كتَّاب إيلاف

العالم الإسلامي وأميركا..

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يروج، ولاسيما اليوم بمناسبة زيارة أوباما، أن العلاقات الأميركية مع العالمين الإسلامي والعربي تدهورت خلال رئاسة بوش، وهي في طريق التصحيح.
هذا تأكيد يحتاج للتمحيص والتشريح، بدأً ما المقصود بالعالمين العربي والإسلامي؟ هل هما الأنظمة؟ هل القيادات والمؤسسات الدينية، هل الشارع المسموم بالغوغائيات الدينية التي نشرها وينشرها دعاة ومحترفو التطرف والكراهية، وأعداء الديمقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان؟ هل القوى والتيارات الديمقراطية والعلمانية، وهي مهمشة ومضطهدة من كل الجهات، وليست هي بين من يقرر أو يحسم؟؟ أم كل هذه الجهات مجتمعة؟؟
الحقيقة، أن العلاقات مع الولايات المتحدة مرت بين جزر ومد، وجاءت القضية الفلسطينية لتوترها منذ التقسيم وطوال المراحل التالية، رغم أن دول الكتلة الشيوعية هي أيضا أيدت بقوة قرار التقسيم، وقد قاد عبد الناصر حملاته ضد الولايات المتحدة، وكان الشارعان، العربي والإسلامي يكرهان"الإمبريالية الأميركية حليفة الصهيونية" قبل بوش بعقود من السنين، ويتخذون من هذه الطنطنة أداة للتملص من مسئوليتهم عن فقر الجماهير العربية، والأمية الطاغية رغم كل الثروات الطبيعية الهادئة، وعن هجرة العقول إلى الغرب وأميركا بالذات، وعن العدوان المستمر على المرأة والأقليات الدينية والعرقية، فكراهية أميركا متأصلة في الشارع، وبين قوى الإسلام السياسي والقوى القومية، وفئات واسعة من اليسار. إنها متأصلة رغم ما يمكن وصفها بهدنة مؤقتة مع أوباما، بانتظار ما إذا كان قادرا على تلبية قائمة المطالب الطويلة التي يقدمها له اليوم العرب والمسلمون، في بازار مزايدات وضجيج!
لقد أجبر أيزنهاور إسرائيل وفرنسا وبريطانيا على إيقاف حرب العدوان الثلاثي عام 1956 وسحب قواتها من الأراضي المصرية، وبدلا من أن يستفيد عبد الناصر من تلك الفرصة لاستغلال الموقف الأميركي لصالح القضية الفلسطينية، فإنه شن حملات شعواء ضد الولايات المتحدة، وإن حركات عدم الانحياز والحياد الإيجابي، وهو من أبطالها، كانت أصلا موجهة ضد أميركا والغرب، ومتحالفة مع بلدان الكتلة السوفيتية. وأميركا شاركت بقوة في مؤامرات إسقاط ثورة 14 تموز، وهي المؤامرات التي كانت القوى الناصرية والبعثية والمتطرفون الدينيون قواها الأساسية، وكان الموقفان الناصري والأميركي متطابقين حول تلك المشكلة، ثم عادت للتدهور حتى مجيء السادات، أي اتفاق مؤقت على الغدر بعراق الثورة.
ومع صعود الخمينية ودعاياتها ومواقفها المتطرفة، تأججت أكثر مشاعر العداء للولايات المتحدة، ولم تخفت رغم مسارعة أميركا لإنقاذ مسلمي البوسنة وكوسوفو من حرب الإبادة التي شنتها الحكومة الصربية المحسوبة على السيحية، ورغم الجهود التي بذلها بيل كلينتون لانتزاع موافقة إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل آنذاك على تلبية أكثر ما يمكن من الحقوق الفلسطينية في صفقة عام 2000، التي رفضها عرفات بعد عودته لأراضي السلطة الفلسطينية في مزايدة مع المتطرفين من دعاة "كل شيء أو لا شيء." ليندم أشد الندم بعد فوات الأوان.
إننا نجد اليوم حتى بين الأنظمة التي كانت على علاقات وثيقة مع الإدارة الأميركية السابقة من يتكلمون عن تدهور العلاقات مع تلك الإدارة، وحتى أبو مازن، رغم كل جولات كونداليزا رايس للمنطقة والتوصل لاتفاق خارطة الطريق عام 2007.
