طريقي
إسرائيل... اغتيال حلم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لا يبدو في الأفق القريب اية بوادر لوقف آلة الحرب الاسرائيلية في قطاع غزة او جنوب لبنان، الثابت أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لا تزال مصرة على التفاوض بمنطق "السيوف الحديدية"، فيما تتأرجح بوصلة القرار لدى حركة حماس بين العقيدة والواقع، وهي تقترب أكثر فأكثر من قناعة بأن نفق السابع من تشرين الأول (أكتوبر) أعمق من أنفاق غزة وجنوب لبنان معاً.
اليوم، القضية الفلسطينية تواجه ما هو أخطر من سيوف التدمير الاسرائيلية. تواجه اغتيالا مزدوجا. اغتيال للتاريخ والحقوق، واخر للحلم الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة. وثمة من يجزم بأن أخطر تداعيات طوفان الأقصى هو انسلاخ القضية الفلسطينية -عمليا - عن محيطها العربي والإسلامي، وهذا ما شرّع أمام إسرائيل - عملياً أيضاً - امكانية العبور نحو الضفة السياسية من الحرب من خلال طرح موضوع التهجير الطوعي للفلسطينيين من قطاع غزة على طاولة مفاوضات الأمر الواقع!
ومن باب الربط بين محطات التاريخ، من الأهمية الإشارة إلى نتائج الغزو العراقي للكويت عام 1990، حين دفع الفلسطينيون فاتورة الانتقال من "عيشة البحبوحة" في الخليج الى يوميات بؤس المخيمات. وبين سقف البحبوحة وقاع البؤس تراجع مستوى التمنيات من الحد الأقصى لمطلب الدولة الفلسطينية كاملة السيادة، الى الحد الأدنى لمشروع الكيان شبه السيادي. وهذا ما تُرجم عملياً في بنود اتفاق أوسلو للسلام في 13 أيلول (سبتمبر) عام 1993.
وفي العام 2002، سعت المملكة العربية السعودية لإيقاظ الحقوق الفلسطينية عبر تبني مبادرة السلام العربية في قمة بيروت وتتمحور حول إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعودة اللاجئين، وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية، لكن الدخول الأميركي للعراق عام 2003 لم يعد خلط الأوراق فحسب إنما بعثر الأولويات العربية، فكان أن دخلت إيران الساحة العراقية - العربية على بساط الاخفاقات الأميركية العسكرية آنذاك.
فرضت إيران نفسها كلاعب رئيسي في قضايا المنطقة وتحركت بأذرعها في فضاء المصلحة الإيرانية ولم تكن - في تقديري - الدولة الفلسطينية يوماً تصب في مجرى المصلحة الإيرانية.
من هنا، المخاوف من نسف معاهدات السلام تقترب من التشكل كواقع. الكيان الفلسطيني بصيغته الحالية يترنح على وقع التطورات الميدانية، فيما حلم الدولة الفلسطينية أصبح في قبضة التطرف الحاكم في إسرائيل. ولا يُلام هنا فلسطينيو غزة، وفق المنطق الانساني، إن التحقوا بقوافل الحياة والتهجير الطوعي إلى أوروبا أو سيناء أو غيرها من الأماكن، فالقابض على الجمر ليس كمن يوقده.
مسؤول سياسي كبير في المنطقة، أسرَّ لي أن المواقف الإسرائيلية بشأن ترحيل الفلسطينيين ليس مجرد خطابات سياسية، وإنما هناك تحرك جدي لوضع هذا السيناريو على سكة التنفيذ! وتساءل: ما الذي يوقف نتانياهو؟ بعد مئات الآلاف من القتلى والجرحى في غزة لم تتمكن محكمة العدل الدولية من إصدار قرار بإعادة "السيوف الحديدية" إلى اغمادها.
ينذر الوضع في الضفة الغربية بأخطار من توع آخر، ووفقاً لمعلومات مطلعة، فإن القمة الأميركية الأردنية الأخيرة لم تبلور موقف "طمأنة" يوازي خطر طروحات تهجير فلسطينيي الضفة إلى الأردن ليكون "الوطن البديل"، وإن كان البعض هنا يربط موقف اللاموقف الأميركي باحتياجات الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
خلاصة القول، في الميدان طوفان رسخ تضاريس سياسية جديدة، وسيوف حديدية لا تزال عطشى للدماء، ومحادل سياسية تعيد رسم مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي، وتغتال المستقبل!