الأسبوع العربي الياباني ودبلوماسية القوة الناعمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
احتفلت اليابان في بداية شهر أبريل الجاري بالأسبوع العربي الياباني الأول. فقد نظمت السفارات العربية العشرون في طوكيو، وبتناغم جميل، برنامجا ثقافيا شمل ندوة عن مبادرة السلام العربية، ومعرضا عن الفن العربي الياباني، وبرنامجا فلوركلوري لفرقة رضا المصرية، وحفلة للموسيقى العربية. كما أحيا الفنان اليمني الأستاذ أحمد فتحي حفلة غنائية، وضمت الاحتفالية عرض فلم فلسطيني فرنسي عن الاحتلال الإسرائيلي، وأكملتها جمعية زوجات السفراء العرب بحفلة الاستقبال والسوق الخيري. وقد لفت نظر اليابانيين رغبة العرب في سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، كما أعجبوا بحضاراتهم التاريخية وثقافاتهم المتنوعة وأطعمتهم الشهية. وقد برزت هذه الاحتفالية كبذرة لدبلوماسية عربية تؤكد على أهمية القوة الناعمة. والسؤال لعزيزي القارئ: ما هي القوة الناعمة؟ وكيف يمكن الاستفادة منها في دبلوماسية تستطيع التعامل مع تحديات العولمة الجديدة؟
يعرف علماء السياسة القوة بإمكانية التأثير على نتائج شيء ما كما نشاء، وذلك بتغير سلوك الآخرين. ويحتاج ذلك لامتلاك موارد بشرية كثيرة وأراض كبيرة وموارد طبيعية عديدة، كما يلزمها توفر هيمنة اقتصادية وعسكرية، بالإضافة للاستقرار السياسي والأمني. ويناقش الدبلوماسي الأمريكي جوزيف ناي الأستاذ بجامعة هارفارد في كتابه، المفارقة في القوة الأمريكية ولماذا لن تستطيع القوة العالمية العظمى الوحيدة أن تحقق أهدافها لوحدها. يعتقد الكاتب بأن الولايات المتحدة قد فشلت في أن تستفيد من قوتها الاقتصادية والعسكرية في قيادة العالم بشكل فاعل، والتي تناست عن ربطها بقوتها الناعمة وبوضع سياسات مدروسة واختيار قيادات ذكية ماهرة. كما أكد بأن القوة العسكرية لم تعد اليوم كافية للتعامل مع التحديات العالمية، بل تحتاج القوى العظمى لمراجعة نظرية عصاتها العسكرية وجزرتها الاقتصادية، وذلك بالاستفادة مما سماها بقواها الناعمة، والتي ستشجع الآخرين أن يريدوا ما نريده.
لقد تغيرت منابع القوة خلال القرون الماضية مع التطورات التكنولوجية. ففي القرن السابع عشر والثامن عشر كان الاقتصاد الزراعي الفرنسي يعتمد على عدد السكان كمنبع قوة هامة للقوى العاملة الزراعية لجمع الضرائب والتوظيف العسكري. بينما استفادت بريطانيا في القرن التاسع عشر من التقدم الصناعي لتطوير أسطول جيشها البحري، وتزعمت ألمانيا العالم بكفاءة من خلال تطوير خطوط سككها الحديدية لنقل جنودها لتحقق انتصاراتها في روسيا، وقادت الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفيتي في القرن العشرين الكرة الأرضية بتفوقهما الصناعي مع قوتهما النووية. وتغيرت المعادلة اليوم بعد أن قلت أهمية القوة العسكرية، وأثبتت الحرب الباردة بأن الأسلحة النووية مكلفة بشريا واقتصاديا. وصعب انتشار الفكر الوطني إمكانية السيطرة على الشعوب اليقظة بالإمبراطوريات الاستعمارية. فبينما كان من السهل في القرن التاسع عشر لقلة من المغامرين أن يستعمروا أفريقيا بفرق عساكرهم الصغيرة، وحكمت بريطانيا شبه القارة الهندية بقوة استعمارية صغيرة، أصبح اليوم الحكم الاستعماري مرفوض قانونيا وعالي التكلفة، والذي أكدته تجربة الفيتنام وأفغانستان.
لقد توجهت الدول ما بعد الصناعية للرعاية الاجتماعية، ولم تعد تتقبل التضحية بمواطنيها في مغامرات استعمارية عسكرية إلا إذا كانت تعرض بقاءها للخطر. وانتهت أخلاقيات الحروب القديمة في الديمقراطيات الحديثة، وأصبحت الحاجة ضرورية لأخلاقية الحصول على الدعم الشعبي قبل الدخول في أي حرب. وقد عبر عن ذلك الدبلوماسي البريطاني روبرت كوبر بالقول: "لا ترغب عدد كبير من الدول القوية اليوم في الحرب أو الاستعمار، ومع أن احتمالات الحروب موجودة ولكن شعوبها أقل تقبلا لها مما كانت قبل نصف قرن مضى." فتعطل الحروب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتي عبر عنها توماس فريمان: "تجنبت الدول الحروب بسبب القوة الالكترونية للمستثمرين، الذين يسيطرون على رأس المال في اقتصاد العولمة." كما علق رتشارد روزكرانس بالقول: "لقد كان أرخص في الماضي أن احتلال دولة بالقوة بدل أن يتم تطوير نظام تجاري اقتصادي متقدم، للمتاجرة لتحقيق أرباح كبيرة." وقد استخدمت الإمبراطورية اليابانية آلية احتلالها العسكري لتحقيق ازدهارها في الثلاثينيات من القرن الماضي. ولكنها طورت بعد الحرب العالمة الثانية قواها البشرية وعلومها التكنولوجية وصناعاتها المتقدمة، لتصبح دولة تجارية تنافس بكفاءة منتجات صادراتها، لتصبح ثاني أكبر اقتصاد عالمي. ومن الصعب أن نتصور اليوم بأن اليابان مستعدة لاحتلال جيرانها لتحقيق تقدمها الاقتصادي.
وقد زادت أهمية القوة الاقتصادية بسبب سوق العولمة الجديدة التي نقلت سيطرة السوق لخارج حدود الدول بعد مرحلة التصنيع، ولعبت الولايات المتحدة دورا كبيرا في تجارة المنتجات الصناعية والخدمات المالية العالمية لتستطيع السيطرة على قواعد هذه اللعبة. ومع كل تلك القوة لم تستطع العقوبات الاقتصادية ولا آلية الجيوش العسكرية أن تقي العالم من حوادث الحادي عشر من سبتمبر ولا من حرب العراق وأفغانستان. ويعلق البروفيسور ناي بالقول: "من الخطأ الاعتماد فقط على سياسة العصا العسكرية والجزرة الاقتصادية، بل هناك حاجة للقوة الثقافية الناعمة، لكي يريد الآخرين نفس ما نريده."
ويعرف الكاتب القوة الناعمة بالقول: "فالقوة الاقتصادية والعسكرية تمثل القوة الخشنة الحادة المرغمة، بينما القوة الناعمة هي القوة التي تجعل الآخرين يرغبون طوعيا أن يشاركوننا قيمنا وأخلاقياتنا وسياساتنا. وهي الطريقة الغير مباشرة لممارسة القوة، لنحقق ما نريد في السياسة الدولية من خلال رغبة الآخرين مشاركتنا بسبب إعجابهم بقيمنا وثقافتنا وحضارتنا، وبمحاولتهم تقليدنا كمثل يتحدى به بإلهامهم بازدهارنا وتفتحنا على الآخرين. فهناك حاجة لوضع برنامج سياسة خارجية يجذب الآخرين بدل الضغط بقوتنا الاقتصادية والعسكرية. وهذه القوة الناعمة التي تؤدي لكي يريد الآخرين ما نريده، تستخدم أسلوب التعاون مع الآخرين بدل الإساءة لهم بإرغامهم."
ويعتقد الكاتب بأن القوة الناعمة تتطلب أن نضع برنامجا سياسيا يناقش أولويات الآخرين، وقد تفهمت هذه القوة القيادات السياسية كالرئيس انطونيو غرامشي، فقامت بوضع برنامج يحدد إطار الحوار والأولويات مع معارضيهم، وربطته بموارد القوة الغير محسوسة كجاذبية الثقافة والأيديولوجية والمؤسساتية. ووصف الكاتب ذلك بالقول: "وحينما استطيع أن أجعلك تريد ما أريده فحينها لا احتاج أن إرغامك لكي تقوم بما لا تريد فعله. وحينما تستطيع الولايات المتحدة أن تمثل القيم التي يريد أن يتبعها الآخرون، سيكون من السهل قيادة العالم وبأقل كلفة. فالقوة الناعمة مرتبطة بالإقناع وإمكانية إلهام الناس بالحوار الجميل، فهي إمكانية الجذب بالإعجاب، والتي تؤدي للمشاركة أو التقليد. وتبرز هذه القوة من خلال قيمنا والتي تعبر عنها ثقافتنا وسياساتنا التي نتبعها، وفي الطريقة التي نتصرف بها دوليا. وكما قالها هاربرت فيدرين :الأمريكيون أقوياء لأنهم يستطيعون إلهام أحلام ورغبات الآخرين، وشكرا لكفاءتهم في خلق صورة عالمية من خلال الأفلام والتلفزيون، ولذلك يسافر الكثيرون من الطلبة للدراسة في الولايات المتحدة. فالقوة الناعمة حقيقة هامة، وطبعا هناك علاقة بينها وبين القوة الخشنة والتي تدعم بعضها البعض، فكلاهما تمثلان إمكانية الوصول لأهدافنا من خلال التأثير على سلوك الآخرين. فيمكن أحيانا أن تؤثر مختلف أنواع القوة على مختلف أنواع السلوك من الإرغام إلى الجاذبية." فتلاحظ عزيزي القارئ مدى أهمية الثقافة والأخلاقيات والحضارة في دبلوماسية الألفية الثالثة والسؤال: هل ستستفيد دول الشرق الأوسط من قوتها الناعمة لخلق التناغم بين شعوبها وشعوب العالم لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية وللمحافظة على أمنها الداخلي واستقرارها الخارجي؟
سفير مملكة البحرين في اليابان
التعليقات
فلم هندي .
الحكيم البابلي . -يقول الكاتب : ( وقد لفت نظر اليابانيين رغبة العرب في سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط ) ! وسؤالي للكاتب : عن أي عرب بألضبط أنتَ تتكلم ؟!. كذلك إبتسمتُ وأنا أتخيل كشريطٍ سينمائي ، هذه ( القوة الناعمة ) في مُحاولة ( إقناع وإلهام ) للقاعدة وحزب الله وحماس ومئات من احزاب الأخوان المسلمين ، وبواسطة ( الحوار الجميل ) . ولا اُريد تكملة تخيلاتي السينمائية هذه ، كونني نادراً ما أكملتُ مشاهدة فلم هندي . مع الأعتذار الشديد لأخواننا الهنود . تحياتي .
إلى البابلي
مريم -العرب من وجهة نظرك لا يرغبون في السلام وماذا عن إسرائيل هل هم فعلا يرغبون في السلام ؟ ثم هل الأحزاب العلمانية افضل من الدينية وهل هناك جمع أفضل من الآخر عند العرب ؟ بالنسبة لي كلهم سلطة زي بعض ، لا احد يحترم الآخر لا الديني ولا العلماني ولا احد يتقبل الآخر الكل يظن نفسه جيد والآخر لا والكل يعتقد انه على صواب والأخر على خطأ وكلهم متطرفون في تجاهات مختلفة .
العرب الموجودين
!!!!!!! -وقد لفت نظر اليايانيين رغبة العرب /الموجودين في الإحتفال أمثال أحمد فتحي الفنان الرائع وفرقة رضا الأسطورية التي ربينا عليها/ في سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط. لم يلتقي اليابانيون مع أياً من المتطرفين في إحتفال ثقافي كهذا. لايحب المتطرفون الموسيقى فمابالك من الرقص.
السفير الاسرائيلي
مواطن عربي ياباني -سؤال الى سعادة السفير الدكتور خليل حسن سفير مملكة البحرين لدي اليابان اشرت في مقالتك بان هذا النشاط نظمته السفارات العربية العشرون في طوكيو، وبتناغم جميل، برنامجا ثقافيا شمل ندوة عن مبادرة السلام العربية، فهل هذا التناغم والتفاهم تم ايضا حين حضر السفير الاسرائيلي في طوكيو هذه الندوة؟؟ فحضور السفير الاسرائيلي لهذه الندوة يعتبر خيانة في حق الامة العربية لاعتبار عدم وجود اتفاقية سلام على ارض الواقع ارجو الاجابةوشكرا مواطن عربي ياباني مقيم في طوكيو
الى مريم رقم (2).
الحكيم البابلي . -أنا لا أعرف هل ترغب إسرائيل في السلام أم لا ! أنا أصلاً من المنطقة العربية وأعرف ماذا تُريد الأحزاب فيها . وأعرفُ أن إسرائيل هي من نفس معدن القتلة في القاعدة وحزب الله وغيرهما من الأوصياء على الشعوب المغلوبة على أمرها . الفارق هو أن إسرائيل لا تبطش بشعبها كما تفعل أحزاب العرب عندما تُقدِمُ مواطنيها كعبيد وأضاحي ووقود لمحرقاتهم التي لم تأكل غيرهم ، لأن قيمة الخرافة أكبر بكثير من قيمة المواطنين في قاموس هؤلاء الجهلة . أما عن وجود ( احزاب علمانية ) ! فنوريني سيدتي ، كوني لم أسمع عن وجود مثل هذه الأحزاب - بمواصفات العلمانية وليس بمواصفاتكِ أنتِ - في المنطقة العربية ، لأنها أولاً وأخيراً مرفوضة ومُحاربة على طول الخط . حيث لقول إمام يقولُ إمام القاعدة محمد عبد الوهاب : ( أن الفكر وألكفر شيئ واحد لأن حروفهما مُتشابهة ) ويا للفضيحة !!. وبما أن العلماني يرفض أن تُفكر الخرافة بالنيابة عنه ، لذا فهو مرفوض الوجود في الدولة المسلمة وليس له حزبٌ يمثله. أما عن قولك : ( الكل يظن نفسه جيد ، والأخر لا ) فأنا اؤيدك في هذا القول ، والمتدين الذي يتصور نفسه أحسن من العلماني ، لا يملك في الحقيقة غير عنجهيته وتصديقه لفكرة إنه معززٌ ومحميٌ من قبل الله ، وهو بالتالي لم يستطع ان يُقدم للحضارة غير إفلاسه الفكري ، ومن ثم يصبح عالةً وعبئاً وحجر عثرة لكل ما هو جيد . وفي الطرف الأخر ، نرى العلماني يقود العالم بعقله وإختراعاته وثقافته وفنونه ومحبته وإنسانيته في الدفاع عن حقوق المستضعفين في الأرض . تلك الحقوق التي غمطها الديني الذي يقود من وثق به الى ظلمات الكهف القديم الذي خرج منه أجدادنا في مجاهل التأريخ . وكل ذلك يتم بأسم الله والدين . وهنا تتوضح الأشياء ويسهل الأختيار ، بين العقل وألنقل ، بين الحقيقة المثبوتة من خلال الشك ثم النقد ثم البحث وبين الخرافة الشفاهية التي أدت بالكثير من ناقديها الى حتفهم . وكذلك بين العلماني المتنور بالبحث العلمي والمسلح بالحقائق المثبوتة وبين السلفي الديني المدجج بالخرافة والغيبية والقمع ومحاولات إلغاء الأخر فكرياً وجسدياً . ونحنُ كعلمانيين نؤمن حتى بحق الأنسان في الخطأ ، وفي إختيار ما يناسبه في هذه الحياة ، وكل محاولاتنا تنحصر في محاولة إيقاف إعتداءاتكم على حياة وحقوق الغير . وإن كُنتم حقاً تؤمنون بأي إله ، فالمفهوم الصحيح للأله هو المحبة ، والمقارنة سيدتي تمرين فكر
إلى البابلي
مريم -أولا أنا إنسانة عربية مسلمة ولكني لست متطرفة في تفكيري أو في تعاملي مع الآخرين ، تربيت وتعلمت من أهلي حب الخير لجميع البشر بمختلف انتمائهم العرقي والديني كما تعلمت دائما أن أضع نفسي مكان الآخر ولذلك ارفض التجريح أو الإهانة لأي شخص فما بالك بقتله لمجرد الاختلاف ، ولو قرأت تعليقي جيدا لعرفت أني وضعت الجميع في سلة واحد ولم أميز المتدين عن العلماني ـ كما أني لم اقل أن هناك أحزاب علمانية في المنطقة العربية وبصراحة لا يهمني أن اعرف ، فليس لدي ثقة في العرب وأحزابهم ( علمانيون ، متدينون ، قوميون ، .... ) وبالنسبة للمخترعين فهم ليسوا عربا ولذلك نجحوا ، أما بالنسبة للعرب فأنا يائسة منهم جميعا والذي ينجح فهو ينجح بمجهوده الفردي ( سواء كان متدين أو علماني ) وليس لأنه اتبع نهج أو فكر معين والتطرف مرفوض في أي تجاه ـ طبعا ارفض بشدة الإرهاب والقتل والتكفير من قبل المتطرف كما ارفض من العلماني وصمنا بالإرهاب لأننا مسلمون فقط وهذه نقطة الخلاف بيننا وبينكم . فانتم تنظرون لأي مسلم بأنه متطرف وإرهابي ويحمل في يده سكين وفي جيبه قنبلة ومستعد لقتل الآخر !! فهل يعقل أكثر من مليار شخص إرهابي ؟؟!! الذي رفضته من العلمانيون هو تعميمهم الجارح والقاسي والمهين لنا وليس فكرهم ، فالاختلاف غنى ومطلوب ...
عاااااااااش
بنت اليمن -عاش فنان اليمن احمد فتحي