كتَّاب إيلاف

تاريخ الأعلام السورية: من الاستقلال إلى الوحدة وما بعدها

نحو علم يمثل السوريين كلهم

تصميم العلم السوري الجديد يجب أن يتجاوز الأيديولوجيات السياسية أو القومية ليعكس التعددية الثقافية والعرقية والدينية للبلاد
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ اللحظة التي خطت فيها سوريا أول خطواتها نحو الاستقلال عن الانتداب الفرنسي، كان العلم الوطني تجسيداً لطموحات الشعب وهوية البلاد المتنوعة. في العام 1932، تبنت سوريا علماً مستوحى من ألوان "الثورة العربية الكبرى". حيث صنع من ثلاثة ألوان هي: الأخضر والأبيض والأسود مع ثلاث نجمات حمراء. مثّل هذا العلم رمزاً للحرية والاستقلال، وخاصة أنه ظهر في وقت كانت فيه البلاد تعيد تعريف هويَتها الوطنية بعيداً عن الهيمنة الاستعمارية.

لقد ظل هذا العلم مستخدماً حتى عام 1958، عندما تحققت الوحدة بين سوريا ومصر بتأسيس الجمهورية العربية المتحدة. و أُدخلت تعديلات على العلم ليشمل اللونين الأبيض والأسود مع نجمتين خضراوين ترمزان إلى الدولتين" الشقيقتين". إلا أنَّ انهيار هذه الوحدة عام 1961 أعاد سوريا إلى علم مشابه للأول، ما يعكس العودة إلى التأكيد على الهوية الوطنية السورية.

ومع وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1963، أُدخل علم جديد يحمل دلالات أيديولوجية مستوحاة من" الثورة العربية الكبرى!" وشعارات" الوحدة والحرية والاشتراكية". لتكون هذه المرحلة محاولة لربط الهوية الوطنية بمشروع قومي أوسع.

ولعلنا جميعاً نتذكر أنه مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، تحول العلم إلى رمز للصراع السياسي والانقسام الاجتماعي. إذ رفعت المعارضة علماً يعود إلى فترة ما قبل الوحدة مع مصر، ليصبح رمزاً للثورة والرفض للنظام الحاكم. ونجد أنه - في المقابل - تمسك النظام بعلم البعث، ما أدى إلى انقسام عميق حول هذا "الرمز الوطني".

فقد رفع العلم الأخضر في البداية من قبل من دعوا إلى الثورة في مواجهة النظام، لكن سرعان ما أسيء استغلاله من قبل فصائل تابعة لتركيا وفلول المرتزقة الذين تحولوا إلى "طلائع احتلال" بعض المدن السورية، تحت ظل هذا العلم ذاته، فارتكبت ممارسات دموية، إذ قتل ثوار وأبرياء بأيدي من حملوه دون علاقة حقيقية لهم بمبادئ الثورة، وحتى روح العلم ذاته، بل كانوا مجرد أدوات مأجورة لتنفيذ أجندات خارجية.

من هنا، نجد أنه تم تحول العلم، الذي يفترض أن يكون رمزاً للوحدة الوطنية، إلى أداة سياسية تُستخدم لتأكيد شرعية الأطراف المختلفة. فقد أصبح العلمان تعبيراً عن هويتين متصارعتين، كل واحدة منهما تدعي تمثيل سوريا - زوراً - ما زاد من تعقيد الأزمة الوطنية.

في الحقيقة، لا بدَّ من التذكير أنَّ سوريا تضم تنوعاً عرقياً وثقافياً غنياً يعكس تاريخاً طويلاً من التعايش المشترك: العرب والكرد والآشوريون والسريان والشركس والأرمن، وغيرهم من المكونات، الذين ساهموا جميعاً في بناء هذا الوطن عبر التاريخ. ومع ذلك، فإنه لم يتم تمثيل هذه المكونات بشكل عادل في الرموز الوطنية، وعلى رأسها العلم.

إنَّ العلم السوري القادم - في رأيي وهو رأي فحسب - يجب أن يكون تعبيراً عن هذا التنوع. وأن تصميمه يفترض أن يتجاوز الأيديولوجيات السياسية أو القومية، ليصبح مرآة تعكس التعددية الثقافية والعرقية والدينية للبلاد. وعلى سبيل المثال، فإنه يمكن أن يرمز اللون إلى ثقافات المناطق الجغرافية المختلفة، أو أن يعبر التصميم عن قيم مشتركة كالسلام والحرية والمساواة.

إقرأ أيضاً: الكرد السوريون وخياراتهم: واقع معقد وآفاق مفتوحة

كما ويمكن القول: إنَّ إعادة تصميم العلم ليست مجرد خطوة رمزية، بل هي ضرورة سياسية واجتماعية. إذ إنه في سوريا الجديدة، يجب أن يعبر العلم عن تطلعات جميع الشعوب المتعايشة: ومن بينهم الكرد، كواحد من الشعوب الأصيلة في البلاد حيث يستحقون أن يتم تمثيلهم في هذا الرمز الوطني. الأمر نفسه ينطبق على المكونات الأخرى التي لعبت دوراً حيوياً في تشكيل الهوية السورية، من دون أي استثناء!

إنَّ العلم الجديد يجب أن يبعث برسالة واضحة مفادها أن سوريا المستقبل هي وطن يتسع للجميع، دون إقصاء أو تهميش. تصميم هذا الرمز الوطني يجب أن يعبر عن الأمل في بناء دولة ديمقراطية تعددية تحترم حقوق جميع مواطنيها.

وهنا، فإنه يمكن أن يكون تصميم العلم الجديد فرصة لتكريم رموز تاريخية وثقافية تجمع السوريين. واستلهام التضاريس الطبيعية لسوريا، أو لرموز تعكس قيم الحرية والمساواة، ليكون ذلك كله أساساً لتصميم يتجاوز الانقسامات الحالية. العلم، في النهاية، ليس مجرد قطعة قماش، بل رسالة قوية تعكس هوية الشعب وأحلامه في مستقبل أفضل.أنه مجرد رأي شخصي، من قبلي، وفي التالي فإني لمذعن لرأي الإجماع السوري، من بينهم أهلي الكرد والعرب على حد سواء.

إقرأ أيضاً: مسعود بارزاني وتدشين مرحلة جديدة للكرد في سوريا

إنَّ عملية إعادة تصميم العلم السوري - وبتوافق العقلاء الحريصين - هي خطوة أساسية في بناء دولة حديثة وديمقراطية. هذا العلم يجب أن يكون - كما أرى - رمزاً لوحدة السوريين وتنوعهم، لا سبباً للانقسام في سوريا المستقبل، إذ يجب أن يحمل العلم رسالة الأمل والسلام، ويعبر عن بلد يحتضن جميع السوريين دون استثناء. وإن إعادة صياغة هذا الرمز هي البداية نحو مشروع وطني يعيد للسوريين الثقة في قدرتهم على العيش المشترك وتحقيق العدالة والمساواة لجميعهم على حد سواء!؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
القليل القليل من العقل الحكمة والعنصرية لا يضرون يا سيد ابراهيم
سوري حر -

إذا كانت مشاكل الشعب السوري برأيك تنحصر بالعلم فأنت بألف خير فلماذا لا تتحفنا بعلم من تأليفك وتلحينك حتى نتغنى به ويعود عشرة ملايين لاجئ غدا الى سوريا؟ وتنسى الحكومة المؤقتة البلاوي الاخرى مثل الإرهابيين من فلول المجرم بشار أسد ورفع العقوبات والماء والكهرباء والدواء وإعادة الإعمار وغيرها الكثير من الخراب والدمار على جميع الأصعدة إذ يقال ما يتم تخريبه في يوم يحتاج لسنة لإعماره فماذا عن نصف قرن ؟ يا سيد ابراهيم المشكلة تكمن في أدمغة البعض من بعض الأقليات المحترمة والغالبية من بعض الأقليات الأخرى التي تدعي بأنها سورية وهي لا تمت بصلة لسوريا ، فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر من الأقليات المحترمة كالأرمن وبعد مئة سنة تجد الغالبية يتكلمون العربية بلغة ركيكة ولهم مدارسهم ومستشفياتهم وكنائسهم وأحياءهم واستقلاليتهم ولا أحد يطالبهم بالاندماج ولا يطالبون بالاستقلال عن سوريا أو الفدرالية وذلك ينسحب على الشركس والتركمان وغيرهم . أما العلويون ( النصيريون) ويعرف الكبير والصغير والمقمط بالسرير عما فعله ( الأسديون منهم ) ولا حاجة لسرده . فماذا برأيك عن الأكراد أمثالك ؟ ونعود للعلم إذ يمكن الإحتفاظ بالعلم الأخضر ووضع أعلام الأقليات المعروفة في الخلف كما في الدول الفدرالية إذ يستحيل تصميم علم يرضي الجميع بحيث يحتوي على جميع ألوان أعلامهم وشعاراتهم مثل لا إله الا الله وسيدنا علي هو الله والصليب ورموز الديانات الأخرى كالنار والشيطان وغيرها مع تحياتي .

عرب وين وبرهوم فين
سوري حر -

إذا لم نحترم رغبة الأغلبية الساحقة من الشعب السوري في اختيارهم لعلم الاستقلال فمن رابع المستحيلات أن تتفق الأقليات على علم موحد بين كردي يطالب بالانفصال ونصيري يستقوي بفرنسا وأرمني يحلم بالعودة لأرمينيا وشركسي يحج الى القوقاز وتركماني يستقوي بتركيا وغيرهم . هناك حادثة حصلت للاجئ كردي في المانيا سألته الباحثة الاجتماعية لتحديد هويته عن طريق المترجم فتقول ما هي الدولة التي تنتمي اليها؟ يجيب : كردي ، تقول : من كردستان العراق؟ يقول : لا ولكني أحمل الهوية السورية ، تقول : إذا انت سوري ؟ يقول لا أنا كردي ولست سوري ، ثم يعود ليقول بعد فترة أنتم أعلنتم عن برنامج لمساعدة السوريين أريد أن أستفيد منه ، فما كان من الباحثة إلا أن ألقت القلم الذي تكتب به وشتمته بأبشع الألقاب . والسؤال هنا كم عدد الأكراد في سوريا يفكرون بنفس الطريقة يا ابو خليل؟ وهل سيتفقون على علم قبل معرفة هويتهم ؟

امة مظلومة
ابو تارا -

القوميون العنصريون والاسلاميون المتطرفون لا يمكن ان يعترفوا بالديمقراطيه وبحرية و حقوق غيرهم من المكونات وخصوصيتهم والتعايش معهم بعداله ومساواة فما بالك اذا كانوا يمثلون اكثريه اذ يعتبرونهم تبعيه ولاجئين ونازحين بلا حقوق عليهم الاذعان والقبول بما يفرض عليهم وفى افضل الاحوال يعتبرونهم كمواطنين من الدرجه الثانية عليهم واجبات ولكن بلاحقوق وخصوصية واكبر دليل الانظمه الاستبداديه الحاكمه فى كوردستان تركيا وايران وسوريا وحتى فى كوردستان العراق قبل ان يحصلوا على الحكم الذاتى والى اليوم يقمعون ويظطهدون الكورد ولا يعترفون بحقوقهم المشروعه ولا يراعون خصوصيتهم