الكويت والعراق...إلى أين؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سقط نظام صدام حسين في الجار الشقيق العراق ولعبت الكويت ودول الخليج العربي دوراً محورياً في دعم التحالف الدولي ضد نظام دكتاتور بغداد، ولكن لم تستثمر الكويت هذا الدور وظلت العلاقات بين الكويت والعراق يتيمة سياسياً واقتصادياً وثقافياً حتى العام 2024!
الكويت والعراق...إلى أين؟! سؤال مشروع وحيوي يفرض نفسه على الكويت والعراق وعلى الكويت قبل بغداد، فمفهوم الحرب والهزيمة والحب والعداء لم يزل يرتهن علاقات البلدين ثقافياً وإعلامياً والنظرات التقليدية لم تتبدل...أزمة ثقة لم تتغير.
فجر مشروع "ميناء الفاو" الرباعي بين العراق والأردن والإمارات وقطر وتركيا استفهام شعبي وبرلماني كويتي، واستحضرت الأطراف الكويتية مشروع "ميناء مبارك" الذي لم يحظ بعزيمة القرار الكويتي والمتابعة والتنفيذ دون أن يكون للحكومة الكويتية صوتاً في التوضيح والتعليق بهذا الوقت.
الأكيد أن الديمقراطية والدستور لا علاقة لهما في مشروع "ميناء مبارك" ولا يمكن تحميل مجلس الأمة مسؤولية التأخير والانجاز، فالقرار تملكه الدولة وتنفذه الحكومة الكويتية ولكن الاضطراب والارتباك والتردد السياسي ضيع وغيب الرؤية التنموية داخل الكويت قبل خارجها.
بعيدا عن قواعد ومتطلبات الشراكة السياسية والاقتصادية بين الكويت والعراق المأمولة والمنشودة، فمبادرة تطوير الحاضر وضمان المستقبل مع العراق لم تكن أولوية ثقافية كويتية وعراقية أيضاً ولذلك تتعثر الشراكة بينهما ويتأخر مشروع معالجة جذرية لأزمة الثقة بين الشعبين...طبعاً لا يجوز التعميم.
العراق ليس في أحسن أحواله، فإيران ما زال متحكماً في مفاصل الطائفة والدين في العراق والنخب في الكويت والعراق مشغولة في الشأن الداخلي وتعقيداته والإقليمي وتطوراته، لذا لم نشهد مشروعاً ريادياً بين البلدين في معالجة ركام العداء وأثاره للنهوض في البلدين نحو شراكة سياسية واقتصادية وثقافية حقيقية.
بناء الاستراتيجيات بين الكويت والعراق ليست منهج شراكة بينهما، فتلاطم أمواج الغضب الكويتي من الغزو العراقي لم تهدأ ورياح العداء التقليدية لم تغادر الخطاب الإعلامي في العراق واستمرار التوتر الخفي والظاهر وأزمة الثقة لن تخلق شراكة حقيقية بين البلدين عموما والشعبين خاصة.
إن الانكفاء الذي تعرضت وتتعرض له النخب الكويتية والعراقية تتحمل مسؤوليته الحكومات بشكل اساسي ولا ينبغي تبرئة الساحة البرلمانية في البلدين، فالمبادرة المشتركة اما خجولة وغائبة أو مغيبة ومهدرة ضمن أوليات إعادة بناء الثقة بين الكويت والعراق على المستوى الثقافي والإعلامي تحديداً.
منهج الإنقاذ يبدأ في الاستقرار على المبادئ والاهداف السياسية والاقتصادية الثقافية والإعلامية لقيادة التثقيف والحوار بواقعية وإنسانية بمشاركة دولية وإقليمية برعاية مجلس التعاون الخليجي، فالمعادلات الدولية تغيرت والمصالح تبدلت في حين المبادرات في الكويت والعراق تجمدت وتأخرت وهو ليس بصالح الطرفين.
الكويت والعراق بحاجة إلى التقيد بقواعد واتفاقيات دولية وإقليمية بشأن التعايش السلمي وحسن الجوار والحدود من أجل تحقيق شراكة استثنائية..شراكة ثقافية واقتصادية على اسس القيم الحضارية التي هي جزء لا يتجزأ من هويتنا وضمان لمناعتنا أمام التحديات المصيرية الكبرى حول العالم.
قنابل صوتية تنطلق في الشارع العراقي والكويتي دون معالجة جذرية وجادة في الكويت والعراق وهو تعقيد ثقافي وسياسي لا يصب في صالح حسن الجوار والتطوير المنشود في تحقيق شراكة استثنائية بين البلدين والتخلص من الماضي العليل والحاضر المشوه.
نحتاج إلى مشاريع تنموية مع العراق وينبغي تجاوز مشروع ميناء الفاو، فالتحدي الثقافي وتعقيداته لم تغب عن الساحة الإعلامية في الكويت والعراق والحلول تملكها النخب السياسية والفكرية والمدينة في البلدين كمخرج وحيد ومحوري نحو معالجة أزمة الثقة وتحقيق الشراكة الاستثنائية.
تنازلت الكويت بإرادتها عن علاقات واعدة مع بعض أطراف المعارضة العراقية السابقة وشخصيات سياسية مدنية بعد سقوط صدام حسين في حين حافظت على علاقات انتقائية وباتجاهات غير حصيفة مع أطراف عراقية أخرى!
لعل خير مبادرة مشتركة بين العراق والكويت في اللجوء إلى النخب السياسية والثقافية والفكرية وتفعيل دورهم لوضع حجر أساس الشراكة الاستثنائية وتعزيز روح التفاهم والتعاون وتجاوز العثرات المفتعلة والجدل غير المجدي وتوجيه الطاقات الشعبية نحو ازدهار اقتصادي تنموي بين البلدين.
ثمة حقائق مُرة وواقع قبيح في الكويت اقتصادياً وثقافياً وسياسياً وينبغي الاعتراف بتخلف التنمية بسبب غياب رؤية الدولة والقرار ولا علاقة لدستور الدولة والديمقراطية في التردد والتراجع والضبابية، فمشروع ميناء مبارك حجة لفاقد الحجة والرؤية التنموية وقد يكون منبعاً جديداً ضد الديمقراطية!
الشراكة الاستثنائية بين الكويت والعراق تبدأ بمبادرة الأول قبل الثاني والاستهانة في تحقيق هذه الشراكة هدر للوقت والعمل السياسي والمصالح المشتركة ولعل زيارة كويتية رفيعة المستوى إلى بغداد تفتح افاق شراكة استثنائية جديدة في منطقة تهيمن عليها ملالي إيران.
الكويت والعراق إلى أين؟! الإجابة لدى الكويت وبغداد وليس سواهما والتأخير والتأجيل في الإجابة والمعالجة المشتركة لخلق شراكة استثنائية بينهما يقود إلى مزيد من التوتر والتعقيد لأزمة الثقة والدوران في حقلة مفرغة.