كتَّاب إيلاف

شعرة معاوية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الإعلام بصفته التقليدية، مبنى وتجهيزات وأحبار ومطابع وورق ونشر وتسويق وتوزيع، ونخبة مسيطرة، مدير عام ونوابه ومساعدوه، جهاز تحرير، شللية وأفراد، كل ذلك أصبح من الماضي، ونحن ما زلنا متمسكين، بشعرة معاوية، وزارة ووزير، وبروتوكولات، وخطوط حمراء، في الوقت الذي اخترق فيه، الإعلام الجديد بأدواته التقنية، حاجز الصوت، وتجاوز في وقت قصير كل النظريات والأساليب والأشكال التي تلقاها، وفرض أساليب وطرقاً لا ترتهن للحدود الجغرافية، ولا تمر على مقصات الرقيب، ولا تحتجزها جمارك ولا هيئات، ولا تلتزم بالهرم المقلوب.

الشبكة العنكبوتية وأجهزتها المتنوعة، لم تترك المجال للبشر، للتمتع بحياتهم الاجتماعية، ولا بأوقات فراغهم، واستحوذت بما تحمله من برامج ومواقع تواصل اجتماعي على تفاصيل حياتهم، ويتسابق من خلالها متخصصون، ورواد في التقنية، والحاسوب ولحق بهم محترفو الذكاء الاصطناعي وتجار العقول، ومراكز التوجيه وأفراد بارعين، في الدعاية والترويج، وفاسدون وأصحاب النفوذ والمصالح والأجندات، المتطرفة، إلى استغلال قطار التقنية المتسارع، للوصول إلى كل كائن حي على سطح الكوكب، والعبث بتكوينه، وتشويه معتقداته، وتلويث مبادئه، والتركيز على غرائزه، والانحراف برغباته ونزاوته، بفضل الفضاء المفتوح، التي يحمل أطنانا من أقمار صناعية، تحاصرنا من كل حدب وصوب، مختصرة علينا الوقت، والجهد

للوصول إلى المعلومة، وما يجري في محيطنا، أو في الطرف الآخر من الكوكب، كشفت المستور، وأصبح العالم قرية كونية، تجري فيه عملية الاتصال والتواصل بين الوسيلة والمتلقي ثنائية الاتجاه وتفاعلية، لا تلتزم بمكان أو زمان، فكل إنسان أينما كان، في أرجاء هذه المعمورة، يمتلك أدوات النشر، وبطريقة غير مكلفة، فكما يتلقى ويتابع الأحداث في كل، جزء من الثانية، بمقدوره في نفس الوقت التفاعل، والتحول إلى ناشر من موقعه، من خلال استخدام النصوص والصوت، وتقنية الصور المتحركة والرسوم البيانية، وقليل من المهارات المهنية والفنية، وفوق كل ذلك يستطيع الاحتفاظ بمخزون،

عملية التواصل واسترجاعها، بعيدا عن السطحية في الطرح، والمعلومات الفقيرة، والرسائل الموجهة، والمغالطات، المتعمدة.

إقرأ أيضاً: السعودية.. لا للتطبيع لا للتهجير لا للمزايدة

لقد نجح الإعلام الجديد، في قيادة الرأي العام، نحو قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية ودينية، وقياس نبض الشارع، تجاه تلك القضايا، بينما الدوائر والمؤسسات والجهات ذات العلاقة استفاقت متأخرة من غفوتها، وأصبحت تسارع الخطى للحاق بالركب، وانخرطت في حراك الإعلام المصنوع في الوقت الحرج.

لذلك دعونا ننفض غبار الزمن، ونركض في كل الاتجاهات، ونجدد كل النظريات والمفاهيم، ونستعد لكل ما هو قادم، ونزود أجيالنا، بكل مورث وثوابت، تحفظ أصالتهم، وتحصن عقولهم، ضد عدوى الفيروسات الطائرة، حتى يستطيعوا التفريق بين الغث والسمين، ويقفوا سدا منيعا أمام غزاة الاستعمار الفكري، والتغريب ودعاة التطرف والفساد والتخريب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف