كتَّاب إيلاف

المواطنة والانتماء...النموذج الكويتي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يمكن رسم صورة وردية وجميلة عن الوضع السياسي والاقتصادي ورفاهية الدولة الريعية في الكويت كنموذج لنظام ديمقراطي دستوري، لكن صورة الوضع الحالي لا تعكس حقيقة الوضع الاجتماعي والثقافي الذي يستحق المزيد من التبصر والمراجعة من أجل تعزيز المواطنة والانتماء والولاء.

المواطنة والانتماء كلمتان مرتبطتان ببعض من ناحية التعريف والمضمون حيث أن كلا الكلمتين لهما بعداً سياسياً واجتماعياً، لذا حظي موضوع المواطنة والانتماء والولاء بدراسات غربية وعربية وكويتية أيضاُ لأسباب عديدة منها معوقات تطبيق المفاهيم والمصطلحات العلمية والاجتماعية في هذه المرحلة.

تشهد الكويت اليوم سياسيات حازمة لإصلاح التركيبة السكانية والمحافظة على الهوية الوطنية وحمايتها من التزوير والازدواجية، وهي قرارات في الاتجاه الصحيح حتى لو جاءت متأخرة!

لعلنا لا نبالغ بوجود إشكالية اجتماعية وثقافية في الكويت بالنسبة للانتماء والولاء والمواطنة، فقد اهملت حكومات متعاقبة الجانب العلمي لهذه المشكلة المتورمة منذ عقود من دون أن ندشن طريق الإصلاح لعلاج المشكلة من جذورها وفقدنا جهداً سياسياً يتصدى لمنابعها!

لدينا إشكالية اجتماعية عميقة ومعوقات تعليمية وثقافية أعمق تحول دون ترسيخ المواطنة والانتماء، مما ادى إلى انتشار ظاهرة الاغتراب (ALIENATION) وهي عبارة عن شعور المواطن بعدم الانتماء أو فقدان الشعور بالانتماء إلى وطنه.

لا ينبغي نكران ظاهرة توغل الحرمان والتذمر والاغتراب في عقول شابة متعلمة ومثقفة لا تستطيع الانصهار أو الاندماج في المجتمع في ظل تناقضات واستفهامات حول الحريات في التعبير والبحث العلمي وهي جميعها عوامل تحول دون ترسيخ المواطنة والانتماء والولاء!

الانتماء والمواطنة ليست بجواز السفر وليست أيضاً بالخدمات المجانية ورفاهية الحياة، وإنما هناك عوامل اساسية تؤثر في الانتماء لعل أبرزها المشاركة في صناعة القرار السياسي لتحقيق العدالة الاجتماعية وهي عوامل تعمق الشعور في الانتماء (BELONGING) إلى المجتمع والدولة.

مجلس الأمة بالرغم من سوء أداء بعض نوابه في الفترة الأخيرة، وهم عدد غير قليل إلا أن وجوده كان منبراً للمشاركة في صناعة القرارات، لكن الانحراف والأذى الدستوري من رئيس المجلس وبعض النواب في الفترة 2013-2020، قاد إلى تدمير المكتسبات الدستورية!

ما لم تلتفت الحكومة الممتدة، المتعاقبة، للجانب الثقافي في دراسة عوامل تتعلق بالواجبات والحقوق للمواطن وهي ليست ذات علاقة بالولاء، فليس هناك أكثر برهانا على الولاء لدينا في الكويت مما سطره الشعب الكويتي من ملاحم صمود وتضحيات داخل الكويت وخارجها اثناء الغزو العراقي.

جهد سياسي لا يمكن نكرانه ولا تجاهل نص وابعاد كلمة العم عبدالعزيز الصقر رحمه الله بكلمته المؤثرة في مؤتمر جدة الشعبي اثناء الغزو العراقي.

"في لقاء كهذا، رسمي الدعوة، شعبي الاستجابة، ليس الهدف مبايعة آل الصباح ذلك لان مبايعة الكويتيين لهم لم تكن يوما موضوع جدل لتؤكد ولا مجال نقض لتجدد ولا ارتبطت بموعد لتمدد، بل هي بدأت محبة واتساقا واستمرت تعاونا واتفاقا ثم تكرست دستورا وميثاقا".

لا ننكر الجهد السياسي والثقافي الذي شهدته الكويت منذ الإمارة حتى الدولة الحديثة، لكن سرعان مع الزمن ما فقدنا هذا الجهد العظيم والاهتمام الثقافي لتعريف المواطنة لدى الشباب ودورهم في حماية المكتسبات الدستورية وجعلهم محور مهم في المحافظة عليها وتطويرها!

ينبغي على الحكومة الاعتراف بحجم الانتكاسة التي تعيشها الكويت في هذه الفترة بالذات ومنذ زمن بالنسبة لحالة الغربة التي تعاني منها شريحة واسعة من الشباب والشابات ومنهم من اختار العيش والعمل في بلدان مختلفة بسبب عدم الشعور بالانتماء والمواطنة!

المواطنة والانتماء لا تحددها جنسية ولا جواز سفر وإنما اتفاق ووفاق تحت مظلة العدالة الاجتماعية والدستور حين تلتقي جميع السلطات والشعب أيضاً على اساس احترام كافة الآراء والحريات بما في ذلك الرأي الأخر!

ثمة مصطلحات ونظريات ومفاهيم حول المواطنة والانتماء والولاء التي تحتاج إلى التطبيق العملي والعلمي لتفادي المزيد من التعقيدات الاجتماعية والصدام الاجتماعي ومجزرة الطائفية والقبلية والمناطقية.

اليقين السياسي يقول إنه لا يوجد مواطن كويتي واحد حتى لو بالسر وفي وقت فقدان التوازن والثقة بالنفس يفكر لوهلة من الزمن في بديل لأسرة الصباح الحاكمة ولا مراجعة المبايعة الدستورية مع أسرة الحكم.

قضايا كثيرة تعيشها الشعوب ومنها المعقدة والمتورمة والخطرة من دون أن تعي في خطورتها وطبيعتها، لذلك يأتي دور الحكومة في امتصاص الغضب والاحتقان والخطر ومعالجة الانتماء والولاء والمحافظة على دستور الدولة فهو الحصن الحصين للدولة والشعب.

*إعلامي كويتي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف