إيران لن تکون بين مطرقة الملالي وسندان أبن الشاه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لا أقول بأن منظمة مجاهدي خلق بمثابة الشماعة التي يعلق عليها نظام الملالي في إيران کل فشل أو نکوص سياسي وحتى أمني لهم، غير إنني لا أجد مناصا من إن مجاهدي خلق تعتبر بمثابة کعب إيخيل بالنسبة لهذا النظام، مع الاخذ بنظر الاعتبار إن المنظمة قد شکلت أيضا نفس الشئ بالنسبة لنظام الشاه، خصوصا وإن مجاهدي خلق وعلى الرغم من التفاوت الکبير بين قوتها وإمکانياتها المتواضعة وبين القوة والامکانيات غير المحدودة لنظام الملالي، فإنها وبفعل الاساليب الحذقة والذکية التي إتبعتها في صراعها مع هذا النظام، نجحت في أن تبقى في ساحة الصراع والمواجهة وأن لا تترکه کما ترکته أغلب القوى والاطراف السياسية المعارضة للنظام.
السٶال الذي أود توجيهه هنا لمعظم الکتاب والمحللين السياسيين الذين ينتقصون من دور منظمة مجاهدي خلق ومن إنها لا تمتلك قاعدة شعبية في داخل إيران، هو: على طول الـ 43 عاما المنصرمة، لماذا دأب نظام الملالي على توجيه أصابع التهم للمنظمة في معظم الاحداث والتطورات النوعية التي حدثت في البلاد وبشکل خاص الانتفاضات الاربعة التي إندلعت بوجهه؟
السٶال الآخر الذي يجب ليس الاجابة عليه فقط وإنما التمعن فيه بدقة هو: هل هناك معارضة سياسية وطنية إيرانية قدمت 120 ألف ضحية في صراعها ومواجهتها ضد هذا النظام؟ والسٶال الآخر الذي لا مناص من طرحه أيضا هو: هل هناك معارضة سياسية إيرانية تمکنت من أن تٶدي دورا فعالا ومٶثرا في داخل وخارج إيران، کما فعلت وتفعل منظمة مجاهدي خلق؟
کل هذه المقدمة وجدت لا مناص منها وأنا أتابع عن کثب وبشکل خاص بعد إنتفاضة 16 أيلول 2022، الترکيز على دور أبن الشاه المخلوع في الاحداث والتطورات الجارية في إيران بل وحتى السعي لطرحه بمثابة "الوکيل" الذي يطلب من الشعب التوقيع له على هذه الوکالة لکي ينقذ الشعب من براثن نظام الملالي؟ هذه الوکالة التي طالب الشعب بها أبن الشاه، کأنها بمثابة طلب صريح الى الشعب الايراني بالاعتراف بخطأه في القيام بثورة ضد نظام والده محمد رضا بهلوي؟!!
عجب على ما يجري في الالفية الثالثة من بعد الميلاد في إيران تحديدا، وخصوصا من حيث التلاعب بالحقائق وجعلها تسير وفق مسار مشبوه يخدم مصالح من يقفز فجأة وعلى حين غرة على سياق الاحداث والتطورات ورکوبها بصورة إنتهازية کما يفعل أبن الشاه منذ فترة محددة، والذي يلفت النظر هنا کثيرا هو إن الخطاب الذي ألقته السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية يوم الاحد الماضي بمناسبة المسيرة الحاشدة التي قام بها قرابة عشرة آلاف من الإيرانيين المقيمين في فرنسا دعما للإنتفاضة الشعبية الايرانية ولإقامة جمهورية ديمقراطية وإسقاط نظام الملالي والتي لفتت فيها أنظار العالم الى ما کان قد صدر من أبن الشاه بالامس من مديح صريح ليس للنظام وإنما لأسوء قوتين قمعتين تابعتين له عندما قالت: "والآن بعد أن وصل الملالي إلى السلطة، وقف فلول الشاه بجانب حرس الملالي الجهنمي، ويعلنون جهارا أن الحرس والباسيج هم “القوة الأولى لضمان أمن واستقرار مستقبل إيران”".! أبن الشاه من صرح بذلك جهارا، فما عدا مما بدا بحيث يصبح اليوم الحليف المتهافت للامس بمثابة عدو النظام اللدود وبديله؟!
أبن الشاه بنفسه کان قد أعلن موقفا صريحا من منظمة مجاهدي خلق کما جاء في خطاب السيدة رجوي: "إذا كان هناك خيار بين هذا النظام وبین مجاهدي خلق، فالاحتمال المؤكد أن يقول الناس، الملالي"، وهذا الموقف وإن کان قد يتصوره البعض بالغريب، لکنه موقف طبيعي جدا لأن هناك الکثير من القواسم المشترکة التي تجمع بين نظام الشاه وبين نظام الملالي والعکس صحيح تماما للفوارق الشاسعة بين نظام الشاه وبين منظمة مجاهدي خلق، وحقا وصدقا ما قالته مريم رجوي في خطابها الذي ألمعنا إليه بأن "العداء التاريخي الذي يكنه الشاه والملالي لمجاهدي خلق وكل القوى والأفراد الوطنيين والقوميين والتقدميين وكذلك القوميات المضطهدة يظهر وحدتهما الجوهرية ويعبر عن الخط الأحمر الثابت لدى الشاه والملالي ضد جبهة الشعب". قطعا فإن من کان دکتاتورا بالامس لا يمکن أن يصبح اليوم وعلى حين غرة ديمقراطيا، تماما کمن کان بالامس عربيدا مجرما سافلا ليصبح اليوم داعية خير ومن أفاضل القوم وأخيارهم!
الالوف من الايرانيين الذين تظاهروا في باريس يوم الاحد الماضي، وحملوا لافتات کما رددوا شعارات ترفض دکتاتورية التاج والعمامة على حد سواء، حقيقة أشبه ما تکون بالصفعة الموجهة لنظام الملالي ولأيتام نظام الشاه ذلك إن ما يجري حاليا في إيران هو تماما کما قالته مريم رجوي في خطابها: "نحن في خضم ثورة ديمقراطية جديدة. ما يريده شعبنا هو جمهورية ديمقراطية. جمهورية خالية من التعذيب والقتل وخالية من الاستبداد والتبعية. وإلا، فإن الديكتاتورية نفسها، سواء كانت بالعمامة أو التاج".