كتَّاب إيلاف

إجراءات لمواجهة الأزمة الاقتصادية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مع انتقال عدوى الأزمة المالية إلى مختلف الأنشطة الاقتصادية، من الواضح إن الاقتصاديات العربية سوف تواجه كغيرها الانعكاسات السلبية لانخفاض الصادرات إلى الدول المتقدمة والسياحة، بالإضافة إلى انخفاض تمويلات الأسواق العالمية سواء لتمويل التجارة الخارجية أو الحكومات والقطاع الخاص في الدول النامية. ويعني هذا انخفاض نسبة النمو الاقتصادي في معظم الدول العربية غير النفطية وربما حتى نمو سالب في بعضها. أما بالنسبة للدول النفطية فما يحصل هو إما عملية تصحيحية في الدول التي عرفت نموا سابقا غير طبيعي -فقاعة القطاع العقاري في دبي مثالا - أو هو انكماش محدود لنسبة النمو، كما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي الأخير عن المنطقة، خصوصا وأن الدول النفطية لها الموارد الكافية لتجنب انهيار الإنفاق المقرر في الموازنات الحكومية، ومن غير المرجح أن تنزل أسعار النفط خلال هذه السنة إلى مستوى يهدد هذه الموازنات. اما بالنسبة للدول العربية غير النفطية - ومع اهمية التحديات التي يمثلها انكماش النمو -، يبقى الخطر الأكبر - في تقديري - اتخاذ قرارات خاطئة من أهمها: أولا: تخفيض أسعار المواد المدعومة، أي أسعار الغذاء والبنزين، بدعوى انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية، إذ ما زالت هذه الأسعار في معظم الحالات دون مستوياتها العالمية. ومن المهم التنويه أن دعم الأسعار هي بالأساس سياسة غير ناجعة تصب في مصلحة مستهلك البضاعة - غالبا الطبقات المرفهة نسبيا والسياح الأجانب -، كما يؤدي الدعم إلى عمليات تهريب واسعة إلى الدول المجاورة حيث الدعم اقل، وكل هذا يؤدي إلى زيادة عجز الموازنات الحكومية. ثانيا: الزيادة غير المبررة في نفقات الحكومة أسوة ببرنامج الإدارة الأمريكية الجديدة. فالإنفاق الحكومي مرتفع نسبيا في الدول العربية، ويصل إلى 40% من الناتج المحلي الاجمالي في الأردن، 32% في تونس و28% في كل من المغرب ومصر، ومزيد الإنفاق سوف ينعكس على عجز الموازنة ويؤدي إما إلى تضخم أو زيادة الدين العام (الداخلي والخارجي). والدين الخارجي مرتفع حاليا، إذ يبلغ 51% من الناتج المحلي الإجمالي في الأردن و50% في تونس. ولا نرى مبررا لمزيد الاقتراض حتى في الدول الأقل دينا. ثالثا: تخضع الحكومات العربية حاليا للمطالبة بالمزيد من حماية البنوك المحلية من المنافسة بدعوى التصدي إلى التقلبات الخارجية والفشل المزعوم للعولمة المالية. وهذا خطا فادح عندما ندرك ما للخدمات المالية من أهمية للاقتصاد. وجود البنوك الأجنبية في الدول النامية يرفع النسبة السنوية للنمو الاقتصادي فيها بنقطة مئوية كاملة، حسب بعض التقديرات، ومضاعفة القروض المصرفية للقطاع الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تزيد من نسبة النمو الاقتصادي بحوالي نقطتين مؤويتين. وهذه مزايا كبرى من المهم أخذها بعين الاعتبار عند رسم إستراتيجية التنمية الاقتصادية المستدامة في الدول العربية. مع تلافي الإجراءات الخاطئة المنوه لها أعلاه، توجد في المقابل إجراءات من شانها التقليل من الصعوبات المتوقعة نتيجة الأزمة العالمية ومن شانها أيضا تعبيد الطريق للتنمية المستدامة في دولنا، ومن أهمها: (1) تجميد أية زيادة للأجور خلال هذه السنة كمساهمة من القوى العاملة في إيجاد أيسر السبل للخروج من الأزمة، (2) رسم برنامج متكامل للتخفيض التدريجي لنسبة الضريبة الجمركية على الواردات وعلى دخل الأفراد والشركات، مع بدا التطبيق بصفة تدريجية وعلى مدى 3 إلى 5 سنوات، (3) فتح المجال أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار في البنية التحتية (الطاقة - بدءا بالطاقة المتجددة - والطرقات السريعة والموانئ والمطارات والسكك الحديدية...). في دولة مثل التشيلي كل هذه الأنشطة يتم تمويلها من القطاع الخاص ولا داعي أن تتحمل موازنات الحكومة مثل هذه الأعباء في الدول العربية، و(4) تشجيع استثمار القطاع الخاص في التعليم بما فيه التعليم العالي والتقني. القطاع الخاص يمول قرابة ثلثي التعليم العالي في كوريا الجنوبية وماليزيا، وفي تركيا سمح قانون المؤسسات الجامعية بإنشاء أكثر من 30 جامعة خاصة ذات مواصفات عالمية، وفي البرازيل تقوم المؤسسات الصناعية الكبرى بإنشاء معاهد تكنولوجية تابعة لها لتخريج المهندسين بهدف دعم مجهود الحكومة في هذا المجال. وبإمكان رجال الاعمال العرب أن يقوموا بنفس الدور لولا العراقيل الحالية التي تحول دون ذلك. و يبقى العامل الحاسم في مواجهة الأزمة الحالية تحسين بيئة الإعمال، إذ مازالت تقارير البنك الدولي تشير إلى وجود عراقيل كبيرة على هذا المستوى في الدول العربية غير النفطية، حيث تأتي تونس في المرتبة 73 عالميا تليها لبنان (مرتبة 99)، الأردن (101)، مصر (114)، المغرب (128)، الجزائر (132)، سوريا (137)، السودان (147) والعراق في المرتبة 152 (المرجع: www.doingbusiness.org). مثل هذه الإصلاحات ضرورية حتى لو لم تحدث الأزمة الحالية وإقرارها في هذه المرحلة المتأخرة سوف يرسل مؤشرا هاما على عزم الدول العربية في مجال الإصلاح الاقتصادي وسوف تكون له آثار ايجابية هامة على المدى الطويل.
كاتب المقال محلل إيلاف الاقتصادي وخبير سابق بصندوق النقد الدولي بواشنطن
Abuk1010@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الصح و الغلط ..
عبد البا سط البيك -

مقال الدكتور منير حداد هو نسخة كاملة التطابق مع وصفات العلاج و تقويم السياسات المالية التي يقدمها صندوق النقد للدول التي تعاني من عجز في ميزانيتهاو تجد صعوبات في حركتها المالية . المقال ينقل مراحل العلاج المؤلم جدا على الطبقات الفقيرة و الأكثر إحتياجا . وصفات الدكتور حداد تم تجربتها بعدد من الدول فساهمت ببعض الإصلاحات في النظام المالي العام للدولة , و لكن تلك الوصفات أدت الى إلتهابات و تأثيرا ت جانبية ذات طبيعة إجتماعية تمس طبقات الفقراء و سببت ثورات و مظاهرات و إضرابات و فتن داخلية . لو فحصنا مراحل العلاج التي يقترحها الدكتور حداد مع وضعية اي بلد عربي غير بترولي لعرفنا مخاطر تلك العلاجات ...فلا دعم لأسعار المواد الأساسية , و لا زيادة في الأجور , و تخفيض النفقات { وهذا ليس كله خطأ..} و الأنسب أن يقال ترشيد النفقات , و عدم فتح مناصب عمل جديدة . و في المقابل يجب خصخصة العديد من المنشئآت و بيعها للمستثمرين الأجانب . و العلاج الأخطر هو فتح باب السوق المالي و القرض بمصراعيه أمام البنوك الأجنبية التي يعاني بعضها من مشاكل بنيوية في محفظتها المالية . ومن الأمور الطيبة التي وردت في مقال الدكتور حداد هو إشارته الى المواقع المتدنية لبعض الدول العربية في توفير البيئة الصحية و المناخ الملائم لتشجيع قيام مشروعات وطنية و أجنبية . و نلفت نظر الدكتور حداد الى أن معظم الدول العربية لا تتوفر على رساميل وطنية قوية تستطيع القيام بمشاريع رائدة , لكن ذلك لا يبرر لأحد بأن يكسر الأبواب و يزيل كل مراقبة على حركة الرأسمال الأجنبي . الأزمة الراهنة جاءت من رحم النظام المالي الأمريكي , و العقلية الأمريكية ذات الطبيعة الأنانية هي التي قذفت حيامن الأزمة في رحم متهالك لزم على أصحابه تجميله و تنظيفه من الأخطاء التي تراكمت عبر سنوات من الإهمال و إخفاء الحقائق و الإعتماد على الآخرين لتقديم التضحيات كما تفعل دول الخليج نيابة عن واشنطن ..

small idea
ابراهيم -

شكرا اخي فقد اعطيت لنا فكرة حول انعكاس الازمة على بعض الدول العربية و بعض الاجراءات لمواجهة الازمة الاقتصادية واصل جزاك الله خيرا و السلام

دبي العالمية الى اين
خالد احمد -

مدى تاثير الازمة العالمية على حاضرة العرب دبي لم أتصور يوما ان معظم الشركات المملوكة لحكومة دبي عليها مديونية كبيرة جدا تقدر ب 70 مليار دولار للبنوك العالمية التي تعاني اليوم من ازمة الرهن العقاري ,اضافة لدين الحكومة الذي يقدر ب 10 مليار دولار بمعنى اجمالي الدين المعلن هو 80 مليار انها مبالغ كبيرةوربما ما هو معلن ليس الحقيقة كلها والظاهر ان الدين العام يفوق ذلك بأ ضعاف 0 وهو رقم يفوق ضعف الناتج المحلي للإمارة والسؤال ما هي قدرة الامارة على تسديد ديونها في ظل الازمة العالمية وفي ظل انخفاض أسعار النفط والذي سيؤثر كثيرا على اقتصاد الامارة وربما هروب رؤوس الاموال قد يؤثر على كثيرا وسيكون عام 2009 صعبا وعام التحدي الحقيقي للامارة اما بمواصلة النجاحات او ستدخل دبي مرحلة الركود أسوة بالاقتصاد العالمي فالحقيقة ان كل الذي حصل في الامارة فاق كل توقع والنهضة التنموية الكبيرة لم تكن بالعادية فكانت دبي كحصان جامح يجري بسرعة دون النظر للخلف ودون ترتيب للأولويات فكنا نشاهد ونسمع عن مشاريع عملاقة بمعدل اسبوعي جلها في العقار وكان الهم الاول للمسؤلين في الامارة الريادة وسباق الزمن والوصول لما وصلت اليه مدن عالمية (نيويورك-هونغ كونغ –سنغافورة 00الخ)مدن عملاقة اسست بنيانها على مدى عقود طويلة لتاتي دبي وتريد اختصار الزمن وكل شئ للوصول للمراكز المتقدمة ومنافسة هذه الاقتصاديات العريقة في اسرع وقت وبمدة وجيزة تم بناء كل شئ وصارت دبي بعمرانها توازي سنغافورة-وهونغ كونغ بل ونيويورك فدبي كانت اشبه ببالون ظل ينتفخ وينتفخ وينتفخ 000ومن ثم بالضرورة لابد من بعد هذا الانتفاخ ان ينفجر البالون فهل حان وقت الانفجار؟فالشركات المديونة إما أن تشهر إفلاسها اويتم بيعها و الاستحواذ عليها 0