كتَّاب إيلاف

انعكاسات التشدد الإسرائيلي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تَمضي حكومة نتنياهو في تصعيدها السياسي، وتعنتها في المواقف المتعلقة بالاستيطان، واشتراطها اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة، ثم التذرع بانعدام الشريك الفلسطيني. وعلى صعيد المفاوضات مع سوريا حول الجولان تَصْدر أصواتٌ من حكومة اليمين برفض الانسحاب من الهضبة؛ لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية.
ولعل آخر تلك المواقف ما صرح به نتنياهو؛ إذ قال إن حكومته لا تعتزم تفكيك أي من المستوطنات القائمة في الضفة الغربية المحتلة، وأن الانسحاب من المستوطنات في قطاع غزة خطأ لن يتكرر، في إشارة إلى المستوطنين الذين قد يتم إجلاؤهم من الضفة الغربية المحتلة في إطار اتفاق دائم مع الفلسطينيين.
ولم تخلُ نبرة وزراء في حكومة نتنياهو من تحدٍ واضح للإدارة الأمريكية، فيما يتعلق بتجميد الاستيطان، ولا سيما في القدس ومحيطها؛ ففي جولة لوزير الداخلية إلي يشاي في المنطقة المسماه " E-1 " التي تصل مدينة القدس بمستوطنة معاليه بصحبة رئيس الكنيست رؤفان ريبلين قال:" سنبني في معاليه أدوميم والكتل الاستيطانية الأخرى، وأي تحديد للبناء هنا يعتبر مساسا بالسيادة الإسرائيلية؛ لذلك سنواصل البناء رغم المعارضة الأمريكية، وهناك تعهدات سابقه قدمتها الإدارات الأمريكية السابقة تسمح لنا بالبناء في الكتل الاستيطانية، ولا معنى لقيام الأمريكيين حاليا بخرق هذه التعهدات."
وأما رئيس الكنيست ريفلين فقد قال، وَفْقا لصحيفة معاريف،:" إن السياسة الأمريكية الرافضة لفكرة البناء في المنطقة " E-1 " تشكل تهديدا للقدس ومستقبلها؛ لذلك نحن ملزمون بإظهار موقف صلب لا يقبل المساومة أمام الولايات المتحدة والإيضاح لهم بأن أي مس بالتواصل الجغرافي بين القدس ومعالية أدوميم من شأنه أن يحول معالية أدوميم إلى جزيرة معزولة مثل جبل " هتسوفيم " في خلال الفترة الواقعه بين عام 1948- 1967."
والسؤال كيف ستنعكس هذه المواقف على المنطقة؟
كأنَّ جميع الأطراف اللاعبة في المنطقة تُضْمر نِيَّاتٍ بتجاوز هذه الحكومة؛ بعدم اتخاذ أية مواقف، أو القيام بأية أعمال من شأنها الإسهام في تقديم الذرائع لها، أو التخفيف من عزلتها، حتى الأطراف غير المنخرطة في عملية السلام لا تقابل هذه المواقف الإسرائيلية بمثلها، بل قد يكون العكس هو الحاصل، ومن ذلك مواقف حماس التي تتجه باستمرار نحو المساعدة في الجهود الدولية المبذولة، أو على الأقل لا تعمل على إعاقتها، ولعل آخر المؤشرات اللافتة في هذا الاتجاه ما صرح به يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية؛ إذ قال:" إن حركة حماس مستعدة للتعامل بشكل إيجابي مع خطة السلام التي يسعى الرئيس باراك أوباما إلى بلورتها قريبا ما دامت تتضمن اعترافا بالحقوق الفلسطينية."
وكان محمود الزهار القيادي في حركة حماس قد أكد الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في القاهرة، عقب لقائه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، أن حماس قد لا تمانع في حضور مؤتمر للسلام؛ إذا كان يضمن تحقيق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.
هذا فيما يتعلق بحماس، وأما فتح فقد شهد مؤتمرها السادس تعزيزا واضحا لسلطة "أبو مازن" الذي طالما عَرَف تشكيكا إسرائيليا بقدراته على السيطرة على الضفة، حتى طال تشكيكُهم قدرتَه على ضبط حركة فتح التي يتزعمها، وقد جاء نجاحُه في عقد مؤتمر الحركة السادس في بيت لحم، وتتويجُه زعيما لها، وفوز غالبيةٍ من أعضاء اللجنة المركزية مؤيدةٍ له، ولمساره التفاوضي، ضربةً قوية لتلك الدعاوى الإسرائيلية، وإسقاطا لتلك الذرائع، ولما أدركت تلك الجهات الإسرائيلية ذلك، لم تملك إلا أن تشن حملة على المؤتمر تتهمه بالتشدد، وتحذر من المواقف التي أقرها، ومن بينها استبقاء خيار المقاومة المتفقة مع الشرعية الدولية.
وإزاء هذه المواقف الإسرائيلية غير المهتمة بـ"استحقاقات السلام" تُبدي السلطة مواقف صُلْبة لم تكن تصر عليها بهذا القدر حين كانت تفاوض حكومة أولمرت وفق خارطة الطريق، ومقررات أنابوليس، على الرغم من كون تلك الحكومة لم تكن قد أوقفت الاستيطان، وقد أعرب نائب وزير الخارجية داني أيالون عن أسفه لـ" وضع الطرف الفلسطيني شروطا لاستئناف المفاوضات لم يضع مثلها إبان ولاية حكومة إيهود أولمرت السابقة." ولا تبدو إدارة أوباما جادة في الضغط على الجانب الفلسطيني لحمله على التراجع عن هذه الشروط.
تلك بعض آثار المواقف الإسرائيلية المتشددة على الساحة الفلسطينية؛ فهل لها آثار على الإسرائيليين أنفسهم؟
انعكاسات التشدد على المجتمع الإسرائيلي:
للمجتمع الإسرائيلي طبيعته الخاصة، وشخصيتة المعقدة؛ إذ في الوقت الذي تعلو فيه أصوات مؤيدة للمواقف التي تتخذها حكومته؛ فإنه في الوقت نفسه، لا يستطيع أن يتجاهل القلق الذي ينتابه من توتر علاقته مع محيطه العربي والفلسطيني، وقبل هذا علاقته غير المزدهرة مع الولايات المتحدة؛ ولذلك فالمرجح أن ترضخ حكومته، على يمينيتها، لحلول وسط. وقد نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" تصريحات لزعيمة المعارضة، تسيبي ليفني، خلال كلمة لها في مقر حزب كاديما قالت فيها:"إن مئات آلاف الإسرائيليين يشعرون منذ تشكيل حكومة نتنياهو باليأس. وأضافت إن مئات آلاف الإسرائيليين أخذوا الآن يبحثون عن جنسية أخرى وجواز سفر أجنبي، مع البحث عن ترتيبات لتعليم أبنائهم خارج إسرائيل، أو شراء شقة في دولة أجنبية."
وفيما لو بلغ التشدد الإسرائيلي مداه، واستمرت هذه الحكومة في المماطلة وفرض الوقائع التي تجعل من قيام دولة فلسطينية أمرا عسيرا؛ إن لم يكن مستحيلا؛ فثمة مخاطر أبعد مدى تحدق بإسرائيل؛ إذ يتوجب عليها النظر في كيفية التعامل مع هذه القنبلة الديمغرافية: الفلسطينيون في الضفة وغزة، فوق عبئها الذي لا تطيقه، أصلا في الداخل. فهذا التشدد الذي تنتهجه حكومة نتنياهو يهدد حل الدولتين، وقد يُلجىء إلى حل الدولة الديمقراطية الواحدة، وزعماء إسرائيل يدركون خطورة ذلك، ويفرون منه فرارَهم من حتفهم؛إذ يغدو مشروعهم المتمثل في الحفاظ على إسرائيل دولة لليهود مهددا؛ لذا فإن الحل الأقرب إلى أهدافهم هو حل الدولتين، لكنهم يحاولون قدر المستطاع تفريغه من مضمونه، بحيث لا يعدو كونه كيانا فلسطينيا ذاتيا.
ولا تتوقف الانعكاسات الناجمة عن التشدد الإسرائيلي على الساحة الفلسطينية، وإسرائيل؛ إذ تشهد المنطقة العربية، ومحيطها إعادة اصطفاف، وتعيد أمريكا النظر عمليا في علاقتها مع دول كانت إسرائيل تصر على عزلها، أو معاقبتها، وهذا واضح في تكثيف الزيارات الأمريكية الرسمية إلى سوريا، والتعاون معها في ملفات متعددة، منها العراق، ومنها لبنان؛ وليس بعيدة آثارها على فلسطين؛ فقد استعادت سوريا مكانتها المتميزة في لبنان، وتحسنت علاقتها مع معظم الأطراف اللبنانية، وطوت صفحة العداوة مع أعداء الأمس، كما هو الشأن مع الزعيم اللبناني وليد جنبلاط، ونحن نشهد على الساحة الفلسطينية تغيرات واضحة في مواقف حماس من عملية السلام.
وعلى صعيد العلاقة مع إيران ما تزال إدارة أوباما تستبقي لإيران دورَها، ولا تسلك معها مسلك التصعيد، وفي آخر المواقف الأمريكية تَبْرِئةٌ لإيران من مساعدة مقاتلي طالبان في أفغانستان.
وأما على صعيد الموقف العربي الرسمي، والجامعة العربية؛ فما زالت الدلائل تشير إلى تمسكٍ بالمواقف المعلنة، ورفض تقديم تنازلات جديدة دون أن توقف إسرائيل الاستيطان، وثمة نبرة واضحة ومتماسكة في هذا الشأن؛ إذ رفض الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحافي مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تقديم أية تنازلات، وقال إن الأسلوب التدريجي لن يؤدي الى حل؛ فالمطلوب مفاوضات على الوضع النهائي.
وفي ظل هذه المواقف الإسرائيلية، وبعد هذه الانفراجات في العلاقات العربية، والانعتاق من المواقف المتشنجة التي كانت تتخذها إدارة بوش الابن، وتعكسها، لا يستبعد العودة إلى إحياء ما كان يسمى بالمحور المصري السعودي السوري، ثم التركي؛ لخلق أجواء ضاغطة، على الجانب الإسرائيلي، مصحوبة بزخم ديبلوماسي إقليمي ودولي، ربما تضطر إسرائيل للحاق به، أو الانصياع له.
o_shaawar@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أسرائيل المخلصة
عراك -

سيدي من العجب ان تعالج المسألة الفلسطينية بهذا المستوي من حسن النية و الظن و عدم العلمية...أن أسرائيل دولة قامت أستنادا على صحة والوهية الدين اليهودي و النص الذي لديهم في ما يسمى التوراة يحدد حدود الدولة لهم لذلك فأي تعديل لهذه الحدود هي خيانية للله و حدوده و أوامره...لذلك من الجهالة و الطفولية الفكرية ان نتوقع منهم غير ذلك...]يجب ان نؤمن و نبرهن و نجعل ألأخرين يؤمنون بان ما يسمى الدين اليهودي الذي هو في التداول هو دين كاذب و ان مايسمى بالتوراة هو مجموعة من أولا و أساسا من ألأكاذيب و ثانيا أنه كتب في بابل لعد سنة 570 ق م و ثالثا انه مجموعة من ألأفكار و الكتابات التي ليس لني أسرائيل اي دور في أنشائها و كتابتهابل كانت متداولة في العراق و الهلال الخصيب و جنوب الجزيرة و ان بني أسرائيل هم من عبدة الآله أييل الذي كان يعبد في عدة أماكن بما فيها عمان و جنوب الجزيرةكما ان هؤلاء القوم أسموا ألأههم ب يهوه وعند كتابة ما يسمى بألتوراة لم يدعوا انه منزل ولم يكونوا موحدين على ألأطلاق الى ان جاء أللأسلام الذي فرض التوحيد عليهم كما يستشف من كتابات فرقة الوراقين التى ثارت على رجال الدين اليهود بعد حوالي 100سنة من ظهور الأسلام...ان ما لدينا من التوراة مجموعة ملفقة مسروقة مختلقة متناقضة كاذبة محرفة مزورة مستعارة من ألأفكار جمعت و الف منها كتاب بعد سنة 532 ق م و سقوط بابل امام الفرس و بالتعاون ما سمس باليهود للأنهم من منطقة يهودا في فلسطين و ليس بسبب دين اسمه اليهودية آنذاك ومن الملاحظ أن هذا الدين خاص بهم و الآله يهوه هو اله ضمن آلهه أخرى و لكنه خاص ببني أسرائيل الذين هاجروا من جنوب الجزيرة بعد سنة 1400 ق م و هي الفترة التي شهدت وفاة الفرعون أخناتون وهو الفرعون الذي فرض توحيد جميع ألهه باله واحد في مصر وكان رئيس الكهنة الموحدين رجل يدعى موسس الذي هاجر الى سيناء بعد و فاة الفرعون أياه و ألأنقلاب الديني الذي حدث بعد ذلك مباشرة