كتَّاب إيلاف

ترامب سيغيّر الواقع اللبناني إلى الأبد.. حقاً؟

هل تنجح الجهود الرئاسية القادمة في تغيير مسار الأزمات؟
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يعلق اللبنانيون آمالًا كبيرة على الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب من أجل وقف الحرب وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر عام 2023.
وتناقل الكثير من اللبنانيين الرسالة التي قيل إن ترامب بعث بها إلى الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة وتحدث فيها عن ميله الشديد لإعادة الأمن والاستقرار إلى الشرق الأوسط، معتبرين أنها تعهد واضح وصريح من الرئيس الأميركي بوقف الصراع، يُضاف إلى ما صرّح به سابقًا بأن الحرب يجب أن تتوقف.
التعويل على جهود ترامب لإنهاء الحرب لم يدفع الجانب اللبناني على الصعيدين، سواء الشعبي أو السياسي، إلى الحديث بشكل علني عن شروط وقف الحرب وعن المرحلة القادمة والمتغيرات التي من الممكن أن تحدث، أقله حتى الآن، فالجميع يتعاطى مع اليوم التالي على أنه سيكون مشابهًا لتفاهم نيسان 1996 أو توقف العمليات العسكرية عام 2006 بعد صدور القرار 1701.
والجانب الأبرز الذي أغفله المتعلقون برسالة ترامب كان في قوله: "سأصلح المشاكل التي تسببت بها كامالا هاريس وجو بايدن في لبنان وسأنهي المعاناة والخراب في لبنان"، متابعًا: "نريد أن يعود السلام الحقيقي والدائم إلى الشرق الأوسط، وسوف نعمل على ذلك بشكل صحيح كي لا تتكرر الأحداث كل 5 أو عشر سنوات".
الشق الأول من الرسالة الذي يوجه اتهامات لإدارة الرئيس جو بايدن لا يخرج عن كونه تصريحًا انتخابيًا صرفًا يُراد من خلاله جذب أصوات الناخبين من أصول لبنانية، ولكن الأهم يكمن في حديثه عن السلام الدائم الذي أضاف عليه: "عائلاتكم وأصدقاؤكم في لبنان يستحقون العيش بسلام ورخاء ووئام مع جيرانهم".

التجربة الرئاسية الأولى لترامب أكدت أن الرجل يعمل دائمًا على إيجاد حلول للمشاكل وفق عبارة (Once and for all) أي لمرة واحدة وللأبد، وظهر هذا جليًا في الجهود التي بذلها وإدارته للدفع باتجاه عملية السلام في الشرق الأوسط التي كانت مجمدة منذ تسعينيات القرن الماضي، ونجح في إحداث خرق كبير من الخليج حتى المغرب العربي.
بالتالي، الرئيس الأميركي لا يفكر في سياسة أنصاف الحلول في الملف اللبناني كالتي حدثت في مناسبات سابقة، وقف إطلاق نار فقط ثم عودة الأزمة إلى الاشتعال، وهو يريد عند عودته إلى البيت الأبيض استكمال الجهود من المكان الذي توقف فيه قطار السلام واتفاقية إبراهيم عند خروجه من الحكم، وهذا يعني أنه لا عودة إلى ما قبل الاتفاقية في حل الحروب والنزاعات.
ويبقى السؤال الأهم: هل هناك قدرة للشروع في مباحثات السلام؟
اتفاق الترسيم البحري الذي أُنجز بين لبنان وإسرائيل برعاية إدارة الرئيس جو بايدن قد يكون القاعدة الرئيسية للانطلاق، يُضاف إليها التقدير السائد بأن حزب الله يمر في فترة حرجة نتيجة اغتيال قادته والعمليات الأمنية التي استهدفته والتي أفقدته ورقة هامة كان يرفعها وتتناول قدرته على الردع بوجه إسرائيل وإيجاد توازن عسكري إلى حد ما، وهذا يعني أنه إضافة إلى غياب القيادة التي كانت لتعارض أي طرح من أجل السلام، سيواجه الحزب أزمة سياسية داخلية مع أفرقاء عديدين تتعلق بتوجه لبنان المستقبلي ودوره على الخارطة الشرق أوسطية في ظل اتفاقيات السلام والتطبيع القائمة، وسيتمسك معارضو الحزب بقدرة الجيش اللبناني على بسط سلطته على كامل الأراضي اللبنانية.
كما أن لبنان الذي كان يمر أصلًا بظروف اقتصادية صعبة قبل الحرب، سيعوّل على دعم عربي وغربي لانتشاله من الأوضاع المأساوية التي وصل إليها، والأحاديث هنا تدور أنه ما دام حزب الله ممسكًا بالسلطة اللبنانية، فالدول العربية لن تندفع إلى بيروت كما فعلت في المرات السابقة عقب توقف الحروب والمعارك.

ولكن ماذا لو نجح حزب الله في إسقاط مشروع "إبراهيم" بنسخته اللبنانية؟
لا أحد يضمن توقف الاستهدافات العسكرية أو الأمنية، سواء توقف إطلاق النار أم لم يتوقف، والتعاطي مع لبنان سيكون ثانويًا، وعلى بيروت انتظار ما سيشهده المد والجزر الإيراني الأميركي فربما ستكون ورقة تمكن طهران بواسطتها من تعزيز مكتسباتها في أي اتفاق جديد مع واشنطن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف