كتَّاب إيلاف

مبادرات سعودية منسية!

الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

قدمت السعودية مبادرات بشأن القضية الفلسطينية عددًا لا يحصى، وقامت أيضاً بدور الوسيط لصالح القضية بين حركة "حماس" ومنظمة التحرير منذ عهد الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز لجمع الشمل الفلسطيني تحت مظلة واحدة، ودعم المفاوضات الدولية لتحقيق سلام عادل.

وفي العام 2002، خرجت مبادرة الحكمة والواقع من قلب المملكة العربية السعودية بعنوان "مكره أخاك لا بطل" التي أعلنها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في الندوة الدولية "الإسلام وحوار الحضارات"، ولم تقرع أجراس السلام حتى العام 2023 اسرائيلياً ولا فلسطينياً!

مبادرات سعودية وثقها التاريخ وروت تفاصيلها شخصيات لعل أبرزها ما قاله الأمير بندر بن سعود، سفير السعودية لدى اميركا السابق، عن التقريب بين وجهات نظر الفرقاء الفلسطينيين وتحديدا بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وقائد حركة "حماس" خالد مشعل، ولم يفلح الطرفان الفلسطينيان في التوصل للاتفاق!

لم تغلق السعودية أبوابها ولم تتغير السياسة الخارجية في نهجها نحو الحوار مع الفرقاء الفلسطينيين، ولا مراكز القوى في العالم، والانفتاح على كافة المواقف والأطراف الإقليمية والدولية والعربية، ولكن كل هذه المساعي والمبادرات في طي النكران والنسيان الطوعي!

الأكيد أن هناك عقلاء في الوطن العربي والإسلامي والعالم عموماً لا ينكرون المواقف الحقيقة للسعودية ويتذكرون مبادراتها وحواراتها التي وثقتها ذاكرة التاريخ باستثناء الحركات الإسلامية المسيّسة والموالين لها وللغوغاء والهيجان الديني!

في ظروف سياسية في غاية التعقيد بشأن أحداث غزة تتعمق هوة الخلاف بين منظمة التحرير وحركة "حماس" وحركات فلسطينية مماثلة لم تخرج عن عباءة الإسلام السياسي، وتتعرض السعودية لحملة إعلامية وقودها اساساً الحركات الإسلامية المسيسّة وهي مظاهر غير مستغربة!

تستهدف الحركات الإسلامية المسيّسة السعودية من خلال تشويه متعمد لمواقف الرياض والمساعي السعودية في تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية مع الالتزام بالحق الفلسطيني في إقامة دولة فسلطين وفقا لحدود 1967 والاتفاقيات الدولية بهذا الشأن.

ثمة حملة منظمة ضد السعودية تقودها جماعات من الحركات الإسلامية المسيّسة والاتباع الموالية للفوضى وسموم الخطاب المتطرف من داخل الكويت وخارجها، والابتزاز والهجوم الإعلامي ضد السعودية وهي موجة لا تحتمل اللبس ولا التجاهل.

تتصور واهمة الجماعة الإسلامية المسيّسة بأن السعودية سترضخ للغة المساومات والمزايدات، وتفسير قرار تجميد وتعليق المحادثات مع أميركا بشأن قيام الدولة الفلسطينية بتعهد إسرائيلي على أنه انجاز يحسب لهذه الجماعة المريضة سياسياً وهو تفسير عبثي.
اليقين السياسي يقول من حق السعودية تقديم مصالحها الخاصة على مصالح الغير بما في ذلك القضية الفلسطينية التي لم يتفق أهلها من منظمة التحرير و"فتح" و"حماس" وغيرهم عليها، على حين يعتب البيت الفلسطيني على الغير كالسعودية!

يوجه الفلسطينيون عتب غير مبرر وفي غير محله من الجناح الفلسطيني للإخوان المسلمين تحديدا والموالين لهم وأصحاب العاطفة المفرطة والمبالغة السياسية والدينية، وهو تطور حتمي لخلاف فلسطيني داخلي قاد إلى فشل انقاذ القضية من أهلها!
جناح الإخوان المسلمين في الكويت كان لهم دوراً لا لبس فيه في تأجيج الحملة ضد السعودية خلال أحداث غزة بسبب هيمنة جماعة الكويت على مفاصل القرار الحكومي الكويتي واستسلام دوائر القرار لهم وتجنب المواجهة والتصدي.

الحركة الدستورية وهو الاسم الذي أطلقوه الإخوان المسلمين في الكويت بعد إعلان الانشقاق المزعوم عن تنظيم الإخوان العالمي، لم تكن بمعزل عن المشهد الإعلامي ضد السعودية دون تسميتها، طبعا، لأنهم يخشون الغضب السياسي السعودي على عكس المأوى الكويتي!

لا تخشى الحركة الدستورية، الثوب الكويتي للإخوان، السلطة في الكويت لغياب جرأة المواجهة لهم سياسياً وقانونياً، لذا تمكن قادتهم من إثارة موضوع التطبيع من دون التعرض مباشرة للسعودية، ولكنهم استطاعوا تحريك الشباب والتغرير بهم عن التطبيع لتجاوز واقع الحقيقة المبتورة عن المبادرات السعودية!

حملة متهورة في وسائل التواصل الاجتماعي من حسابات كويتية ضد السعودية اشعلها الإخوان المسلمين في الكويت نتيجة التهاون الرسمي الكويتي وفلتان سياسي وإعلامي في الكويت، وكذا الحال في حسابات سعودية كردة فعل متهورة ومتوقعة.

الكويت أمام اختبار سياسي جديد ودقيق في مواجهة الإخوان المسلمين في الكويت والتصدي لمشارعيهم وخططهم أو الانتصار للإخوان في الكويت وخارجها وتسميم العلاقات الكويتية مع الدول الخليجية الشقيقة!

الإخوان المسلمين في الكويت عبر مظلة الحركة الدستورية يستغلون الظروف السياسية والحريات الإعلامية في التعبير والرأي والفوضى ضد السعودية بصورة غير مباشرة لتحقيق الغاية غير النبيلة من النيل من المملكة السعودية ورموزها سياسياً وإعلامياً.
خياران أمام الكويت لا ثالث لهما؛ أما الانتصار للمحافظة على العلاقات الخليجية دون حياء ومع السعودية خاصة أو الخضوع لأجندة الإخوان المسلمين في الكويت، وهي مغامرة سياسية وخطأ فادح، بل الضرر أعظم على الكويت ومصالحها الإقليمية والدولية.
*إعلامي كويتي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف