كتَّاب إيلاف

خارطة تحالفات أم برامج عمل؟؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بدأت في العراق، خطوات حثيثة من قبل قوى حزبية وسياسية ببدء تحالفات سياسية جديدة، استعدادا للمرحلة المتبقية من عام 2009 لخوض الانتخابات العامة. ويبدو واضحا جدا، أن تجربة التحالفات السابقة التي أخرجت سيناريوهات الانتخابات السابقة يمكنها أن تعود، ولكن بثياب أخرى غير تلك الثياب المهلهلة التي لبسها بعض المتقدمين في الصفوف الأمامية.. ولقد اختلطت الآن الأوراق، وستبقى مختلطة، حتى تبلور التحالفات على نحو يمكّن القوى السياسية من استعادة الثقة بنفسها أولا بعد أن دّلت مؤشرات الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات، أن المجتمع العراقي لم يعد يثق بالأحزاب الدينية المنبثقة على أسس طائفية، ثقة عمياء كما حدث في الانتخابات السابقة، وان كل المحافظات، أعلنت صراحة عن إرادتها في أن تكون الأولوية للجماهير، بدل أن تكون للقوى التي لا تبحث إلا عن مصالحها وخصوصياتها، بعيدا عن أي مصالح مدنية عليا للعراق.
ثمة قوى سياسية اليوم في العراق تكثّف تحالفاتها مع خصوم الأمس في الإعداد لتشكيل مجالس المحافظات.. ومن غريب الصدف، أننا سنجد السيد مقتدى الصدر، وهو زعيم تيار سياسي كبير، يكشف أمام المسؤولين الذين شاركوا في الانتخابات كمستقلين، أن هناك اتفاق أولي على تحالف مع ائتلاف دولة القانون الذي يرأسه السيد نوري المالكي رئيس الوزراء نفسه. ولم تعلن أية نتائج حتى الآن، ولكن ما يقوم به كل طرف من أطراف المعادلة القديمة، يؤكد بما لا يقبل مجالا للشك، أن الجميع يسعون نحو خارطة جديدة من التحالفات السياسية التي لا يعرف إلى حد الآن كم هو حجم قوتها، سواء في مصداقيتها، أو في مخادعتها بالتأثير على المجتمع إبان المرحلة القادمة..
في تطور مفاجئ، رئيس الوزراء السابق الدكتور أياد علاوي، زار مرجعية النجف العليا ممثلة بآية الله السيد علي السيستاني في مدينة النجف للمرة الأولى منذ عام 2003، وأعلن بأنه قد يتحالف مع رئيس المجلس الأعلى السيد عبد العزيز الحكيم. وان ممّثل العلمانية في العراق، لا يستبعد أي تحالف مع قائمة شهيد المحراب المحلية مشيرا إلى أن المحادثات مع المجلس الأعلى، إنما تعقد وفقا لمعايير واضحة ومشتركة! إننا لسنا ضد أية تحالفات قوى سياسية من اجل إنتاج خارطة مصالح جديدة، ولكننا نطالب تلك القوى ببرامج عمل يمكنها إقناع العراقيين عمّا يمكن عمله في المرحلة القادمة.. وهل تلك القوى مستعدة للتغيير الجذري والتعديل الدستوري والاعتراف بالأخطاء الجسيمة التي ارتكبت؟
ويبدو أن زعماء العراق اكتشفوا الآن فجأة، وعلى أعقاب مرحلة تاريخية صعبة، أن بناء العراق لا يتم إلا على أيدي العراقيين أنفسهم، وان قرار العراق لا يمكنه، أن يصنع في واشنطن، أو الرياض، أو طهران، بل في بغداد وليس غير بغداد!! في المقابل، قال مسؤول كبير في المجلس الأعلى، مؤكدا بأن لا خطوط حمراء تلزم المجلس أن يتحالف مع أي طرف من الأطراف، ونفى ما يتردد عن تحالف بين المجلس الأعلى والقائمة العراقية، ومع ذلك، فإنه أكد أن العلاقة بين هذين الطرفين ليست جديدة. وفي السياق نفسه، قال نائب عن جبهة التوافق والحزب الإسلامي أن البرامج الانتخابية للكيانات هي سياسية مشابهة تقريبا مشيرا إلى أن التجارب السابقة للانتخابات في المحافظات، والصورة النهائية لهذه المرحلة من الانتخابات ستشكل خارطة التحالفات المقبلة، وهكذا، فإنه في وقت مبكر للحزب للدخول في تحالفات جديدة، وستنحسر التسميات القديمة مثل: ائتلاف شيعي، توافق سني (مع بقاء التحالف الكردي)..، إذ سنشهد ولادة تسميات جديدة لتحالفات تتضمنها قوى ليست جديدة على الساحة، ولكنها متغيرة الأثواب. وهل ستنبثق قوى سياسية عراقية جديدة على الساحة؟
إن المجتمع العراقي من الذكاء بمكان، إذ يدرك أن تغيير الثياب، لا يشكل لديه ضرورة، ولا أي أهمية، بقدر ما يهمّه التغيير الجذري من حكم يتمسّح بالدين أو بالطائفة أو بالقومية إلى حكم يرسّخ الروح الوطنية والمبادئ الدستورية المدنية، ويتطلع أيضا إلى تغيير المناهج والأساليب والنظم والتفكير.. تغيير في فلسفة الرؤية نحو من أشلاء المكونات إلى مشروعية العراق، ومن المحاصصة والتشتت إلى وحدة العراقيين.. وعليه، إذا كانت الأحزاب الدينية في العراق، شيعية أم سنيّة قد وجدت نفسها مرمية بعيدا من قبل الناخبين العراقيين، وهي صغيرة، وليست كما ترى نفسها كبيرة ومنفوخة، فمن الأجدى أن تفسح المجال للحياة المدنية وسيادة القانون كي يسودا في العراق، من دون أن تحاول تغيير مسمياتها، أو بالأحرى جلودها، أو تبحث لها عن حلفاء علمانيين جدد..
أما بالنسبة للتقارير التي تصلنا دوما عن اتصالات لا تنقطع ليل نهار لتشكيل تحالفات جديدة، فإنما تمثّل ردود فعل ساخنة جدا من قبل الجميع، كّل للحفاظ على مصالحه التي بدأها منذ سنوات.. ولكن مهما أظهرت التحالفات الجديدة، فهي لا تنفع أبدا إزاء ما سيقرره شعب العراق في نهاية العام 2009.. إن ما يهم شعب العراق أصلا، كل من يسعى إلى الحفاظ على أمنه، وترسيخ القانون، والتجرد من المصالح الخاصة، وإيقاف النهب المنظم، ومحاسبة كل من أساء وهو في طور المسؤولية.. يهمهم مسؤولين حكوميين مخلصين ومتجردّين، لا زعماء سياسيين متناحرين أو متحالفين.. يهمهم من يقدم المزيد من الخدمات.. ويهمهم كل من يزرع في القلوب العراقية جمعاء المحبة، وروح التعايش، والألفة بدل تسويق الكراهية والأحقاد وعوامل الانقسام.. ويهمهم كل من يسعى لوحدة العراق لا إلى تقسيمه على أساس عرقي، أو شرذمته على نحو طائفي.. ويهمهم كل من يؤمن باستعادة العراق حريته وكرامته ويسعى ليلا ونهارا إلى إعادة بنائه وأعماره..
وأخيرا، يهمهم كل من لا يبحث عن سلطة، أو زعامة، أو جاه، أو مركز، أو مال.. وكما قال احد العراقيين: "إذا كان هناك نية لإصلاح السياسات، وتعديل الدستور، ووضع النظم والضوابط الجديدة التي ليست عرقية، أو طائفية، أو حزبية، وتشمل جميع القوى السياسية... فسيكون الشعب العراقي مع هذه الفكرة". ولكن السؤال: هل هناك من يسمع كثيرا ويوّسع رؤيته طويلا؟ هل سنشهد ثمة برامج عمل حقيقية تعترف بالأخطاء بكل شجاعة، وتقّدم للشعب العراقي ما يمكن تشريعه وتنفيذه؟ www.sayyaraljamil.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
التفاؤل سيد الموقف
فارس -

السيد الكاتب يبدو متفائلا عن مسار الامور في العراق وليس كما كان سابقا. وانا اذ أحترم رأيه فإن ذلك يحدوني الى بارقه من الامل في مستقبل العراق. وان العراق في طريقه الى الافضل يوما بعد يومباذن الله تعالى

مشكلة الديمقراطية
نعيم -

مشكلة الديمقراطية في العراق كثرة الاحزاب التى تضيع اصوات وجهود الناخبين والمواطنين ولقد ثبت باليقين ان نظام الحزبين وهو النظام المطبق في امريكا وبريطانيا هو الافضل وكثير من الدول الاوربية تتطلع للخروج من نظام التشرذم الحزبي الى نظام الحزبين كما ان المشكلة العراقية الاخرى هو عدم وجود موسسات اعلامية حرة فبينما يقبض موظفي الفضائية العراقية رواتبهم من اموال الشعب العراقي نلاحظ ان هذه الفضائية الطائفية تحولت الى بوق حكومى تسبح بحمد المالكي واول خطر على الديمقراطية في العراق ياتى من هذه الفضائية التى تريد ان تتخصص في انشاء الديكتاتورية بالاضافة الى رفضها للراي الاخر .ان على كل القوى المناوئة للدكتاتورية وترفض عودتها الى العراق عليها فضح ممارسة هذه الالة الاعلامية الخطيرة التى بدات تلعب بالنار .

تعليق رقم 2
ايمن العراقي -

السلام على الاستاذ سيار المحترم..تعليق رقم 2 .. تركت 45 قناة عراقية ناهيك عن عدد غير محدد من القنوات العالميةواصبحت العراقية هي القناة المحركة للامور في العراق وذات التأثير القوي في العراق!!!واللة هذا يحسب للعراقية اذا كان هذا تأثيرها عليك ويحسب لها.. اعتقد انك من الاخوة الاكراد الذي اصبح المالكي بالنسة لكم عدو..

لا للتحالفت المصلحية
د. سامي سعيد -

الفعل دومادليل الاصل،فلا اعتقد ان من خرقوا قانون الوطن سيلتزمون به اليوم بعد ان رماهم الشعب خلف ظهره.ظاهرة جديدة يجب قراءتها بامعان، بأن الشعب العراقي ليس جاهلا ،بل هم ارادوا وخططوا لتجهيله اليوم وغدا،لكن الاقلام الحرة التي ما غمضت عيونها هي التي اهطته جرعة الوعي الوطني التي لا تموت.ان كانت التحالفات من اجل المصالح الخاصة_وهي الارجح_ على المواطنين ان يدركوا اللعبة،وان لا يتضامحوا ابدا ممن تركوهم وحدهم في الساحة البارحة دون رحمة.ما يجب ان تكون الانتخابات هي المحور من قبل الحاكين بقوة اليوم،وأنما الاصلاح الشامل هو المحور والشعب لازال يأن من الخدمات والامان المطلق.

الى ايمن
نعيم -

انا لست كرديا ولست ضد المالكى ولكن خوفي على الديمقراطية في العراق من زمرة المداحين والانتهازيين بالاضافة الى ضرورة انشاء موسسة فضائية حرة والفضائية العراقية ليست فضائية حرة بل انها تسير على النهج الصدامى فضائية حكومية كل همها مدح الحكومة ايا كانت .

قانون جديد للاحزاب
محمد سعيد -

ضمن هذا السياق اود التذكير بمقالة سابقة للكاتب الكريم اكد فيها الى ان المخرج من التشتت في العمل السياسي في العراق قد يكمن- وهو علي حق- في غياب قانون ينظم ويحكم تاسيس الاحزاب والكيانات الفردية والاجتماعية التي يمكنها المشاركة في العملية السياسيةوممارسة النشاط السياسي والاجتماعي وحصرا الانتخابات.فمن دون وجود مثل هذا القانون الذي يجب ان يستلزم ضمن شروط الترخيص امتلاك التنظيم السياسي دستورا ومنهج عمل تفصيلي شامل وصريح يقر فيةضمن امور عدةاساسا مبدا المواطنةبعيدا عن الشعارات الدينيةوالطائفية والتزمت العرقي والقومي فلابد ان نظل ندور فى دوامةالفوضى السياسيةوالتلاعبات والهرطقة والتسويف وضياع الجهود وعدم التركيز علي القضايا الهامة في البلادالتي من اهمهاالعمل الجاد والمخلص للقضاء ا علي الفقر والجهل والبناء والتعمير للانسان ومستلزماتةحياتة المادية ونشاط عملةالخلاق المثمر.