سورية الوليدة في ظل خوف الغرب من المآذن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يكن للثورة السورية حظّ شقيقاتها السابقات من فرص بناء دولتها الجديدة. وُلدت تتحرك على صفيح ساخن من تحولات إقليمية، وعلى رمال متحركة من جبهات مضادة، تشكلها فلول النظام، ودعاة النزعات الانفصالية محلياً، وبناة الثورات المضادة للربيع العربي، وعلى رأسها حلف المقاومة، خاسر النظام اللاحم، وعدوته الذرائعية إسرائيل إقليمياً، والغرب وأميركا دولياً.
جبهات يتوحّد فيها الأعداء ضدها. ويجمعهم خندق العداء الإستراتيجي لقيادتها. وجميعهم يرونها انبثاق صحوة إسلامية. وأشد مَن يغذي التمرد المحلي على هذه القيادة، ويثير القلق الإقليمي والدولي منها، هو حلف المقاومة المخاتل الذي يتقنّع بمناصرة القضايا التحررية العربية، ويخفي تحت هذا القناع حصان طروادة الفرس، متخذاً طريق القدس ذريعة للوصول إلى "فرسنة" عرب ما بين الماءين.
ما زالت إيران تعيش عقدة هزيمة المسلمين لأكاسرتها. ولا تفارقها أحلام الانتقام من العرب المسلمين. وللأسف، بعض الذين يخشون المشروع الفارسي، يلحقهم تخوفهم - من الصحوات الأصولية - بمشاركة إيران في العداء للثورة السورية. ويغرقهم وهم الخوف منها بضبابية رؤى تجعلهم يصوّبون رصاصهم نحو ظهر الثورة السورية، في حين جعلت هذه الثورة من صدرها خندقاً للدفاع عن العرب ضد محور الفرسنة.
أتاح هذا العداء المتحرك فرصة نادرة لإسرائيل، لكي يمارس فيها زعيمها بنيامين نتنياهو طاوسيته العدائية لسورية الوليدة، فصار رأس الحربة التي تتفنن في طعنها، مستدرجاً الغرب وأميركا لدعم مشروعه، باستثارة مخاوفهم من الإسلاموفوبيا، وانتشار المآذن التي يرون فيها نيراناً أشد فتكاً من أسلحتهم الإستراتيجية.
وفكرة المآذن البنادق ليست طارئة على التفكير السياسي الغربي. فهي راسخة من عهد الحروب الصليبية، وكانت رافعتها ومصنعها. ولم تلبث هذه الفكرة أن تحولت إلى عقيدة سياسية في فكر قادة رأي الغرب وأميركا. ولم تكن أهداف إنشاء مراكز الاستشراق منذ توليدها السياسي إلا بناء ثقافة مجابهة للمآذن البنادق التي يرونها في وهمهم تطلق نيرانها على وجود الغرب، وتسعى لنسف حضارتهم بحسب تصوّرهم العدائي التاريخي لها.
ولم يُتَح للعرب أن يغيّروا هذا التشويه الإستراتيجي لصورة وجودهم الإسلامي في أذهان الغرب. ولم يحسنوا استغلال فرصة نادرة أتيحت لهم، حين ظهرت مبادرة فريدة، تجلت بإرهاصات تغيير بنيوي في تفكير قادة الرأي والسياسة في أميركا والغرب. بدأت تعمل بضآلة فاعليتها، على تبديد مخاوف الغرب الوهمية من الإسلاموفوبيا. فقامت مجلة (التايم) الأميركية، ذات التأثير المشهود له، بوضع صورة مئذنة مع يد تحمل بندقية على غلافها، وأرفقتها بتساؤل عريض: (هل يجب على الغرب أن يخاف من الإسلام؟)، ودعمته بتحقيق استقصائي، يدعو إلى تغيير جذري في بنية تفكير ساسة أميركا المعادي تقليدياً وتاريخياً للإسلام. وتلاها عقد الكونغرس لجلسة تناقش تقرير وكالة الاستخبارات الأميركية حول المخاطر الإستراتيجية للإسلام الأصولي، ووصلوا إلى نتيجة مفادها أن الإسلام لا يشكّل خطراً على الغرب ومصالحه.
تبع ذلك افتتاحية في جريدة (نيويورك تايمز) بعنوان (لا شياطين في آسيا الوسطى)، عرّت فيها وهم التخوّف الأميركي من تفتّح الإسلام في آسيا. وجاء في تلك الافتتاحية: (خلال الشهور القليلة الماضية تحررت علاقة أميركا كثيراً مع آسيا الوسطى من تحريض روسيا، والإيديولوجية الشيوعية. لذلك فإنه لا يوجد أي مبرر للاستعجال في تشويه هذه العلاقة واستبعاد فرضية أن هناك تهديداً إسلامياً موحداً يواجه الغرب).
وللأسف، لم تكد هذه المبادرات للتغيير تبلغ نعومة أظفارها حتى داهمت أميركا غزوة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، فأعادت ثوران بركان العداء والكره للعرب والمسلمين إلى أوجه. وساندها في الترويج لحججها ممارسات الحركات الردايكالية. وأسهم تحريض محور الفرسنة في زج قيادة سورية الجديدة في قفص الاتهام بالتطرف، فرمت بها على سندان عداء الغرب وأميركا.
ولم تسعف الظروفُ - المواتية للسياسات المناوئة للحركات الإسلامية - سوريةَ الوليدة أن تتحرر من اتهامها المسبق بالإرهاب، وفُرض عليها أن تقف وسط هذا الطوق المحكم من العداء، مكتوفة القوى بعد أن دمّر سيد الإجرام الوطني مقدراتها على رأس مواطنيها. وتبعته إسرائيل في تدمير بقية مخزونها الدفاعي. ولم يعد بيد هذه الدولة من حيلة إلا الصبر الإستراتيجي. وهو سلاح اتبعته المقاومة المتفرسنة للتنصل من ردع العدوان الإسرائيلي - أيام الرئيس الهارب - عن أذرعتها الأخطبوطية، وفي مقدمتها سورية، بهدف التفرغ للتنكيل بالشعب السوري. وتبنت سورية الوليدة هذا الخيار مرغمة لا بطولة. وقد خبرت فاعليته في تجربتها في تحمل عدوان جيش الأسد الوحشي على حاضنة الثورة في الشمال السوري. وأدى هذا التحمّل في حينه إلى استثارة نقمة حاضنة الثورة على هيئة تحرير الشام والجيش الوطني. وتفاقم غضبها من الانتهاكات اليومية، والسكوت عن الدماء المُسالة على مدار الساعة. لكنها صبرها الإستراتيجي أثمر في تحرير سورية، مما يجعل هذه الإستراتيجية ورقة رابحة في جماهيريتها، لكن ليس لأمد طويل.
والحقيقة التي يجهلها الكثيرون أنَّ أبناء جلدة سورية من "تنويريين" و"علمانيين"، يقومون بدور تاريخي في تحريض حساسية التفكير الغربي تجاه الصبغة الإسلامية لدولتها الوليدة، ومنهم مَن يعاني عقدة خروجه من تاريخ الثورات، لتطرف مواقفه من الربيع العربي، وانتصاره للدكتاتوريات، وعدائه لدور الحركات الإسلامية في تلك الثورات، على رغم إخفاق أغلبها، غير أن الشعب السوري تمترس خلف فقدان ثقته بالعلمانية والتنويرية لتحالفها مع الاستبداد. وبذلك تجد سورية الوليدة نفسها بين مطرقة الداخل وسندان الخارج، وكيفما اتجهت تجد الروم خلفها وأمامها وعلى جانبيها، فعلى أي جنب تميل.
التعليقات
الخلاصه
فول على طول -هذا الكلام ممكن أن يقال أمام تلاميذ الكتاتيب اياهم ..لكن هل تعتقد أنه سيصدقونك الان بعد الانترنت والسماوات المفتوحه . والسؤال الأخير : هل أنت نفسك تصدق كلمه واحده من كلامك هذا ؟ رحم الله المشعوذين . الان عرفنا لماذا انهار التعليم فى بلاد الذين أمنوا .
مآذن الانكشارية
كاميران محمود -قولك(تفكير ساسة أميركا المعادي تقليدياً وتاريخياً للاسلام) غير دقيق بدليل استقبالهم لرمضان الاخواني في حدود منتصف القرن الماضي وتاسيسهم لمقاومة اسلامية خالصة ضد التدخل السوفييتي في أفغانستان ودعمهم اللامتناهي الاسلاميين واوضحها كان دعمهم لاخوان مصرونظامهم وأخيرا ولمفاجاة الكثيرين فان رهانهم ينصب على المؤسسة الدينية في أسلمة المجتمعات والدليل هنا أن هذا الغرب الذي يصدع الرؤية بكلام الدفاع عن حقوق الإنسان لم تصدر منه كلمة واحدة بعد أن صرحت المؤسسة بأن وظيفة الاسلام والمسلم الملتزم هي محاربة اللاديني أي تكفيره وقتله هذا قبل تصريحها الأخير يوم امس بأن لاحقوق للمرأة عندهالكون المؤسسة صاحبة توكيل فضائي مفرد منفرد بفرض الظلام وقتل من يناقش ثوابته، أي أن المآذن في استخدامها كبنادق لعبة غربية اصلا لتحقيق مصالحها لان الظلاميين(على قفا مين يشيل). عودة إلى سوريا التي تصف ما حدث فيها بثورة، أن الكلام عن إجهاض مشروع فرسنة عرب ما بين المائين صحيح ،لكن البديل اصبح(تركنة) أي تتريكهم لان الثورة كلها لم تكن إلا هجمة انكشارية بدعم إسرائيلي اميركي مشترك. ولا افهم لماذا أطلت الكلام قبل أن تظهر انتماءك للظلاميين في الجزء الاخير من المقال باغتصابك لتوكيل حصري من الشعب السوري للقضاء على التنويريين والعلمانيين ما يعني المثقفين كلهم،ولان المثقفين هم من أعطوا سوريامكانتها فلا اصدق كلامك حول ان الشعب السوري(كله) متمترس ضد التنويريين والعلمانيين،لان هكذا شعب(ان وجد) يستحق قنابل ذرية دون الحاجة لمطارق وسنادين مرهقة.
لكل فعل رد فعل وهم من جنى على أنفسهم ومن عاملك بالمثل ما ظلمك
بسام الشامي -لم تكن الشعوب الاسلامية والعربية بشكل عام والشعب السوري بشكل خاص تميز بين الأقليات أيا كانت قوميتهم أو دينهم أو مذهبهم فقد عاشوا تحت حكم الأغلبية السنية عصورهم الذهبية حيث وصل الأكراد في عصر الدولة الأيوبية الى قمة المجد والمسيحي عاش ينعم بالحرية والأمان وتضاعفت أعداد كنائسهم التي بني بعضها على حساب بيت مال المسلمين كأشهر كنيسة في العالم في دمشق حتى أنهم أطلقوا اسم خالد على واحدة من أشهر كنائسهم اعترافا بالجميل بالفتح الاسلامي الذي أنقذهم من الفرس والرومان والصليبيين . واليوم وبالأمس القريب لم نكن نعرف أن من يجلس بجانبنا على مقعد الدراسة هل هو مسيحي أم علوي أو كردي أو غيره ولم يكن لحزب الاخوان المسلمين في سوريا قبل الوحدة أي ثقل سياسي أو ممثلون في البرلمان وكانوا يستجدون الأصوات مما يؤكد أن الشعب السوري لم يكن طائفيا أو عنصريا وهم من أيد الأحزاب القومية كبعث ميشيل عفلق والقوميين العرب والاتحاد الاشتراكي وغيره وهم من أوصل المقبور حافظ أسد للسلطة وأيده ولكن ماذا تقول بعد أن كشف البعض من بعض الاقليات أقنعتهم وأظهروا وجوههم القبيحة وفعلوا ما فعلوا من جرائم وابادة جماعية للأغلبية السنية ودمار وخراب وأكدوا بأنهم خونة لأوطانهم وللشعوب التي حمتهم وحضنتهم وأكدوا شكوكنا بخيانتهم وغدرهم وحقدهم وكراهيتهم والاستقواء بالأعداء كعصابة قسد التي احتلت مدن عربية وأبادت سكانها وألغت لغتها وعصابة بشار أسد التي تشهد سوريا وحشيتها وعصابة شنودة وتواضروس رمز الخيانة والغدر فهم سرطانات خبيثة في خاصرة الشعوب لا علاج لها سوى البتر والاستئصال.