كتَّاب إيلاف

كيان إقليمي يُقتل رئيسه ويُغتال ضيفه

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يحتار القارئ عند اختلاف وتعدد الروايات، وقد يتيه العاقل وربما يصطف بجانب محدودي النظر السياسي:
تقول نيويورك تايمز: إن رئيس المكتب السياسي لحماس قُتل بعبوة ناسفة داخل غرفته.
وتقول إيران إنه قُتل بصاروخ موجه إلى غرفته.

وهناك فرق كبير، وهناك أمور متشابهة. وإيران تتحفظ على المعلومات حتى الآن، وهذا ما أثار التكهنات وأطلق العنان لكل المحللين ليقدموا الصورة الأقرب وفق المعطيات المتاحة.

وعند طرح بعض التساؤلات؛ لاستقراء واستطلاع الآراء المختلفة، طرحت السؤال التالي: كيفي قتل هنية وسط حراسة الحرس الثوري الايراني؟

يرى الدكتور سالم اليامي، وهو ذو خبرة سابقة سياسية ودبلوماسية كبيرة: "أنه سؤال مهم، وأقرب ما يكون أن الرجل قُتل بعبوة مزروعة أو أُطلق عليه النار من داخل الغرفة، ليس هناك صواريخ على الإطلاق، والصورة الوحيدة البعيدة والغامضة التي قدمتها إيران مثيرة للريبة، ولا تساعدنا في بناء تصور واضح. منذ مدة ونحن نردد أن إيران مخترقة واليوم ثبت أن حجم الاختراق والفساد الأمني كبير جداً، وربما مروع. وأود أن ألفت انتباه سعادتك أنه في اللحظات الأولى للاغتيال أصدرت السلطات الأمنية الإيرانية أمراً بالتحقيق، وأهمية هذه الجزئية أن السجون الإيرانية "بحسب مستقلين" مليئة بالمتهمين وبعضهم في مناصب كبيرة".

وهناك رأي آخر للدكتورة إيمان عبدالله الحصين، تقول فيه: "إن تعددت الأسباب والمنية واحدة.. ربما سلسلة الاغتيالات مستمرة والتساؤل من التالي؟! إيران، ربيبة الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني، تعرف جيداً متى تتخلى عن صناعتها وكيف!

طهران التي ما فتئت تهدد وتتوعد إسرائيل بالثأر لمجازر غزة، اليوم إسرائيل وفي عقر دارها تنفذ عملية تصفية لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وتعترف بذلك وبالتأكيد. إيران لا تملك أياً من أساليب الرد! وهذه نتيجة حتمية ربما للتخادم (الأميركي - الإيراني) في تأجيج الصراعات الطائفية في الشرق الأوسط والدول العربية ذات الأغلبية السنية".

حقيقة هناك توقعات ووجهات نظر كثيرة حول هذا الموضوع الساخن، لكن في اعتقادي الشخصي وتقديري للموقف بشكل عام أرى أن اغتيال هنية حدث كبير يضيء العتمة داخل إيران.

فعندما تُغتال شخصية سياسية لها ثقلها المتزايد في هذه المرحلة، فلا غرابة أن يهتم كل المحللين بمعرفة حقيقة ما حدث. أما المستفيد الأول فبالاتفاق هو نتانياهو الذي يبحث عن أي نصر يعزز موقفه السياسي المتعنت تجاه التحديات التي تواجهها إسرائيل اليوم.

لكن الحدث لا يتم تناوله من هذه الزاوية الضيقة، بل من زاوية إيران الواسعة لأنه هناك وقع الحادث.

إيران التي لم تفق من صدمة مقتل رئيسها قبل أشهر، ها هو اليوم يُقتل ضيفها كما قُتل رئيسها. وهذان الحدثان رغم الاختلاف الكبير بين الأسباب والإرهاصات، إلا أنهما يفرضان تساؤلاً عن حقيقة الاستعدادات الأمنية في إيران! وهل إيران آمنة من الداخل، أم مخترقة كما يقول البعض؟

ما حدث لهنية لا يخرج عن احتمالين:

الأول: أن الحرس الثوري الإيراني هو من دبر هذه العملية وأن هناك ثمناً ربما قبضته إيران لإخراج هنية من المسرح السياسي الفلسطيني لصالح نتانياهو وإسرائيل.

أما الاحتمال الثاني: فهو أشد مرارة، وهو أن الحرس الثوري مخترق من الداخل مما جعل هنية ويجعل غيره صيداً سهلاً لهواة الاستخبارات الدولية.

دور الحرس الخاص للشخصيات السياسية مهم في مثل هذه البلدان غير الآمنة. إذ يجب عليهم أن يتسلموا مقار الإقامة قبل وقت طويل ليقوموا بالمسح واختيار المكان الآمن وهكذا، وهي إجراءات معروفة وبديهية. ولكن الذي أقرأه حتى الآن هو أن إيران قد قتلت هنية كقراءة فقط قابلة للخطأ والصواب والله أعلم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف