كتَّاب إيلاف

الفيدرالية الثقافية في العراق

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يتحدث السياسيون وا لاداريون في العراق عن الفيدرالية فكرة ومشاريع وفلسفة، وتطرح في الاثناء صور للفيدرالية، فهناك الفيدرالية القائمة على أساس جغرافي، وغيرها القائم على أساس عرقي أو قومي، وثالثة قائمة على اساس لغوي، فهناك الفيدرالية الاقتصادية والفيدرالية الأدارية والفيدرالية الجغرافية وهكذا، ولكن هناك إغفال لفيدرالية أخرى، ذات هوية أخرى، إ نها الفيدرالية الثقافية إذا صح التعبير، والذي اقصده بالفيدرالية الثقافية حق كل مكون ثقافي بالحياة والنمو والانتشار والتطلع، فاللمسلمين ثقافتهم المتيزة، وللمسحيين كذلك، وبالمثل للصابئة، وطبق ذلك للاثورين وا لشبك والأيزيدين، ومناظرة للعرب والتركمان والاكراد، وهكذا مع كل مكون من مكونات الشعب العراقي، والفيدرالية الثقافية تعني التعامل والتعاطي مع هذا التنوع على أسس مدروسة وموضوعية، تتناسب مع الحق العام للإنسان.
هذا هو ما أقصده بالفيدرالية الثقافية، وفي الحقيقة ليس با لضرورة تبني مشروع الفيدرالية القائمة على اساس قومي يحفظ كيان الفيدرالية الثقافية، فطالما تُعتمَد الفيدرالية القومية كحدود جغرافية ليس إلا، أمّا الحقوق الثقافية فتعاني القهر والقمع، فيما إقرار وتكريس وانتصار الفيدرالية الثقافية يشكل ضمانة لتحقيق الفيدرالية القائمة على أي اساس من الأسس، إذا لم يكن اليوم فغدا، وإذا لم يكن بجهود الجيل الحاضر فبجهود الأجيال الآتية.
الفيدرالية الثقافية من أهم معالم الحكم الديمقراطي، ومن أهم معالم السياسة الحضارية، المنسجمة مع طموحا ت الانسان وكرامته، وفي العراق حيث الديمقراطية الوليدة ينبغي لصناع القرار السياسي الالتفات إلى موضوعة الفيدرالية الثقافية هذه، لأن العراق من أكثر بلدان العالم تزدحم مساحته بالثقافات المتنوعة.
إن الاعتراف بثقافة هذه المكونات من قبل صناع القرار السياسي، او من قبل نظام الحكم في العراق لا يكفي كما يتصور البعض، وكثيرا ما نسمع من الأكثرية بأنها تحترم حقوق الاخر الثقافية، بل هناك ما هو اهم من الاحترام هذاhellip;
إن الخطوة الاولى هي الاعتراف بثقافة كل المكونات بلا تمييز وبالا تفضيل وبلا تغليب بأي شكل من الأشكال، وإذا كان هذا الاعتراف يضمن الجانب القانوني لهذه الثقافات بداية، فإن الخطوة الثانية هي حماية هذه الثقافات من كل محاولة تريد الاستحواذ على الحق الثقافي في البلد، وكل محاولة تريد أن تجعل من ثقافة ما هي السائدة، وهي القيِّمة، وهي الفيصل، بحجة الاصالة أو حجة الأحقية الدينية والايدوجلية أو أ ي حجة أخرى، بل الفيدرالية الثقافية تعني ما هو أكثر وأعمق، فإن الدولة مسؤولة عن تعميق الحس الثقافي الخاص بكل مكون من مكونات الشعب العراقي، على أساس أن ذلك جزء لا يتجزا من تراث العراق، ثم العراق نفسه، وبذلك نصنع مجتمعا يصدق عليه بحق أنه مجتمع متعدد الاعراق وا لاديان والمذاهب، يشعر بالتماسك الاجتماعي، ويثمن السلم الاهلي، فمن حق كل ثقافة أن تبذل الدولة من المال العام على تنمية أصولها، وترقية مستواها، وحفظ تر اثها، وإ شاعة مفاهيمها وقيمها في وسطها الديمغرافي، وعلى أرضها، وفي مدنها، وقراها، وأن يكون لها حظ من مساحة التعريف بالثقافة العراقية بشكل عام في كتب التربية وا لتاريخ، وبالتالي، يشخص بكل وضوح واجب الدولة في محاربة ومعاقبة كل من يسيء إلى ثقافة الأخر، مهما كانت هذه الثقافة متخلفة أو سلبية أو باطلة في نظر هذا المتجاوز.
الفيدرالية تدخل في صميم الشعب، وتتغلفل في تضاعيف مكوناته، فهي ليست بالضرورة محصورة في منطقة جغرافية محدودة، فمن الطبيعي جدا أن يتواجد الكردي العراقي في منطقة يغلب فيها العرب، بل هي منطقة عربية بامتياز في نطاق الجغرافية العراقية، كذلك بالنسبة للعربي قياسا للاكراد وغيرهم من القوميات، وقس على ذلك فيما يخص المكونات الدينية والمذهبية.
الفيدرالية الثقافية تشكل أحد أركان الأمن القومي العراقي، فإن تسييد ثقافة على ثقافة، وتغييب أي ثقافة من ا لثقافات التي تؤسس المشهد الثقافي العراقي العام إنما هي محاولة لتصديع الجبهة الداخلية، وخلق العداء والكراهية بين أبناء الشعب الواحد، ثم يؤدي مثل هذا الموقف إلى نشوء نظريات التعصب وا لشوفونية، مما يولد معه نزعة إرهابية إنتقامية، تكسب هوية ثقافية مقيتة قاسية، مما ينبتها في الضمائر والوجان.
إن القمع الثقافي من أقسى أنواع القمع الذي يعاني منه الإنسان اليوم، وهو احد اسباب الفوضى التي يعاني منها العالم، الفوضى الأمنية بشكل خاص، وليس من شك كان لسياسة الديكتاتورية التي انتهجها النظام العراقي السابق ضد ا لثقا فات الاخرى، بحجّة الحفاظ على وحدة الوطن، وتجنيبه شر التشظي، وسيادة الثقافة الانقىhellip; كان لها الاثر السيء في ما وصل إليه الوضع في العراق اليوم.
الدولة العراقية مدعوة حقا إلى تكريس مشروع الفيدرالية الثقافية في العراق، باشراف لجان متخصصة من كل منتسبي الاديان والقوميات والطوائف، وعندها سيكون نموذجا راقيا للديمقراطية في المنطقة، بل العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
دعاية رخيصة
ابو ياسر -

ان السيد الكاتب يريدنا ان نصدق بان العراق دولة تنعم باعلى مراتب السيادة والاستقرار ولاينقصها سوى فدرالية ثقافية للحفاظ على وحدة الوطن، وتجنيبه شر التشظي، وسيادة الثقافة الانقى ..ان البلد قد تشظى من اول يوم تحدثتم به عن الفدرالية المقيتة وادخلتموها في دستوركم العظيم في غفلة من الزمن وبعون المحتل وانصاره وعملائه والذين يريدون تمزيقه اربا اربا ولم يكتف الكاتب بتعداد الفدرليات التي يتحدث عنها السياسيو والاداريون ...!! فيقول ولكن هناك إغفال لفيدرالية أخرى، ذات هوية أخرى، إ نها الفيدرالية الثقافية وفيها يصف لنا الدواء الشافي لبقية مشاكل البلد ان وجدت ..اصحوا ايها الاخوان ان مثل هذا الترويج والدعايات لايمكن ان تنطلي على اي عراقي شريف بعد ان تكشفت كل الاوراق وبدون حياء لما يحصل في هذا البلد العريق في الحضارة والعلم والثقافة من خراب ودمار وفساد منظم

فليبشر العالم
ام يحيى -

ان مثل هذا المشروع العظيم يجب ان يوصل وباسرع وقت الى الحكومة العراقية واقترح على جناب الكاتب ان يرسله فورا الى مكتب السيد المالكي او الى مجلس النواب ولزيادة السرعة والاهتمام يفضل رفعه الى مكتب السيد الرئيس مام جلال مباشرة ليس من اجل العراق والمنطقة فقط وانما من اجل العالم حتى يعم الخير والرفاه على الكرة الارضية ونعيش بثبات ونبات ...اللهم الهم عقولنا السداد والرشاد

اي ثقافة
هارون الرشيد -

اية فيدرالية ايها الكاتب واي مشهد ثقافي حدثنا عن الخبز والكهرباء وعن الامان هل تشعره في بيتك.سابقا وفي زمن صدام كانت هويتي ودفتر خدمتي العسكرية وهوية الموظف خاصتي لا تفارق جيبي وانا في الشارع .واذا دخلت بيتي اغلقت الابواب والشبابيك . اما الان فالامر اسوء فانت تعتقل لانك سني ويجب الانتقام منك لانك قتلت الامام الحسين قبل ان تولد بالف واربعمئة سنة وانت في الشارع تقتل بالمفخخات الايرانية والحكومة المنتخبةشيعيا ترفض الاعتراف بهذا وتسمي هذا القتل ارهاب القاعدة والصداميين والتكفيريين ((ولا انكر انهم ايضا جزء من الموضوع)).اما الثقافة اليوم فابطالها رواد مجالس العزاء يستمعون فيها الى القصص الخرافية في موضوعها السياسية في مقصدها الاول و تنهي بلم الخمس للسيد.

ترنيمة الجياع
سمير اميس -

ما ان دخل الاحتلال ارض الرافدين حتى دخل معه الكفر والدجل ......والالاف من الكتب والمنشورات والبرامج التلفزونيه التي بدات اولا تروج لثقافة الاحتلال البائسة في ان العراق خليط من الاقوام والطوائف التي لليس بينها رابط, ثم الحلقه الثانيه التحريض الطائفي والاثني والقومي ومباركا من اعلى المرجعيات الدينيه والقوميه لكل الطوائف بلا استثناء,والحلقة الثالثه هي اعادة كتابة التايخ والاحداث اليساسيه بطريقه خادعه ومزيفه من ان حكم العراق كان سنيا طوال 80سنه واليوم يجب ان تنهض القوميات والطوائف الاخرى لتاخذ حقوقها,والحلقه قبل الاخيرة تاجيج الصراع الطائفي على الارض لتكتمل حلقات المسبحه في ان الفدراليه هي الدواء لكل داء .وانبرى هؤلاء المروجون لهذه الثقافه المسخ في شرح التجارب السويسيريه والامانيه في الفدراليه .وللرد على اوالئك اقول ان المانيا كانت دوقيات وكانتونات توحدت في عهد بسمارك بنظام فدرالي وكذالك سوسيرا مجموعه من القوميات توحدت في هذا النظام الذي كفل الحريات والاحترام وحقوق المواطنه والعيش الكريم .اما في العراق فالامر معكوس جملتا وتفصبلا فالعراق كان موحدا ولم نسمع باي تناحر بين مكونات الشعب العراقي الاماتدعيه زورا وبهتانا الاحزاب المرتبطه باجندات اجنبيه بل ان قوة العراق في وحدته وسلامة اراضيه ومياهه للوقوف بوجه الاطماع الخارجيه .وبعد ان قال الشعب العراقي كلمته في رفض الفدراليه والقنيله الموقوته التي ستحرق العراق واهله وكان سقوط اكبر دعاته وفشلهم في الانتخبات الماضيه .عاد البعض الى لعبة الدس والخديعه من جديد لعلها تنطلي على الشعب الاذكى ولوانه مغلوب على امره, في فدراليه ثقافيه واداريه وجغرافيه وووو...المهم ان وراءها الاحتلال والمتصيدون للفوز بكراسي جديده وليست نابعه من اراده الشعوب فهي مرفوضه رفضا قاطعاوالاجدى هومساعدة العراق في التخلص من الامراض التي المت به بدلا ترنيمة زبد الوعود المداف في عسل الفدراليه

الله يهديك
سميرة الرماحي -

لما خاب رجاءهم بشرذمة العراق وطنيا وسياسيا من خلال احابيل الفيدرالية جاء اليوم صاحبنا بفيدرالية ثقافية وانا اتحداه ان يأتي بمثل هذا النموذج في اية نظام فيدرالي .. الثقافة العراقية لا تفدرل واذا كان كل العراقيين ما شاء الله يعتزون بالثقافة العربية ويكتبون بها ويتحدثون من خلالها فما وجه القمع ؟ حتى في الغرب كل العراقيين يستخدمون الثقافة العربية الكردي والسرياني والاشوري والتركماني .. فهي وسيلتهم الى كل العالم . اتق الله يا اخي الشابندر وعيب مثل هذه الخزعبلات يبدو انكم لا شغل ولا مشغلة الا كتابة خرابيش للناس دع العراقيين وثقافتهم الواحدة الرائعة بكل انسجامها ولا تخلق جدرانا عرقية وطائفية باسم الفيدرالية والله يهديك شكرا للعزيزة ايلاف

انت فين والحب فين
ابو عيون -

لماذا لا تتكلم عن واقع الحال للفرد العراقي بدلا عن الفدرالية التقسيمية او كما سميتها الثقافية.. اين دور العلم اين هم المثقفون اين الاطباء. انت تكتب وكأن العراق سويسرا .ارجو ان تكون واقعي بما تنشر .. .. لان هموم العراقي اكبر ..

فخار يكسر بعظة!!
مستر بيف السعودي -

من حق الاكراد ان يطالبوا باالاستقلال وكذلك انا اؤيد فدرالية في الجنوب تحت الحكم الايراني....اما اهل الغربية بارك اللة فيهم لهم بغداد وماجاورها

فيدراليةالثقافةالدين
ابوالمجدالعيساوي -

ان الحديث عن الثقافة يتقسم الى حديث عن ثقافة فردية تمس هوية الفرد الذاتية وتشمل كل مايكون هذه الهوية من معتقدات وافكار تمثل هوية في السلوك الفردي وثقافة جماعية وهي تمثل ثقافةمجتمع تكونه جملة من المعتقدات الدينية والتوجهات السياسية والامؤثرات الاقتصادية والتربية الاجتماعية والمناخ والجغراقية والتاريخ واللغة كلها تسهم في تكوين الثقافة الجماعية. والدارس لثقافة المجتمع العراقي يجد ان الثقافة الدينية تاخذ الحيز الاكبر من السلوك الجماعي وتؤثر فيه تاثيرا مباشرا ولذلك نجد ان الثقافة الدينية تضرب بكل جذورها التاريخية في عمق الثقافة العراقية بحيث اثر ذلك تاثيرا مباشرا على التوجهات السياسية ورسم خارطة طريق تنم عن هذه الهوية في كثير من مشاريعها المعلنة لذلك كان لتأثير الثقافة الدينية دورا كبيرا في محاولة ارساء وترسيخ الطائفية السياسية التي هي نتاج طبيعي لثقافة ديتية سائدة في مجتمع عربي تربى لقرون طويلة في تمثيل الهوية الدينية في السلوك الجماعي وفي هيكلية المجتمع المدني. لذا فأني لااجد في الفيدرالية الثقافية سوى تقسيم طائفي ديني قائم على اساس ثقافة دينية شيعية واخرى ثقافة دينية سنية اما الثقافة الكردية فلها خصوصية الانصهار البوتقي بكل هذه المؤثرات وتبقى اللغة كطابع قومي خصوصي لها ثقل التاثير في هذه الثقافة الفيدرالية المقترحة.

مالكم كيف تحكمون
ياسر نوري -

عندما كان الإمبراطور الياباني يعلن إستسلام بلاده كان العلماء اليابان يخططون لتطوير مستقبل اليابان. للأسف الشديد فإن كثيرا من المعلقين لم يرتقوا الى مستوى الكاتب. هو يضع أسس للمجتمع المدني المتحضر وهم يتكلمون عن الحاضر المرير. هو يتحدث عن الفدرالية الثقافية وهم يتحدثون عن الطائفية. هو يطالب بإعطاء كل ذي حق حقه وهم يتحدثون عن الإنفصالية والشرذمة. هو في واد وهم في واد آخر.

لاتعليق
رويدة -

عادة ما اهتم بقراءة التعليقات اكثر من التركيز بالمقال ...حتى اعرف ان كان هذا المقال قد اثار جدلا او لا ...واعترف ان الاخبار الفنية تحوز على نصيب الاسد من التعليقات ..ها انت ابو عمار تسرق الاضواء والتعليقات من الفنانين اليوم ...فعلا انت تكتب في وادي وقرائك في حفرة