كتَّاب إيلاف

الزيت والنار في الكويت!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ثمة جملة من المشكلات والتعقيدات والتحديات السياسية والثقافية والاجتماعية في الكويت التي كانت في طور النشؤ والتكوين واصبحت تشجع على التمدد والانتشار من قبل بعض الأطراف البرلمانية والحكومة الممتدة قبل الكل دون خشية التعقيد والاتهام والمبالغة والتفريط قبل فوات الأوان.

وثمة قصور تاريخي وعجز مفتعل في الحكومة الممتدة، المتعاقبة، في الاعتراف في العجز عن معالجة التحديات والتعقيدات السياسية وأزمة الثقة بين الحكومة والشعب وفجوة عميقة وفراغ كبير بينها وبين أهل الرأي وممثلي المجتمع المدني والنخب السياسية والفكرية.

الحديث عن أهل الرأي والنخب السياسية والفكرية لا يعني نواب الأمة وجماعات تقليدية أو تيار سياسي محدد، فمثل هذه الجماعات لها أهميتها ولكن لا ينبغي اختزال الشعب في هؤلاء وعدم التجديد والتطوير ولعل الانفتاح على الأخر يبرهن على ذلك.

ولا ينبغي اختزال المشهد العام ببعض نواب الأمة السابقين كما حصل في العام 2021 تحت عنوان "الحوار الوطني" وما صاحب ذلك من مبالغات واستغلال من قبل البعض في تصدير وهم الإنجاز والأفضال على أطراف سياسية أخرى وهو انحراف في الحوار والهدف.

لا شك أن عملية الاختزال لمكونات المجتمع في الكويت قادت إلى احتدام الصدام السياسي والاجتماعي وتفاقم الأزمة وبلوغ الانسداد وهو ما حصل في العام 2021 وسنوات لاحقة وحتى اليوم، فأهل الرأي لهم ما يقولونه في التفاهمات والاتفاقات للمصلحة الوطنية.

ثمة انحراف متكرر وتشويه متعمد في الممارسة في مجلس الأمة، البرلمان، من بعض نوابه وتعمد بعضهم في تجاهل طبيعة نسيج المجتمع الكويتي وتسامحه والدولة المدنية والمبالغة في التركيز على مكونات اجتماعية فرعية وقضايا هامشية دون مبرر دستوري وسياسي واجتماعي.

الصراعات السياسية والمنازعات في الكويت بين مكونات اجتماعية شتى حقيقة مغيبة لدى الحكومة الممتدة، المتعاقبة، وغائبة عن اهتمامها واعترافها دون إدراك لدور الدولة في المحافظة على الوحدة الوطنية ونسيج المجتمع وليس التشجيع على التفرقة والانقسام بالسكوت والصمت والانتقائية.

الحكومة الممتدة تتغير فيها الأسماء ولا يتغير فيها نهج الإهمال والإقصاء والانتقائية والانفرادية والاغفال في معرفة حقيقة الشجون السياسية ومصادر الاحتقان والصدام والتأزيم بين السلطتين، فالحكومة هي السلطة المهيمنة على القرار التنفيذي دستورياً ولكنها متنازلة عن دورها بإرادتها!

لا نبالغ في طبيعة الأزمة السياسية الراهنة في الكويت، فهي أزمة دولة قادتها حكومات مترهلة...حكومات ترتعد من المسائلة الدستورية وترجح الانتقائية والفوضى على الوحدة الوطنية وتفضل الصفقات غير المشروعة على المصلحة العامة...حكومات تعيش على الغموض وتقتات على التناقضات.

لم تقدم الحكومات السابقة للشيوخ ناصر المحمد وجابر المبارك وصباح الخالد وأحمد النواف ومحمد صباح السالم تغيير جوهي في العمل والتخطيط الحكومي والرؤية الإصلاحية والعزم على الإنقاذ الوطني وتصحيح مسار العلاقة مع مجلس الأمة ومواجهة الانحرافات النيابية والحكومية بشجاعة وجرأة.

صب الزيت على نار الأزمة السياسية الراهنة قادها بعض نواب الأمة السابقين وافتعلت مصادرها جهات حكومية دون مبادرة الإطفاء المبكر والاحتواء والتنظيم والتوعية، فالحكومة تجيد اشعال النار ولا تهتم في الحرائق السياسية!

الزيت والنار في الكويت، لعبة تغذيها الحكومة وتستهويها أطراف نيابية، فهي ثقافة القوي والضعيف، أي بين بعض الأطراف النيابية والحكومة التي لا تقود الرأي العام ولا تتعلم من دروس الانسداد وتراهن على قسوة الحلول ومعركة غير متكافئة وقراءة خاطئة للشارع الكويتي.

الحرائق السياسية مصدرها الحكومة وهي التي اشعلتها وسكتت عن صب بعض نواب الأمة السابقين والأفراد الزيت على نار الحكومة واثناء الانتخابات الأخيرة في العام 2024 خاصة، فقد تنازلت الحكومة عن مسؤوليتها في قيادة الرأي العام والتنظيم والتوعية!

نواب الأمة لا يملكون حق تمثيل مطلق للشعب والمصلحة العامة ولا الانتخابات تفويض مطلق لهم وفي كل الأحوال تتحمل الحكومة مسؤولية ما نشهد من تدهور وتأزيم ولا زال أمام الحكومة فرص الإنقاذ وتحقيق شراكة حقيقية مع أهل الرأي وممثلي المجتمع المدني.

الكويت تدفع اليوم ثمن اوزار حكومات متقاعسة وصراعات سياسية غير مشروعة، فالهزيمة ليست للشعب ولا الدستور ولا النظام السياسي وانما للحكومة الممتدة التي لم تقرأ التاريخ ولم تتعلم دروسه ولم تستشعر متطلبات الحاضر وتستشرف المستقبل وتحدياته.

المجزرة الاجتماعية بين مكونات المجتمع في الكويت والتعدي على الدستور لم تكن معركة خفية وطارئة، فقد كانت ظاهرة واضحة المعالم ومعروفة المصادر خلال الفترة الأخيرة دون اجراء استباقي ومبادرة حكومية لوأد التطاول على المراجع في الدولة وهي في مهدها وقبل استفحال هذه الظاهرة.

نأمل أن تتحقق الشراكة السياسية من رحم الدستور وأن تكون شراكة حقيقية وواسعة في إعادة صياغة الدستور والمحافظة على المكتسبات الدستورية من أجل الإبحار نحو مستقبل واعد.

*إعلامي كويتي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف