كتَّاب إيلاف

أوروبا تتعنّت قبل تنصيب ترامب

تقترب القوات المسلحة الروسية من إنهاء أهدافها في حرب أوكرانيا
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مع أفول عام 2023، أصدرت وزارة الدفاع الروسية تقريراً بينت فيه حجم الأراضي التي تسيطر عليها قواتها المسلحة، حيث بات إقليم "لوجانسك" بالكامل تقريباً خالياً من أي جيوب أوكرانية (99.3 بالمئة) أكان من ناحية القوات النظامية، أو التشكيلات غير النظامية، وحتى الموظفين الإداريين التابعين لكييف. بالإضافة الى 70 بالمئة من أراضي إقليم "دونيتسك"، و73.9 بالمئة من أراضي مقاطعة "زابورجيا"، و76 بالمئة من اراضي مقاطعة" خيرسون".

وبالتالي، فإنَّ القوات المسلحة الروسية باتت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق كل الأهداف الميدانية التي وضعتها لعمليتها العسكرية في أوكرانيا، وخصوصاً تحرير الأقليات الروسية من التمييز الذي كانت تتعرض له، وكذلك إبعاد تهديدات حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن حدودها من ضمن استراتيجية الأمن القومي الروسي التي لا تتهاون موسكو إزائها.

الأرقام التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسية، والتي تؤكدها تقارير غربية مدعمة بالخرائط وصور الأقمار الاصطناعية، تكتسب أهمية كبرى كونها تأتي على بعد أيام قليلة من تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهماته بشكل رسمي في 20 كانون الثاني (يناير)، وإطلاقه مساراً جدياً لإنهاء الصراع في أوكرانيا وفرض عملية السلام على حلفائه الأوروبيين، كما على كييف نفسها.

وتشير ردود أفعال المسؤولين في الإداراة الأوكرانية الى حجم التشنج السائد، فضلاً عن التسريبات الإعلامية التي تظهر استعدادهم للتراجع عن السقوف المرتفعة لخطابهم السياسي، والذي كان له الدور الأبرز في تأجيج الصراع، حيث استغلوا الدعم الأميركي والأوروبي لتقويض الجهود الروسية الهادفة الى إبعاد الناتو عن حدودها عبر المفاوضات، وإنهاء سياسات التمييز والتطرف من جانب كييف.

وفي الوقت الذي نقترب فيه من الذكرى الثالثة لاندلاع الصراع، وبينما تقترب القوات المسلحة الروسية من إنهاء أهدافها، لا تزال موسكو ثابتة على نفس المطالب التي سبق لها تقديمها الى جميع الأطراف المعنية والمتدخلة بالشأن الأوكراني قبل سنوات. فلم تدفعها النجاحات الى رفع هذه المطالب، أو تطوير خطط معينة لإضافة مناطق أخرى الى سيطرتها.

وهذا ما يعزز من فرص إحلال السلام، ولا سيما أن ترامب يضع في حسبانه، حسبما كشفت تقارير وتسريبات إعلامية، الاعتراف بالسيادة الروسية على الأقاليم والمقاطعات المشار اليها، حتى ولو اضطر الأمر الى تغيير نظام حكم الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي. وهنا لا بد من التذكير بواحدة من القواعد الراسخة في علوم الجيوبوليتيك والجغرافيا السياسية، من يسيطر على الأرض تكن له الكلمة العليا في أي مفاوضات حول نظامها السياسي ومصير شعبها.

إقرأ أيضاً: هل تحاول كييف اختراق المسلمين؟

وهذا ما سعى مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لحل الصراع، الجنرال كيث كيلوغ، الى إبلاغه الى كييف والقوى الأوروبية الحليفة، خلال اتصالات مكثفة، وجولة أعد لها على العواصم المعنية، لكن الجانب الأوروبي لا يزال غير جاهز لتقبل هذا الواقع، ولذلك ألغى كيلوغ جولته، حيث لا تزال بروكسل تبدي تعنتاً حيال الوقائع الميدانية، وتصر على إمكانية تغيير المعادلات من خلال زيادة دعم كييف مالياً وعسكرياً، ومنحها الإذن باستخدام أسلحة نوعية وباليستية، وبذلك تضطر موسكو الى التنازل عن بعض مطالبها. وهذا ما يفسر إصرار الجيش الأوكراني وتشكيلاته الموازية على النشاط العسكري في "كورسك" الروسية، مع أنه منعدم الأفق.

ذلك أنه ما من تأثير جدي له على إيقاف تقدم القوات الروسية، حسبما أثبتت الوقائع الميدانية، ناهيكم عن عدم وجود أي سبب يمكن أن يدفع موسكو الى التراجع عن الشروط التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمضي في عملية السلام.

إقرأ أيضاً: ترامب يستعد لتغيير النظام في أوكرانيا

وحسب تقارير إعلامية أميركية، فإنَّ فريق ترامب يجهز لقمة تجمعه بنظيره الروسي، في غضون أسابيع قليلة من تسلمه منصبه، حيث تجري استعدادات لهذه القمة. على أن تبدأ الاتصالات فور دخول ترامب البيت الأبيض. وحسب تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن نظام زيلينسكي سيقر بسيطرة روسيا على الأراضي المشار اليها، وبعدم الانضمام الى حلف "الناتو"، مقابل حصوله على ضمانات أمنية أوروبية، بدعم من واشنطن.

ويبين التقرير تخوف زيلينسكي وأركان حكمه من استخدام ترامب لسلاح العقوبات المفضل لديه، لفرض قبول كييف بالشرطين السابقين، اللذان تتمسك بهما روسيا لتسوية الصراع، بالإضافة الى تفاصيل أخرى يسهل الاتفاق عليها عبر المفاوضات. في حين أن تعنتها سيدفع بواشنطن الى منح موسكو الضوء الأخضر لإكمال تحقيق أهدافها بالكامل. وبالتالي ترى كييف أنها ستخرج خاسرة في كلا الحالتين، وبالتالي فإن ما يمكن الحصول عليه اليوم عبر المفاوضات، مثل الضمانات الأمنية، قد لا يكون متاحاً في المستقبل القريب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف