كتَّاب إيلاف

يحيى السنوار.. الفلسطيني الذي أفاد إسرائيل حياً وميتاً

قائد حركة حماس الراحل يحيى السنوار
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وتعاطفنا مع أهلنا في فلسطين ودعمنا لهم لا حدود له. لكن عملية 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 أعطتنا درساً إضافياً بأن كل تعاطف له حدود، وليس كل من لبس الكوفية الفلسطينية ورفع علمها وأعلن تمثيله القضية الفلسطينية سنبقى معه في السراء والضراء. فكيف بشخص ارتقى المنصة ثم مجَّد إيران وجند في الشام (نظام بشار الأسد وحزب الله) وجند في اليمن (الحوثي) وجند في العراق (ميليشيات الحشد وغيرها)، واعتبر أن هؤلاء محور القدس الذي سيلقي إسرائيل في البحر، وكان يسخر من إخوانه العرب الصادقين معه، والمقصود هنا (الفلسطيني يحيى السنوار).

لو كان السنوار شيعياً، لقلنا إنَّ هذا ما يمليه عليه معتقده وما يرضي مرشده ومراجعه. ولكنه ينتمي لحركة تدعي أنها سنية، وأعلنت أن هدفها مقاومة المحتل، ولكن مرجعيتها الإخوانية قالت إنَّ مشروعها أكبر من تحرير فلسطين، كما قال محمود الزهار.

حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ارتمت في أحضان إيران منذ نشأتها، واعتبرت نفسها جزءاً من مشروع الإخوان المسلمين الذي شهد خريفاً أسود بدعم من بعض القادة والدول في منطقة الشرق الأوسط وقوى عالمية، وفشل فشلاً ذريعاً بحمد الله.

كل قادة حماس ومنظريها تخلوا عن أفكارهم الإخوانية وقدموا الفكر الإيراني عبر اتباعهم سياسة وعقيدة محور المقاومة. هم ليسوا على قدر الثقة، ووضعوا ثقتهم في من لا ثقة به. رسمت لهم إيران خارطة طريق لتحرير القدس، وهي الباحثة عن الطريق إلى مكة كما صرح به بعض قادتها وقادة ميليشياتها.

دعمت إيران حركة حماس مادياً ولوجستياً وفنياً وإعلامياً، وتناست حركة حماس ما تعرضت له الشعوب العربية في إيران نفسها وفي العراق وسوريا ولبنان واليمن. تعامت عنه وظنت في إيران ظن المحسن في إبليس، حتى مجد قاسم سليماني ولقب بشهيد القدس. فماذا قدم قاسم سليماني للقدس وغزة ليستحق هذا التمجيد، على الرغم من ملفه الأسود ويديه الملطختين بدماء العرب؟

وقعت حركة حماس في خطأ استراتيجي كبير، وهو سوء التقدير الاستراتيجي (مجموعة واسعة من العوامل الاستراتيجية التي تؤثر على فهم القائد لبيئته الاستراتيجية والعملياتية وتحديده للمهام والأهداف وتوقع النتائج). ويعود هذا الفشل لأسباب عدَّة، من أهمها ضعف مهارات التفكير والتحليل والتخطيط والمراجعة الاستراتيجية، والتضليل الإعلامي، والاندفاع خلف الرغبات الإيرانية غير المنطقية، وضعف القدرات الاستراتيجية. فحركة حماس حركة مقاومة أو ميليشيا لا ترتقي إلى جيش منظم لدولة ذات قدرات سياسية وعسكرية واقتصادية وتصنيعية، وخلفها حلفاء أقوياء.

إقرأ أيضاً: الثالوث المرعب: الفساد والمخدرات والإرهاب

فماذا جنت حماس من اندفاعها وسوء تقديرها؟

ما جنته حماس لم تقتصر آثاره وأضراره على الحركة فقط، بل شمل الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية والمنطقة بأسرها. شهدت غزة تدميراً هائلاً وإبادة ومجازر وجرائم إسرائيلية بشعة بحق شعب أعزل هُجّر من مدنه ومخيماته إلى العراء، وانتكاسة مروعة للقضية الفلسطينية.

من أشهر قادة حماس المسؤولين عن هذه الانتكاسة (يحيى السنوار)، لأنه القائد ذو التأثير القوي على مستوى القرار، وصاحب الارتباط الشديد مع حزب الله وإيران. كانت حساباته الاستراتيجية والسياسية والعسكرية خاطئة وقاتلة، ومن أهمها مدى أهمية وضرورة القيام بالعملية في المقام الأول وما يترتب عليها من عواقب، وما تلاها من أخطاء سياسية وعسكرية لاحقة. وبكل أسف، فقد خدم كل من إسرائيل وإيران، يعلم أو لا يعلم، حياً وميتاً.

إقرأ أيضاً: ميليشيات الشرق الأوسط: أزمة فكر وقيم

فعلى قيد الحياة قاد مغامرة حماس القاتلة، ففقدت حماس وجودها وكوادرها وسلاحها وأنفاقها، وفقدت غزة كيانها وشعبها وصمودها. فقدت القضية الفلسطينية مكتسباتها، وفقدت المنطقة استقرارها. وعند مقتله، تحولت جثته إلى أداة مساومة ومقايضة وورقة ضغط لتحقيق المطالب الإسرائيلية التي سوف تتكشف خلال الأيام القادمة.

فهل كانت عملية 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 بداية النهاية لحركة حماس وغيرها؟ هذا ما يحتاج عاماً وأكثر للإجابة عليه، وبالتحديد في 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2024.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف