أبعدوا الكتاب المصريين عن لجان التحكيم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما أن أُعلنت نتائج جوائز القلم الذهبي السعودية، وحصد مصريون كثيرا من تلك الجوائز. حتى بدأت المعزوفة المعروفة من جمهور الثقافة المصري، والتي يمكن تلخيصها إثر كل جائزة بأن هناك مؤامرة على الإبداع المصري.
لم يكن الجمهور راضيا رغم عدد الحوائز الاي ذهب لكتاب مصريين، والتي لم احصها ولعلها الغالبية. تساءل أحدهم: لماذا لم تأتِ الجائزة الكبرى لمصر، على الرغم من أن أعضاء لجان التحكيم والمدعوين مصريين؟ كان ذلك مثار تعجبه وحصد مئات الاعجابات وقلوب الحب من مناصرين لتعليقه الذي ينظر إلى المسألة على أنها ليست تقديرًا للإبداع، بل توزيعًا للمغانم.
هذه المناسبة تدفعني إلى الدعوة لضرورة إبعاد الكُتّاب والفنانين المصريين عن لجان تحكيم الجوائز الثقافية والفنية العربية، إن كانت هذه الجوائز تسعى إلى الحفاظ على مصداقيتها ورصانتها. ليس الأمر تعصبًا ضد المصريين، وإنما لأنهم &- ببساطة &- غير مؤهلين للحكم على الإبداع العربي خارج حدود مصر. اطلاعهم منحصر في نتاج كتاب بلادهم، حتى في استعراضات الكتب والدراسات النقدية فهم يمرون على من يعرفونه ممن تربطهم به علاقة شخصية أو مصلحة أو كان في موقع في دولته كأن يكون رئيس تحرير أو مدير مهرجان أو عضو لجنة تحكيم.
لا تخص شبكة المصالح هذه المصريين، لكن في سوق الثقافة المصري، الكاتب العربي غائب، غير ملحوظ مهما تكن أهميته الإبداعية، إن لم يصل ويتصل شخصيا بشبكة الكتاب والنقاد والصحفيين.
لذلك، على الطرف المقابل تجد من يريد الحضور في ساحة الثقافة المصرية من الكتاب العرب يقوم بتربيطات وتشبيكات ويضع اعجابات ويكتب تعليقات مدائحية على منشورات تافهة للصحفيين والكتاب المصريين، وربما يضع أضحكني على منشور في غاية البؤس ليروه.
المثقفون المصريون ليسوا فقط غير مطلعين على الثقافات العربية واصداراتها بل على ثقافات الشعوب المجاورة، فقد ترجم مترجم مصري، على سبيل المثال، كتاب من الإنكليزية ورد فيه ذكر الأهوار العراقية فترجمها من الإنكليزية إلى العربية بالمستنقعات!
أيضا، رئيس قسم الدراسات السريانية في جامعة مصرية تصدرت لترجمة كتابا تاريخيا عن السريانية وصدر عن هيئة ترجمة مصرية حكومية، لكن المختصة ترجمت كتابا منحولا وليس الكتاب الأصلي، أما مجزرة التعريف بالأماكن داخل الكتاب فمخجلة رغم أن بحث بسيط في غوغل كان سيجنبها كل ذلك.
هذه أمثلة على عدم الأهلية فكأن الجهل بالجغرافيا مصحوبٌ باستخفاق خفي لكل ما هو غير مصري.
الكتّاب والفنانون المصريون لا يشاهدون الإنتاج الفني العربي، ولا يقرأون الأعمال العربية إلا إذا أرادوا أن يكتبوا عنها مقالات تنشر في صحف بلاد الكاتب طمعا بالمكافأة وهذا غير معيب لكنه مجرد عمل. بل حتى إذا قرأوا يعانون من تقصير في فهم ثقافات الشعوب.
رغم كل ذلك، يتصدر الكتاب والفنانون المصريون لجان التحكيم. وما إن تُعلن أي جائزة عربية لا يكون الفائز الأول فيها مصريًا، حتى تنفجر النعرة الوطنية في الإعلام المصري، ويتهمون اللجنة بالتحيز والتآمر. هذا الضغط يجعل أي عضو تحكيم مصري خائفًا من اتخاذ قراراته بحرية، خشية التشهير به في بلاده وبالتالي حتى يتجنب الأذى يتجنب النزاهة وينحاز لمواطنيه على الأقل خوفا من بطش الإعلام به.
لدينا أمثلة كثيرة على هذا التعصب. في عام 2010، دعا الروائي إبراهيم عبد المجيد إلى مقاطعة جائزة البوكر العربية، معبرًا عن استيائه من نتائجها لأنه لم يفز بها. واطلعت على منشورات مخجلة لإبراهيم فرغلي لأنه لم يفز بها أيضا. في المقابل، رفض الروائي محمد المنسي قنديل هذه الدعوة، معتبرًا أن عدم فوزه بالجائزة كان لاعتبارات فنية، وليس تحيزًا ضد المصريين. كما أثار المصريون دائما تساؤلات حول معايير الاختيار ومدى شفافيتها عند غياب المصريين عن أي جائزة.
إن تأثير المصالح الشخصية في قرارات بعض المثقفين المصريين ليس سرًا. في عام 2009، قررت اللجنة الاستشارية لجائزة القذافي العالمية للآداب إسناد الجائزة في دورتها الأولى للناقد المصري الدكتور جابر عصفور. بعد رفض الكاتب الإسباني خوان غويتيسولو تسلم الجائزة لأسباب تتعلق بعدم احترام القذافي لحقوق الإنسان. أثيرت تساؤلات عديدة وذلك للصداقة وشبكة المصالح التي تربط بين صلاح فضل مسؤول الجائزة وجابر عصفور وزير الثقافة الذي سقط مع سقوط مبارك. دافع عصفور عن قبوله للجائزة، معتبرًا أنها جائزة أدبية وليست متعلقة بحقوق الإنسان، وأن اعتذار الآخرين عن تسلمها لا يعني بالضرورة أن يحذو حذوهم. ثم بعد ذلك بعد أن تنعم بقيمتها المالية عاد وتبرأ منها.
وبما أن الجوائز الثقافية والفنية العربية ذات القيمة المادية والمعنوية تمنح من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإني أقترح أن تكون لجان تحكيم هذه الجوائز من أدباء وكتاب وأكاديميي ومثقفي وفناني دول الخليج نفسها وقد أصبحوا بالآلاف ولديهم مؤهلات أكاديمية من جامعات أعلى شأنا من الجامعات المصرية، ولديهم اطلاع أوسع على ثقافات الشعوب العربية. هل سمعتم يومًا أن جائزة مصرية استعانت بكاتب عربي ضمن لجنة تحكيمها؟
وإذا كان لا بد من إشراك محكمين من خارج دول مجلس التعاون، فالأولى هم النقاد والأدباء من المغرب العربي، فهم أكثر تأهيلًا أكاديميًا ونقديًا من المصريين، وبعيدون نسبيًا عن شبكات المصالح التي تحكم الوسط الثقافي العربي المشرقي الذي ينخره الفساد والمصالح والنعرات الوطنية، مما يجعلهم أكثر قدرة على إصدار أحكام نزيهة.
أقول قولي هذا وأتمنى أن لا يتربص بي الكتاب المصريون أعضاء لجان التحكيم في أي جائزة أتقدم لها مستقبلا.
التعليقات
الاقصاء اعتقادا
كاميران محمود -يبدو ان بدايات الكاتب القروي المنشأ وفي حله وترحاله بين سوريا الفاشية الأسدية والسعودية الصحوية الظلامية(ما قبل الأمير محمد) قد حددتا أسس ذهنيته الاقصائية ،والظاهر أن انتقاله من السويد إلى مصر أشارة إلى عدم تحمله تعددية الآراء والأحكام وتنوعها اكثر من تفضيله العيش داخل مجتمعات عربية، أو أنه في أفضل الأحوال وبناءا على بنيته الذهنية يريد أن يحدد المسار الثقافي وغيره داخل مصرالتي يبدو ان الكاتب لايعرف فيها اكثر من ذكرياته الشخصية السابقة لحضوره وغالبا بسبب العزلة الاختيارية أو لكونه وبسبب كل ذلك لا يتصور ضخامة وتنوع المحروسة واهلها،ولكل ما سبق يبدأ الكاتب عملية الإدانة لكل المشهد الثقافي، في واقعة تذكرنا بالمواقف السياسية لإحدى المذيعات والتي استبعدت(لحسن الحظ) من أرض المحروسة. وكلامي هذا لا يعني أن الكاتب مخطيء بالمطلق فهناك مايمكن تسميته بالاكتفاء الذاتي لمصر ثقافيا وفنيا دون أن يعني ذلك تراجعابل بسبب إرهاب المؤسسة الدينية التي تدفع المثقف إلى الانكفاء ولأسباب يسردها الكاتب سامح فوزي في مقاله (محنة المثقف المصري)، ما يثير الشك حول اطلاع خلف على الجرائد المصرية.أما بالنسبة لأختيار لجان التحكيم فأفضل الصنف اللبناني لعلو مستواه الثقافي والتعليمي ولانه يتكلم ويكتب بعربية احسن من عربية المغاربة.
مقالة مهمة
متابع -موضوع مهم وهناك الكثير من الحق فيما تقول. للأسف هذا شأن الدول والمدن التي تعودت ان تشتهر بشيء معين ثقافيا او فنيا، يظل اهلها على الأستمرار بالظن بأنهم الأفضل، مهما تغير الزمن وتغير المستوى الثقافي المنبثق منها، يظنون ان تاريخهم الثقافي الفني يعني انهم ما زالوا مستمرين في الأبداع، حتى لو لم يكونوا كذلك. والحقيقة ان مستوى التأليف العربي هو ربما الآن في اسوأ مراحله، لأن دور النشر لم تعد كما كانت في السابق. لم تعد دور النشر مؤسسات مكتملة يعمل فيها كتاب كبار في مراجعة النصوص والاعداد والترجمات المتقنة، اصبحت الكتب تنشر دون تدقيق حقيقي، فاصبحت التعابير ركيكة والاخطاء القواعدية منتشرة.
معك ولكن
ابو نواف -مصر ايام الملكية شيء وبعد مجيء عبدالناصر وما فعله من إقصاء وشطب وتجهيل للشعب المصري شيء آخر. لقد تم تضخيم الأنا المصرية واصبحت شوفينيتهم معروفة حتى للبعض منهم ويمقتونها.بالعموم اتفق معك إذا استثنينا مصر ما قبل ثورة يوليو الرجعية
احذروا هؤلاء!
كاميران محمود -متابع, من ضمن تجليات واقتناصات الحاجة زارا بغض النظر عن ان التعليق يشير الى الجهل بالمفكرين المعاصرين(فرج فودة ونصر ابوزيد كأمثلة)فالظاهرأن الحاجة تركز جهودها على صفحات الطبخ المصرية عدا عن استعراضها المبهر للركاكة باستخدامها لكلمة(القواعدية)بدلا عن(النحوية).