كلهم اليوم يزايدون في تقديم المطالب لاوباما، وكلهم يوجهون له الرسائل والتوصيات و"النصائح"، التي لو محصناها، لوجدنا أن كثرة ساحقة منها مطالب غير عملية التحقيق، وإنها تتجاهل العلاقات والموازنات والقرارات الدولية، ويتوهم البعض أن أوباما هو صاحب العصا السحرية، و"منقذ" العرب والمسلمين - لكن منقذهم ممن؟ ومن ماذا؟ وهم يتجاهلون كيف تتخذ القرارات في واشنطن، وكيف لا يستطيع الرئيس الأميركي أن يفعل ما يشاء رغم صلاحياته الكبيرة.
لقد انضمت حكومات عربية عديدة لبوش الأب عندما قاد حملة تحرير الكويت من الغزو الصدامي، ولكن الرأي العام الشعبي في دول عربية عديدة كان منقسم الرأي حول العدوان بين من يدين ومن يؤيد، طبعا باستثناء الشعب الكويتي المنكوب، الذي عبر بكل السبل عن مشاعر التقدير والوفاء للولايات المتحدة.
إننا لو نظرنا جيدا لوجدنا أن أكثر ما يهاجمون عليه بوش هما حرب أفغانستان وحرب تحرير العراق؛ الأولى كانت ردا على عدوان إرهابي أودى بحياة الآلاف، والثانية حررت شعبنا من نظام استبدادي دموي وحشي، وإن النواب العراقيين الذين يهاجمون اليوم الكويت لسماحها بوضع أراضيها وأجوائها تحت تصرف القوات الأميركية لإسقاط صدام يبرهنون على استمرار ولائهم لصدام، وينسون أنهم في البرلمان، وغيرهم ممن هم في السلطة، قد جاؤوا بفضل حرب إسقاط صدام! يضاف أنه لا الغرب الأوروبي، ولا أميركا، قد اتهما الإسلام كدين بالتطرف وحارباه، بل إن المتطرفين والإرهابيين الإسلاميين هم الذين شنوا، ولا يزالون يشنون، الحرب على كل الغرب والحضارة، بل على الأبرياء في الدول الإسلامية نفسها.
إن أي رئيس أميركي، عدا فترة بوش الأب ولفترة قصيرة، لم يتمتع، ولو بقدر ضئيل، من الود بين الأكثرية العظمى من سكان العالمين العربي والإسلامي، ومادام التطرف الإسلامي، الذي يولد الإرهاب، هو العملة الرائجة بين جماهير هذه الشعوب، وما دام أعداء الحل السلمي العادل للقضية الفلسطينية في منتهى القوة بزعامة نظام الملالي الذي يواصل اوباما استجداء "الحوار" معه، وتقديم التنازلات له، [ أخيرا فتح مكتب أميركي على الحدود العراقية مع إيران، ودعوة الدبلوماسيين الإيرانيين للحفلات الرسمية الأميركية، بما فيها دعوة لحضور خطابه في القاهرة]، وما ظلت القاعدة وشبكاتها ومؤيدوها ومعها طالبان؛ نقول ما دامت هذه القوى نشيطة ومقتدرة، فلا نعرف كيف سيستطيع أوباما استئصال الكراهية المزمنة المتأصلة للولايات المتحدة، اللهم إلا إذا تصرف كرئيس لدولة إسلامية!!!
إن استمرار ذكر الرئيس الأميركي لكونه من أصل عائلة مسلمة، واليوم اعتبار أميركا " أكبر دولة مسلمة" لوجود عدد كبير من المسلمين فيها، علما بأن في فرنسا وبريطانيا ربما العدد أكبر، و إن سياسة اللين المفرط مع إيران؛ إن هذه السياسات لن تكسب لأميركا غير تقوية أطراف التطرف وأنظمته، كما لا نعتقد بقدرة أوباما على حل القضية الفلسطينية اليوم إن لم يمارس الضغط على كل الأطراف المعارضة للحل السلمي العادل: من اليمين الإسرائيلي وإلى إيران وأدواتها كحماس وحزب الله.
لقد قلنا في مقال سابق، ونعيد هنا القول، إن استمرار هذا النهج في الصمت عن المتطرفين وعن قوى العدوان في العالم الإسلامي، ولاسيما الأنظمة الساعية للحصول على القنبلة النووية، سيكون وبالا على العالم الإسلامي، وعلى أميركا، وعلى الأمن العالمي، وربما يهدد بحروب إقليمية وعمليات إرهابية كبرى - آملين أن تأتي التطورات القادمة بما يناقض هذه الفرضية والتوقعات!
3 حزيران 2009

