إلزامية التعليم ورفع مؤشر التنمية البشرية في مملكة البحرين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تُعدّ إلزامية التعليم بمملكة البحرين من أبرز المشاريع الوطنية المتميّزة التي تبنّتها الدولة في إطار الاستثمار في الإنسان باعتباره أساس التنمية المستدامة، حيث نصّ الدستور البحريني وقانون التعليم على إلزامية التعليم الأساسي المجاني لجميع الأطفال، من سن السادسة حتى الخامسة عشرة، لضمان عدم تسرّب الطلبة من مقاعد الدراسة، بهدف القضاء على الأمية والحد من التسرّب المدرسي وإتاحة فرص متكافئة للتعليم للجنسين وتهيئة المواطن البحريني بالعلم والمعرفة ليسهم في النهضة الاقتصادية والاجتماعية، وقد صدر قانون التعليم الإلزامي بموجب المرسوم بقانون رقم (27) لسنة 2005 وبدأ التطبيق الفعلي للقانون مع العام الدراسي 2007/2006.
ونتيجة لذلك جميع الأطفال في مملكة البحرين ملتحقون بالتعليم النظامي عدا الأطفال الذين يعانون من أمراض مُقعِدة أو فاقدي الأهلية، علماً بأن وزارة التربية والتعليم حرصت في السنوات الأخيرة على دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم النظامي، وهو ما يعكس التزام الدولة بحق التعليم للجميع دون استثناء، وهذا بدوره أسهم بشكل مباشر في رفع مؤشر التنمية البشرية للمملكة.
يُعتبر مشروع إلزامية التعليم نموذجاً ناجحاً يعكس رؤية البحرين الاستراتيجية في بناء مجتمع معرفي متطوّر ويُبرز التزامها بحق كل طفل في التعليم كحق إنساني أصيل، وتتبع وزارة التربية والتعليم عدّة آليات لمتابعة الأطفال غير الملتحقين بالتعليم الأساسي وذلك تنفيذاً لقانون إلزامية التعليم وضمان عدم تسرّب أي طفل من مقاعد الدراسة. ويأتي السجل الإحصائي للطلبة من أبرز هذه الآليات، حيث تستورد الوزارة قائمة بسجلات جميع الأطفال البحرينيين في سن التعليم الأساسي والمفترض التحاقهم بالتعليم النظامي من الجهاز المركزي للمعلومات، ويتم مطابقة هذه السجلات بقوائم الطلاب الملتحقين بالمدارس الحكومية وكذلك بالمدارس الخاصة في البحرين.
تبقى هناك ثلاث فئات من الأطفال لم يتم التحاقهم بمدارس داخل البحرين: الفئة الأولى الأطفال الذين حالت ظروف أسرية أو مشاكل عائلية دون التحاقهم بالتعليم، وهذه يتم بحثها ومتابعتها من قبل فرق مختصّة من الوزارة تزور المناطق والأسر للتأكد من أسباب عدم التحاق الطفل بالمدرسة والعمل على معالجة الأسباب بالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية والجهات الرسمية الأخرى لضمان إدماجهم مع أقرانهم في المدارس. والفئة الثانية فئة ذوي الاحتياجات الخاصة والأمراض المزمنة أو المُقعِدة، وهذه كذلك يتم متابعتها مع وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية وإيجاد حلول لإلحاقهم في المدارس الحكومية أو معاهد خاصة قدر المستطاع بناءً على حالاتهم الصحية. الفئة الأخيرة فئة الأطفال المُقيمين مع أسرهم خارج مملكة البحرين، وهذه يتم متابعتها مع شؤون الهجرة والجوازات بوزارة الداخلية ووزارة الخارجية ممثّلة بالبعثات الدبلوماسية خارج البحرين للتأكد من التحاقهم بمدارس خارج البحرين.
كما تقوم وزارة التربية والتعليم بتطبيق قانون إلزامية التعليم عبر إلزام أولياء الأمور بتسجيل أبنائهم مع اتخاذ إجراءات قانونية عند الامتناع أو الإهمال عن القيام بذلك. تبدأ الإجراءات بالتنبيه والإنذار، حيث تقوم وزارة التربية والتعليم أو الجهة المختصة أولاً بالتواصل مع ولي الأمر وحثّه على تسجيل ابنه أو ابنته في المدرسة، وفي حال استمرار الامتناع يُرفع الأمر إلى السلطات الرسمية مثل وزارة العدل أو النيابة العامة، وهذا الإجراء يعرّض ولي الأمر للمساءلة وفقاً للقوانين، والتي قد تشمل فرض غرامة مالية، وفي بعض الحالات قد تصل العقوبة إلى المساءلة الجنائية إذا اعتُبر الامتناع إهمالاً جسيماً أو مُتعمّداً بحق الطفل، حيث يُنظر إلى امتناع ولي الأمر عن إلحاق طفله بالتعليم كنوع من انتهاك حق الطفل في التعليم، وهو حق مكفول في المواثيق الدولية التي صادقت عليها مملكة البحرين.
إضافة إلى ما تقدّمه وزارة التربية والتعليم وبمتابعة حثيثة من قبل سعادة وزير التربية والتعليم الدكتور محمد مبارك جمعة في إلزامية التعليم وحق كل طفل في التعليم إيماناً بأن التنمية البشرية تبدأ منذ مراحل التأسيس الأولى للطفل، ولتحقيق ذلك أوجدت الوزارة قسماً خاصاً بإلزامية التعليم يعني بمتابعة هذه القضايا. ناهيك عمّا تقدّمه المدارس الحكومية من برامج داعمة كتوفير مساعدات تعليمية للطلبة ذوي الأسر محدودة الدخل كالملابس والحقيبة المدرسية وبعض المستلزمات كالنظارات والسماعات الطبية وتأمين وجبات تغذية يومية مجانية لهؤلاء الطلبة ودعم اجتماعي مكثّف، وكذلك إتاحة برامج خاصة للأطفال الذين يواجهون صعوبات تعليمية أو ذوي الاحتياجات الخاصة لضمان عدم بقائهم خارج النظام التعليمي.
بهذه الآليات استطاعت مملكة البحرين أن تقلّل إلى حد كبير من نسب عدم الالتحاق والتسرّب المدرسي، بل نتفاخر بأن البحرين استطاعت أن تُلحق جميع الأطفال في صفوف الدراسة كحق أصيل من حقوق الطفل وكواجب وطني وإنساني وشرعي، مما عزّز مكانتها بين الدول الرائدة في تطبيق إلزامية التعليم.