الهولوكوست والذاكرة المشتركة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
هل يمكن اعتبار اللاسامية ظاهرة أوروبية بالأساس انتقلت إلى العالم العربي والإسلامي عبر آليات ممنهجة؟ وهل كان التعايش التاريخي بين اليهود والعرب هو القاعدة قبل تسرب الأفكار المعادية للسامية من أوروبا؟ وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال جوهري: ما هي السرديات المغلوطة التي ساهمت في تأجيج مشاعر الكراهية ضد المكوّن اليهودي في منطقتنا؟
عندما نتأمل المشهد التاريخي بعمق، نجد أن اللاسامية، بمفهومها المنظم والممنهج، هي بالفعل ظاهرة أوروبية نشأت وتطورت في القارة العجوز على مدى قرون، قبل أن تتسلل إلى العالم العربي والإسلامي خلال القرن العشرين.
ولعل ما يؤكد هذه الحقيقة هو أن العلاقة بين اليهود والمجتمعات العربية والإسلامية اتسمت بالتعايش النسبي لفترات طويلة، وأن الكراهية المنظمة ضد اليهود لم تكن جزءاً أصيلاً من نسيجنا الثقافي والاجتماعي.
يخبرنا التاريخ أن اللاسامية في أوروبا مرت بمراحل تطور متعددة، بدءاً من الكراهية ذات الطابع الديني في العصور الوسطى، وصولاً إلى الكراهية ذات الطابع العلماني والعنصري في القرنين التاسع عشر والعشرين. ففي ظلام العصور الوسطى، روجت الكنيسة الكاثوليكية لفكرة أن اليهود مسؤولون عن صلب المسيح، مما أدى إلى اضطهادهم وعزلهم في أحياء خاصة (الغيتو) وتعرضهم لموجات متكررة من العنف والطرد.
أضف إلى ذلك أن التحول المفصلي في تاريخ اللاسامية الأوروبية حدث في القرن التاسع عشر، حين تحولت من كراهية دينية إلى كراهية عنصرية مبنية على مفاهيم “علمية” زائفة. والحقيقة الصارخة هنا أن اللاسامية الأوروبية لم تكن مجرد موقف عفوي، بل تطورت لتصبح أيديولوجية منظمة ومؤسسة على نظريات وأفكار تم الترويج لها عبر الكتب والصحف والخطاب السياسي. وقد بلغت ذروتها المأساوية مع صعود النازية في ألمانيا، التي حولت اللاسامية إلى سياسة دولة رسمية أدت في نهاية المطاف إلى الهولوكوست - الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها ستة ملايين يهودي.
وعندما نتتبع خيوط هذه المأساة الإنسانية، نكتشف أن الهولوكوست لم يكن حدثاً معزولاً، بل كان نتيجة تراكمية لقرون من الكراهية والتمييز ضد اليهود في أوروبا. فبين عامي 1941 و1945، نفذت ألمانيا النازية وحلفاؤها خطة ممنهجة لإبادة اليهود في أوروبا، من خلال إنشاء معسكرات الاعتقال والإبادة، وتنفيذ عمليات القتل الجماعي.
وهكذا يتضح لنا أن الهولوكوست يمثل الذروة المأساوية للاسامية الأوروبية، وأنه يعكس مدى تغلغل الكراهية ضد اليهود في الثقافة والفكر الأوروبيين. هذا يطرح تساؤلاً ملحاً: كيف انتقلت هذه الظاهرة الأوروبية إلى مجتمعاتنا العربية والإسلامية؟
تشير الدراسات التاريخية إلى أن انتقال اللاسامية من أوروبا إلى العالم العربي والإسلامي لم يكن عملية عفوية، بل كان أشبه بعدوى فكرية نتجت عن عوامل متعددة، أبرزها الاستعمار الأوروبي والدعاية النازية والصراع العربي الإسرائيلي. وقد حدث هذا الانتقال بشكل أساسي خلال النصف الأول من القرن العشرين، وتحديداً في فترة ما بين الحربين العالميتين.
ومن المفارقات المؤلمة انتشار “بروتوكولات حكماء صهيون” في العالم العربي. فهذه الوثيقة المزيفة، التي تم إثبات تزويرها قطعياً منذ عام 1921، تم ترجمتها إلى اللغة العربية ونشرها في سوريا بحلول عام 1925. وعندما ندقق في تفاصيل هذه القصة، نكتشف أن هذه الوثيقة المزيفة كانت أداة رئيسية في نقل الأفكار المعادية للسامية من أوروبا إلى العالم العربي.
ولا يمكننا تجاهل شهادة المؤرخ الإسرائيلي آفي شليم، وهو من أصول عراقية، الذي يؤكد أنه “لم يكن هناك تاريخ من معاداة السامية في العالم العربي. معاداة السامية هي مرض أوروبي.” ويضيف شليم بوضوح: “في الثلاثينيات، تم تصدير معاداة السامية من أوروبا إلى العراق على وجه الخصوص، ومن اللافت أنه لم تكن هناك أدبيات معادية للسامية باللغة العربية.”
على الجانب الآخر، تكشف الوثائق التاريخية أن العلاقة بين اليهود والمجتمعات العربية والإسلامية كانت تتسم بالتعايش النسبي لفترات طويلة. فقد عاش اليهود في بلداننا العربية والإسلامية لقرون عديدة، وكانوا جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لمجتمعاتنا. وبلا شك، فإن اليهود في العالم الإسلامي تمتعوا بوضع خاص طبقا للشريعة الإسلامية منحهم حماية خاصة وحقوقاً محددة. وعندما نقارن وضعهم بوضع اليهود في أوروبا المسيحية خلال العصور الوسطى، نجد أن وضعهم في العالم الإسلامي كان أفضل بكثير في معظم الفترات التاريخية.
وعندما نعود بذاكرتنا إلى التاريخ المشترك، نجد أن المجتمع اليهودي في العراق، على سبيل المثال، كان “الأكثر نجاحاً والأكثر ازدهاراً والأفضل اندماجاً من بين جميع المجتمعات اليهودية في العالم العربي”، كما يقول آفي شليم. والحقيقة الساطعة هنا أن التعايش بين اليهود والمسلمين كان واقعاً معاشاً في العالم العربي والإسلامي لقرون طويلة، وأن التوترات التي ظهرت في القرن العشرين كانت مرتبطة بشكل أساسي بالصراع السياسي والتيارات السياسية العربية التي ظهرت حول فلسطين، وليس بكراهية متأصلة ضد اليهود كمكون ديني أو عرقي.
وبنظرة فاحصة، نستطيع أن نرى أن انتشار السرديات المغلوطة حول اليهود في العالم العربي والإسلامي خلال العقود الماضية كان نتيجة لعوامل سياسية وثقافية متداخلة، وليس انعكاساً لموقف تاريخي متأصل. وتتراكم الأدلة على أن هذه السرديات المغلوطة - مثل الادعاء بأن اليهود يتحكمون في العالم وأنهم يديرون حكومات الظل - هي في الأساس أفكار مستوردة من أوروبا، وليست نتاجاً أصيلاً لثقافتنا العربية والإسلامية.
ومما يدعو للأسف أن التنظيمات الإرهابية قد تبنت السرديات المعادية لليهود وروجت لها كحقائق لا تقبل الشك، متخذة منها ذريعة لتبرير أعمالها الإجرامية. وعندما نحلل خطاب هذه التنظيمات، نكتشف توظيفاً مقصوداً للأساطير المعادية للسامية، كبروتوكولات حكماء صهيون والمزاعم حول السيطرة اليهودية على العالم، لتأجيج مشاعر الكراهية وتجنيد الأتباع. والمفارقة المؤلمة هنا أن هذه التنظيمات تتخفى تحت عباءة الدين، في حين أن الدين منها براء، إذ لا يمكن لأي دين سماوي أن يبرر القتل العشوائي أو الكراهية المنهجية ضد أي مكون بشري.
وبنظرة موضوعية، نرى أن هذه التنظيمات منسلخة تماماً عن الحق الذي تدعيه، وأن سلوكها الإرهابي يتناقض جوهرياً مع القيم الدينية الأصيلة التي تدعو إلى التسامح واحترام الآخر. وهنا تبرز أهمية مواجهة هذا الفكر المتطرف من خلال تفكيك الأساطير التي يستند إليها، وكشف زيف ادعاءاته الدينية، وإعادة تأكيد القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع بين أتباع الديانات السماوية كافة.
في ضوء كل ما سبق، نحن مدعوون للتفكير بعمق في كيفية مواجهة اللاسامية في عالمنا العربي والإسلامي، وهذا يتطلب فهماً عميقاً لجذورها التاريخية وآليات انتقالها من أوروبا إلى منطقتنا. والطريق الأمثل، كما تشير التجارب التاريخية، يكمن في ضرورة تفكيك السرديات المغلوطة حول اليهود، والتمييز بوضوح بين النقد السياسي المشروع والتعميمات المعادية للسامية التي تستهدف اليهود كشعب.
ولعل الخطوة الأهم في هذا المسار هي استعادة تاريخ التعايش بين اليهود والعرب والمسلمين والاتفاقيات الإبراهيمية التي جرى العمل عليها، فهذا يمكن أن يشكل أساساً متيناً لبناء مستقبل من التفاهم المتبادل. فالتاريخ يشهد على أن التعايش كان واقعاً في الماضي، وبالتالي فهو ممكن في المستقبل أيضاً. وهذا يتطلب منا جميعاً جهوداً تربوية وثقافية وإعلامية لتصحيح المفاهيم المغلوطة، ونشر ثقافة التسامح واحترام التنوع.
التعليقات
لهذا السبب نكره اخوانكم الصهاينة اليهود
بلال -نحن لا نكره اليهود لانهم يهود ، ولكنهم اي اليهود الغربيون لأنهم معتدون و غاصبون ومجرمون ، فقد عاش اليهود الشرقيون بين المسلمين لقرون وليس في تاريخنا هولوكست واحد مما فعله المسيحيون الغربيون بهم طوال الفين عام ، من مذابح سبقت الهلوكوست الأخير ومافعله بهم الوثنيون قبل ذلك وعلى كل حال اليهود من ذنوبهم سُلط عليهم ،، الواحد يعجب من تعاطفكم معهم وانتم ترون أفعالهم الاجرامية في فلسطين ،،
وماذا عما حصل لليهود في بداية الإسلام؟
من الشرق الأوسط -ولكن التأريخ الإسلامي يخبرنا عن بداية العداوة بين اوائل المسلمين واليهود وحصلت معارك وتم سبي نسائهم. والقرآن نفسه مليء بانتقاد اليهود، فكيف تقول بان اللاسامية اصله اوروبي؟!
اخوكم الصهيوني نتن ياهو فتح حربا لا يعرف متى ينهيها وستنهيه ،،
بلال -جيش الاحتلال دمر 25% من أنفاق حماس فقط. حماس جندت ما يقارب 40 ألف مقاتل جديد. حماس تمتنع عن إرسال مقاتليها إلى الأنفاق وتركز الآن على تصنيع العبوات.- هآرتس نقلا عن مسؤولين أمنيين
عن أى تعايش تتحدث عزيزى الكاتب ؟
فول على طول -استاذنا الفاضل تعودنا منك أنك تحترم القراء وتعرف جيدا أن رواد ايلاف ليسوا من خريجى الكتاتيب اياهم حتى تسوق لنا هذا الكلام الهزيل .الهزيل جدا - معلهش يا استاذ سالم اعذرنى هذه المره ةووأنت تعرف جيدا قدرك عندى - استاذا سالم ألن تقرأ الاتى فى نصوصوكم الدينيه وليس من ابتكار الجماعات الارهابيه كما تدعى : لا يبقى دينان فى الجزيره ...لعن الله اليهود والنصارى .احفاد القرده والخنازير ...ألم تسمع عن غزوة بنى قريظه وبنى النضير وعن خيبر الخ الخ ؟ ألم تعرف أن امين الحسينى مفتى القدس تحالف مع هتلر فى الهولوكوست ؟ يتبع
تابع ما قبله
فول على طول -يعنى كراهية اليهود عند الذين أمنوا متجذره ومنذ قدم التاريخ وبنصوص دينيه مقدسه ..اذن عن أى تعايش بينكم وبين اليهود يا عم الكاتب ؟ وهل تتعايشون مع المسيحيين أصحاب البلاد ..اذن كيف تتعايشون مع اليهود الصهاينه كما تطلقون عليهم ؟ مع العلم أن نصوص الكراهيه المقدسه لليهود موجوده قبل الغرب أصلا أى قبل الهولوكوست النازى بقرون طويله يا عم الكاتب ..اذن كيف اللاساميه جاءتكم من الغرب ؟ ناهيك بالطبع عما حدث لليهود - والمسيحيين بالمره - فى البلاد المكنوبه بالاسلام ..يا عم الكاتب أنتم لا تتعايشون مع بعضكم.
لاشك انكم واليهود شركاء ،،
بلال -لاشك انكم واليهود شركاء في الهلوكوست الذي يصنعه اخوانكم الصهاينة في غزة ،،
التعايش اختراع الإسلام في ظله يعيش ملايين الكفار إلى اليوم ،،
حدوقه -فين قريت يا نتن ياهو ان مشروع المسلمين ابادة اليهود ؟ الابادة الحقيقية حصلت على ايدي بتوع عقيدة التسامح ورب المحبة ، ان اليهود يا نتن ياهو ياشتام لئيم ، ان اليهود اكثر انصافاً من غجر مصر والمهجر الشتامين المفترين اللئام ، فهم في موسوعتهم اليهودية يشيدون بموقف المسلمين منهم عبر التاريخ ، بالمقابل تحتشد في الموسوعة اليهودية بالوقائع التاريخية التي تعرض لها اليهود من مذابح وتشريد وبيع في اسواق النخاسة وارغام على المسيحية طوال الفين عام اخرها افران الغاز ولذلك كان انتقامهم من المسيحيين شديداً ، بشكل غير مباشر ،مثلاً عروا نسوانهم وشغلوهم في الدعارة ، وحطموا عقيدتهم وجعلوا ربهم محل سخرية ،،
ما مصلحة المسيحي المشرقي في الدفاع عمن يدنس مقدساته ؟!
صلاح الدين المصري -يبدو ان الكراهية اللامنطقية للإسلام تدفع البعض إلى الاصطفاف مع اليهود مدنسي مقدساته في فلسطين ، اصطفاف بعض رعايا الكنيسة الارثوذكسية في مصر مع الصهاينة يأتي من باب حقدهم غير المبرر للإسلام والمسلمين ، المقدسات المسيحية في فلسطين تتعرض للتدنيس على يد اليهود المتطرفين بصق على الصليب و الكتاب المقدس والرهبان والراهبات وترويعهم وإلزام الزوار المسيحيين أضيق الطريق والبصق عليهم و تكسير مقابر المسيحيين وكتابة عبارات مسيئة إلى يسوع على جدران الكنايس مع بداية النكبة تم تهجير مائة الف مسيحي ومع استمرار أعمال المضايقة والتنكيل غادر مسيحيون فلسطينيون فلسطين إلى أوروبا وأمريكا ، يا اعباط المهجر موتوا بغيظكم و باحقادكم واحترقوا في قبوركم بعده احتراق وتنكيل اشد في جحيم الابدية ينتظركم آمييين ،،
بع ثيابك واطعم جائع وليس اشتر سيفاً يا ترى من القائل ؟!
صلاح الدين المصري -عندما قال بع ثيابك واشتر سيفاً وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا". لماذا يأمر يسوع الانجيلي تلاميذه أن يشتري كل منهم سيفًا؟ ولماذا عندما قالوا له «يَا رَبُّ هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». قَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!»؟يعني الإنسان ممكن يبيع ثيابه ليطعم أطفاله مثلاً اما ان يبيع ثيابه ليشتري به سيفاً يقتل به الآخرين فهذا يهدم الصورة التي تروج عنه كرجل سلام إلى رجل عصابه و يصير كلامه هذا مبرر لأتباعه ليقتلوا الناس ويذبحوهم وهذا ما حصل للناس طوال الفين عام والى اليوم من ذبح الناس وتطور السيف إلى صواريخ التوماهوك التي تدخل الملاجيءلقتل الأطفال والنساء وبهذا يكون يسوع زعيم اول تنظيم ارهابي مسيحي مسئول عن قتل ملايين البشر الأبرياء وابادتهم منذ الفين عام وأزيد الى نهاية العالم العجيب انه ايضاً سيعود إلى الارض ليواصل مهمة قتل الناس وليس إلى هدايتهم ونشر المحبة والسلام ،،؟!
احفاد ضحايا الهولوكست مجرمون وجزارون ،،؟!!
فرات -العجيب ان احفاد ضحايا الهلوكوست او ناجين يرتكبون اليوم جرائم اشد من النازية ضد شعب غزة المسلم المظلوم ، والأعجب انهم يجدون تأييداً من عرب ومسلمين لجرائمهم تلك ؟!!
ولماذا لا يتحالف الحسيني مع عدو مشترك ر ،،،
حدوقه -ما انتم طلبت كنيستكم الخاينه طول عمرها من روسيا بإيعاز من الكنيسة الروسية غزو مصر واحتلالها ، ولما انكشفت الخيانة طلب الخديوي من شيخ الأزهر فتوى لتهجيركم إلى جنوب السودان عقاباً لكم على خيانتكم و لكن شيخ الأزهر الذي تشتمونه على منصاتكم البذيئة على مدار الساعة ، رفض كما رفض شيخ الإسلام في إسطنبول نفس الطلب ، انكم في مصر بفضل سماحة الإسلام بالملايين ولكم آلاف الكنائس والأديرة وعايشين متنغنغين بعدما كنتم تحت قهر وتعذيب وتنكيل اخوانكم في الدين الرومان الكاثوليك المحتلين لمصر