مصالح الدول الخاصة قبل الغير!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تشابكت وتعقدت في زمن مضى المصالح الخاصة والمصالح الإقليمية إلى درجة تضرر مصالح الدول الخاصة، وضياعها نتيجة تقلبات واضطراب المواقف العربية، وتشرذم مواقف الحركات الفلسطينية كمنظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" وحركة "حماس" وتنظيمات فلسطينية أخرى.
لم يزل تشرذم المواقف الفلسطينية قائماً ولم تزل الانقسامات أكثر عمقاً مما سبق ولعل السباق المحموم لحركة "حماس"، الجناح الفلسطيني للإخوان المسلمين، نحو فرض الهيمنة على القرار الدولي والعربي أيضاَ بشأن القضية الفلسطينية يؤكد عدم وحدة الرأي والقرار الفلسطيني!
لقد تابعنا بشديد الألم والاستنكار ما تعرض له سكان قطاع "غزة"، والصدام العسكري بين أطراف المعركة، والتعنت الإسرائيلي في مواصلة حرب التهجير والإبادة للفلسطينيين المدنيين بين حركة "حماس" وسلطات الاحتلال الإسرائيلية.
نجدد، بلا تردد، الاستنكار للعمليات المسلحة التي راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين العزل والأطفال الأبرياء، ونؤكد مجدداً على دعم الحق الفلسطيني المشروع في إقامة دولته وفقاً لحدود 1967، ووجوب تعهد إسرائيلي بالاعتراف بهذا الحق الفلسطيني المشروع، ووجوب دعم المجتمع الدولي لإنهاء هذا الصراع الدموي الذي أنهك الشعب الفلسطيني والشعوب والدول العربية والإسلامية أيضاً.
لا حصافة سياسية في انجراف الحكومات وراء الغوغاء والعواطف والهيجان الشعبي، وعدم قيامها بدورها الأساسي في قيادة الرأي العام والشارع نحو لغة الحوار البناء والعقل والحكمة وليس الانصياع لنزعات الشحن العاطفي والتشنجات والانفعالات.
ولا حصافة سياسية وإعلامية في عدم النأي بالعلاقات الدبلوماسية للدول والسياسات الاستثمارية وثروات الشعوب عن المستجدات والتطورات الإقليمية حفاظاً على المصالح الخاصة الوطنية قبل مصالح الغير.
للأسف، غاب الحرص الوطني عن موقف الحكومة الكويتية، واستمر الاستسلام للخطابات الشعبوية، وتحول المدارس والمنابر إلى مأوى لخطاب ديني متشدد وتصرف متهور، فإقحام التلاميذ والطلبة وعامة الناس في شؤون عسكرية معقدة وسياسية حساسة ودقيقة من شأنها أن تقود إلى تدمير البناء التعليمي والثقافي.
ليس المنشود عربياً ودولياً الانقلاب على الحق الفلسطيني المشروع ولا قيادة موقف ضد التنظيمات الفلسطينية، وانما المطلوب وحدة الرأي الفلسطيني حتى تستطيع الدول العربية والخليجية خاصة أن تلعب دوراً في وساطة دولية وعربية مؤثرة لدعم إقامة دولة فلسطينية وفقا لحدود 1967.
دعم الحق الفلسطيني المشروع لا يبرر أن تكون لدينا مصالح خاصة ضائعة ومصالح وطنية تائهة في زحام اضطراب المواقف والمزايدات بالشعارات القومية المهترئة وخطاب الثورات الشكلية والمطالبات المتشنجة والتهميش للواقع السياسي!
الأكيد أننا لا نقبل أن تحتضر مصالح الدول الخاصة وتضيع الفرص ولا نستوعب الدروس ولا نتجاوز الماضي باستشراف مستقبل واعد وواقعي للمحافظة على المصالح الدول الخاصة قبل مصالح الغير، فالمصالح السياسية والاقتصادية تتغير وليست ثابتة.
هناك العديد من النماذج الديمقراطية والتجارب السياسية الدستورية كالتجربة الكويتية التي يمكن الاستفادة منها، وهذا لا يعني حق تصدير هذه النماذج ولا تجربة الكويت الديمقراطية خاصة إلى دول الجوار الخليجي، ولا فرضها على الشقيقة السعودية وغيرها في المحيط القريب والبعيد.
الوطن العربي بحاجة ملحة إلى تغيير جوهري في الخطاب السياسي والإعلامي وإعادة البناء بعيداً عن لغة الغوغاء وعاطفة الشارع وفوضى المزايدات ولنا في العديد من الدول العربية من الأمثلة الصارخة على إرادة الشعوب المسلوبة كما في الجارة إيران التي لا زالت تتوهم بتصدير ثورة خمينية!
نحن بحاجة لإدراك الفرق بين المقاومة السلمية والعسكرية المشروعة، وأثرها في تحقيق السلام وحشد الدعم الدولي، وبين المعارك المفتعلة وغير التقليدية، وسموم الغايات الإيرانية وراء الدفع بحركات مسلحة كـ"حزب الله" و"حماس" وغيرهما نحو معارك لا تقود إلى السلام العادل في الشرق الأوسط.
أن مصالح الدول الخاصة يجب أن تحظى بالأولوية قبل مصالح الغير، فالمستفيد من الأحلام والأوهام والمغامرات السياسة والعسكرية تنظيم الإخوان المسلمين وإيران، والانجراف وراء هذه المغامرات المسيًسة سيكون له ثمناً مضاعفاً على القضية الفلسطينية والحلول المطروحة دولياً وإقليمياً.
*إعلامي كويتي