كتَّاب إيلاف

ثقوب التاريخ ومثلث الموت!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في مثلث برمودا حيث الانحدار الى المجهول، لم يكتشف علماء البحار ودهاقنة المخابرات كلهم ما بعد الانحدار الى أعماق العتمة والنهاية الأبدية من ذلك الثقب الشيطاني المرعب بأضلاعه الثلاثة التي تشمل أضلاع المثلث؛ فلوريدا (بالولايات المتحدة الأمريكية) وجزر برمودا (تابعة لبريطانيا) وجزر البهاما، وبصرف النظر عن صحة ودقة الاخبار المتداولة عن اختفاء السفن والأفراد في هذا المثلث، إلا أنه أصبح كمصطلح متداول يعبر عن خفايا مرعبة أكثر إثارة من ثقب الأوزون الذي لا يعرف حقيقته مليارات البشر، بينما يتحسس علماء البيئة شكل الكوارث التي ستصيب البشرية مستقبلاً نتيجة هذا الثقب الذي يسمح لنفوذ أنواع وكميات من الأشعة الكفيلة بتحويل السرطان الى كورونا سريع الانتشار والدمار.

وما بين ذلك المثلث المفترض وبين ثقب الأوزون تظهر بين حقبة وأخرى ثقوب التاريخ المظلمة التي تفعل فعلتها في الانحدار والجذب المرعب للأفراد والمجتمعات، وتساعد في انتشار رهيب لأشعة الكراهية والأحقاد التي تُسرّعُ في نشوب حروب ومآسي وكوارث أكثر إيلاماً من صيحات وفواجع ضحايا برمودا أو ثقب الأوزون أو اختناقات كورونا، فقد أثبتت الأحداث بأن تلك الثقوب تظهر في بيئة الحاضر المتخلف وانعدام وضوح رؤية المستقبل مع تكلس ظواهر الفقر والبطالة وانعدام العدالة، حيث تنهمك تلك المجتمعات ونخبها في عمليات النبش بين طبقات التاريخ وصفحاته التي كتبت قبل مئات والاف السنين بعقلية ومزاج وثقافة تلك الحقب، بل وكثيرا ما يتحكم في تصوير ووصف أحداثها مشاعر ذلك الشاهد أو المدون سلباً وايجاباً معاً أو ضد.

إن الإيغال في تفاصيل التاريخ ووقائعه وخاصة تلك التي تتعلق بالصراعات العقائدية أو العرقية أو الجغرافية يقود في كثير من الأحيان إلى الانجذاب عبر تلك الثقوب والانحدار من خلالها الى مستنقع تدوير الصراعات القديمة وتفعيلها وإشاعة الكراهية والأحقاد التي تؤدي الى ما يفعله ثقب الأوزون ومثلث برمودا، بدلاً من التعامل مع معطيات العصر الحديث ومخرجاته العلمية والثقافية والتربوية، والعِبر والدروس المأخوذة من التاريخ بقراءة نقدية دقيقة لتطوير الحاضر وبناء أسس المستقبل، خاصة مع إدراكنا لحقيقة مهمة جدا، وهي أن مدوني التاريخ من المؤرخين أو الشهود هم بشر مثلنا تتحكم فيهم غرائزهم وعواطفهم ونزعاتهم ومدى نزاهتهم.

إن العبر أو الدروس التي يؤخذ بها يجب أن تخضع للمساءلة والتمحيص، خاصة تلك التي تدور حول ما يكتبونه، هل هو مجرد نقل ووصف لوقائع منقولة لهم ام كانوا مجرد شهداء عليها وعلى تفاصيلها، ثم هل هي آراء ووجهات نظر ومواقف المدونين من الأحداث والصراعات بكل أشكالها ومواصفاتها، أم انها كتبت بحرفية ومهنية دقيقة، ومن هنا نستطيع الى حد ما أن نوظف تلك العبر والدروس المستخلصة للعبور الى المستقبل.

لقد أكدت الأحداث والصراعات إن ثقوب التاريخ والانغماس فيها، أقوى جذباً وانحداراً من مثلث برمودا، ونتائجها أكثر كارثية من تأثير تلك الأشعة التي تمر عبر ثقب الأوزون، وقد شهدت البشرية في تاريخنا المعاصر الكثير من تلك الكوارث التي وقعت نتيجة المرور من تلك الثقوب المرعبة، وما خلفته لحد اليوم من تناحر مذهبي وعرقي وجغرافي بين الشعوب.

لا تنبشوا دهاليز التاريخ ففي بعض طياتها ما يكفي شعوبنا قرونا اخرى من التناحر والكراهية والاحقاد!

kmkinfo@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ثقوب التاريخ
د. سفيان عباس -

احسنت… مشابهة مع مثلث برمودا وثقب الاوزن تأتي متوافقة مع ثقوب التاريخ المظلمة. والنباشون لها هم تجار الرذيلة ودجالون بأمتياز كونها ثقوب لم يتأكد من صحتها ، او انها خضعت الى التحريف في اطار المناقلة المتواترة من مدوني الاحداث التاريخية حسبما تقتضي مصالحهم الفكرية والعقائدية … وتم توظيفها بصورة حادثة ومستجدة في عصرنا لاغراض الكراهية والحقد وشق الصف المجتمعي دون ذنب من الاجيال المعاصرة… احداث تاريخية معقدة ومتشابكة وغامضة حدثت واندثرت في طي النسيان… ان اثارتها الان تدخل ضمن الوازع العقائدي المسيس لمسوغات الانتقام وارتكاب الجرئم المصنفة ضد الانسانية… ان القائمين عليها وعلى اثارتها اناس مجرمون ليسوا رجال دين ولا ساسة . ولن يستطيعون بناء دولة مستدامة… لاحظ الفرق في توظيف الحكمة من قبل فخامة الرئيس مسعود بارزاني حين اطلق حكمته الشهيرة عفا الله عما سلف ..بالرغم من مرارة وقساوة الاحداث التاريخية بحق الكورد والتضحيات الجسام … بورك قلمك النابض اسد كوردستان

ثقوب مهترية
يوسف سرحوكى -

حتما هناك ثقوب في التاريخ القديم وحتى القريب نعاني من تلك الثقوب المهترية فكرا حيث ندفع فاتورتها بكل اشكال القمع والحرمان والمآسي والقتل والتشريد عبر فكر سيطرت عليه ما خرج من تلك الثقوب فالتاريخ الذي وصلت الينا كان نتاج أفكار كثير منها متقوقع داخل إطار محدد لاتمت بالتحضر والتقدم بأي صلة، دينية كانت أو قومية ذلك الفكر أثرت بشكل كبير على الحاضر الموجود نعيشه حاليا وويلات هدمت أركان الدول والبلدان لم تدع أهلها العيش بسلام ورخاء على عكس المجتمعات التي تبنت العلوم والتطور تاركا التاريخ خلف ظهرها ما عدا الحقب حيث استفاد من تجاربها ودراستها بمهنية علمية واخذ العبر و الدروس منها لرفع مستوى التقدم والتحضر لصالح بلدانهم فبقينا اخر الطابور نحو الأحسن والأفضل او ربما لم نفكر دخول الطابور أصلا لأنها لاترهم مع الفكر المآخوذ من تلك الثقوب والتي لايمكن ترقيعها إلا بالقوة المفرطة خسائرها أكثر من فوائدها ، لكن لو توفرت إدارة وطنية وإرادة قوية ربما ستكون هناك بصيص من الأمل بالخروج من النفق المظلم ليتنفس الصعداء ويتم ترقيع الثقوب .أحسنت الوصف أستاذ كفاح حياك

عبرة ونقمة
محمد سيف المفتي -

شكرا لطرحك الواقعي وحقيقة اسمح لي ان اقول ان العيب ليس في ثقوب التاريخ بل في عقل الباحث. ففي عبر التاريخ طرق تؤدي الى السلام والامان ، الباحثين والمدفوعين الثمن يبحثون عن الشقاق واسباب الاختلاف. مع الاسف الاشكالية بقلية الباحث. لماذا نبحث ونتعمق في الخلافات الاسلامية ولا نعير تجربة راوندا اي اهتمام في بحثنا عن السلام.. مجرد سؤال ؟