كتَّاب إيلاف

أصداء 11 سبتمبر.. دروس لا يجب أن تُنسى

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا يختلف الزلزال الذي ضرب نيويورك وواشنطون في 11 سبتمبر 2001 كثيراً عن غيره من الزلازل، وإن كان ما ترتب عليه وكشف عنه، أبعد أثراً وأعمق غوراً.. فأي زلزال لا يقوم فقط بتدمير ما هو قائم من أبنية، وإنما يكشف بالتبعية عن نقاط الضعف فيما هو قائم، وما كان ينبغي (لولا الغفلة) أن نزيله، قبل أن ينهار في أي لحظة على رؤوس من فيه.. حدث هذا بجلاء في الزلزال الذي ضرب مصر في التسعينات، وتصدعت وانهارت من جرائه آلاف الأبنية القديمة والمتهالكة، والتي كان من المتصور قبل الزلزال أنها سليمة وجديرة بالبقاء.. فرغم التدمير الهائل والمأساة الإنسانية التي ترتبت على ما أقدم عليه نفر، ممن يسهل علينا وصمهم بالتطرف أو حتى الهوس والجنون، إلا أن ما كشفت عنه تلك التفجيرات الدامية، أهم وأخطر بكثير من غبار التدمير ودماء آلاف الضحايا.. دروس عديدة تعلمناها، أو من المفترض أننا تعلمناها ووعيناها جيداً.. وأن ننساها، أو نغفل درس أو أكثر منها، هو جريمة أخرى أكبر وأعظم، ليس في حق دولة أو شعب بعينه، بل في حق الحضارة التي أسسها الإنسان عبر آلاف السنين.. ولنحاول إجراء مسح أو عرض سريع لأصداء ودروس ذلك اليوم:
bull;سقط في هذا اليوم التصور بأن الشعب الأمريكي المحاط بالمحيطين الأطلنطي والهادي، في أمان مما يجري في العالم، وأن تدخله فيما يحدث في العالم الخارجي، له درجة ثانية من الأولوية، تلي أولوية الأمان.. فبموجب الدرجة الثانية من الأولوية، يتدخل الأمريكي لتأمين التجارة وموارد الطاقة، أو لمساعدة العالم الخارجي على ترتيب حياته وفق أسس الليبرالية ومعايير حقوق الإنسان، من منطلق رسالة إنسانية أمريكية تجاه العالم.. مثل تلك الأسباب مهما كانت وجاهتها وأهميتها وإيمان الشعب الأمريكي بها، تظل دون قضية الأمان الشخصي لشعب، يتصدر قيادة الحضارة الإنسانية في مرحلتها الراهنة.. هذا هو الدرس الذي قدر لجورج بوش الابن أن يتصدى لحمل أمانة العمل بموجبه، ما جلب عليه انتقادات، أو حتى لعنات من يعجزون عن استيعاب ذلك الدرس، ناهيك عن نقمة من تطلب الدرس توجيه صفعات على وجوههم، أو تطلب وضعهم خلف قضبان جوانتانامو.. وأن ينسى أو يتناسى الشعب الأمريكي والعالم الغربي ذلك الدرس الآن، تحت تأثير ما يتكبدون في مختلف كهوف الإرهاب من خسائر..هذا النسيان أو التناسي هو بمثابة تمهيد لغزوة أخرى مباركة، على ذات النمط السبتمبري وربما أشد قسوة.
bull;إذا كانت أفعال التدمير في 11 سبتمبر قد أمكن نسبتها إلى تنظيم محدد، فإن ردود فعل الشارع في مختلف بقاع الشرق الأوسط، الذي أقام الاحتفالات العلنية أو السرية، سعادة وابتهاجاً بالدماء الغزيرة التي سالت، تكشف بجلاء أن الأمر ليس أمر عصابة من المجرمين أو المأجورين، فهؤلاء مجرد نخبة أو صفوة شعوب قد تشبعت حتى النخاع بالكراهية والعداء، لكل ما هو غربي وكل ما هو متحضر، لأنه عد في شرع تلك الشعوب، بمثابة إهانة للمتخلفين وتخلفهم، وللعاجزين وعجزهم.. مع هذا الاكتشاف تسقط نظرية محاربة الاستبداد الشرقي، ومحاولة الغرب ترويج الديموقراطية في الشرق، باعتبار الحكام الشرقيين الراديكاليين والطغاة هم أعداء شعوبهم وشعوب العالم أجمع، وأن الأمر إذا ترك لشعوب الشرق، فإنها ستهرع للالتحاق بركب الحضارة، أو جرياً وراء مبدأ "الديموقراطيات لا تتصارع"، مع تطبيقة بسذاجة منقطعة النظير، كما حدث في غزة على سبيل المثال لا الحصر.. فما وضح جلياً بعد أحداث 11 سبتمبر، أن العدو الحقيقي للغرب وحضارته، ليست الأنظمة الديكتاتورية الراديكالية، بقدر ما هي الأنظمة المتخلفة والمغلقة، والتي تتحول الشعوب في أحضانها إلى ذئاب مسعورة، تسعى إلى سفك الدماء، أي دماء وكل دماء.. حتى ولو