كتَّاب إيلاف

العرفان وليس النكران للتاريخ!

في هذه الصورة الملتقطة في 28 فبراير 1991، يحتفل الكويتيون بالبنادق والأعلام الوطنية في شوارع مدينة الكويت بعد إعلان الرئيس الأميركي آنذاك، جورج بوش، عن وقف إطلاق النار. أ ف ب
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تتعلم الشعوب والأنظمة من التاريخ ودروسه، وتستمد الدول القوة والعزيمة في مواجهة التحديات والتطورات في العرفان وليس النكران لما وثق التاريخ من معارك سياسية وحروب وانتصارات وهزائم وأخطاء وتشوهات وانحرافات وانجازات ومكتسبات في الماضي.

الكويت لها تاريخ زاخر بالمعارك السياسية والانتصارات الشعبية ومكتسبات دستورية وانتكاسات سياسية وبرلمانية ومظاهرات واحتجاجات ضد تزوير الانتخابات في العام 1967 وتعليق دستور الدولة في العام 1976 والعام 1986 والمماطلة في عودة مجلس الأمة بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي في 1991.

الكويت احدى الدول التي لم تنصف التاريخ الحديث ولا القديم عبر مؤسساتها وأجهزتها الرسمية وعلى مستوى خطابات وخطط ورؤى وقرارات السلطة، فالمواقف الشعبية التاريخية تواجهها الدولة بالنكران وليس العرفان!

خرجت الكويت من الغزو العراقي في العام 1990 ولم تتخذ القوى السياسية والفكرية ولو لوهلة من الزمن موقفاً ضد شرعية النظام السياسي في الكويت أو مراجعة للعقد الدستوري مع أسرة الحكم أو توجيه اللوم السياسي لها، فالجميع اتحد خلفها بفخر واعتزاز.

لم يقف أحداً في الكويت اثناء شهور الغزو العراقي وقسوته ومعاناته وتضحياته وآلامه داخل الكويت وخارجها وراء أي حجة أو سبب، بل كان جميع الكويتيين متلاحمين ومتحدين ومتفقين خلف بيت الحكم في الكويت، أسرة الصباح الكرام.

لم ينكر الكويتيون العقد السياسي والاجتماعي بينهم وبين أسرة الحكم، الصباح، أثناء محنة الغزو العراقي في العام 1990، لا بل واجه الكويتيون الغزو العراقي بثبات الصف والموقف على المبايعة الدستورية التي نظمها دستور الكويت في العام 1962.

ولم يغب الاعتزاز والفخر بنظام الكويت الدستوري لدى ضمائر الشعب الكويتي ووجدانه اثناء الغزو العراقي للكويت، فقد تمسك الكويتيون بمختلف تياراته السياسية والفكرية وفئاته وشرائحه بدستور الدولة وأعاد بناء الكويت وواجه التحديات بعزيمة الأقوياء ويقين الانتماء.

في المقابل، ظل الغزو العراقي في طي النكران الرسمي منذ تحرير الكويت في العام 1991 حتى العام 2023، فذكرى تلو الأخرى تحضر وتغيب دون استحضار ولا استدعاء ولا احتفاء بذلك التاريخ الوطني المشرف لأن السلطة تراهن على النسيان البشري وغبار الزمن!

السلطة الحكومية تخشى ذكرى العراقي وتخجل من مواجهتها رغم الملاحم الوطنية والسياسية التي وثقها الكويتيون دون منّة خلف القيادة الشرعية داخل الكويت وخارجها وخاصة في مؤتمر جدة الشعبي.

مؤتمر جدة الشعبي الذي عقد في الشقيقة السعودية في أكتوبر 1990 وحضرته القوى السياسية والفكرية ومختلف فئات وشرائح المجتمع الكويتي بالخارج، لم يوثق بصورة علمية دقيقة ولم تنشر جميع وثائقه وتقارير الوفود الشعبية، فمازلت العديد من الجوانب والأمور مبهمة وغامضة!

ظل مؤتمر جدة الشعبي حتى العام 2023 غائباً عن السلطة ومغيباً بوثائقه، حتى صار المؤتمر فرصة لتكسب جماعة الإخوان المسلمين في الكويت دون تصدي رسمي لهذه المزاعم والاكاذيب والافتراءات.

وثيقة تنظيم الحكم في الكويت التي وقعها أهل الكويت في العام 1921 للحد من صراعات الأسرة الحاكمة وترتيب انتقال الحكم دون خلاف بين اجنحة أسرة الصباح على الحاكم، ظلت وثيقة في طي النكران السياسي ومقاومة تعلم الدروس من ذلك التاريخ!

العرفان لدستور الكويت يأتي ويغيب في المناسبات والخطابات على حين العرفان لأهل الكويت في ترتيب بيت الحكم لا يعكسه الواقع السياسي ولا التطورات اللافتة حكومياً وبرلمانياً!

الكويت رغم عمق تاريخها السياسي والثقافي والادبي، إلا أن هذا التاريخ في طي النكران الرسمي ولا عرفان السلطة لدور الشعب الكويتي في دعم وترتيب بيت الحكم منذ الإمارة في العام 1921 وحتى العام 2006!

مشكلات وتحديات سياسية واجتماعية وثقافية وتعليمية شتى تواجه الكويت منذ ازمنة حتى باتت استباحة دستور الدولة والنظام السياسي الديمقراطي مرضاً ذهنياً في عقول خبيثة تغتال التاريخ والدستور بمباركة ابواق ونوافذ الفساد والمفسدين.

تناسي تاريخ الكويت السياسي لا يخدم الدولة ولا تجاوز تنادى المجتمع الدولي في نصرة الكويت والشرعية السياسية في أحلك أيام التاريخ الحديث بعد الغزو العراقي، فالفضل كان ولازال للنظام الدستوري الديمقراطي... حقيقة لا تحتمل التأويل ولا التهويل ولا التأمل!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف