كتَّاب إيلاف

خرافة السلام القائم على العدل

"خرافة السلام العادل بدأت منذ لحظة قرر فيها طرف مسلح حتى أسنانه أن يجلس "ليتفاوض" مع طرف منزوع السلاح"
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ عقود، والشرق الأوسط يعيش على وعدٍ قديم يُتلى في المؤتمرات الدولية، ويُكرّر في خطابات الزعماء وبيانات الأمم المتحدة: "السلام العادل والشامل". لكن دعونا نكون واقعيين (أو ساخرين قليلاً): ما هو هذا "السلام العادل" الذي يتحدثون عنه؟ وهل هو بالفعل مشروع سياسي، أم مجرد أسطورة من أساطير ما قبل الحداثة، مثل العنقاء أو دولة فلسطينية مستقلة؟

خرافة السلام العادل بدأت منذ لحظة قرر فيها طرف مسلح حتى أسنانه، بدعم غير محدود من أقوى قوى الأرض، أن يجلس "ليتفاوض" مع طرف محاصر، منزوع السلاح، مجزأ جغرافياً، ومنهك اقتصادياً. تخيل أن تدخل مباراة ملاكمة، وأنت مقيّد اليدين، ثم يُقال لك إنها مباراة متكافئة... "النتيجة تعادل… والآن إلى السلام العادل!".

العدالة؟ كلمة عظيمة، لكنها تُستخدم هنا كنوع من التوابل الخطابية. فالعدالة في هذا السياق لا تعني إعادة الحقوق، بل "إعادة صياغة المأساة بطريقة لا تزعج المُحتل". يُطلب من الفلسطيني أن يعترف بإسرائيل كـ"دولة يهودية ديمقراطية"، بينما لا يُطلب من إسرائيل أن تعترف حتى بوجود فلسطين على الخريطة، لا حرفياً ولا مجازياً.

ثم هناك مهرجان المصطلحات: "حل الدولتين"، "الدولة القابلة للحياة"، "حق العودة القابل للتفاوض"، "القدس الشرقية عاصمة فلسطين"، إلخ. كلها عبارات تصلح لتكون أسماء أفلام خيال علمي لا يُسمح بعرضها في الواقع.

والأطرف من كل ذلك، أن الوسطاء المفترضين للسلام هم أنفسهم الرعاة الرسميون لعدم الاستقرار: يبيعون السلاح لطرف، ويُصدرون بيانات قلق للطرف الآخر. وكأنك تدعو الذئب ليكون وسيطاً بينك وبين الخروف، ثم تستغرب لماذا فشلت محاولات السلام.

في نهاية المطاف، السلام العادل هو ذاك الكائن العجيب الذي يُذكر في المؤتمرات، وتُقام له القمم، وتُكتب فيه التقارير، لكن لا أحد يراه. ربما لأنَّه لا يعيش إلا في الخيال الدبلوماسي… أو في كتب التاريخ التي لن تُكتب.

وعبارة أخرى دائما تقترن بخرافة "السلام القائم على العدل" هي خرافة "الشرعية الدولية" هذه الشرعية لا تطبق إلا على الضعفاء، بنيامين نيتنياهو (بيبي) مطلوب القبض عليه لمحاكمته أمام المحكمة الدولية لإرتكابه جرائم حرب، ولكن لا يستطيع أي أحد لمسه أو الإقتراب منه لأن وراءه أكبر قوة على وجه الأرض، وحسب المثل المصري "إللي له ظهر ما ينضربش على بطنه".

لذلك فإنَّ أيّ شخص يكلمني عن أي "شرعية دولية" أقول له: "خالتك إسمها شرعية" و"ده ولية إللي يمشي وراك".

ومن كثرة تكرار عبارتي "السلام القائم على العدل" و"الشرعية الدولية" صدقها الطرف الفلسطيني الأضعف في المعادلة وفعلا بدأ التفاوض للحصول على أي شئ من مبدأ "ما لا يؤخذ كله لا يترك كله" وبعد التوصل إلى حل معقول مع إتفاقية أوسلو، قتل المتطرفون اليهود رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين وقتل المتطرفون المسلمون السلام، وكلا الطرفين أصبح يؤمن بأنَّ القضاء على الطرف الآخر هو الحل، وبأنها إما دولة يهودية من النهر إلى البحر أو دولة إسلامية من النهر إلى البحر، وطبعا كلنا يعلم من هو الطرف الأقوى لتحقيق هدفه من النهر إلى البحر.

إقرأ أيضاً: هل يستطيع العالم الاستغناء عن أميركا؟

وقد نبهني صديق عزيز إلى خرافة أخرى كان يتبناها حزب الوفد المصري، وموجودة حتى الآن في صدر صحيفته اليومية "الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة"، ويقال إنَّ هذا من أقوال سعد زغلول، وهناك احتمال أن يكون متأثراً بقول المهاتما غاندي "ليست القوة هي الحق، بل الحق هو القوة"، وكل هذه الأقوال أقوال جميلة وتصلح عند كتابة الشعر، ولكن عند مراجعة التاريخ والجغرافيا نجد دائماً بأن القوة كانت وراء قيام الأمبراطوريات العظيمة وبسبب قوتها استطاعت الغزو والإستيلاء على خيرات ليست ملكها، ومثلما قال الخليفة العباسي قولته الشهيرة عندما رأى سحابة كثيفة لم تمطر فوق قصره في بغداد فقال: "أمطري حيث شئت فإنَّ خراجك لي"، وهنا بيت القصيد أنَّ الأمبراطورية العباسية امتدت من بغداد واستولت على خيرات غيرها من الشعوب، ولا يهم إلا القوة التي تستطيع جمع "الخراج" (الضرائب بلغة العصر). ونفس الشيء ينطبق على الأمبراطورية الرومانية، وأذكر في فيلم "كليوباترا" والذي قامت ببطولته الممثلة الرائعة إليزابيث تايلور، وكانت كليوباترا تخاطب الإمبراطور الروماني (القيصر) عندما هبطت سفنه في الإسكندرية وقالت له: "أنت هنا لأنك تريد الاستيلاء على القمح المصري لتغذية قواتك".

سوف يتحقق العدل على الأرض عندما يعود المسيح أو المهدي المنتظر أو المسيا المخلص (كل حسب عقيدته) لكي: "يملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً".

(ملحوظة هامة: الرسوم الكاريكاتورية المرفقة بالمقال هي من إنتاج برنامج الذكاء الاصطناعي، كما حال بالنسبة إلى جزء من المقال، وقد حمدت ربنا أنني لا أكسب رزقي من الكتابة)!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
القوه هى العدل حتى لو لم ترضى
فول على طول -

لا يوجد شئ اسمه الحل العادل أو السلام العادل أو حل يرضى الطرفين وهذا منذ بدء الخليقه . القوه هى التى تفرض الحل والأضعف عليه القبول بذلك ويرضى بالفتات وان لم يعجبه الفتات لن يجده المرات التاليه ..العرب والمسلمون لم يفهموا ذلك بالرغم من أنهم فرضوه على الأمم قبل ذلك. ولو كان المسلمون الان يملكون القوه كانوا غزوا كل الدول وفرضوا العدل عل طريقتهم وقالوا أنه السلام العادل وأخرجنا العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد وأخرجناكم من الظلمه ال النور وريد لكم اخير وسوف نحدفكم حدفا الى جنة الخلد - وبينى وبينك يا سام والولدان والحوريات - بدلا من النار ..هذه هى الحقيقه لماذا لا تقبلون تطبيق نفس المبدأ عليكم ؟

الإسلام لم يفرض بالقوة على احد ودليله مصر ،،
صلاح الدين المصري -

الإسلام لم يفرض بالقوة ولا بالعدل على احد ، ودليله مصر ، ان فيها ملايين الكفار والمشركين ، ولهم آلاف الكنائس والأديرة منذ الف واربعمائة عام ونيف ،،

اي عدالة وسلام مع مغتصب دارك ؟!
فرات -

كيف يا استاذ يصير سلام قائم على العدل بين صاحب الدار ومغتصبها ؟! اننا نعيش في عالم بلا عدالة ولا انسانية ، وتحكمه القوة الغاشمة ، لقد عرّت الحرب الغاشمة على غزة والضفة كل الغرب الرسمي وفضحت كل ما روج له من مباديء و من دعاوي العدالة والانسانية والسلام والإنصاف ، ومهما طال الزمان فإنه لن يصح إلا الصحيح ،،

كيان غاصب و نادي ومجرم وارهابي لا مستقبل له،،
فرات -

الكيان الصهيوني في فلسطين كيان لا مستقبل له في زمن الصواريخ العابرة ، فالصواريخ. القادمة من جنوب جزيرة العرب مثلاً ادخلت مئات الالوف من سكانه الملاجيء و قطعت الطيران فوق سماء فلسطين وشلت طائرات على الارض واعادت المئات منها من حيث اتت ، ولو تلقى الكيان ضربات صاروخية جراحية في مفاصله الاساسية لأصيب بالشلل التام ، لقد فشلت منظومات الدفاع الجوي والتشويش في صد الصواريخ العابرة ، وعدة رشقات صاروخية احترافية كافية لتدمير الكيان و هروب مستوطنيه إلى أوطانهم الاصليه، ان ما اطال من عمر الكيان هي تلك الأنظمة الوظيفية الحارسة لحدوده مثل مصر والأردن ،،

فجوة واحدة
كاميران محمود -

المقال محكوم ومتحبك تمام التمام عدا ما فاتك من كون المتطرف الاسلامي انتاجا اسرائيليا. اماقولك أن سفن القيصر هبطت بدلا من رست في الاسكندرية سيجبرني على الدخول في مفاوضات(سلمية) مع الحاج جوجل حول المواصلات ووسائلها وطرقها ايام العزيزة الراحلة كليوباترا.

ولا يهمك يا شيخ ذكى
فول على طول -

أذكى اخوته واخوته فرات او حدوقه أو صلاح الدين المصرى ..ولا يهمك يا راجل ..العالم كله يعرف الاسلام الكيوت ولا تحتاج أن تأتى بدليل واحد ...العالم كله لديه عشرات الأدله على الاسلام الكيوت فلا تتعب نفسك وأيضا العالم كله يعرف انتصار جماعتكم حماس ويبارك لكم الف مبروك وعقبال بقية الانتصارات على نفس الطريقه ..قول امين قادر يا كريم

امكم امريكا تعيق اي حل قائم على العدل والسلام ،،
رأفت -

امكم امريكا سبب النكبات والكوارث في منطقتنا العربية والعالم ، وفق تصريح جفيري ساكس فهي من يدعم الكيان الصهيوني ماديا وعسكريا وسياسياً، كم قرار اصدرته الامم المتحدة ومنظماتها وقفت ضده امريكا بحق النقض الفيتو ، لقد بلغت الوقاحة بامريكا انها تهدد قضاة المحكمة الدولية ، امريكا لعنة امريكا شيطان امريكا سرطان خبيث ،،

العالم يعرف تطرف ودناءة وبذاءة غجر المهجر ،،
حدوقه -

كلام لللورد کرومر عن مؤلف شهير لإدوارد لين قوله “إن التعصب والتطرف والغباء يشكل واحدة الخصائص في شخصية الأقباط، وهم يكرهون سائر المسيحيين الآخرين، والأقباط بصفة عامة أصحاب مزاج معتل، وهم مقترون إلى أبعد الحدود، وهم يظهرون غير ما يبطنون بصورة كريهة جدا، وهم يتذللون أو يسيطرون طبقا للظروف. يعضد هذا كلام للمطران جورج خضر مطران الروم الأرثوذكس في لبنان.المطران جورج خضر أكد أنه لو كان الأقباط هم الأغلبية في مصر لكانوا إضطهدوا ( أبادوا ) المسلمين وقام بنشر ذلك في مقال في صحيفة النهار اللبنانية.

اصطفاف الاوغاد مع الاوغاد ، غجر المهجر كنموذج ،،
برسوم -

واضح ان اصطفاف غجر المهجر مع الصهاينة هو من باب كراهيتهم للاسلام الذي ما ضرهم بشيء فهاهم في مصر بالملايين ولهم ألاف الكنايس والأديرة أنه اصطفاف الاوغاد مع الاوغاد الذين يدنسون المقدسات المسيحية يبصقون على الصلبان والكتاب المقدس بيد الرهبان يدنسون جدران الكنائس و شواهد القبور ، ويروجون ان قتل المسيحيين من الاعمال المفضلة يهودياً ، ان المسيحيين في المشرق الإسلامي بالملايين منذ الف واربعمائة عام ونيف ولهم الاف الكنايس والأديرة ، ولو كان المسلمون كما يدعي هذا الافاق القبطي كانوا ابادوهم منذ ذلك الوقت كما فعل المسيحيون بالشعب الأصلية لأمريكا الشمالية وأستراليا وجزر المحيطات ، عندما كان المسلمون سادة الدنيا اعترفوا بفضل الاسلام والمسلمين عليكم يا اقباط مصر

مجندة صهيونية لدى حماس أمنت على عرضها عندهم اكثر من بيتها ؟!
حدوقه -

قالت مجندة صهيونية كانت اسيرة لدى حماس ، انها أمنت على عرضها عندهم اكثر من بيتها ، عندما تعرضت للاغتصاب في بيتها على يد مدربها الذي خدرها واغتصبها ، ما رأي غجر المهجر ؟

شعوب العالم الغربي الحرة مع غزة يا شوية غجر ،،
برسوم -

ان شعوب العالم الغربي غير الرسمي الحرة مع غزة يا شوية شتامين لئام يا غجر المهجر ، في الجامعات وفي البرلمانات وفي الشوارع يهتفون بسم غزة وفلسطين، ويتحملون الاذى والقمع انهم اناس احرار يا شوية غجر مصطفين مع شاتمي ربكم وأمه الصديقة من باب كراهيتكم .