"ممر داوود" بين الحقيقة وخيال عشاق نظرية المؤامرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في أعقاب حرب عام 1973، أنشأ الجيش الإسرائيلي محورًا عسكريًا لوجستيًا في هضبة الجولان يُعرف باسم "تسير دافيد" أو "ممر داوود". يوضح المؤرخ العسكري موشيه غفعاتي في كتابه "مستويات القتال: كتيبة غولاني في حرب يوم الغفران" أن هذا الطريق يبدأ من منطقة مفترق واسط قرب كيبوتس ماروم جولان في شمال الهضبة، ويمتد بمحاذاة الحدود السورية حتى منطقة تل فارس في الجنوب، موازيًا للسياج الحدودي، ويربط بين مواقع عسكرية ومراكز مراقبة إسرائيلية. ويؤكد غفعاتي أن هذا الطريق لعب دورًا محوريًا في تحركات الجيش الإسرائيلي، إذ مكّن من سرعة الانتشار والتعزيز على طول الحدود، وما زال يُعد من أهم المحاور الاستراتيجية حتى اليوم.
أما عن المزاعم التي تتحدث عن وجود خطة إسرائيلية لإقامة ممر بري يمتد من الجولان عبر القنيطرة والسويداء وصولًا إلى المناطق الكردية في شمال شرق سوريا، فلا يوجد أي توثيق رسمي أو بحثي يدعم هذه الرواية. لم يُذكر "ممر داوود" كمشروع استراتيجي في أي مصدر إسرائيلي أو دولي معتمد، كما لم تظهر مثل هذه الخطط في وثائق الجيش الإسرائيلي ولا في الدراسات الأكاديمية المنشورة حول المنطقة. وتؤكد تقارير مركز موشيه دايان لدراسات الشرق الأوسط وأرشيف الصحافة الإسرائيلية والدولية (هآرتس، يديعوت أحرونوت، نيويورك تايمز) أن إسرائيل أقامت حزامًا أمنيًا فقط في جنوب لبنان (1985&-2000) عبر جيش جنوب لبنان، ولم تنشئ أي حزام مشابه في الجولان أو جنوب سوريا. كذلك، منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، ركزت إسرائيل على منع التمركز الإيراني ونقل السلاح إلى حزب الله، إضافة إلى عمليات إنسانية محدودة مثل عملية "حسن الجوار"، دون أي محاولة لإنشاء ممر جغرافي أو تأثير مباشر على المناطق الكردية أو الدروز في سوريا.
عند مراجعة الأدبيات السياسية والعسكرية، يتضح أن مصطلح "ممر داوود" أو David Corridor غير موجود في المصادر الرسمية أو الدراسات الأكاديمية أو الإعلامية الكبرى عند الحديث عن سياسات إسرائيل في سوريا أو ترتيبات جغرافية في المنطقة. وإذا استُخدم المصطلح، فهو في الغالب تعبير غير رسمي في بعض النقاشات الفردية أو وسائل التواصل الاجتماعي، وليس له أي سند بحثي أو رسمي.
أما الحديث حول وجود لقاءات بين أبّا حوشي (أحد قادة الحركة الصهيونية) وسلطان باشا الأطرش في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي بهدف إقامة دولة درزية مستقلة في سوريا ولبنان، فيفتقر كليًا إلى التوثيق التاريخي. ففي كتاب "مذكرات سلطان باشا الأطرش" يؤكد الزعيم الدرزي أنه كان من أبرز دعاة وحدة سوريا واستقلالها، ورفض مشاريع التقسيم الطائفي أو العرقي بشكل قاطع. كما لم ترد أي إشارة إلى مثل هذا اللقاء في شهادات معاصريه أو في أي من السير الذاتية المنشورة عن شخصيات درزية بارزة. وتشير دراسات الثورة السورية الكبرى (1925&-1927) إلى أن سلطان باشا الأطرش رفض مشاريع الانتداب الفرنسي لتقسيم سوريا على أساس طائفي، واعتبرها خطرًا على وحدة البلاد واستقلالها.
أما الربط بين "ممر داوود" والأحداث في السويداء أو الحديث عن مشاريع إسرائيلية في السويداء، فلا يستند إلى أي وثيقة أو خطة رسمية أو حتى تحليل استراتيجي جاد، بل يبقى في إطار الشائعات أو التحليلات غير الموثقة.
خلاصة القول، يتضح من مراجعة المصادر التاريخية والأكاديمية أن "ممر داوود" هو طريق عسكري إسرائيلي في الجولان، لا توجد له أي دلالات سياسية أو مشاريع توسعية تتعلق بالسويداء أو المناطق الكردية.
التعليقات
المجد لسلطان باشا الأطرش
الجولاني الأصلي -أخطأ سلطان باشا الأطرش حين حرر سوريا لتحكمها هذه الحفنة من المتأسلمين الذين لا يرقون إلى مستوى البشر.
باسم نبي الإسلام
جورج نجيم -متى يستيقظ العالم على الحقيقة المفزعة بأن الدروز يبادون في سوريا على أيدي ميليشيات البطش والقتل والترويع باسم نبي الإسلام.
غباء العرب
فادي مرعي -نظريات المؤامرة هي خبز العرب وطعامهم وشرابهم للأسف، تغذيها خصوصاً قنوات الحقد العربية... وعلى هذا الخبر المسموم يقتات العرب، ويقتتلون ويذبحون بعضهم بعضاً، بينما العدو في مكان آخر تماماً. العدو ينتصر بغباء العرب!