3 حزيران 2009

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حل السحري
البرق -

ليس في يد اوباما اي حل سحري. الحل في يد شعوب المنطقةاما حكامها والمستفيدين منها يعملون على ابقاءالحال كما هو واذاحاول اوباما تقديم تنازلات فلا اعتقد انه سوف يكمل ولايته

ماذا لو امتلكوا فوة
قاريء ايلاف -

اتوجه بالتحية و التقدير للأستاذ عزيز الحاج لهذا المقال الرائع, احيانا يخطر في بالي عندما اقرء التعليقات التي تعج بالتهديد و الوعيد و بالكراهية الشديدة لأمريكا أقول لو لم يكن المسلمون كجماعة( هي الصفة التي يحلو للمتطرفين ان يصفون نفسهم بها) بهذا الضعف الذين هم عليه الآن و كان عندهم بعض القوة فماذا كانوا سيفعلون بالعالم اجمع, ان المسلمون ليست تنقصهم فقط القوة و لكنهم لا يمتلكون اي شيء ما عدا النفط و الأنتحاريين (الناس المغسولي الدماغ)و هم اي المسلمون معتمدين في كل وسائل حياتهم على الغرب و لم يعطوا شيءللعالم تستفيد به البشرية و مع هذا لا يوجد في العالم من يفاخر بدينه و يتحمس له كما يفعل حاليا المسلمون المتطرفون و يتحدثون عن نعمة الأسلام, ان الله يعرف لمن يعطي القوة لأنه يريدالبشرية ان تستمر و ان تتقدم و لكن عندما يغضب الله على العالم فسيكون هناك حديث آخر

تشافيز مسلم ؟!!!
الايلافي -

هناك تعليقات تخالف شروط النشر يا ايلاف العزيزة والتعليق رقم 2 احداها يبدو ان الكنسيين لا يفوتون مناسبة دون الاساءة الى الاسلام والمسلمين نريد موقفا حازما من ايلاف العزيزة ازاء ناشري الكراهية ، ان المسلمين لا يكرهون امريكا كبشر ولكنهم يكرهون السياسات الامريكية في المنطقة المحابية للدوام لكيان العصابات الصهيونية في فلسطين ان كراهية السياسات الامريكية قاسم مشترك بين البشر بعيدا عن الدين والعرق هل تشافيز مسلم ام مسيحي حقيقي يا احباء المسيح ؟!!

صرخة ليبراليه حديثة
وسام الوائلي- دترويت -

وصف السيد الحاج اسباب العداء لامريكا ناتج عن تراكمات قومية عربية او يساريه او اسلامية كل له عذره بكره امريكا وانا اؤيده تحليله لذلك لان الامريكان انفسهم اعترفوا بذلك العداء ومسبباته .لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو اين يضع السيد الحاج نفسه بين تلك التيارات المعاديه لامريكا هل يكره السيد الحاج امريكا لانه قومي او اسلامي ام يساري وبما ان كل مقالاته معاديه لسياسه الغرب والولايات المتحده الامريكيه!!ومتى تتخلص اقلام مفكرينا من امراض نضرية المؤامره الكبرى والتحريض على الغرب وامريكا متى تتوقف هذه الاقلام عن تحويل الاجيال الى روبوتات محاربه لامريكا متى نعترف باننا فاشلون وان سبب فشلنا هو اننا لا نعرف كيف ان نحب ولكننا اساتذه بالكره والتشكيك بمواقف الاخرين .ان لعنة اليسار الكاره لامريكا ولعنة القومين والاسلامين ستورث لكل الاجيال لاننا قوم متاخر في كل شي لايصنع الطائرة لايزرع لا يصنع وبكل شي متخلفين حتى في السياسه لانريد ان نفاوض ولا نرى ايجابيات خصومنا والسبب بسيط .هي الاقلام المحرضه على الغرب وامريكا

مقال
محمد ولد ازوين -

هذا المقال ...مليئ بالمغالطات , أولا من لا يري الشمس لا تريه إياها كما يقول المثل , إن شعوب العالم العربي والاسلامي هي جزء لا يتجزأمن شعوب معظم بلدان العالم الثالث التي ترزح تحت وطأة الاحتلال والقتل التي تمارسه أميركا والغرب عموما , لكن نصيب الأسد من هذا الدمار ظل دائما من نصيبنا نحن العرب والمسلمين , الكاتب يصف الضحية بأنها جلاد , قد سبقك بهذا السؤال جورج بوش ورفاقه ( لما ذا يكرهوننا ) والجواب يعرفونه هم نكرهم لأنهم يمارسون حماية الانظمة الدكتاتورية ويكرسونها , ويمدونها بكل وسائل البطش والتنكيل بشعوبنا , وكأن الديمقراطية حرام علين نحن الشعوب العربية أن تذوقها , ونكرهم لأنهم يأخذون أموالنا بالبلايين , ويعطونها لإسرائيل لكي تقتلنا بها , عائدات النفط تودع في بنوك الغرب ويتصرفون فيها كما يحلو لهم ومع ذالك يقتلونا بها , مصالحهم مع دولة عربية واحدة أكبر من مصالهم مع إسرائيل , فما بالك بمصالحهم في العالم الاسلامي عموما , ومع ذالك يقدمون مصلحة إسرائيل دائما , ويحمونها بقرارة مجلس الحرب الدولى , ونكرهم لأنهم يصوروننا في ثقافتهم وقواميسهم اللغوية وفنهم على أننا اناس متوحشون متعطشون للدماء , وهم الذين يقتلوننا ليل نهار بجيوشهم وعملائهم , القاعدة كما يقولون قتلت ثلاثة آلاف أمريكي , غزوا أفغانستان وقتلو فيها مئات الالاف وتفهمنا الدافع , فما ذنب ملايين العرالقيين الذين قتلوا هل من ضرب الأبراج يوجد من بينهم عراقي واحد ؟ لا , غزوا العارق بحجة أسلحة الدمار الشامل , فلما لم يجدوها قالو انهم غزوه لتخليصه من الدكتاتورية وراح المغفلون من العلمانيين والعملاء يصدقون هذا , طيب فلما ذا لا تخلصونا من بقية الدكتاتوريات الموجودة في المنطقة بدء بحسني مبارك والأسد , و وووو والقائمة تطول , إذا كان هدفكم حقا هو تخليص العالم العربي من الدكتاتورية الجاثمة على صدره بحمايتكم منذ عشرات السننين , لكن لو قام العرب بتهديد مصالح الغرب في المنطقة بصورة جدية , فسيذعن هذا الغرب لمطالبنا وسيكف عنا شره , لكنه وضع حراسا أمناء لمصالحه , رغما عنا , الكاتب يقول أن العراق قد تحرر , طيب أين هذه الحرية , هل تفكيك العراق هو الحرية , هل تشريد الملايين هو الحرية هل قصف البنية التحتية العراقية بالأسلحة البيلوجية والنيترونية هو التحرير , حتى النخيل لم يسلم منهم فقد قصفوه بقنابل حارقة , ليتحول العراق من أكبر مصد

الى معلق رقم 5 محمد
قاريء ايلاف -

اولا نحمد الله انه ليس كل المسلمين مثلك عندهم عقلية متشددة تكره غيرها و ان هناك مسلمين طيبين كثيرين و الا لكانت الحياة لغير المسلمين في الدول العربية لا تطاق و اني هنا اعتذر عن جرح شعور غير مقصود للمسلمين الطيبين و مع ألاسف انه في الآونة الأخيرة بدأت اعداد امثالك يزدادون نطلب من الله ان يقينا شركم و كراهيتكم و يقل عددكم لقد وصفت مقال الأستاذ عزيز الحاج بأنه مليء بالمغالطات و الحقيقة هي عكس ذلك فكلامك مليء بالمغالطات و قلب الحقائق: انك و امثالك لا ترون الشمس و تعيشون في الضلام وتتصورونه نورا و التعاسة تقلبونها الى سعادة و النقمة تصورونها نعمة" تبررون كراهيتكم للغرب و لأمريكا بسبب دعمها لأسرائيل او بسبب غزو افغانستان او نهب ثروات الدول العربية و الأسلاميةو ما الى ذلك من هذه الأسطوانة الممجوجة هي كلام قد يحمل بعض الحقيقة في سبب كراهيتكم للغرب و ليس كلها و و سأبين لك كيف سأناقش بقية النقاط الي اثرتها لاحقاو نطلب من الله ان يهديك الى المحبة بدلا من الكراهية