كتَّاب إيلاف

المسلمون والديمقراطية: الموقف وعوامل القبول والرفض

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تعدّ قضية "الديمقراطية" من القضايا الحساسة التي لا زالت الكتابات الفكرية والسياسية تمتح في البحث عن تحديد مفهومها الملتبس بين الإسلاميين وبقية التيارات السياسية في العالم العربي، إذ لا تزال بقية التيارات السياسية العربية "متوجسة" من فهم الإسلاميين وحركات الإسلام السياسي للديمقراطية، و"متخوفة" من ممارساتهم وسلوكهم إزاء هذا المفهوم حال توليهم لسدة الحكم في ضوء شعبيتهم الجارفة، وخوف خصومهم أن يتخذ الإسلاميون من الديمقراطية وما قد تتيحه من مساحة سياسية على صعيد الممارسة "حصان طروادة" لتسلم زمام الأمور، ثم قطع حبال السبل وراءهم ومنع أي تداول حقيقي بعد ذلك للسلطة.
وكتاب المؤلف معتز بالله عبد الفتاح "المسلمون والديمقراطية.. دراسة ميدانية" والمرتكز إلى دراسة ميدانية استقصائية لمواقف وآراء المسلمين في عدد كبير من الدول الإسلامية والعربية يحاول تبيين ما قد يلتبس من مواقفهم إزاء قضية الديمقراطية. وقد اعتمد الكتاب على استطلاعات الرأي لآلاف المسلمين في 32 دولة إسلامية لمعرفة ما إذا كانت المجتمعات الإسلامية ضد التحول الديمقراطي، وهل يتحمل "الإسلام" بوصفه دين الغالبية مسؤولية تأخر حصول التحول الديمقراطي.
يعرّف المؤلف "الديمقراطية" إجرائياً لقياس الحالة الديمقراطية في البلد اعتماداً على مؤشرات هي: حق التصويت للجميع، واحترام حق المنافسة لكل القوى السياسية، ومدى احترام الحقوق المدنية، وتعدد مراكز صنع القرار، وقبول كافة القوى السياسية لقواعد اللعبة الديمقراطية، وكون أصوات الناخبين هي مصدر الشرعية الحقيقي. ويرى المؤلف أن هناك خمسة أنماط لتحول المجتمعات نحو الديمقراطية تاريخياً، فهناك التحول في أعقاب الثورات الاجتماعية التاريخية، كما في بريطانيا وأميركا ورومانيا وجورجيا وأوكرانيا. والتحول تحت سلطة الاحتلال أو عبر التعاون معه كما في الهند إبان الاحتلال البريطاني واليابان والعراق إبان الاحتلال الأميركي. والتحول عبر إدارة نخب ديمقراطية، كما في البرازيل عام 1973، وإسبانيا عام 1976، وغيرهما، ونمط الانفتاح السياسي التكتيكي الذي يفضي إلى مطالب ديمقراطية غير متوقعة كما في كوريا الجنوبية عام 1987 وجنوب أفريقيا عام 1990. وأخيراً نمط تعاقد النخبة المستبدة على الانسحاب من الحياة السياسية بعد ارتفاع كلفة استمرارها، كما حدث في اليونان عام 1973، والبرتغال عام 1974، والبيرو عام 1977، والأرجنتين عام 1982.
يؤكد المؤلف على مدى تأثر عامة المسلمين بقادة الرأي والسياسة في بلادهم، ويقسم الإسلاميين بحسب موقفهم من الديمقراطية إلى "إسلاميين تقليديين" و"تحديثيين"، كما يقسم النخب العلمانية أيضاً إلى "علمانيين سلطويين" و"علمانيين تعدديين ليبراليين". وفيما تؤكد إحصاءات الكتاب ما يدعيه الإسلاميون من شعبيتهم الكاسحة باستثناء (طاجيكستان وتركمانستان ومالي وتونس وألبانيا وتركيا)، فإنه يشير إلى إكراه الإسلاميين في هذه الدول أن يكونوا علمانيين من خلال السياسات الحكومية. وتشير الأرقام أيضاً إلى أن إسلاميي كل من (تركيا والسنغال والمغرب وألبانيا ومصر وتونس وإيران وأميركا ومالي وغامبيا وتركمانستان وماليزيا والاتحاد الأوروبي) هم الأكثر قبولاً للديمقراطية، باعتبار أن الوزن النسبي للإسلاميين التحديثين والعلمانيين التعدديين في هذه البلدان أكبر من الإسلاميين التقليديين والعلمانيين السلطويين. وأن 73% من عينة البحث لا يعارضون الديمقراطية ويقبلون بها.
ويحاول الكتاب اختبار مدى تأثير العوامل الشخصية (الدخل والنوع والتعليم والعمر والتدين) على التوجه لقبول الديمقراطية أو رفضها، فالأشخاص الأثرياء يكونون أكثر تسامحاً مع الحقوق السياسية للنساء والأقليات، باستثناء الكويت ونيجيريا بحسب الدراسة!؟. وعلى صعيد المؤسسات يؤدي الدخل المرتفع إلى تأييد أكبر للمؤسسات الديمقراطية، بيد أن دولاً مثل الأردن وعمان والسعودية والإمارات والبحرين أعطت نتائج معاكسة، كما للتعليم أثر بارز في هذا الصدد في كل المجتمعات المسلمة ما عدا غامبيا وعمان والسعودية. وعلى مستوى النوع، فإن أكثر النساء علمانية يرفضن الربط بين تواضع دورهن السياسي وبين الشريعة. وأشارت الإحصاءات في سياق العلاقة بين الإسلام والديمقراطية أنه كلما تم الاعتقاد أن الديمقراطية ما هي سوى تطبيق معاصر لمبدأ الشورى، زاد تأييدهم للديمقراطية ومؤسساتها.
وينتقل الكتاب لبحث المؤثرين في التوجهات الديمقراطية، وحصره في كل من الحكام والغرب وعلماء الدين، واتضح أن معظم حكومات العالم الإسلامي تعاني من أزمة شرعية، فـ20% فقط من المسلمين يؤيدون الحكام الحاليين. وجاءت الإمارات وعمان في المقدمة من حيث دعم حكامهم الحاليين، فيما كانت كل من الكويت ومصر وسوريا والمغرب والسودان وغامبيا وماليزيا الأقل مساندة لحكامهم. فيما فضلّ 31% في السعودية إجراء انتخابات ديمقراطية لإحداث تغيير لا يمس بقيم الدين الأساسية. فيما يتعلق بالغرب، فقد أظهر الاستطلاع تشكك المسلمين في مصداقية الغرب إزاء تشجيع الديمقراطية في العالم الإسلامي وارتيابهم في مؤسساته، والنظر إليه بوصفه متآمراً وحليفاً للحكام غير الشرعيين في العالم الإسلامي. فيما يثق المستطلعون بعلماء الدين كممثل شرعي لهم أكثر من ممثلي الإسلام الرسمي حتى في إيران والسودان، وحملهم بالمقابل مسؤولية جهل المسلمين بمفهوم الديمقراطية ومبادئها.
وتشير الدراسة إلى أن غياب التحول الديمقراطي في العالم العربي يمكن إرجاعه إلى عدم الاستعداد للتضحية من أجل الحقوق السياسية. فإذا أعطي العرب حقوقهم كهبة من الحاكم فإنهم سيقبلونها، وفيما عبر57% من المصريين عن تفضيلهم الديمقراطية كنظام سياسي، إلا أن 7% فقط وضعت الإصلاح السياسي كأولوية مقارنة بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الوحدة العربية وتحرير فلسطين. ووافق 73% من المسلمين على عقد صفقة مع حاكم مستبد يحكم مدى الحياة مقابل تحرير فلسطين، في حين وافق على ذلك 89% من العرب.
وتخلص الدراسة إلى ربط مستقبل التحول الديمقراطي في العالم العربي بتراجع السلطة التقليدية، وأهمية بروز نخب سياسية جديدة تحوز الشرعية المفقودة في النخب السياسية الحالية وتسهم في تنوير شعوبها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الدواء
بهاء -

شكرا سيد هشام على هذا العرض المفيد للكتاب وللإحصائيات والنتائج، فالديمقراطية دواء المرض وسر النجاح ومن المفيد أخذ فكرة عن الشارع العربي والإسلامي بالاعتماد على بعض الإحصائيات الميدانية التي نفترض علميتها، فللأسف فقد درج بعض الكتاب والمفكرين على تحليل المجتمع العربي بالاعتماد على خبراتهم الشخصية أو ولائهم السياسي أو المادي، حتى وصل الأمر بالبعض من مدعي الليبرالية الجديدة للمطالبة بتطبيق ديكتاتورية الديمقراطية على مبدأ ديكتاتورية البروليتارية لأن هذه الشعوب برأيهم (جاهلة، متخلفة...) إن الإحصائيات المذكورة تؤكد على وجود أمل بانتقال تدريجي هادئ للديمقراطية إن لم يبعث الله بوشا آخر أو يوقظ بن لادن من كهوفه الأفغانية!!

العرب الديمقراطية
رمضان عهيسى -

الديمقراطية هي التعددية السياسية وقبول الآخر المختلف ، ونبذ العنف في الوصول للسلطة وحرية الانتخاب للجميع ، والاٍسلام لا يعترف بالتعددية السياسية لأنه لا يؤمن بالطبقات الاجتماعية التي هي أساس التعددية ، ولا يقبل الآخر الا بشروط ، واٍذا أظهر القبول يكون مؤقتا وبسبب ضعف الاتجاه الاسلامي . أما الاٍعتراف بحرية الانتخاب للجميع فغير واردة في أبجديات الفكر السياسي الاسلامي لأنه يعتبر الشعب حشد جاهل لا يعرف كيف يختار ، ولا يعترف بالمواطنة الكاملة لغير المسلم . هذا هو الواقع الثقافي والمعرفي للاٍسلام ، واذا اعترف حزب سياسي اٍسلامي بمتطلبات الديمقراطية فهو اعتراف مؤقت ، فاذا وصل الى السلطة السياسية بدأ يمارس اسلوب اٍرهاب الآخرين بطريقة أو بأًخرى ولا مانع لديه من استخدام العنف وسن قونين تنسف الديمقراطية وترسيخ الديكتاتورية الدينية وسلطة الأئمة . ان سبب عدم نجاح الديمقراطية في الدول الاٍسلامية وخاصة العربية يرجع الى : 1-اٍعتبار الديمقراطية تقليد غربي ، والتجربة مع الغرب كانت مريرة ومرتبطة بالميراث الاستعماري والذي من أسوأ بقاياه زرع اسرائيل في وسط العرب واحتلال القدس ، وقد ترك هذا انعكاسا سلبيا على قبول أي تقليد غربي . ان محاولة جعل الديمقراطية معادلة لمفهوم الشورى هو وأد للديمقرطية وتقزيمها ، فالشورى تعني التشاور بين من هم فوق ،أو بين من هم متميزون ولا تفترض الشورى اشراك الشعب في الاختيار . 2- قوة الميراث الديني والذي ينظر بالعداء لغير المسلم وعدم القابلية في التغيير أو تقليد الأغيار . وكأن الديمقراطية ثوب غربي لا يجب أن يلبسه . 3- قوة الميراث السياسي ، فلم يعرف التاريخ السياسي الاٍسلامي أي تعددية في الحكم ، بل يعرف كلمة ، ولي الأمر ، الحاكم ، الملك ، الخليفة ، السيد الرئيس ، وكل هذا يدل على الفردية ،وليس الجماعية ، كما أن طريقة وصول هذا الملك الى السلطة كنت في الأغلب بالوراثة ، أو بالاٍختيار الفوقي الذي يلغي دور الجماهير . كم أن التخلف وتعدد الاٍنقلابات العسكرية الفوقية والارهاب السلطوي قد جعل الشعوب في واد والحكام والملوك الفوقيين في واد آخر / وهذا ما تدعمه السلطة لأنه يبعد الشعب عن معرفة وسائل التغيير وأنه أداتها الرئيسية ، وبالتالي يداخل الشعب الاٍعتقاد أن الحاكم والملك قدر الهي لا يمكن تغييره الا باٍرادة الآهية . ان الديمقراطية غير ممكنه اٍلا بالوعي ونشر المعر