كتَّاب إيلاف

الحرية بين العبودية الداخلية والانفلات

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لطالما كانت الحرية في جوهرها قيمة كبرى، لا تُمنح بقرار سياسي ولا تُكتسب بمجرد كسر القيود الخارجية، بل هي وعي داخلي وتجربة وجودية تسكن أعماق الإنسان قبل أن تتجلى في سلوكه، والمفارقة أن كثيرًا من شعوبنا في الشرق الأوسط، حين فُتحت أمامها أبواب الحرية بعد عقود طويلة من القمع، لم تُحسن إدارتها، فبدت وكأنها قطيع انطلق فجأة من حظيرة ضيقة، يركض بلا اتجاه واضح.

هذه الظاهرة ليست صدفة؛ بل هي نتاج تراكمات اجتماعية وتربوية وسياسية ثقيلة، لعقود طويلة جرى تربية الأفراد على الطاعة العمياء والخضوع للسلطة، حتى صار الاستسلام عادة والحرية غريبة على النفس، ومن أدمن العبودية لا يرى في الحرية إلا فوضى، لأنه لم يتعلم أن يكون مسؤولًا عن نفسه ولا أن يدير خياراته بعقل ناضج.

الحرية الحقيقية تحتاج إلى أحرار في الداخل، إلى وعي في العقول وإرادة في النفوس، فلا تكفي الشعارات ولا الميادين المزدحمة بالمطالبين بالتغيير، إذا كانت البنية العميقة للفرد والجماعة ما تزال أسيرة أنماط القطيع، ولهذا نرى أن بعض التجارب الديمقراطية في منطقتنا لم تُثمر إلا صراعات وانقسامات، لأن البنية الاجتماعية لم تكن مؤهلة بعد لممارسة الحرية بوعي ومسؤولية.

إنَّ الحرية ليست فوضى، وليست مجرد هتاف أو انفعال آني؛ بل هي امتحان حقيقي يكشف معدن النفوس، من امتلأت أعماقه بروح الحرية مارسها بانضباط وارتقى بها إلى أفق أوسع من ذاته، أما من ظلت العبودية تسكنه فسيتحول عند الانعتاق إلى فوضوي متهور، وهنا يكمن الفرق بين مجتمعات استطاعت أن تجعل الحرية طريقًا للنهوض، وأخرى لم تر فيها سوى انفلات يجرها إلى الفوضى والدمار.

ويبقى السؤال مفتوحًا أمامنا جميعًا: هل الحرية في مجتمعاتنا مجرد أقنعة نرتديها لنخفي عبوديتنا العميقة، أم أنها وعي متجذر في أعماقنا نمارسه بصدق ومسؤولية؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الحرية بين العبودية الداخلية والانفلات
د،سفيان عباس -

أحسنت وابدعت واصبت ،، الحرية والديمقراطية كلاهما سيان من حيث حداثتهما في مجتمعاتنا الشرق اوسطية ،بعد عصور من الاستعباد الجائر لأولي الامر فينا ، جاءتنا مسلفنة بقوالب جاهزة ، في الوقت الذي الجهل والتخلف وآفة انعدام الوعي تفتك بنا حتى النخاع ،وصرنا كما وصفتها انت بالقطيع ، وانا اقول بالعبيد ، فهل العبد المستعبد ديماغوئيا بالهرطقات يصلح ان يكون أرضية او بيئة صالحة للحرية والديمقراطية، ،؟ الحرية يا سيدي لها معاييرها وشروطها وسلوكها التربوي الذي يبدأ من الاسرة صعودا ، وبدون هذه المشتركات نحن في دوامة الانفلات والفوضى ، عندما يقودنا قادة رجال دولة تخرجوا من رحم هذه المشتركات ،استطيع القول نحن في ظل الحرية ؟ ، رجل الدولة يحترم التشريعات الدستورية والقانونية والأنظمة السارية ومبدأ حقوق الانسان بالتأكيد سوف يمنح الحريات الاساسية الى شعبه ،ويطبق العمل الديمقراطي لانه تربى عليها ، على سبيل المثال لا الحصر فخامة الرئيس مسعود بارزاني زار احدى المولات ،في البوابة شاهد رجال الأمن، رفع ايديه الى أعلى لجاهزيته للتفتيش ، والمثال الآخر حينما إراد ألشيخ آرين مسرور بارزاني الدخول إلى قاعة مؤتمر الحزب الديمقراطي الكوردستاني منعه فخامة الرئيس مسعود بارزاني من الدخول لأنه ليس عضوا قياديا ، المثالان لهما ارتباط مباشر بالحرية والديمقراطية، ، اضافة إلى ما رسخته القيادة الكوردستانية في عقول وسلوك شعب كوردستان في كيفية ممارسة الحرية والديمقراطية، هكذا يتصرف رجال الدولةدمت متألقا أسد كوردستان