كتَّاب إيلاف

قراءة موجزة في تقرير التنمية الانسانية العربية 2016

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تم يوم الثلاثاء من الاسبوع المنصرم إطلاق تقرير التنمية الانسانية العربية 2016م. يتناول التقرير موضوع "الشباب وآفاق التنمية الانسانية في الواقع المتغير".
 وفي مقدمة التقرير، كتبت مديرة برنامج الأمم المتحدة الانمائي "هيلين كلارك" قائلة: "في العام الماضي، اعتمد زعماء العالم خطة التنمية المستدامة لعام 2030م كرؤية لتحويل مسار التنمية للسنوات الخمس عشرة القادمة لبناء مستقبل اكثر سلاما وازدهارا واستدامة وشمولا. وتؤكد الخطة ان الشابات والشبان هم عوامل حاسمة للتغيير، ودورهم محوري لتحقيق التنمية المستدامة. ويعبر عن هذا التأكيد بقوة تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2016م الذي يتزامن نشره مع شروع البلدان العربية في إعداد خططها لتنفيذ خطة 2030م، إذ يدعو الدول العربية الى الاستثمار في شبابها، وتمكينهم من عمليات التنمية".
يأتي صدور هذا التقرير بعد مرور خمس سنوات على احداث الربيع العربي، وهي فترة شهدت جدلا واسعا حول ما حدث من تحولات، وخصوصا حول علاقة الشباب بها. فقد اعتبر بعضهم دور الشباب في عمليات التحول بارقة أمل لنهضة جديدة تقود المنطقة العربية نحو مستقبل افضل، بينما اعتبره آخرون تمردا يجر المنطقة الى فوضى تعرض مستقبلها للخطر.
يسعى التقرير الى تقديم مساهمة متوازنة يتوجه بها الى كل الاطراف الفاعلة المعنية بقضايا الشباب في البلدان العربية ليحفز ويوسع دائرة الحوار الجاد بينها حول افضل وانجع السبل لتعزيز دور الشباب في مستقبل التنمية الانسانية في المنطقة العربية. ينبه التقرير الى ان جيل شباب اليوم اكثر تعليما ونشاطا وارتباطا بالعالم الخارجي، ما ينعكس على مستوى وعيهم بواقعهم وتطلعاتهم الى مستقبل افضل. إلا ان وعي الشباب بقدراتهم وحقوقهم يصطدم بواقع يهمشهم ويسد في وجوههم قنوات التعبير عن الرأي، والمشاركة الفاعلة، وكسب الرزق، ما قد يتسبب في دفعهم الى التحول من طاقة هائلة للبناء الى قوة كاسحة للهدم.
وقد اثبتت احداث عام 2011م وما تلاها قدرة الشباب على المبادرة بالفعل وعلى تحفيز التغيير، واظهرت وعيهم بما تطرحه الاوضاع العامة القائمة من تحديات خطيرة للتنمية وقدرتهم على التعبير عن عدم رضا المجتمعات العربية ككل عنها والمطالبة بتغييرها. كما كشفت الاحداث عن عمق التهميش الذي يعاني منه الشباب، وعن عدم امتلاكهم ادوات التغيير السياسي المنظم التي يمكنها ضمان سلمية التغيير واستدامته. كما اثبتت هذه الاحداث ان حصر الاستجابة لمطالب التغيير بالتعامل الأمني دون التصدي لمعالجة اسبابها يحقق إستقرارا مؤقتا يؤجل دورات الاحتجاج لكنه لا يقلل من إمكانية تكرارها، بل قد يؤدي الى تراكمها لتعود الى الظهور بأشكال وطرق اكثر عنفا.
يشير التقرير الى انه لا يمكن تحقيق التغيير المنشود دون تمكين الشباب انفسهم من توسيع قدرتهم على اتخاذ خيارات حياتية استراتيجية في مجالات لم تكن تتوفر فيها هذه القدرة سابقا، فذلك سيعزز شعورهم بالفاعلية ويحفزهم على المساهمة في عمليات الاصلاح ويرفع مستوى إدماجهم في المجتمع. ويحدد التقرير عدة عوامل متأصلة في المنطقة العربية تعيق تمكين الشباب وتنزع الى اضعافهم، وتمنع تحرير طاقاتهم الكامنة على نحو كامل. ويوجز التقرير اهم تلك العوامل تحت ستة عناوين رئيسية هي: (1) ندرة فرص العمل اللائق، (2) ضعف المشاركة السياسية، (3) انخفاض جودة الخدمات العامة في مجالي التعليم والصحة، (4) سوء ادارة تنوع الهويات في المجتمع، (5) انتشار مفاهيم وممارسات موروثة لا تساوي بين الجنسين، (6) واستطالة الصراعات الداخلية التي تسرق مكتسبات التنمية.        
اشار التقرير الى ان الاستقطاب حول قضايا الهوية في المنطقة العربية يحول الانتباه عن التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها، مع ان المشكلة لا تتمثل في تنوع الهويات – اكانت دينية او عرقية او ثقافية – في حد ذاته، ولكن في كيفية ادارة هذا التنوع على المستوى الاجتماعي/السياسي، وبواسطة القوانين والمؤسسات على مستويي النص والتطبيق. فالاخفاق في ضمان المساواة بين جميع المواطنين يجعل جماعات عديدة من مواطني الدول العربية وقاطنيها عرضة للتمييز والتهميش، واكثر ميلا الى التكتل على اساس مصالح فئوية قد تصطدم بالمصالح العليا المشتركة العابرة للفئات كافة. 
اكدت المشاورات الاقليمية ونتائج المسوح التي اعتمد عليها ضرورة الاهتمام عن كثب بثلاثة ابعاد استراتيجية رئيسية عند النظر في صياغة النموذج التنموي الذي يدعو اليه التقرير وهي:
أولا: العمل على تعزيز قدرات الشباب الاساسية بما يمكنهم من تحقيق اقصى إمكاناتهم، مع التركيز على جودة الخدمات التعليمية والصحية اللازمة لذلك، بالاضافة الى خدمات اخرى تسهم في ضمان حياة اجتماعية كريمة لهم ومستوى لائق من العيش، مثل خدمات الاسكان ودعم العاطلين من العمل وغيرها. 
ثانيا: توسيع نطاق الفرص المتاحة للشباب من اجل تحقيق الذات، اقتصاديا بتوفير فرص عمل لائقة، وسياسيا من خلال احترام حقوقهم وحرياتهم وتمكينهم من المشاركة الفاعلة في المؤسسات الرسمية ومساءلتها، واجتماعيا من خلال مواجهة كل اشكال التمييز على اساس الهوية او النوع الاجتماعي.
ثالثا: العمل على تحقيق السلام والأمن وتعزيز دور الشباب في هذا الاطار لضمان جدوى البعدين الاستراتيجيين الأولين واستدامتهما، إذ من دون سلام وأمن لا يمكن تعزيز قدرات الشباب ولا توسيع نطاق الفرص المتاحة امامهم، كما لا يمكن ضمان استدامة مثل تلك الجهود وتراكمها على نحو فعال لا يتعرض لانتكاسات متكررة وجذرية. 
وخلص التقرير الى ان إحراز اي تقدم يرضي الشباب ويتيح للمنطقة العربية توظيف امكاناتها الهائلة في تسريع وتيرة التنمية ومعالجة القصور الحاصل، يتطلب وعيا عاليا من جانب النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعاونا وثيقا بين مختلف الاطراف المعنيين، بمن فيهم الشباب، من اجل ترسيخ ثقافة طاردة للفساد، وتطبيق المعايير الدولية المنبثقة عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ووضع وتنفيذ استراتيجيات وطنية فعالة تستهدف اولويات واضحة وذات تأثير مباشر على تنافسية القطاع الخاص، وجودة الخدمات الاساسية ونزاهتها، وقدرة الدولة على تحصيل الموارد لإعادة استثمارها في التنمية على نحو عادل وشفاف قابل للمساءلة.
المصدر: تقرير التنمية الانسانية 2016م.  
  
 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ايه يا تنمية عربية
متى تشرقي؟ -

العلمانية العربية، بنكهة الاستبداد المركز والمحسن، لم تنجح في تحقيق التنمية المستدامة والتشاركية، معرفة بأنها تحقيق نمو اقتصادي حقيقي (وليس بالأرقام) يبلغ أو يتجاوز 7% سنويا لمدة لا تقل عن 25 عام، الى جانب تحقيق توزيع عادل لمنافع هذا النمو وثماره لتشمل أفقر السكان. علاوة على ذلك، فهذه العلمانية المستبدة لم تحقق الديمقراطية والحقوق والحريات العامة، ولم تحقق الاستقلال والهوية الوطنية، بل انها في حالات استباحت البلاد للأجنبي وللاستبداد. هل نحتاج الى تقرير؟