دماء تلك الشعوب ذاتها.. لا أظن أن بوش وإدارته قد وعوا هذا الدرس جيداً، وإلا لما ركزوا فقط على ضرب الطغاة في أفغانستان والعراق، متصورين بسذاجة منقطعة النظير، أن ترك الشعوب لنفسها، كفيل تلقائياً بتأسيس حالة جديدة، تترعرع فيها الحداثة والتحضر.. فكان ما كان، من استفحال الكراهية وسفك الدماء، وقد أخلي ما بين الشعوب التي تربت على الكراهية وشهوة الدماء، لتعمل في بعضها البعض تقتيلاً.. لتمتد النيران إلى مواقع أخرى، مع كل مساحة حرية تستشعرها شعوب الشرق.. فهل فات الوقت ليدرك الغرب أن كل ما فعلوا، هو أنهم أتاحوا الفرصة لصراع الفاشيات بينها وبين بعضها البعض، وأن هذا لا يمكن أبداً أن ينجب حداثة أو حضارة أو أمان للمتحضرين؟
bull;كانت واشنطون -وربما مازالت- مشغولة بما عرف بمشروع حرب النجوم، والذي يتضمن تسليح الفضاء بصواريخ مضادة للصواريخ، تحت تصور أن هذه الصواريخ تضمن الأمان للشعب الأمريكي، يضاف للأمان الذي تحققه المحيطات وبعد المسافة بينهم وبين العالم القديم.. الآن وبعد ما خاضته جيوش التحالف الغربي في أفغانستان والعراق، يتضح أن جيوشهم لا تحتاج إلى التفوق في حرب النجوم، بل في حرب الكهوف.. فالعدو الذي يهددهم لا شأن له بالنجوم، وإنما بالكهوف، وسلاحة ليس الصواريخ العابرة للقارات، وإنما السلاح الأبيض أو الأسود، والمتفجرات التي يتمنطق بها الاستشهاديون.. وهذا بالتحديد ما لا خبرة لجنود وجيوش الغرب به، ما أدى إلى أن تتلاعب بهم عصابات من الحفاة، الذين يجيدون التمترس في كهوف الجبال، والانقضاض والفرار السهل وقتما يشاءون.. هو إذن قلب لاستراتيجيات الدفاع الغربي رأساً على عقب، هو فضح لاستراتيجيات مفارقة للواقع، وفاشلة بجدارة في التنبوء بنوعية الأعداء وطبيعة المعارك المستقبلية.
bull;رغم أن الكثيرين قد هللوا بعد 11 سبتمبر لصموئيل هنتنجتون ونظريته "صدام الحضارات"، باعتبار ما حدث هو تحقيق لها، إلا أن هذا فيما نرى درس مغلوط، فالدرس الحقيقي معاكس لهذا تماماً، فلقد أسس صموئيل هنتنجتون نظريته على أساس تصادم حضارات متعددة، نسبها إلى أعراق متعددة، وأيديولوجيات متباينة.. بالتأكيد ليس هذا ما أسفرت عنه أحداث 11 سبتمبر، فمن قام بهذه التفجيرات، ومن كانوا الأرضية التي نبتت فيها أفكار هؤلاء، ومن زودوها بالإمكانيات المادية والبشرية، لا يمكن أن يحسبوا على أي حضارة.. هو صدام التخلف مع الحضار بصورة عامة، وليس أبداً صدام بين حضارات متباينة.. فإن كان هناك من صدقت نبوءته فعلاً، فلن يكون صموئيل هنتنجتون، وإنما هو الفيلسوف الأمريكي اليساري هربرت ماركيوز، الذي تنبأ في الستينات، بأن المهمشين في العالم، سوف يقومون لتحطيم الحضارة الراهنة على رؤوس المتحضرين.. هذا هو ما تحقق بالفعل، رغم اختلاف أسباب معاداة مهمشي هربرت ماركيوز للحضارة، عن الأسباب التي دفعت مهمشي الشرق الأوسط لمعاداتها.. فعند هربرت ماركيوز أن الحضارة الراهنة التي تخلق الإنسان "ذو البعد الواحد"، بديناميكيتها الإستهلاكية، هي التي همشت الفقراء، وتزداد في تهميشهم كلما تسارعت دورة عجلاتها.. أما مهمشو الشرق الأوسط، فوراء تهميشهم عجزهم عن مجاراة الحضارة، وعجزهم عن امتلاك مقومات الالتحاق بها، مصحوباً بعداء أيديولوجي، يتركز على العداء الأصيل لقيم الحضارة، بذات قدر التركيز على العداء الذاتي الشخصي لشعوب، تم اعتبارها تجسيداً للمضاد، أو بالتعبير الدارج اعتبارهم أعداء لله، لا مجال للقاء أو التوافق معهم، إنما هو القتل والقتال ولا شيء سواه.
لا أظننا في هذه العجالة قد أنجزنا ما وعدنا به من تعداد لدروس 11 سبتمبر 2001، فالحدث عظيم وجلل، وما كشف عنه خطير وكثير ومتشعب، ويحتاج إلى جولة أو جولات أخرى.
Kghobrial@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الحقيقه -the fact
كريم -

دلوني على دوله اوحزب دينى ذو نزعهتكفيريه-قدمت اي شي للبشريهففط مشهورون -الارهاب-القتل- التكفيرالاستعلاء على الاديان الاخرى-وهم في الحقيقه عاله على البشريه-لافكر ولا انسانيهولاتحضر

رسالة توعية مهمة
أحمد -

أستاذ كمال غبريال مقالك هذا يجب أن يترجم وينشر في أشهر الصحف الغربية فهو رسالة توعية مهمة جدا يجب على الغرب أن يقرأها ويستوعبها قبل فوات الأوان ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه

عصابات الحفاة
لاجئ -

اذا كانت عصابات الحفاة التي تتكلم عنها تزوع الخوف والرعب في قلوب الغزاة فهذا دليل واضح على انهم هم الارهابيين والقتله

أفيقو أيها الغافلون
س . السندي -

مخالف لشروط النشر

واسرائيل!!
مستر بيف السعودي -

لن يستقر العالم الا بالقضاءعلى الجماعات المليشياوية الارهابية التي لها ضلع مع الموساد الاسرائلي في تفجيرات نييورك والعراق...ويجب تجفيف منابع الارهاب التي تدعو لابادة البشر

الدرس الأول
رمضان عيسى -

بالاٍضافة الى ما ذكرت فاٍن الدرس الأول والأساسي الذي يجب أن يتعلمه الجميع من هذه الأحداث ، وهذا الدرس لم يخطر على بال أحد لا من المفكرين الليبراليين ولا الاصلاحيين الشرق أوسطيين ، وهو تدريس الفلسفة ، وخاصة فلسفة الماركسية اللينينية ، أي المادية الجدلية والداروينية فهي الدرع الواقي ضد الخرافة والميثولوجيا . فالفلسفة تبدأبالتساؤل في كل شيء ، وليس عندها شيء مقدس اٍلا الحقيقة ، الحقيقة الواقعية النابعة من التجربة ، من العلم ،. ولأن الديمقراطية والليبرالية تدعو لها الدول التي لها تاريخ استعماري ، فمن الصعب تقبلها ، ولا تمس المقدس الشرقي ، بل تحاوره وتتعايش معه ، وقد تحالفت معه أثناء الحرب الباردة ، وفي أفغانستان والشرق الأوسط . لهذا فان الفلسفة الجدلية التي لها فهم مغاير للأصولية هي الأقدر على صد الأصولية فكريا الدينية منها والشوفينية . الدرس الثاني ايجاد حل للمشكلة الفلسطينية ، ولجم اسرائيل التي أهدرت الكرامة العربية والاٍسلامية ، و لقد أصبحت الساحة فارغة أمام الأصولية . هذه هي الدروس العملية التي من الممكن أن تبعد الأصولية في الشرق .

القبح المغلف
الايلافي -

الكاتب محسوب على التيار العلماني ولكنه كشف نفسه بنفسه واتضح انه كنسي مسيحي متعصب فاشي يغلف عباراته القبيحة بغلاف جميل ؟!وانه لا يقل تعصبا عن قساوسة الكراهية الذين ينشرون القبح في بر مصر وجوها !!ان العنف في مبتداه ومنتهاه غربي وامريكي وصهيوني تحديدا ملا يين المسلمين وغير المسلمين ابيدوا في قارات العالم الخمس ولم تذرف عليهم دمعة واحدة من هؤلاء المارينز وعندما يسقط بعض الغربيين كردة فعل للعنف نرى التباكي على دماء الغربيين والحضارة الغربية لماذا هل دماؤهم دماء ودماء ضحايانا ماء مالكم كيف تحكمون ؟! ان المشكلة الاساسية في غطرسة القوة الامريكية وفي الاجحاف والظلم الذي تمارسه امريكا ضد الشعوب العربية والمسلمة وغيرها ووقوفها مع الكيان الصهيوني ومده بكل اسباب القوة والتدمير والتغطية السياسية على جرائمها ضد المدنيين في فلسطين ولبنان هل الكراهية لامريكا حكر على المسلمين اسألوا يا من كنتم بالامس يساريين وشيوعيين دول العالم الثالث اسيا وامريكا اللاتينية لا بل داخل اوروبا نفسها ؟! بلاشك ان الرحم الحاضنة للعنف هي الغطرسة الامريكية وعدم العدالة والانحياز الجائر الى الكيان الصهيوني وحماية الانظمة المستبدة والفاسدة اضافة الى الغزو المباشر لديار المسلمين سؤال للامهات المسيحيات الامريكيات لماذا يموت ابناءكم من اجل اسرائيل ومن اجل النفط لتنتفخ جيوب كبار الساسة والراسمالين والصناعيين والعسكريين الذين لا يرسلون اولادهم للقتال ؟!!

يعجبني
نهاد مراد -

ان الايلافي يتعصب ويسب ويشتم ويلعن كل الاديان الباقية ثم يطلب من إيلاف ان تحمي(ضيوفها) من الاعتداءات, وهو سيد الاعتداءات وبها يثبت ان تيار التطرف والتعصب الارهابي الاسلامي, يريد يائسا ان يزيح صفة مخترعي ومروجي الارهاب عنهم ولكنه يزيد تاكيدا ان الارهاب صناعتهم ولا يختلف عليها إثنان, وللعلم تعليقه المرقم7 , منشور بالنص على مقالة مجدي خليل ولكن لسبب ما!! لم يقوم محرري إيلاف بوسمها بعبارة مكرر ولو فعل ذلك احدا غير الايلافي لكانت عبارة (مكرر) تبرج على التعليق, ولم يجب لا هو ولا مريض اخر يدعى عبدالله المصري على سؤال مهم, لماذا تعتبرون افغانستان والعراق ديار إسلامية وانتم غزوتموها وإحتليتم اراضيها وابقيتم من سكانها الاصليين نماذج لتتفاخروا بها (بتسامحكم وعدلكم) المزعومين وهي قتل وذبح وإرهاب لا نظير له, وفي السابق تهربتم من الاجابة على سؤال مهم اخر لماذا لم تهاجموا صبيان القاعدة وحزب الله الذين ارادوا العبث بامن مصر ووضعوا اياديهم بايادي العملاء الخارجيين واعداء مصر, والان, اصبحتم اسوا من المعلم يعقوب الذي دوختوا العالم به وانتم فعلتم اسوا مما فعله بملايين المرات؟ فحين لا تستطيعون الاجابة على الحقائق التي تدينكم يبدا مسلسل البكاء والنحيب والعويل الذي يؤكد انكم إنتهازيين ولا تجعل من نفسك موضع سخرية الجميع ولا تتباكى كالاطفال وتطلب حماية إيلاف فامثالك لا يستحقون حتى شم الهواء.نشرتم للايلافي نفس التعليق وبكل العيوب التي بها من سب وشتم والفاظ نابية لا تصلح للنشر, وعاملوني مثله, نشر التعليق بدون تقطيع وحذف دليل على الامانة الصحفية التي طالما تشدقتم بها, فإثبتوا ذلك