ليس خاص بهذا الجناح، متدينون آخرون من أديان أخرى يعتقدون بعودة المخلص، ولكن الفرق أن هؤلاء تركوا الأمر جانباً واستخدموا العقل العلمي لحين عودة مخلصهم، المنتظرون الآخرون لايريدون تفعيل عقولهم ريثما يأتي مهديهم،ويصرون على تدمية أجسادهم عسى أن يعود، آسف انتظروه وأنتم جالسون لئلا يصيبكم مرض الدوالي......

ليس خطيرا
ماهر -

ان في لبنان وحتى العالم العربي كل شيء مؤلّه و الهي اذا أردت ان تكوني منصفّة فالمذهب قبل كل اعتبار و اذا لم تكن الفتاوى دينية فهي تكون بمباركة و دعم دينى (دار الفتوى) و (متل ما هيّ),و كل منها يحاول ان يصوغ لبنان بنكهته المذهبية و الفئوية اما كون حزب الله عقائدي بوضوح و نراه منفتحا على الجميع يجب ان يكون محل تقدير , اما ان يكون لديك خوف من حزب الله من مما قد يحدث مستقبلا هذا يعود الى كيفية علاج مستقبل لبنان المبى على العدالة الاجتماعية و المساواة , فالحروب الاهلية لم يفجرها الشيعة بداية

ليس خطيرا
ماهر -

ان في لبنان وحتى العالم العربي كل شيء مؤلّه و الهي اذا أردت ان تكوني منصفّة فالمذهب قبل كل اعتبار و اذا لم تكن الفتاوى دينية فهي تكون بمباركة و دعم دينى (دار الفتوى) و (متل ما هيّ),و كل منها يحاول ان يصوغ لبنان بنكهته المذهبية و الفئوية اما كون حزب الله عقائدي بوضوح و نراه منفتحا على الجميع يجب ان يكون محل تقدير , اما ان يكون لديك خوف من حزب الله من مما قد يحدث مستقبلا هذا يعود الى كيفية علاج مستقبل لبنان المبى على العدالة الاجتماعية و المساواة , فالحروب الاهلية لم يفجرها الشيعة بداية

بكاءا على الهريس
ناصر -

نودّ لو نعرف اذا كان بكاء الكاتبة هو على مشاركة حزب الله في القرار او على تجاوزه لمسألة ولاية الفقيه حسب افتراضها ؟

بكاءا على الهريس
ناصر -

نودّ لو نعرف اذا كان بكاء الكاتبة هو على مشاركة حزب الله في القرار او على تجاوزه لمسألة ولاية الفقيه حسب افتراضها ؟

ذكاء في الطرح
محتار -

اريد بداية ان اقرر ان الكاتبة تتمتع بذكاء خطر (وهو ما يوحي انها لا تعمل بعشوائية بل عن قصد.... ) فهي غالبًا ما تنتقد في مقتل دون ان تجنح نحو الانفعال بحيث لا يشعر القارئ العادي بأن امرًا قد حصل ....والرسالة مضمونها ان الشيعة خرجوا عن ملتهم بممارستهم بحسب معتقدهم طبعا! مع ما يترتب على ذلك من معنى الخروج !....ثانيًا لايخلو المقال من حس علماني متطرف غير واضح الجملة الاخيرةوضحته ...لبناني

ذكاء في الطرح
محتار -

اريد بداية ان اقرر ان الكاتبة تتمتع بذكاء خطر (وهو ما يوحي انها لا تعمل بعشوائية بل عن قصد.... ) فهي غالبًا ما تنتقد في مقتل دون ان تجنح نحو الانفعال بحيث لا يشعر القارئ العادي بأن امرًا قد حصل ....والرسالة مضمونها ان الشيعة خرجوا عن ملتهم بممارستهم بحسب معتقدهم طبعا! مع ما يترتب على ذلك من معنى الخروج !....ثانيًا لايخلو المقال من حس علماني متطرف غير واضح الجملة الاخيرةوضحته ...لبناني

سوء فهم لولايةالفقيه
علي -

ولاية الفقيه هي ولاية شهودية بمعنى أن الفقيه لديه دور الشهادة على الأمة اما الخلافة فهي لامة المسلمين.فدور الفقيه هو أن يضمن أن للمسلمين حق في اختيار من يريدون في البرلمان وفي شكل الحكم. السيد السيستاني هو خير من طبق ولاية الفقيه بمعنى أنه أفتى وشهد على دور الأمة في أختيار من يمثلها. لذلك احد الشروط المهمة لتحقيق الحكم الإسلامي هو تصويت الشعب وهذا لم يحصل في لبنان إذ أن أغلبية الشعب ليست في وارد الحكم الإسلامي لذلك نجد أن حزب الله يتفاعل مع هذا النظام لأن أحد شروط ولاية الفقيه في لبنان لم تتحقق.

سوء فهم لولايةالفقيه
علي -

ولاية الفقيه هي ولاية شهودية بمعنى أن الفقيه لديه دور الشهادة على الأمة اما الخلافة فهي لامة المسلمين.فدور الفقيه هو أن يضمن أن للمسلمين حق في اختيار من يريدون في البرلمان وفي شكل الحكم. السيد السيستاني هو خير من طبق ولاية الفقيه بمعنى أنه أفتى وشهد على دور الأمة في أختيار من يمثلها. لذلك احد الشروط المهمة لتحقيق الحكم الإسلامي هو تصويت الشعب وهذا لم يحصل في لبنان إذ أن أغلبية الشعب ليست في وارد الحكم الإسلامي لذلك نجد أن حزب الله يتفاعل مع هذا النظام لأن أحد شروط ولاية الفقيه في لبنان لم تتحقق.

المكسيك ياخوليو
!!!!!!! -

يتناعم خوليو عندما يتعلق الأمر بالدين المسيحي ويقول بأنهم علميون الآن. إذا نظرنا إلى المكسيك البلد المسيحي المهم فنرى أنهم غيبيون منتظرون المهدي المنتظر فما رأيك؟

المكسيك ياخوليو
!!!!!!! -

يتناعم خوليو عندما يتعلق الأمر بالدين المسيحي ويقول بأنهم علميون الآن. إذا نظرنا إلى المكسيك البلد المسيحي المهم فنرى أنهم غيبيون منتظرون المهدي المنتظر فما رأيك؟