كتَّاب إيلاف

العولمة والإسلام: رؤيتان للعالم

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عنوان الكتاب: العولمة والإسلام رؤيتان للعالم.
المؤلف: د. سيف الدين عبد الفتاح.
تحرير: د. منى أبو الفضل، د. نادية محمود مصطفى.
الناشر: دار الفكر, دمشق، طبعة أولى، 2009م.
عدد الصفحات: 175.

يرى كثير من الباحثين أن العولمة بمفهومها المعرفي تمتلك نموذجاً ورؤى خاصة بها تتعلق بكيفية النظر إلى العالم والكون والإنسان، مما أدى إلى تصادمها مع حضارات أخرى عندما حاولت بعض الدول المتبنية لها قولبة العالم وشعوبه بها. ولم تخرج ردة فعل معتنقي الإسلام في التعامل مع مخرجات العولمة ومظاهرها عن المراوحة بين القبول والتسليم، أو الرفض والنبذ.
يرمي كتاب الدكتور (سيف الدين عبد الفتاح) إلى إعادة النظر في مفهوم العولمة وتمظهراتها في محاولة لفهمها وتشريح بنيتها الفكرية والمعرفية، كي يتمكن المتفاعل معها من التعامل معها بوعي وروية، بغية الإفادة منها وتطويعها لنماذجنا، وتطويع معرفتنا ورؤيتنا للعالم بما يتلاءم مع العصر.
يرى المؤلف أن العولمة تتطلب مواجهة بما تمثله من تحديات، من جنس حركتها وتصوراتها، فالقضية ليست في تسجيل المواقف أو تبني موقف معين إزاءها، بل المطلوب هو إمكانية محاكاة عمل العولمة بغية مواجهتها. فالخروج من سياق التبشير بمفهوم العولمة أو التهوين من آثاره لا يتم إلا من خلال الدراسات العلمية والعملية، فالعولمة ليست قدراً محتوماً، بقدر ما هي تصور أعقب عمليات للعالم وللإنسان والكون والحياة، تهدف إلى تضييق الاختلافات والتنوعات والتمايزات والخصوصيات عن طريق التنميط، بخلاف رؤية الإسلام للكون والإنسان القائمة على الاعتراف بالتعدد والاختلاف والتنوع.
ثم ينتقل الكتاب لبحث علاقة الإسلام بالعولمة أو موقفه منها بما يتجاوز موقف التوفيق بينهما، ليندمج الإسلام في العالم الجديد ويقوم برسالته من خلال تطويره وتجديده بالاجتهاد، ويرى المؤلف أنه إذا كانت العولمة تتحدى الإنسان وتفتت المجتمع وتنشئ التجمع على أنقاض المجتمع ليعيش الإنسان في مدن كبرى، لكن بروح فردية وجماعية هي بقايا وفتات، فالقضية ليست رفضاً أو قبولاً، إنما الإشكالية الكبرى هي إدراك طبيعة العولمة الحقيقية لا المتوهمة، حتى نستطيع التعامل مع قضاياها بوضوح وبشكل متفاعل ونقدي وتوليدي وبناء.
وعليه، يقترح المؤلف الاهتمام بجملة قضايا منها: الحالة البحثية والأكاديمية والعلمية للخطاب العربي المعاصر حول قضية العولمة. وإجراء عملية تصنيف للاتجاهات والمواقف المتعددة في معظم تشكيلاتها الفكرية والبحثية. ودراسة العولمة نموذجاً ومفهوماً ومذهبية وعملية، والإجابة على تساؤل: هل يمكن أن تسهم رؤية إسلامية في هذا النقاش الدائر حول الموضوع في تقديم عناصر رؤية نقدية ومراجعة لقضية العولمة؟.
وهنا يرى المؤلف أن للجماعة العملية في عالم المسلمين دوراً مهماً في إطار ظاهرة العولمة، فهذه الجماعة من المفترض فيها خوض غمار هذه القضايا الصاعدة وجوداً وتأثيراً بطرائق مأمونة ومتميزة فضلاً عن اتسامها بالعلمية والمنهجية، فضلاً عن ضرورة الاهتمام بالمفهوم الذي يتعلق بالعولمة تشريحاً وترشيحاً، تشريحاً لمكوناته، وترشيحاً لما اختلط به، ذلك أن حسن إدراك الشيء فرع عن تصوره.
يحاول المؤلف بعد ذلك الكشف عما يسميها شبكة الارتباطات بين موضوعات مثل حوار الحضارات وتصادمها وظاهرة العولمة، وينبه إلى عدم إغفال العلاقة بين العولمة بصفتها ظاهرة وعملية من جانب وحوار الحضارات وتصادمها بوصفها آليات توظف ضمن سياقاتها. فهذه العلاقة تشكل دالة مهمة على حوار الحضارات المأزوم الهادف إلى تنميط البشر خروجاً على سنة الاختلاف وحقائق التنوع والتعدد الثقافية، وصدام الحضارات المزعوم القاصد إلى تصنيف الأعداء والخصوم داخل الدائرة الحضارية المتنوعة الهادفة إلى إشاعة أشكال التهديد والردع بين حوار الحضارات أسيء استخدامه آلية، وبين صدام للحضارات يلقي الأوصاف جزافاً على الحضارات، ويحدد الموقف منها مصنفا إياها في دائرة الأعداء والخصوم.
فيشير ما تقدم إلى افتقاد عمليات العولمة إلى البنية الأساسية التي تؤكد عليها الرؤية الإسلامية ضمن عالمية الاستخلاف، التي تجعل من مفهوم (تعارف الحضارات) والعمليات المترتبة عليه، والمقاصد المرتبطة به والآليات التي تشتق منه خروجاً على افتراس العولمة ومقصدها في تنميط البشر، وحوار حضاري لا يعدو أن يكون مثل قشرة حضارية حوارية، ظاهرها الرحمة وباطنها الهيمنة والسيطرة والطغيان.
ويقدم المؤلف رؤية نقدية أولية للعولمة في سياق بناء نموذج كلي يقوم على عرض مقولات وعمليات العولمة على معايير حفظ الكليات (الدين والنفس والنسل والعقل والمال)، وضمن ترتيب عناصر أولويات تسهم في نقد واقع العولمة (الضروريات والحاجيات والتحسينات)، مشيراً إلى أن تعارف الحضارات أمر محوري في الرؤية الإسلامية والمقاصد الكلية التي تقدم رؤية نقدية للعولمة وعملياتها، وأنه من المهم تأصيل معنى التعارف الحضاري ومتطلباته وتوابعه وارتباطاته المعرفية والقيمية التي تتولد عنه.
يخلص المؤلف في ختام كتابه إلى طرح عدد من الأسئلة: هل نحن أمام رؤيتين للعالم؟، وهل نحن جوهرياً أمام عالميتين: عالمية الاستخلاف والتعارف، وعولمة الاستئثار والغلبة؟، منتهياً إلى أن الواقع يفرض مزيداً من الأبحاث والدراسات المعمقة التي ربما تتمخض عنها قادمات الأيام.

كاتب وباحث


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أمركة العالم
حدوقة -

العولمة تعني الامركة بلا جدال وقد فشلت بلا نقاش ؟!!

هذا غيض من فيض
وميض فخري -

كتابات - د. يونس حنوناقسم ان المسلمين يمكن ان يكونوا متحضرين وعلماء ومكتشفين ،وان يبرعوا في الفيزياء والكيمياء والحاسوب وتقنيات الطب الحديث وان يضيفوا الى التقدم والتطور العلمي الشيء الكثير ، وان يظهر منهم في العصر الحالي علماء جدد غير الرازي والفارابي وابن الهيثم وجابر بن حيان من الذين اصبحوا للاسف براهين ساطعة على تخلفنا الحاضر.....نعم يمكن ان نكون اعضاءا فاعلين في ركب التحضر ،وان نجري البحوث وان نكتشف ماهو فعلا مفيد للبشر .. لكن بشرط ..هو ان تتحرر عقولنا وقلوبنا من ربقة الجهل والتخلف ... وان نرى العالم بعيون مفكرينا ومثقفينا وليس بمنظار امراء الجهل من شيوخ الفتاوى الذين عينوا انفسهم حراسا على عقولنا ..وصمامات امان تمنع الادمغة من ان تعمل بكامل طاقتها ...يشغلوننا ويلهوننا بالسخافات والتوافه التي جعلوا منها اساسيات الدين ، ومعظمنا يتبعهم وينصت اليهم ويجلهم وكانهم صحابة ..والنتيجة ؟ان نبقى عالة على البشرية .

العولمة غزو جديد
اوس العربي -

يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين :العولمة,كما عرفت وكما يبدو من تطبيقاتها,فهي تقوم على اجتياح للثقافات الأخرى ومحوها محواً كاملاً,وإذا كان لهذه الثقافات من بقاء فسيكون بقاء فلكلورياً لمجرد الإستمتاع وليس لتنمية وإخصاب الذات الانسانية,إنها سيطرة القوى الكبرى والغالبة,وهي الى جانب السيطرة الإقتصادية والسياسية تمارس السيطرة الثقافية وتستخدم كل تنوع ثقافي في سبيل التنكيل بالاخرين وإرهاب الآخرين لأجل استتباعهم ثقافياً.إن العولمة بالصيغة الأمريكية التي يحاولون فرضها على العالم لاتمثل تحدياً بقدر ما تمثل غزواً,فهي مشروع يتسلم واقع الهيمنة على السياسة والاقتصاد من جهة,وبالقدرة غير المسبوقة في توجيه الإعلام من جهة أخرى,كما أنها تتسلح أيضاً بالقدرة على التشريع على المستوى الدولي.ولذا فإن العولمة لاتمثل في نظرنا تحدياً,بل تمثل غزواً وهذا الغزو لابد من مقاومته.إننا نعتقد أن دعاة العولمة يهدفون الى السيطرة الإقتصادية تحت شعار دعوى أنها تؤدي الى ارتفاع مستوى الحياة للدول.والى أتاحة توزيع أفضل للاقتصاد.كما يهدفون الى السيطرة الثقافية التي تؤدي الى تشويه أو تذويب الشخصية الخاصة.ومن جهة أخرى فإن العولمة تؤدي الى تشجيع عوامل التفتت والإنقسام داخل المجتمعات الأخرى,والى إثارة التناقضات العرقية والدينية والمذهبية بين الأقوام داخل المجتمعات,وتؤدي بهذه المجتمعات الى حروب وتوترات داخلية تتيح الاستيلاء عليها,والهيمنة عليها وعلى اقتصادها,أنها تتيح تفتيت البنى الثقافية والاخلاقية و أنظمة القيم داخل مجتمع وداخل كل حضارة لمصلحة تيار الحداثة,كما يتجاوز فيما يسمى الحضارة الأمريكية والثقافة الأمريكية ونمط الحياة والعيش الأمريكي.هذا يفرض علينا,يفرض على كل شعب,كل حضارة,كل ثقافة,مسؤوليات تحصين الذات من جهة والإنفتاح من جهة أخرى:تحصين الذات بما لايعني الإنغلاق,والإنفتاح بما لايعني الذوبان.

نعم للعولمة
رولا الزين -

بعض العبارت القليلة التي اوردها كاتب المقالة من محتوى الكتاب تكفيني للامتناع عن اقتنائه . فالعولمة قدر محتوم ولا تسعى الى تنميط البشر وليس للاسلام في حصولها وتطورها اي دور . بداية ليس بوسع المسلمين ولا المسيحيين ولا اتباع الديانات البوذية والهندوسية وقف توالي فصول العولمة او ايجاد بديل عنها الا اذا كان مؤلف الكتاب لديه اوهام بحدوث معجزة تلغي غوغل وياهو ونوكيا وسامسونغ وسيمنز . وان كان صحيحا ان العولمة تمتلك القدرة الهائلة على فرض انماطها في الاستهلاك والصيرفة الاستثمارية والتجارية وفي موسيقى الهيب هوب الا انها تترك للبشر حرية الابتعاد عن هذه الانماط . وعلى سبيل المثال لا يستخدم الالمان بطاقات الائتمان في معظم مشترياتهم فيما الامريكيون والكوريون الجنوبيون والخليجيون العرب مواطنين ومقيمين يبالغون في استخدامها بما يفوق قدرتهم على السداد . وبنوك وول ستريت التي بالغت في جشعها للارباح الهائلة وان اصابت بعدواها كثيرا من البنوك الاوروبية والآسيوية الا ان المصارف الحكيمة في كندا وايطاليا ولبنان نأت بنفسها عن هكذا جشع وما تبعه من افلاسات ضخمة . واللغة الانكليزية التي فرضت نفسها على معظم شعوب العالم لم تفعل ذلك بقوة السلاح بل بقوة العلوم والتقنيات الرفيعة التي ابتكرتها عقول العلماء والمخترعين الامريكيين سواء كانوا مواطنين اصيلين او مهاجرين لامريكا . واللوم يقع على بعض الصحافة العربية ووسائل الاعلام المرئية التي تهشم قواعد الصرف والنحو فيما تكتبه وتبثه . ومجمع اللغة العربية مدان بتقصير فادح في عدم تعريب ما استجد من مفردات تقنية غربية بالفاظ سهلة مثل كلمة هاتف او مثل مفردات العلامة اللبناني عبد الله العلايلي في البنية الفوقية والبنية التحتية والبيولوجيا التي عربها كالآتي النهائض والخفائض وعلم الحياوة .

عقدة الخواجة
الايلافي -

العولمة ليست قدرا مقدورا وما كتبته الاخت رولا دليل على الهزيمة النفسية الذين روجوا للعولمة ذهبوا بهزيمة بوش والانهيار الاقتصادي الكبير اليوم هنا قوى جديدة صاعدة الصين والهند وليست لديها عقدة الخواجة ؟!!

عقدة الايلافي
جميل رزوق -

عقدتك يا معقد زمانه انك تظن ان العالم كله كا يؤازر بوش ويوافقون على مافعله, القي نظرة من فوق اكتافك لترى حقيقة العالم, انتم لديكم عقدة إسمها الحق والتقدم والمنطق, والقوى الصاعدة (الصين) لا تستطيع جمع مالها من امريكا وروسيا وهي ومئات المليارات ناهيك عن مشكلة الانفجار السكاني التي كبرت عقل حكومات الصين, والقوة الصاعدة الاخرى الهند, فنسبة الفقر فيها فاقت 35%, وكلاهما مستعدان للتعامل مع امريكا وروسيا فورا, ففسر لنا عقدكم التي لا اول لها ولا اخر ,والان هل اصبحت محللا إقتصاديا, يا ذي السبع صنايع؟