كتَّاب إيلاف

عراقجي وغصن زيتونه الذابل

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وخلفه صورة زعيم حزب الله الراحل حسن نصرالله
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في الحوار الذي أجراه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع قناة Tg3 الإيطالية، قال بخصوص الاحتمالات الواردة بتوسع دائرة الحرب ودخول طهران فيها، إن إيران "لا تخشى الحرب، ولكنها لا تريدها أيضًا"! هذا الكلام يكون مفهومًا ومقبولًا لو كان هناك في الواقع ما يمكن أن يدعمه من سوابق لنظام بلاده القائم منذ 45 عامًا، بمعنى أنَّ هناك سوابق تؤكد على عدم رغبة طهران في الحروب. ولكن هل عراقجي صادق ودقيق في ما قاله أثناء الحوار المذكور؟

لنعد إلى البداية، إلى عودة الخميني إلى طهران على متن الطائرة الفرنسية وخطابه المتخم بلغة التهديد والوعيد شرقًا وغربًا. ومع أنه كان يركز على الولايات المتحدة وإسرائيل، لم يحدث شيء من ذلك حتى قامت إسرائيل بدك طهران بمختلف الطرق والأساليب وفضحت نظام الملالي شر فضيحة وأجبرته على أن يدخل بنفسه الميدان، لا عن طريق وكلائه الذين يثيرون الحروب بزعم استقلاليتهم في اتخاذ قراراتهم، وهو لعمري زعم واهٍ ومثير للسخرية.

كيف يمكن لعراقجي ولنظامه أن يفسر للعالم عدم رغبة نظامه في الحرب، في وقت جعلت فيه بلاده أربعة بلدان في المنطقة ساحات حروب ومواجهات دامية تغذيها بنفسها عن طريق الأسلحة المختلفة التي ترسلها هناك؟ هل يمكن لعراقجي أن ينكر دور نظامه في تغيير الواقع الاجتماعي لتلك البلدان، ولا سيما من حيث غلبة خطاب الحقد والكراهية بين مكونات شعوبها؟

إقرأ أيضاً: عودة ترامب أم عودة أميركا؟

إن لم يكن النظام الإيراني يريد الحرب، فمن الذي فرض أحزابًا وميليشيات سائبة في العراق ولبنان واليمن وسوريا، تقرع طبول الحرب ليل نهار وجعلها بمثابة القوة الأهم في فرض القرار السياسي في بلدانها؟ ألم يكن هناك شعور أو إحساس لقادة النظام الإيراني وهم يرون بأم أعينهم ما يحدث من مواجهات وحروب دامية في هذه البلدان، وصل إلى حد القتل على الهوية؟ ألم يتحركوا من أجل وقف نزيف الدماء هذا والعمل من أجل نشر خطاب السلام والمحبة عوضًا عن خطاب الكراهية والحقد والمواجهة؟

45 عامًا وطهران تقيم الدنيا ولم تقعدها بزعم عدائها لإسرائيل والتأكيد على محوها من على الخريطة. ما الذي حدث الآن؟ وما الذي قد غيّر عقيدتكم بعد أن تحقق حلمكم بأن اختارت إسرائيل بنفسها فنائها على أيديكم؟

إقرأ أيضاً: عن بقاء حماس وحزب الله

غصن الزيتون الذي تلوحون به لإسرائيل والذي يحمله عراقجي في جولته الحالية، ألم تكن بلدان وشعوب المنطقة أولى به؟ بل ولماذا لم تتجشموا عناء القيام بهكذا جولات مكوكية من أجل وقف مسار الأحداث والتطورات باتجاه التفجير وإثبات حقيقة كونكم حمامات سلام وليس صقور حروب؟ رغم أنني أتحفظ على هذا الوصف لأنكم لا تملكون جرأة الصقور!

إذا كانت طهران حقًا "لا تخشى الحرب، ولكنها لا تريدها أيضًا"، فلماذا تريدها لغيرها من شعوب المنطقة وتحرقها في آتونها؟ بل إن السؤال الأهم الذي يجب طرحه على عراقجي: لماذا لم يتم طرح عدم رغبة نظامه في الحرب إلا بعد أن قرعت الحرب باب طهران؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف