كتَّاب إيلاف

إقليم كوردستان.. حلقة الوصل الإستراتيجية

الزعيم مسعود بارزاني
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسها تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف.

ونتذكر جميعًا أنه منذ أن فشلت عملية السلام التركية &- الكوردية في 2015، عاد النزاع بين أنقرة وحزب العمال إلى مربع العنف، مع عمليات عسكرية تركية متكررة في الحدود الشمالية لإقليم كوردستان. لكن هذا التصعيد رافقته مؤخرًا اتصالات غير مباشرة بوساطة الإقليم، فقد أشارت تقارير إلى زيارات لمسؤولين أتراك إلى أربيل. هذه الزيارات تعكس رغبة تركية في اختبار خيارات بديلة عن التصعيد الميداني، ضمن حدود تسمح بها الحسابات الأمنية والسياسية.

الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، الذي احتفظ بعلاقات طيبة مع أنقرة منذ توليه رئاسة الإقليم، يمثل طرفًا مقبولًا لدى صناع القرار الأتراك، وهو في الوقت ذاته يُنظر إليه داخل أوساط حزب العمال بوصفه شخصية كوردية تاريخية لا تُعاديهم بشكل مباشر، مما يمنحه موقعًا تفاوضيًا فريدًا، خاصة وأنه سبق أن لعب دورًا مشابهًا في وساطة غير معلنة عام 2013 خلال عملية السلام التركية &- الكوردية آنذاك.

أمَّا في الملف السوري، فقد برز اسم مظلوم عبدي كطرف يحاول الجمع بين الواقع العسكري والسياسي، ومع تعقّد علاقته بالنظام السوري والضغوط التركية، وجد عبدي في إقليم كوردستان شريكًا موثوقًا، حيث كشفت تقارير عديدة عن لقاءات مهمة لعبدي في أربيل. فقد أظهرت دراسات تحليلية &- منها دراسة صادرة عن مركز كارنيجي للشرق الأوسط &- أن الإقليم قام بدور في تقريب وجهات النظر بين دمشق والإدارة الذاتية، باعتبار أربيل بيئة محايدة نسبيًا للحوار غير الرسمي.

قراءة بارزاني الاستراتيجية: الاستقرار أولًا
رؤية بارزاني لا تقوم على تحييد الخلافات فحسب، بل على إعادة صياغة منطق التعامل مع "القضية الكوردية" خارج الأدوات العسكرية، وهو يرى أنَّ الاستقرار الإقليمي يصبّ في صالح القضية الكوردية، التي خَسِرت كثيرًا بسبب التصادم مع العواصم، وقد عبّر عن ذلك مرارًا، مثل خطابه في الذكرى الثالثة لاستفتاء الاستقلال عام 2020، حين شدّد على أن "الحوار مع دول الجوار كشركاء في المصير، لا خصوم دائمين".

بهذه الرؤية، يعمل بارزاني على تهيئة توازن دقيق: الحفاظ على مكاسب إقليم كوردستان، وعدم القطيعة مع أنقرة ودمشق، وفي الوقت نفسه عدم التنكّر لمطالب الكورد في تركيا وسوريا. هذه الصيغة المعقدة قد تكون أحد مفاتيح خفض التصعيد في ملفات الكورد الإقليمية.

وخلاصة القول، إقليم كوردستان، بقيادة بارزاني، يتحول تدريجيًا من ساحة صراع إلى منصة سياسية وسطى، وإذا ما نجحت جهود الوساطة الجارية، فقد يُعاد رسم المشهد الإقليمي بما يمنح الكورد دورًا فاعلًا ضمن الدول القائمة، بدلًا من البقاء على هامش الصراع أو في قلبه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
إقليم كوردستان حلقة الوصل الإستراتيجية
د ، سفيان عباس -

أحسنت مبدعنا القدير ،، إقليم كوردستان حلقة الوصل الإستراتيجية ،، الإقليم وقيادته الحكيمة اثبت أنه اهلا لهذه المهمة النبيلة الشرق اوسطية ، تجربته في الاستمالة للحلول السلمية عريقة وعميقة في آن واحد ، حكمة قيادته جعلته محل ثقة يؤتمن اليها من قبل جميع الأطراف المتنازعة كونها احترفت الحكمة في اللجوء الى التفاوض السلمي من أجل انتازع حقوق الكورد المشروعة ، وخصوصا الجانب التركي وحزب العمال الكوردستاني من خلال توجيهات زعيمه السيد عبد الله اوجلان الأخيرة ، مجمل حقوق الكورد في الدول المجاور تتمحور ضمن سقف المشروعية الدستورية والدولية ، لعل الجنرال الخالد الملا مصطفى البارزاني أول من تبنى مسألة انتزاع الحقوق الكوردستانية عن طريق الحل السلمي في مطلع سبعينات القرن الماضي مع النظام العراقي آنذاك ، وانتقلت هذه الحكمة الرصينة الى فخامة الرئيس مسعود بارزاني الذي افلح في تجسيدها ونجاحها ، المكانة الاعتبارية لفخامة الرئيس مسعود بارزاني عربية ودولية ، ولا تقتصر على دول الشرق أوسط فحسب، ولهذا القيادة الكوردية في سوريا لجأت إلى حكمته المعهودة والغنية ،،،دمت مبدعا على الدوام

لا للقوة العسكرية
يوسف سرحوكى -

ولد مسعود برزانى في عائلة عرف عنها بالحنكة السياسية والعسكرية والاقتصادية وعن مايدور ضمن مخارج ومداخل والنوايا داخل العراق وخارجه (دول الجوار ) ومدى تأثير تلك الدول على القرار السياسي إتجاه الكورد لهذا امتلك رؤية حقيقية لسياسات الدول الجوار وكيفية التعامل مع تلك السياسات بعقلانية منفتحة لدرجة حاز على احترام وتقدير الأعداء قبل الأصدقاء بإيجاد الحلول لكل المشاكل التي تواجهها الكورد مع الحكومات لدول الجوار ، فلم يكن أمام كورد روژئافا إلا والرجوع إلى المرجعية الكوردية الحقيقة والمتمثلة بشخص مسعود برزانى لإيجاد الحل مع حكومة سوريا ومعها الحكومة التركيا لأن تركيا لها قوة لاتخاذ القرارات من قبل الحكومة السورية ، لنيل الكورد حقوقها المشروعة و بأسلوب سياسي بعيدا عن استعمال القوة فمثلا حزب العمال الكوردستاني وتركيا ماذا كانت النتائج لكلا الطرفين باستعمال السلاح سوى القتل وسفك الدماء والخسائر المادية.