المستقبل تصنعه الشعوبُ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إنسانُ مجتمعات منطقتِنا الناطقة باللغةِ العربية يمر بظرفٍ غير واضح له ! أو غير واضح للأغلبية. فهو يعيش مقتنعاً بأن جلَ (معظم) سلبياتِ مجتمعِه وحياتِه هى من ثمارُ مؤامراتِ الآخرين. وهو آسير مواضيعٍ وقضايا ماضوية. كما أنه يميل لكونِه "مفعولاً به" وليس "فاعلاً". ووسط هذا المناخ الفكري، تجد بعض الجماعات أن تلك القناعات هى الأمثلُ لها للسيطرةِ وبسطِ نفوذها. رغم كون قادتها بعيدين عن التفكيرِ العلمي، بل وأحياناً يكونوا (ثقافياً ومعرفياً وفكرياً) أقرب للـ صفر، رغم حيازتهم على درجاتٍ جامعيةٍ مثل الدكتوراة! إنسانُ مجتمعات المنطقة الناطقة باللغةِ العربية لا يقول لنفسِه: لقد تم تدمير ألمانيا واليابان سنة 1945، وتم ضرب اليابان بقنبلتين ذريتين، ولكن هذا لم يمنع البلدين (ألمانيا و اليابان) من التعافي والنهوض والتقدم والوصولِ لأعلى المستويات العالمية فى معظمِ المجالاتِ.
ولو تأمل إنسانُ المجتمعات الناطقة بالعربيةِ الحالتين الألمانية واليابانية لتوقف عن الإعتقادِ بأن جلَ (معظم) سلبياتِ مجتمعِه هى من صنعِ الآخرين، بقدر ما هى من ثمار إفتقاره هو وإفتقار أبناءِ وبناتِ مجتمعِه لإرادةِ صنع التقدم وتحدي الآخر. وكاتبُ هذه السطور لا يساوره شكٌٌ فى أن معظم قيادات مجتمعات المنطقةِ الناطقةِ باللغةِ العربيةِ ومعهم أجهزة الدولة العميقة ووسائل إعلام هذه المجتمعات كلها صاحبة مصلحة (شديدة الوضوح) فى إستمرارِ هذه الذهنية التى تُرجع سلبيات مجتمعاتها لأطرافٍ معاديةٍ خارجيةٍ. لكون ذلك سيمنع الشعب من لومِهم ومن إعتبارهم المسؤولين الأوائل عن معظمِ السلبيات وعن شتى صور التدهور المتفشية فى هذه المجتمعات. وهذه "الظاهرة" تفسر لماذا تصر القياداتُ السياسية فى بعضِ المجتمعات على أن تكون وسائل الإعلام (المقروءة والمسموعة والمُشاهدة) خاضعةً (خصوعاً كاملاً) لإرادتِها، فهى من أهمِ أدواتِ شيوعِ وذيوعِ هذه الذهنية التى تُرجع معظم سلبيات مجتمعاتها لـ"مؤامرات جهاتٍ خارجية معادية".
وكاتب هذه السطور لا يُنكر وجود هذه المؤامرات ، ولكنه ينفي كونها مصدر وسبب هذه السلبيات الأساس. والمنطق يحتم القيام بوضعِ سياسة وبرامج لتكوين عقلٍ جمعي يؤمن بأن الشعبَ قادرٌ على صنعِ شكلِ واقعِه وصياغةِ معالمِ مستقبلِه وذلك من خلال برامج تعليمية وثقافية وإعلامية تؤصل أهمية (بل محورية) إرادة أبناء وبنات الوطن … وأن يتضمن ذلك تعريف عميق بما فعلته بعضُ الشعوب التى تعرضت لما أسوأ مرات و مرات لعداء خارجي وصل لحد تدمير مجتمعاتها تدميراً مادياً شبه كامل، بل وضربها بكل الأسلحة بما فى ذلك الأسلحة النووية (مثلما حدث فى اليابان فى صيف سنة 1945).