لعبة توازن القوى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هذا هو جوهر لعبة توازن القوى، هناك قوى، وهناك صراع بين هذه القوى، وإن هذا الصراع ربما يتسبَّب في تسلط قوة على بقية القوى، مما يستتبع استبداد وتسلّط وهيمنة هذه القوة بمقدرات الجميع، ومصير الجميع، وقد يقود إلى سلسلة من الحروب الإقليمية والعالمية، حيث نتحدث هنا عن القوى بعنوان دول وأنظمة وشعوب. والحل يكمن بإيجاد صيغة تضمن توازنا بين هذه القوى، ومن دون لعبة التوازن هذه يبقى الخطر قائما.
لعبة التوازن هذه ليس جاهزة وحاضرة حلا وعلاجا على مستوى الدول والانظمة السياسية، بل هي جاهزة وحاضرة الفاعلية والدور داخل الدولة الواحدة، وربما المؤسسة الواحدة، فإن الدولة التي تتشكل من أطياف ومكونات متعددة دينيا وطائفيا وقوميا تمثل ميدانا واضحا لجاهزية وحضور هذه اللعبة العجيبة، فإن أي أختلال بهذه المكونات تعرض الدولة أو المجتمع إلى حروب أهلية اليوم أو غدا، مهما بدت الامور سا كنة وهادئة ومستقرة، فهو سكون وهدوء واستقرار خادع، سرعان من يكشف عن زيفه، ومن هنا تنطلق الدعوات الى ضرورة إيجاد حالة من التوازن بين مكونات مثل هذه الأنظمة، فهو السبيل الوحيد أو المتمكن أكثر من غيره لحفظ السلام وتحقيق مقولة العيش المشترك.
لعبة توازن القوى تنتهجها السياسة الواقعية فكرا وممارسة، وتعمل على طرحها وتطويرها، منطلقها الواقع وليس الخيال والأمنيات، وتتطلب لعبة توازن القوى متابعة التغيرات التي تطرأ على العلاقات بين القوى من أجل ضبطها وإعادة حالة التعادل بين هذه القوى.
إن لعبة التوازن هذه ربما تتحقق باتفاق الدول ذات العلاقة، أو تتحقق بضغط من الخارج، أو تتحقق بسطوع نجم سياسي مبدع، كما هو في المجتمعات الأثنية والمتعددة المكونات، فكثيرا ما يكون لشخصية سياسية قوية ومرموقة دورها الفعال والجوهري في تكريس لعبة التوازن هذه، وربما تتعرض اللعبة للاهتزاز مجرد أن تغيب هذه الشخصية بصورة من الصور.
إن لعبة التوازن ليست حاجة لمنع الحروب وإقرار السلام وحسب، بل قد تتوازن مجموعة قوى من أجل أن تتحول إلى قوة رادعة لمواجهة تحديات خارجية مشتركة، ولذلك قد تعمد قوة غالبة أو راجحة إلى تقوية ممكنات أخرى من دول وأنظمة ومؤسسات، بحيث تخلق ميزان قوى جديد في المنطقة، يمكنها من مواجهة خطر يهددها من الخارج أو الداخل.
إن سياسة توازن القوى قد تتحقق من اجتماع أكثر من قوة ضعيفة على شكل إتحاد أو حلف أو توافق في مواجهة قوة أكثر شراسة وممكنات تهدف إلى استضعاف هذه القوى والاستبداد بسياستها ومصيرها ومستقبلها، وحالما تتحقق هذه المعادلة يقولون تغير ميزان القوى في المنطقة.
إن عملية خلق توازن قوى ليست سهلة بل في غاية التعقيد، فهي قد تتطلب في كثير من الأحيان تغيير أنظمة، أو استحداث جغرافية جديدة، أو انقلاب عسكري، أو تسليح على مستوى عال، أو تحالفات جديدة، أو خرق تحالفات قديمة... فهي لعبة في غاية التعقيد.
تعمد كثير من الدول إلى تفتيت توازن القوى فيما كان يعمل ضد مصلحتها، وربما تعمل على خلق توازن قوى جديد في مواجهة نظير، وكثير من الحكام والساسة يمارسون لعبة تحطيم العلاقات بين المكونات داخل البلد من أجل السيطرة والتحكم و النفوذ، وهي سياسة كثيرا من نشهدها في عالمنا الثالث للاسف الشديد، ويعلل كثير من هؤلاء الساسة هذا السلوك بحجة السيطرة على الاخطار التي تهدد وحدة البلاد، وربما يبررون ذلك بضرورة القوة التي تحول دون الانفلات والتبعثر والتشتت المجتمعي، فيما هي محاولة تستبطن الرغبة الجامحة في الحكم الفردي أو العشائري أو الطائفي أو الحزبي، وهم بذلك يخالفون حقيقة واضحة، تقول بكل صراحة إن أي مجتمع يتشكل من مكونات متعددة المشارب الدينية والقومية والمذهبية لا ضامن لسلامه وسلامة دولته ونظامه السياسي والاقتصادي والعسكري والاخلاقي إلا بانتهاج سياسة توازن القوى، ولا يشترط بالتوازن أن يكون حرفيا في عناصره، بل هو توازن نوعي نسبي، بحيث يحول دون احتراب المكونات وتنابذها. وهذه تتطلب تعاونا فذا بين أبرز رجالات البلد من كل المكونات، وساسة يتمتعون بحس وطني عميق، وأصحاب ثقافة واسعة وغنية بأساليب الصراع وإدارة الحكم.
العراق مثل واضح هنا، فهو بلد المكوّنات المتعددة المتنوعة، ولا سبيل للسلام والوئام والتقدم والازدهار الا باتباع سياسة توازن القوى.
التعليقات
تنظيم قوى لا توازن
فيصل آورفــاي -كما ارى يا استاذ غالب ، لا يمكنك ايجاد صيغة لتضمن توازن القوى، لان توازن القوى هو الذي يؤدي الى خلق صيغة تعبر عنه نظريا و تطبيقيا . اما الدعوات لايجاد حالة من توازن القوى فهي دعوات امنياتية لا علاقة لها بالسياسة الفعلية، و توازن القوى الحقيقي على الارض ،و الذي لا يعترف بتلك الدعوات ! و انت تتحدث عن محاولة متابعة التغييرات و ضبطها ; و لكنك لم تحدد من هي تلك القوى التي ستقوم بذلك ،و لمصلحة من ، من بين تلك القوى المتصارعة حتى العظم ! ولا اعلم عن أي خارج تتحدث ، اذ ان صراع القوى ، هو عبارة عن عملية كوسموبوليتية على مستوى كوني . فهل هناك قوة خارجية يمكنها السيطرة على تلك القوى الكونية ؟ و من اين تأتي تلك القوة المفترضة؟و تحدثنا عن توازن مجموعة قوى لتشكل رادعا !! فهل تقصد ان تلك القوة لا تعمل بموجب قانون صراع القوى العالمي و انها حيادية في ميكانيكية توازن القوى ؟ و هل تعتقد ان قوة يمكنها ان تهيمن على الساحة السياسية الدولية ، يمكن ان تتخلى عن ذلك الحق الذي منحتها اياه القوة ، لصالح قيام قوى اخرى بعرقلة تفوقها ؟ ان الاتحادات ،و التحالفات ،و الاحلاف ، موجودة منذ القدم ،و هي لا تنتظر شخصا ليخبرها كيف تعمل على تعديل موازين القوى في ميدان الصراع الدولي ، اما ان يكون هدفها هو توازن القوى ، فان تلك غريبة بحق ! لان الصراع الدولي لا يهدف الى خلق توازنات ،و لكن يهدف الى التفوق و الهيمنة ،اكان لصالح دولة امبراطورية او حلف ما ، ومع صيرورة ذلك الصراع قد يحدث توازن قوى يؤدي الى عدم قيام تلك الهيمنة او التخفيف من غلوائها ، اما ان تتصور ان القوى تعمل على التوازن ، فتلك نظرة سطحية تعبر عن فهم ظاهري لجوهر الصراع الدولي ، مهما تعددت أشكاله او أزمانه !أخيرا ، لا بأس بالقول ان توازنا للقوى ، قد يحدث نتيجة لعوامل تساعد دولة ، او حلفا معينا - سبق له ان كان ضعيفا – تساعده على زيادة فاعليته السياسية ليصبح اقوى ، مما يشكل نوعا من التوازن في الصراع السياسي او صراع المصالح بين القوى داخل الساحة . لكن اذا كنت تتحدث عن العراق تحديدا ،و الصراع بين الفئتين ( السنية و الشيعية ) المتنافستين على الكعكة العراقية ، بعد سقوط النظام السابق ، فان الموقف الامريكي من القوتين انما يخدم المصالح الامريكية ، بغض النظر عما يدعيه البعض من ان الهدف الامريكي هو توازن القوى داخل العراق . فامريكا لا يهمها توازن لا ناقة
يسلم القلفم
الماجد -اخصر تعبير ومقالة عن اهم قاعدةفي الصراع الدولي واعتقد أن الاستاذ غالب استفاد من كتاب كسينجر درب السلام الصعب، ولا يهم ، فان المهم هو الفكرة ، وتوازن القوى هي الفقرة الجوهرية في الصراع ومنعه أو تأخيره على اقل تقدير ،اقصد الصراع الدامي ،صراع الحروب والاسنةوالقنابل والصواريخ ، وعدم توازن القوى يجعل فرص السيطر ةوالاستحواذ اكبر
العلم
هاني -أولا من حق الشعوب أن تملك التقنية الشعوب الفقيرة في خطر وإلى ماهوا تفسيركم في إنفاق هذه الثروات في صناعة 4000 أو يزيد في كل سنة هل هي الصناعة من أجل الصناعة أم أنهم يريدون إبادة الضعيف ولذالك من حق الشعوب وحت المنضمات في إمتلاك سلطة الذرة طالما أن العلم ملك للجميع وألى فهم في خطر أما مسألة الشرق الأوسط فلهم الحق في ذالك طالما إسرائيل تملك أسلحة نووية في خطر على العالم شأنها شأن الأخرين
سلام مئة عام
كاطم الجوادي -كانت فكرة توازنالقوى هي المسؤولة عن سلامالمئةعام في اربا في القرن التاسع عشر،شكرا لصاحب الإثارة