كتَّاب إيلاف

شركة عُمانية تهدّد العلاقات بين موسكو ومسقط!

أجبرت القوات الأوكرانية على التراجع في العديد من المحاور في الآونة الأخيرة بسبب نقص الأسلحة كما تؤكد كييف
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مع دخولنا العام الحالي 2024، كانت العلاقات بين روسيا وسلطنة عُمان تسير نحو المزيد من الانفتاح. في حينه، وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله ولي العهد السلطنة ذي يزن بن هيثم آل سعيد نهاية العام الفائت، بفتح آفاقٍ جيدة لتطوير التعاون في قطاعات الطاقة والسياحة والثقافة بين موسكو ومسقط... لكن يبدو أنّ هذا الانفتاح مُهدّد اليوم بالانهيار، بينما السبب خلف ذلك هو "نزوة" المشاركة في في الحرب الأوكرانية إلى جانب كييف.

سلطنة عمان، المشهود لها بحيادها في كلّ ملفات المنطقة الشائكة، وصاحبة الأيادي النظيفة في العمل الدبلوماسية وآليات التفاوض والوساطة، تتهدّدها "محنة" من نوع آخر، أو إختبار تُخضعها له موسكو، ويتعلّق بصفقة أسلحة موجهة إلى أوكرانيا، ربّما تنسف خطوط التعاون بين البلدين وتعيد العلاقات بينهما إلى المربّع الأول.

حينما يهدّد القطاع الخاص المصالح العامة
المسبّب الرئيسي لتلك الأزمة هي شركة عُمانية خاصّة تدعى Zee International، يظهر موقعها الإلكتروني أنّها تتعاطى الشؤون التجارية ومجالات إدارة الأعمال والاستشارات الاستراتيجية، وكذلك الخدمات النفطية. إلاّ أنّ أحد المواقع المصرية يظهرها عضواً مشاركة في "معرض الدفاع المصري للعام 2025" المنتظر.

تلك الشركة، تسعى إلى توريد عدد متواضع من الأسلحة لكييف، يكاد لا يُذكر، ويبدو أنه لـ"غاية في نفس يعقوب". إذ تفيد معلومات شديدة الاطلاع في هذا الصدد، بأنّ الشركة العُمانية (زيد العالمية) تسعى لتوريد 10 مدافع "هاوتزر" من طراز D &- 30 وذلك من أجل تلبية احتياجات الجيش الأوكراني، حيث ستشحن ثمانية من تلك المدافع في غضون عشرة أيام بعد قبض ثمنها كاملة مسبقاً، بينما ستصل بقية الأسلحة (مدفعان) إلى كييف عبر جهات وسيطة بين الطرفين في غضون 15 يوماً، من خلال الأراضي البولندية.

ويبدو أنّ هذه الصفقة التي تصفها الأوساط الروسية بـ"سخيفة بالقيمة وخطيرة بالنتائج"، تثير امتعاض موسكو، التي لطالما اعتبرت سلطنة عُمان "شريكاً استراتيجياً مهماً في منطقة الشرق الأوسط"، خصوصاً بعد رفع مستوى التعاون الاقتصادي والسياسي بينهما منذ بداية الحرب في أوكرانيا. إذ ينظر رجال الأعمال الروس مذّاك إلى السلطنة كـ"دولة جذّابة" للاستثمار في مجالات السياحة والطاقة والعقارات، لكن يبدو أنّ صفقة الأسلحة تلك، ستؤثر سلباً على موقف المستثمرين الروس تجاه السلطنة الخليجية.

صفقة ضد المسلمين؟
أوساط روسية قريبة من الكرملين، تعتبر بما لا يدع مجالاً للشكّ، أنّ الأنشطة العسكرية الأوكرانية موجهة حصراً ضد موسكو، وبالتالي ترى تلك الأوساط أنّ مساعدة عُمان لكييف ستشكل "مساهمة سلبية" في هذه الحرب، مذكّرة بأنّ الدين الإسلامي في روسيا هو ثاني أكثر الديانات انتشاراً، حيث يتجاوز عدد المسلمين في روسيا الاتحادية قرابة 30 مليون نسمة.

وعليه، فإنّ هذا السلوك العُماني المستجدّ، سيترك تأثيراً سيّئاً على "دولة ذات عدد كبير من المسلمين". أضف إلى هذا، فإنّ قوام الصفقة المذكورة، هو فقط 10 مدافع لا حول لها ولا قوة، خصوصاً بعد أنّ أظهرت القوات الروسية تفوقاً غير مسبوق في الأونة الاخيرة... وهنا تسأل الأوساط الروسية: "ما هو الفرق العسكري التي ستُحدثه تلك المدافع المُقدّمة من الشركة العُمانية إلى الأوكرانيين سوى تعكير صفو العلاقات الرسمية مع روسيا؟".

مسقط: مركز نفطي روسي محتمل
وتبذل روسيا وعمان جهوداً كبيرة من أجل حلّ الصراع العربي &- الإسرائيلي، ولهذا تعتبر أوساط الكرملين أنّ المساعدة المفتوحة التي تقدمها شركة Zeed International للقوات المسلحة الأوكرانية تتعارض مع سياسة حفظ السلام الدائم في المنطقة والعالم، حيث ينظر الجانب الروسي بجدّية إلى عُمان كـ"مركز لوجستي مُحتمل للنفط الروسي"، لكنّ هذا المركز قد يبدو مهدّداً بالانهيار نتيجة هذه الصفقة.

ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، تحوّلت موانئ سلطنة عُمان ومياهها الإقليمية، إلى نقطة انطلاق لسفن خام الأورال الروسي، خصوصاً نحو الشرق الأدنى والهند، التي اشترت مئات الملايين من براميل الخام متحدية العقوبات الغربية، ومستفيدة من حسومات بمليارات الدولارات.

وبالرغم من أنّ حجم التجارة بين البلدين لا يزال متواضعاً، لكنّه تطور بشكل ملحوظ منذ بداية العام الفائت، وذلك باعتراف الكرملين نفسه. كما أبدى الجانب العماني في الآونة الاخيرة، اهتماماً بارزاً في مجالات الاستثمار بالاقتصاد الروسي، وخصوصاً في الأمن الغذائي، وتطوير مشاريع في مجالات الطاقة والسياحة والثقافة.

وبالرغم من تواضع الصفقة، فإنّ السلطات الروسية ترى أنّ إمدادات الأسلحة لكييف، حتى لو كانت بهذا الحجم وعبر شركة خاصة، فإنّها قد تُجبر موسكو على التخلي عن نواياها الطيبة تجاه سلطنة عُمان. ولا تنفي الأوساط الروسية احتمال عدم دراية القيادة العمانية بخطط تلك الشركة، لكنّها في الوقت نفسه تؤكد أنّ سلوك بعض الأفراد فيها قد يؤدي إلى "سوء فهم" على المسرح العالمي، خصوصاً في ظل التهديدات المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط، كالصراع العربي - الإسرائيلي، واشتداد المواجهة مع جماعة الحوثي في اليمن، والتصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، إذ من الممكن أن تحتاج سلطنة عُمان إلى "التفكير مرتين"، خصوصاً في حال قررت تعزيز قواتها العسكرية من أجل ضمان أمنها واستقرارها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف