سري كانيي... المدينة المنفية من الخرائط والضمائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حين يُقال سري كانيي - رأس العين، لا يُستحضر مجرد اسم مدينة محتلة، مشطورة، على حدود الخريطة السورية التركية، في شكلها السايكسبيكوي المعدل، بل تحضر خريطة كاملة من الألم، والجراح المفتوحة، والبيوت المغتصبة، والأرض المستباحة، والذاكرة المُشظاة بين الحدود والأسلاك. هي ليست بلدة نائية فقط، بل صورة مكثفة عن ظلم جيوسياسي معقّد، تقاطعت فيه الخيانات، وتداخلت فيه خرائط المصالح الإقليمية والدولية، وتحوّل فيها الكردي إلى فائض جغرافي، وعقبة في طريق المشاريع الكبرى.
منذ أن بدأت تركيا بتنفيذ مخططها الاحتلالي للمناطق الكردية في سوريا، تحت ذريعة محاربة "حزب العمال الكردستاني"- الحزب الذي ينشط داخل تركيا، ويشارك ممثلوه في برلمانها- صار واضحًا أن الهدف الحقيقي ليس أمن تركيا، بل تغيير ديمغرافي ممنهج، وإخراج الكرد من جغرافيتهم التاريخية.
احتلال عفرين في عام 2018 كان النموذج الأول، حيث تم تهجير السكان الأصليين، وتمكين ميليشيات مأجورة مدعومة تركيًا من فرض واقع جديد: سرقة البيوت، حرق الأشجار، تغيير أسماء الشوارع، نهب الآثار، قلع الزيتون، تفكيك البنية الزراعية، وترويع المدنيين. وكان ذلك بمباركة دولية، أو بصمت شريك: الروسي في صفقات الضبط، والأميركي في توزيع الخريطة.
إقرأ أيضاً: ليس دفاعاً عن الشيخ الهجري: حين تستنجد الطائفة بأخلاقيات الدولة المهدورة
ثم جاء الدور على سري كانيي - رأس العين - المدينة الحدودية التي كانت جزءًا حيًا من جسد الجزيرة، ليُعاد اقتطاعها بضربة واحدة، دون أن يُحرّك العالم ساكنًا.
الاحتلال التركي لسري كانيي لم يكن مجرد دخول عسكري، بل كان عملية اجتثاث سكاني كاملة. فقد تم تهجير أهل المدينة عنوة، وصودرت منازلهم، وتم تسكين جماعات وعائلات لا تمتّ للمكان بصلة، منهم من جاء من وراء البحار، ضمن سياسة تعريب وتغيير ديمغرافي مفضوحة.
من بقي من سكان المدينة داخل سوريا، أمسى كلاجئ داخلي في بقية مدن الجزيرة - عامودا - الحسكة، قامشلي، الدرباسية، تربسبي، ديرك. بعضهم سكن خيام النزوح، وآخرون تقاسموا بيوتًا ضيقة مع أقربائهم. ومنهم من هاجر إلى الشتات، يحمل مفاتيح بيته معه، أو عقد أرضه التي أصبحت الآن مزروعة بأسماء الآخرين.
إقرأ أيضاً: الدروز واستهداف الكيان: فتنة المذهبة ومسؤولية الدولة المتخيلة
الملف الإنساني لأهالي سري كانيي لا يزال من أكثر الملفات الكردية تهميشًا. لم يجد الاهتمام الكافي من النخب الكردية، ولا من الناشطين الحقوقيين، ولا من المؤسسات الدولية التي لطالما تحدثت عن حق العودة والكرامة.
لم تُحل أوضاعهم القانونية، لم تُعوض أراضيهم، لم تُؤمّن لهم مساكن بديلة، لم تُفتح لهم ملفات استرداد ممتلكاتهم. سلطة دمشق تلوذ بصمتها الثقيل، تجاه هذه المدينة، تحديداً، والاحتلال التركي يواصل ترسيخ واقعه الاستيطاني، والمعارضة السورية المرتبطة بأنقرة كرّست هيمنتها على حساب الكردي الذي لا يجد له مكانًا في بيتٍ بناه بيده، من دون أن تصل إلى حل لهذه المأساة، قبل أن تحل هي، وتغدو نتيجة طبيعية لمأساة، حولت ذاتها إلى جزء منها!
اليوم، بدأت عفرين تشهد حراكًا داخليًا لعودة السكان إلى بعض أحيائهم، بعد أن تغيرت المعادلات الميدانية، وسقطت رهانات بعض الفصائل المسلحة. عاد بعض المهجرين إلى بيوتهم، رغم الألم، رغم الخوف، رغم الخسارة. رغم موت الآلاف من أهلها خارج مدينتهم، وفي الشتات والمهاجر، ناهيك عمن هم لايزالون في سجون الاحتلال في تركيا. لكن سري كانيي ما تزال أسيرة الغياب. لا ضوء في نفقها. لا خطة للعودة. لا أي نداء حقيقي يطالب بإنصاف سكانها.الحديث عن أي مشروع كردي، أو وطني حر، دون استعادة سري كانيي، هو نصف مشروع. هو: لا مشروع. الكرامة لا تتجزأ. الأرض لا تقبل أن تُقسم. المأوى ليس ترفًا، ولا الأرض سلعة. من نُزعت عنه مدينته، نُزعت عنه هويته.
إقرأ أيضاً: مأثرة التدوين وسقوط التخوين
ولهذا، فإنَّ كل صوت لا يطالب بالعدالة لأهالي سري كانيي، هو صوت ناقص.
وكل من يتحدث عن الخرائط دون أن يشير إلى هذه المدينة - المستباحة المنفية من الخارطة - يشارك بصمته في جريمة سرقتها. وآن للمنفى أن ينتهي. آن للذاكرة أن تعود إلى مكانها.
آن لسري كانيي أن تُقال باسمها، وتُروى حكايتها، ويعود أهلها. أصحابها المهجرون إلى بيوتهم. آن للغرباء الدخلاء أن يغادروها!؟
التعليقات
آن لكل المحتلين ان يغادروا كردستان كلها
كردية -ليس سري كاني فقط، بل آن لهم ان يغادروا كل ارض الكرد. لكن الإحتلال يأتي بطرق متعددة وليست كلها مباشرة. في اقليم كردستان الإحتلال الآن شكله مختلف، الوف من العرب يأتون ويستقرون في مدن الاقليم، ينشأون الاعمال ويشترون البيوت ويتكاثرون كالارانب ويعملون في المراكز الحكومية فيها. اصبحت لا تمر في شارع صغير حتى دون ان تسمع من يتكلم العربية. والعرب دوما وابدا كان ديدنهم ان يذهبوا الى البلدان الاخرى زائرين وضيوفا، ثم يحتلونها ويقولون انها ارضهم بل ويصرخون عن الظلم الواقع عليهم ان تكلم احد من اصحاب الارض الاصليين عن حقوقهم. مصيبة الكرد اننا نهتم جدا لما يقال عنا، نحب جدا ان يقول عنا "اخوتنا" العرب والترك اننا طيبون وننزع الى السلام بسرعة، نهتم ان يقول عنا الغرب اننا عاقلون لا نريد النزاعات....في الوقت الذي تكون الشعوب التي تمارس الارهاب لاخذ حقوقها يسارع الغرب الى محاولة مراضاته. نحن لم نمارس الارهاب يوما في صراعنا لحقوقنا ومع ذلك نعتنا اعدائنا بالارهاب. انا لا اقول ان نمارس الارهاب، لا، هذا غير مقبول، لكن من حقنا ان ندافع عن ارضنا وثقافتنا.
سري ايه ، ده انكليزي يا برهوم ؟
بسام الشامي -من أين تأتون بهذه الأسماء الغريبة العجيبة التي لم يسمع بها أحد مثل روج آفا وسري كانيي وغيرها إنها تذكرنا بمعمر القذافي عندما قال أن شكسبير عربي واسمه الحقيقي الشيخ زبير. متى تكفون عن هذا الهراء والسخرية والفلسفة وتعضون الأيدي التي امتدت اليكم ومنحتكم الوطن والأرض والعزة والكرامة بعد أن كنتم غجر تجوبون الأرض بدون وطن ولا هوية فهل أعطتهم اوروبا وروسيا الوطن والهوية كما أعطاكم الاسلام بعد اعتناق غالبيتكم له فأوصلكم لقمة المجد على يد صلاح الدين الأيوبي محرر القدس وطارد الصليبيين ولو كان هناك شيء اسمه كردستان لأسسه بدلا من الدولة الأيوبية . ولكن ماذا تقول لناكري المعروف ممن يصر على أن يبقى غجريا قوقازيا من اللصوص وقطاع الطرق وبندقية للإيجار ينتقلون من ايران الى تركيا وسوريا والعراق كلما أرادت الدول التي ينتمون إليها إجراء إحصاء لعددهم كما حصل في سوريا بأن انتقل نصف مليون كردي ايراني وتركي الى سوريا عندما أراد حافظ أسد ووريثه تعداد السكان في شمال وشمال شرق سوريا حيث وجدت لجان الإحصاء غجر دون أي أوراق ثبوتية ولا أحد يعرفهم ولا يتكلمون اللغة العربية ولا يعرفون عملة البلد ومع ذلك منحهم بشار اياها للتغيير الديمغرافي وطرد العرب. متى يعود هؤلاء العنصريون المتسلطون على رقاب الأكراد الى مسقط رأسهم في القوقاز ويتركون أكراد المنطقة يعيشون في سلام مع أقرانهم في البلاد التي ينتمون اليها كباقي المكونات من أرمن وشركس وتركمان وآشوريين وغيرهم من الأعراق التي لجأت للمنطقة هربا من الإبادة ولم تطالب لا بفدرالية ولا بانفصال ولا تغيير أسماء مدن وقرى والعبث بتاريخ الشعوب لخلق كيان عنصري وهمي لا وجود له لا بالتاريخ ولا بالجغرافيا التي تقول أنها أرض آشورية ولا علاقة للأكراد لا بسايكس ولا ببيكو الذي دمر بلاد الشام واقتطع منه فلسطين لخلق كيان عنصري مبني على اساطير وأوهام وأسماء توراتية وتلمودية كتبت في اليمن منذ آلاف السنين عن الانبياء من ابراهيم وداوود وسليمان وفرعون وغيرهم الذين عاشوا في اليمن ولم يعرفوا لا مصر ولا فلسطين وشوهوا التاريخ كما تفعلون أنتم اليوم .