تحديات أوباما بين العرب وإسرائيل
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لقد أصبحت إسرائيل ثقلا مزعجا على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وتحول جبروتها العسكري لقوة مترهلة تقتل النساء والأطفال وتدمر القرى والمدن وتهدم المدارس والمستشفيات، وفقد جيشها رهبته أمام عنف الفئات الشعبية الصغيرة المتناثرة. وقد تفهمت هذه الفئات وحشية عدوها من مقولة بن جوريون في عام 1948: "هناك حاجة لانفعال وحشي، وعلينا أن نكون دقيقين في التوقيت والمكان، وأولئك الذين نستهدفهم. وحينما نتهم عائلة، علينا إيذائهم وبدون رحمة، مع أطفالها ونسائها. وإلا لن يكون انفعالنا مؤثرا، وليس هناك حاجة للتفريق بين المذنب والبريء." ومنذ أن أعلن تأسيس إسرائيل، لم يعتبرها سياسيو الولايات المتحدة ذا فائدة إستراتيجية، ومع ذلك دعمها الرئيس ترومان لكسب أصوات اليهود.
وقد وعى لوبي الحكومة الإسرائيلية في الولايات المتحدة لقوة أصوات اليهود وأموالهم، فنظم صفوفه، ليفرض أرائه على السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، مما أدى لخسارة الولايات المتحدة الكثير من مصالحها، وفتح الباب على مصراعيه للسوفيت في المنطة، وسبب إشعال حروب عديدة مدمرة. وقد وعى الرئيس أوباما لخطورة الصراع العربي الإسرائيلي على أمن بلاده ومصالحها، فبدأ محاولاته لأحياء عملية السلام. والسؤال: كيف سيكسب العرب الولايات المتحدة من جديد؟ وأين تكمن قوة إسرائيل في هذه المعادلة المستقبلية؟
لنحاول عزيزي القارئ أن نتدارس الجواب من خلال صفحات كتاب بعنوان، اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية، للبروفيسور جون ميرشيمير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، والبروفيسور ستيفن ولت، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة هارفارد. يبدأ المؤلفان مقدمة الكتاب بالتشكيك بالأهمية الإستراتيجية لإسرائيل لمصالح الولايات المتحدة بالقول: " قد يقول البعض بأن إسرائيل استثمار حيوي استراتيجي للولايات المتحدة، لأنها شريك لا غنى عنه لمحاربة الإرهاب، وبأن دعمها واجب أخلاقي، لأنها تشاركنا قيمنا، ولكن هذه التصورات لا تدعمها الحقائق. فبالعكس تزيد هذه العلاقة من صعوبة التعامل مع الإرهابيين، وتقلل دعم الولايات المتحدة من حلفائها، فيعد أن انتهت الحرب الباردة، أصبحت إسرائيل خطر استراتيجي ضد المصالح الأمريكية. مع أنه لن يستطع أي سياسي طموح أن يتجرأ بقول ذلك علنا."
وينفي الكاتبان إدعاء البعض بأن تضامن الأمريكي مع إسرائيل هو نتيجة لضغط الرأي العام الأمريكي. فقد بينت استطلاعات "بو" للرأي في عام 2005، بأن 39% من الأمريكيين يعتقدون بأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية سبب جوهري لعدم رضا العالم عن الولايات المتحدة. كما يعتقد 78% من الإعلاميين الأمريكيين، و 72% من القيادات العسكرية، و 72% من خبراء المخابرات، و 69% من المتخصصين في الشؤون الخارجية بأن دعم إسرائيل قد أدى لتشوه خطير للسمعة الأمريكية وصورتها في العالم. وأكد استطلاع لمجلة النيوزويك بأن 58% من الشعب الأمريكي يعتقد أن دعم إسرائيل كان سببا أساسيا لقرار بن لادن لضرب البرجين. وأكدت استطلاعات عام 2003 بأن 60% من الأمريكيين يؤيدون وقف الدعم عن إسرائيل، إذا رفضت حلول عادلة للقضية الفلسطينية، وأصر 73% منهم بضرورة أن تكون الولايات المتحدة محايدة في هذا الصراع.
ويناقش الكتاب قوة اللوبي الإسرائيلي في رسم السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، فيبدءا بتعريف اللوبي بأنه تحالف قانوني شرعي مخلخل بين مجموعات غير موحدة وغير متوافقة، وذو مصالح مشتركة، ومكونة من اليهود والمسيحيين، وهدفهم التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية بطريقة يعتقد أعضائها بأنها تفيد إسرائيل. ولا يسمح هذا اللوبي القوي لأي سياسي أمريكي انتقاد إسرائيل، ويعرف الجميع بأن أي انتقاد سيحرم السياسي من الفوز بالرئاسة الأمريكية. ومن الضرورة أن يعرف العرب بأن الكثيرين من اليهود الأمريكيين لا يؤيدون سياسات هذا اللوبي، وقد أكدت استطلاعات الرأي لعام 2004 بأن 36% من اليهود الامريكين غير مرتبطين عاطفيا بإسرائيل، كما أن الذين يهتمون بها، لا يؤيد الكثير منهم سياسات هذا اللوبي. كما كان اليهود أقل دعما لحرب العراق من باقي الشعب الأمريكي، وتعتبر اليوم أكثر المجموعات معارضة لهذه الحرب، كما صوت 75% منهم للرئيس أوباما المعارض لحرب العراق.
وقد عرض الكاتبان أمثلة مدهشة لكيفية فرض هذا اللوبي أراء الحكومة الإسرائيلية على السياسة الأمريكية، من خلال الضغط على أعضاء الكونجرس، وذلك بالدعم المالي لمرشحي الانتخابات الأمريكية. وقد شرح ذلك الديمقراطي هاري لاندزديل في خوضه لانتخابات عام 1990 فقال: "لقد انتشر الحديث بأني مؤيد لإسرائيل، فوجدت نفسي مدعوا من احد منظمات اللوبي الإسرائيلي للمناقشة. وقد كانت خبرة لن أنساها، فلم يكفي لكي أكون مؤيدا لإسرائيل، بل أعطيت قائمة من القضايا لأبدي رائي فيها. ثم اخبروني بما يجب إن يكون رأي، بل علموني الكلمات التي يجب أن انطقها لكي اعبر عن هذا الرأي. وبعدها أرسلوا لي قائمة من الأمريكيين الداعمين لإسرائيل، وأخبروني بأن لي الحق في الدعم المالي لحملتي الانتخابية من تبرعاتهم. فاتصلت بهم، فساعدوني بأموال طائلة من جميع الولايات من فلوريدا وحتى ولاية ألاسكا."
ويقوم هذا اللوبي بمراقبة التصويت في الكونجرس ليعرف مواقف أعضائه، ليحارب صاحب كل صوت معارض لإسرائيل، وذلك بتحويل الدعم لمنافسيه في الانتخابات. فمثلا خسر روجر جبسون بعد أن وافق على رغبة للرئيس ريجن بدعم صفقة الأواكس للسعودية في الكونجرس، بعد أن دعم اللوبي الإسرائيلي منافسه في الانتخابات. ويؤثر دعم اللوبي أيضا على فرص الدخول في الحكومة والفوز في الانتخابات الرئاسية. ومع أن اليهود لا يمثلون أكثر من 3% من الأصوات، ولكنهم يدفعون أموال طائلة لدعم مرشحيهم، ويحركون الأعلام بتوجيهاتهم، ومتمركزين في وزارة الخارجية. فقد قدرت صحيفة واشنطون بوست بأن الدعم المالي اليهودي للمرشح الديمقراطي للرئاسة يصل لحوالي 60% من مجموع أموال الدعم الانتخابي. ويتميز اليهود بتصويت نسبة كبيرة منهم في الانتخابات، كما أنهم منتشرين في الولايات الكبيرة، التي تلعب دورا كبيرا في نتائج الانتخابات، كولاية كاليفورنيا ونيويورك وفلوريدا. ويدفع هذا اللوبي بمؤيدي إسرائيل للحصول على مراكز هامة بوزارة الخارجية، كما يهتم بشباب الجامعات ليهيئ بعضهم لمناصب حكومية. وشرح الكتاب الجهود التي بدلها اللوبي للدفع لغزو العراق، وذلك بتمرير ملف المخابرات الذي لفقه مؤيديه، ليؤكد بوجود أسلحة الدمار الشامل في العراق. كما شرح وسائل الضغط المبدعة لهذا اللوبي على الإعلام، ويتهمه بتشويه الحقائق للمواطن الأمريكي، ليقنعه بدعم إسرائيل.
وفي نهاية الكتاب يناقش الكاتبان الحلول المطروحة للتعامل مع هذا اللوبي. فيقترحا إستراتيجية عمل تهتم بحماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، والتي تشمل المحافظة على استمرار تدفق النفط والغاز الطبيعي في السوق العالمية، باستخدام القوة البحرية الأمريكية المتحركة، لحماية المسارات البحرية وحفظ الاستقرار في المنطقة. كما أكدا على أهمية المحافظة على خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وتحويل العلاقة مع إسرائيل لعلاقة صادقة وكدولة طبيعية تحاسب على أخطائها. ونصحا بضرورة إيجاد حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي، وذلك بالانسحاب لحدود عام 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية. وأبدى الكاتبان تخوفهما من أن المتطرفين من هذا اللوبي سيكونوا العائق الأكبر لتحقيق عملية السلام، بسبب ضغوطهم على أعضاء الكونجرس. فأكدا على ضرورة إضعاف المجموعات المتطرفة من هذا اللوبي، وذلك بفرض تشريعات جديدة تقلل من إمكانية تأثيرهم على الانتخابات الأمريكية، مع تقوية المجموعات المعتدلة منهم. ونصحا بضرورة فضح السياسات السابقة التي أدت للضرر بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية، بالإضافة لدفع المنظمات المناهضة للتطرف من العرب والمسلمين للتعاون مع اليهود الأمريكيين المعتدلين، والعمل على دفع الإعلاميين والأكاديميين لحوارات تبرز الحقائق. والسؤال: هل سيستفيد العرب من تجربة اللوبي الإسرائيلي، للتعاون مع الرئيس أوباما، لأحياء عملية سلام عادلة وشاملة في منطقة الشرق الأوسط؟
سفير مملكة البحرين في اليابان
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف