كتَّاب إيلاف

الكويت ليست دولة من كرتون

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لستُ بطلاً سياسياً، ولا منظّراً، ولا زعيماً وطنياً، ولكن وطني الكويت ليس دولة من كرتون. فالحياة الديمقراطية ونبضها حصدت اهتماماً سياسياً عالمياً، وجذبت التجربة ذاتها أيضاً تركيزاً علمياً وبحثياً في مختلف المؤسسات الأكاديمية في العالم.

الكويت دولة ذات نظام سياسي ديمقراطي، لم ينهَر نظامها أثناء شهور الغزو العراقي في العام 1990، ولم ينهَر أو يتغير النظام السياسي في هذه الدولة الصغيرة بمساحتها الجغرافية، والكبيرة بمساحتها الديمقراطية والسياسية.

مراجعة تاريخ الكويت تحتم الحياد السياسي محلياً ودولياً، ومن الحكمة مراجعة صفحات التاريخ والتأمل فيها كحلقات مترابطة حتى حلقة تزوير الانتخابات في الستينات، وتعليق الدستور وحل مجلس الأمة في السبعينات والثمانينات، والخطابات السامية إلى المجتمع الدولي في التسعينات، وحلقة الغزو.

من يراجع تاريخ علاقة الكويت مع الديمقراطية، يتوجب عليه العودة إلى ما قبل استقلال الكويت وصدور الدستور في العام 1962. فالعلاقة بدأت بالشورى في العام 1921، وقد وثقها التاريخ السياسي وتاريخ الأسرة الحاكمة، أسرة الصباح الكريمة.

العلاقة بين الديمقراطية والكويت سلكت مسلكاً تصاعدياً، وتعرضت للاحتدام والصدام، لكن ظل العقد السياسي والاجتماعي مع أسرة الحكم في الكويت محل اعتزاز وفخر من كافة الأطراف السياسية والشعبية. فالكويت ليست دولة من كرتون!

نهشت الفوضى في جسد الكويت السياسي والمؤسسة الدستورية، مجلس الأمة، لكن نبض الحياة السياسية في دستور 1962، وروحه في المذكرة التفسيرية ظلت حياة نابضة في بيت أسرة الحكم والشعب الكويتي، ومزيجاً من الأجيال الماضية والمتعاقبة والحالية.

حملنا الهموم السياسية واشتركنا في صناعتها وتعقيداتها، لكن نمط الحياة والتفكير والنظر إلى الحياة السياسية والديمقراطية لم يحد عن الحقيقة والواقع، ولم ينفصل عن المبايعة الدستورية لأسرة الحكم. فالكويت ليست دولة من كرتون!

الكويت اختلفت في العام 2024 عن العام 1921، واختلفت لغة الحوار في مجلس الأمة، بل انحرفت من بعض نواب المجلس أو ربما معظمهم. لكن الشريك الصامت كانت السلطة التنفيذية التي تملك سلطة الدستور وتتفوق فيها على سلطة مجلس الأمة.

تنازلت سلطة الحكومة عن سلطة القرار التنفيذي لصالح صوت القبيلة والطائفة والفئة والمصالح الاقتصادية والتجارية، ونهبت ثروات الدولة في شهور الغزو العراقي وبعدها في مؤسسة التأمينات الاجتماعية وفي وزارتي الدفاع والداخلية. ولم تنهَر الدولة، فالكويت ليست دولة من كرتون!

حُلّت الأزمة بين السلطتين بفعل فاعل، وليس بسحر ساحر. وتتحمل الحكومة من دون غيرها مسؤولية الصدام والفزع من صوت بعض نواب الأمة والغوغائية، وزحف سلطة مجلس الأمة في 2013-2020 على سلطة الحكومة. لكن الكويت لم تنهَر، فهي دولة ليست من كرتون!

لدى الغرب تحديات سياسية جديدة، فالرئيس الأميركي ترامب منشغل في ملفات النزاعات العسكرية في الشرق الأوسط، وخاصة بين إسرائيل وحركة حماس تحديداً.

بلا شك، يركز الاهتمام الأميركي على التطبيع الخليجي مع إسرائيل، وكذلك الحال لدى حكومة العمال في بريطانيا. لذلك، لا بد من قراءة سياسية موضوعية ودقيقة للأبعاد الدولية والإقليمية ذات الصلة بالديمقراطية في الكويت.

أي قراءة سياسية موضوعية ينبغي ألا تستبعد إيران عن الوضع في الخليج العربي من الحسابات السياسية عموماً والخليجية خاصة.

أمام الكويت فرص واعدة جديدة لإعادة صياغة الدستور من أجل المزيد من الحريات والمحافظة على المكتسبات الدستورية. فالكويت ليست دولة من كرتون كما يتوهم البعض من أعداء الديمقراطية!

* إعلامي كويتي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ديمقراطية الكويت منقوصة ,,
عبدالله -

مع ان الدستور يقول ان الشعب مصدر السلطات ، كما في الدساتير العربية قاطبة ، إلا ان الديمقراطية في الكويت وفي بلاد العرب اوطاني منقوصة ومعيبة، حيث السلطات المطلقة للحاكم والحكم متوارث واغلب وزراء الدولة من الاسرة الحاكمة ، الكويت لو اراد حكامها يمكن ان تتحول إلى ملكية دستورية الاسرة الحاكمة فيها تملك ولا تحكم و ان تكون في الكويت احزاب تصل إلى الحكم بالانتخاب و يشكل الحزب الفائز الحكومة ويكون مسؤولا امام الامة و ممثليها و محكمتها العليا والإعلام الحر عن نجاحه او إخفاقه،،

فوضى الديمقراطية الغربية في البلدان الاسلامية
عابر سبيل -

الى المعلق عبدالله. لا اعتقد ان الديمقراطية التي تقترحها تصلح للكويت أو لأي بلد اسلامي آخر، لأن المسلمين يريدون تأسيس دولة شبيهة بافغانستان الطالبانية أو دولة الخلافة الاسلامية (داعش) لأنهم يعتقدون بسبب الاكاذيب التاريخية أن هذا النظام هو الانسب والاصح للحكم لأنه منزل من السماء، وكل من يعترض عليه هو كافر يستحق القتال والقتل. تخيل الفوضى العارمة التي ستحدث في هذه البلدان المتخلفة فكريا لو اعطوا حرية الديمقراطية الغربية.