كتَّاب إيلاف

(عجايا) والأهالي تحترق!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يبدو أن هذا المثل الدارج في الشعبيات العراقية (عجايا والدنيا عيد) ما يزال يستحوذ على موقعه كأقوى توصيف لفعاليات وسلوكيات وحتى أزياء رؤساء الجماعات المسلحة والميليشيات التي انتشرت ونمت بشكل سرطاني خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد نجاح القوات العراقية والبيشمركة والتحالف الدولي في القضاء على الهيكل الإداري لتنظيمات الإرهاب التي كانت تسيطر على عدة مدن عراقية وكوردستانية، وتحول هؤلاء القراصنة إلى أبطال كارتون ونمور ورقية تمثل على مسرح الانتصار على الإرهاب بينما تقوم بأعمال مشابهة ومتطابقة لما كانت تمارسه تلك التنظيمات المتطرفة، بفارق الزي والملابس حيث عرف عن عناصر تنظيم الدولة وزيها الأفغاني أو الباكستاني، بينما يرتدي أبطال الكارتون من زعماء العصابات أزياء قراصنة البحار او ممثلي الكاو بوي في أفلام هوليود المعروفة.

لقد ابتلي العراق وخاصة المدن التي تنتشر فيها هذه الكائنات المضرة، والتي تتمركز في النقاط التي تدر وتنزف أموالا كالمنافذ الحدودية والموانئ ونقاط السيطرة الثابتة والمتحركة إضافة الى الشركات الأجنبية والمحلية والمشاريع بكل مستوياتها وتجارة الخمور والمخدرات والاسلحة، حيث تفرض على الجميع اتاوات وبدل ما يسمى بالحماية وضرائب وتبرعات ملزمة، وهذا ما يحصل اليوم من البصرة وحتى الموصل وغربا من ربيعة وسنجار وحتى عرعر على الحدود السعودية، حيث تنتشر مافيات مسلحة وزعامات ميليشياوية بتجهيزات عسكرية وامكانيات لا تمتلكها الدولة تُشيع الرعب والإرهاب بين الأهالي وفي تلك المراكز لتبتز الأموال وتفرض هيمنتها على صناديق الأموال والضرائب والدخول والخروج.

والعجيب أن رؤساء هذه العصابات التي شرعنت نفسها بعباءة أجهزة الدولة ومؤسساتها، يتجولون في المدن والقرى بأرتال من أحدث السيارات وبعشرات من عناصر الحماية مرتدين أزياء تشبه أزياء رعاة البقر في أمريكا، بل عن قادة تلك المافيات اطلقوا لحاهم وشعر رؤوسهم وكأنهم قراصنة البحار، علما بأن غالبيتهم أنصاف أميين وغير متعلمين اشتروا شهادات مزورة من جامعات مشبوهة في لبنان ومصر وتركيا وايران، وجمعوا حولهم أفواج العاطلين عن العمل برواتب مغرية على شكل أفواج والوية بحجة الحفاظ على الامن ومكافحة الإرهاب، وأصبحت شماعة الإرهاب واحدة من أهم وسائلهم للإيقاع بأي شخص لمجرد معارضته لهم أو وقوفه بالضد من ارتزاقهم، وهذا ما يحصل في العديد من مدن العراق الغربية والشمالية الغربية وصولا الى ميناء البصرة وبقية المنافذ الجنوبية والشرقية مع ايران والكويت والسعودية.

لقد تحولوا بين ليلة وضحاها الى اقطاعيات مالية ضخمة تساندهم اذرع برلمانية وتنفيذية وقضائية، وهذا ما اتضح في كوارث عديدة حصلت خلال السنوات الماضية بسبب حمايتهم للفساد المستشري في مفاصل الدولة وآخرها كارثة قاعة الأعراس في قضاء الحمدانية الى الشرق من مركز مدينة الموصل ذي الغالبية المسيحية والتي راح ضحيتها المئات من الأطفال والنساء والشيوخ، حيث أشرت التحقيقات الأولية الى تورط العديد من زعماء تلك المافيات والميليشيات بشكل أو بآخر في تلك الكوارث، بحمايتهم لأصحاب تلك المشاريع او مالكين لها او فاعلين رئيسيين فيها لأغراض انتخابية او سياسية عدوانية.

أقول قولي هذا مستذكراً مصطلح "العجايا" هذا الدارج الذي ينطبق على سلوكياتهم كلما نشبت أزمة أو وقعت كارثة يتم تصنيع تمثيليات ومشاكل مع إقليم كوردستان، لتنبري مجاميع معدة إعداداً مكتنزاً بالكراهية والحقد في وسائل إعلام لا هم لها إلا إشاعة الكراهية والاحقاد بين المكونات حيث تبدأ نافورة الشتائم والقذف والاتهامات والتهديدات العنترية الفارغة لإشاعة الفوضى وصناعة الازمات، دون أي وازع وطني أو أخلاقي يحافظ على اللحمة الوطنية والمزاج العام للأهالي ولا يخدش حياء الناس وأمنهم وسلمهم الاجتماعي.

لقد كانت كارثة الحمدانية دليل دامغ على فشل الدولة مع وجود مجموعات مسلحة وميليشيات مهيمنة على مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وحان الوقت لفتح ملفات هذه المجاميع والفصائل وما تقوم به من سلوكيات منحرفة لتعطيل نظام الدولة والقانون والدستور وخطرا جسيما على الأمن والسلم المجتمعي وعلى مستقبل البلاد برمتها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اتخذوها من الفتوى
يوسف سرحوكى -

عندما اقترب خطر داعش الى المناطق والموجود فيها مزارت الائمة اصدر السيد علي السستاني فتوى الجهاد الكفائي للدفاع عن المزارات حيث تم فتح باب التطوع لذلك الغرض، كانت هذه الفتوى الفرصة السانحة لتأسيس تلك المليشيات وبعد دحر داعش اعلن السيد السستاني ان الحشد الذي أسس بفتواه لاجل الدفاع عن المقدسات ليست ضمن تلك المليشيات الذين عاثوا في الارض فسادا، تلك المليشيات زادت نفوذا وقوة بعددها وعدتها لدرجة فاق تسليح الجيش العراقي، وليس غريبا أمرهم ومن أي جهة تدعمهم و تؤيدهم ولاجل تحقيق اهداف تلك الجهة التي قتلت الوطنية بكل معانيها وبهذه القوة سيطروا على نفوس الناس ترهيبا وتهديدا كما سيطروا على مرافق اغلب مرافق الحياة.. السياسية والاقتصادية والقانونية.. ليكون لصالحهم ليمرروا ما يريدون فكل من كان وطنيا اتهم اما بالبعث او داعش فيتم تصفيته بدون رادع قانوني او وخزة ضمير او ايعاز وطني و قاعة الحمدانية هي الشيء الضئيل امام افعالهم الكبيرة ضد الشعب العراقي بمنع الصناعة والزراعة ان تتطور ليبقى العراق دولة مستهلكة لا منتجة ليستورد من دول هي داعمة تلك المليشيات ومافيات الفساد لتبقى دولة ضعيفة مهزوزة لا تستطيع الدفاع عن سيادتها.. البرية والبحرية والجوية... حياك استاذ كفاح

عجايا والاهالي تحترق
د. حسن كاكي -

استاذنا الفاضل هذه المليشيات أصبحت واقع حال بعد أن وجدت لها غطاء قانوني وشرعي بعد أن أصبحت جزء من المنظومة واذرع لجهات متنفذة في الداخل والخارج، واصبحت أقوى من الدولة ولا تؤتمر باومرها بل دولة داخل دولة.. لكن طغيانها لن يستمر طويلا لانه لا يمكن تأسيس دولة ديمقراطية بوجودها احسنتم النشر مقال رائع