كتَّاب إيلاف

حقوق مشروعة

"المطر والبخار والسرعة" للرسام الإنكليزي ويليام تيرنر
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ماذا تقولون في المرأة التي كرّست جلّ حياتها في محبة زوجها، وأنجبت له خير الأولاد، وأنفقت كل ما عندها على متابعة دراسته وإكمال تحصيله العلمي، ودخلت السجن رهينة بسبب تفكيره ونشاطه، وبعد أن تبددت الغيوم، وأشرقت الحياة لهما، بعث لها بورقة الطلاق لبلوغها سن اليأس ولقائه بفتاة في سن الصبا؟

قلت لنفسي: يا لشقاء الليالي التي تقضيها مثل هذه المرأة الخائبة الأمل! ولدينا من أمثالها كثيرات يعانين من سوداوية العلاقة الزوجية، والتي تتحملها على مضض من أجل أبنائها.

***
وماذا تقولون في الأستاذ الذي درس القانون والشريعة وحقوق الإنسان، وأهلك نفسه جوعاً ليذهب إلى السوربون ويحصل على الدكتوراه في القانون، ويعود إلى بلده ليجد انقلاباً عسكرياً قد حدث، وألغى الانقلابيون كل ما درسه من قوانين، وعطّلوا حكم الشريعة، وحوّلوا المرافعات إلى سيرك وشكليات كوميدية، وجعلوا من المحاماة مهنة لا يأخذ بها أحد، ومن حقوق الإنسان جريمة منكرة؟

قلت لنفسي: يا لشقاء الليالي التي بات يقضيها هذا الأستاذ الدكتور. وعرفنا من أمثاله الكثيرين في بلداننا العربية.

***
وماذا تقولون في العالم التكنوقراط الأميركي الذي يحبس نفسه في مختبره، ويقضي عمره ليصنع سلكاً نحاسياً دقيقاً لا يُرى بالعين المجردة، ويبعث به إلى اتحاد صناعات الساعات السويسرية معتزّاً بإنجازه، وبعد يومين يتسلّم السلك نفسه ثانية ليرى تحت المجهر أن عالماً سويسرياً قد عمل ثقباً يمتدّ على طول السلك من الداخل؟

قلت لنفسي: يا لشقاء الليالي التي قضاها ذلك التكنوقراط الأميركي، وعندنا من أمثاله... ولا واحد!

***
وماذا تقولون في ذلك الرجل الذي قضى حياته في دراسة الفقه والشريعة، ثم أفتى في أواخر أيامه بأن الشرع يحثه على تجنيد الصبيان باسم الدين ليقوموا بعمليات انتحارية تفتك بعشرات المسلمين وغير المسلمين، وتقضي على الزرع والضرع، وعلى فراش موته يجد أن كل ذلك كان إثماً وكفراً بالله، وأن كل أولئك الانتحاريين مصيرهم النار وليس أحضان سبعين حورية في الجنة؟

قلت لنفسي: ليلة ذلك الرجل، وهو على فراش الموت، كانت أشقى الليالي التي مر بها في حياته. ليالي ندم لا يوازيها إثم وألم غير الليالي التي لا بد أن يقضيها الطغاة، الآن أو بعد حين.

***
وماذا تقولون عن الصديق الذي طالما قدّم لصديق طفولته دون مقابل، لقاء إسداء خدمة ما، ونظرة ذلك الصديق أن ما قام به من خدمة كان ديناً واجب السداد؟ وبمجرد المطالبة به أقام الدنيا ولم يقعدها، ولعن الساعة التي تعرف فيها عليه!

***
وماذا تقولون عن الإنسان الذي يسعى لتخفيف أوجاع وآلام الآخرين، ومواساتهم في ملماتهم وأحزانهم، ومساعدتهم قدر الإمكان إذا تطلب الواقع ذلك، بعيداً عن إلحاق الضرر بهم، والعمل على خنقهم، رغم ما يعانونه من أوجاع وفاقة ووضع مزرٍ ومرعب!

***
وماذا تقولون عن الإنسان الذي يسعى للمحافظة على النظافة العامة، سواء في الشارع، المدرسة، البيت، المطعم، أماكن العمل، الباص أو الطائرة، وغير ذلك. في المقابل، هناك من يتعمد إحداث الفوضى ورمي القمامة كيفما شاؤوا لإثارة غضب الآخرين، بما فيهم صاحب العمل، لخلق حالة من الإثارة والفوضى، وهذا ما لا يرضي أحداً ويحتاج إلى معالجة عاجلة.

***
وماذا تقولون عن صرخات بعض الأصدقاء تجاه محبيهم ومعارفهم وزملائهم في العمل وخارجه، في حال تعرض أحدهم لوعكة صحية أو دخوله إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية؟ فتراه يبادر إلى الإكثار من نشر المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي للفت الانتباه إلى حالته الصحية، وكأنه يستجدي دعوات الآخرين، وهذا ما يثير استغراب الكثيرين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف