ترفيه

التشيك يقطعون مليوني شجرة احتفالاً بالميلاد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الياس توما من براغ: يختلف عيد الميلاد في تشيكيا عن غيره من الأعياد في انه يعتبر العيد الرئيسي الذي يدخل بدون استئذان إلى كل البيوت وان الجميع يحتفلون به سواء كانوا من المؤمنين أم من الذين يصفون أنفسهم بالملحدين . وقد تجزر العيد في الحياة الاجتماعية هنا منذ سنوات طويلة باعتباره عيد السلام والمحبة والمناسبة التي تكاد تكون الوحيدة لجمع شمل أفراد العائلة الأمر الذي يحدث في مساء الرابع والعشرين من شهر كانون الأول ديسمبر عند شجرة الميلاد لتبادل الهدايا وإمضاء وقت جميل يخلو من الهموم ومتاعب الحياة اليومية .

ويؤكد استطلاع جديد نشر قبل يومين من بدء عيد الميلاد هذا العام بأن 86% من التشيك يتشوقون لعيد الميلاد وان 94% من التشيك يعتبرون الميلاد عيدا للعائلة أما من يجلب الهدايا لأفراد العائلة فيرى 4و94% من التشيك أن يسوع الصغير أو ما يسمـــى بالتشيكية "بييجيشيك" هو الذي يفعل ذلك فيما لا يؤمن سوى 3و0% بان سانتا كلاوس يجلبها أما 5و5% فقالوا بان الأهل أو الجد أو الجدة هم الذين يجلبون الهدايا .

ويتميز العيد في تشيكيا عن غيره من الدول بان معظم العائلات تتناول في مساء الرابع والعشرين طعاما واحدا تقريبا هو السمك مع سلطة البطاطا بعد أن تجتمع بصغارها وكبارها في أجواء احتفالية أما من كان غائبا من أفراد العائلة لسبب صحي أو لسفر أو بسبب وفاته فيتم وضع صحن وتخصيص مكان له عند الطاولة كأنه موجود . وعلى خلاف التقليد الذي كان سائدا في الماضي لدى معظم العائلات حيث تتم الصلاة وشكر الرب على عطاياه قبل تناول العشاء فانه يتم الآن في الكثير من العائلات شرب النخب وتذكر ما حدث في هذا العام والتمني بان يكون العام القادم أفضل . وتحتل الشجرة مكانا رئيسيا في كل منزل من منازل التشيك تقريبا لان الهدايا توضع تحتها ولأنها تزين بالأضواء ومظاهر الزينة بحيث تنتقل معها الطبيعة إلى كل منزل بها لان معظم الأشجار التي توضع في البيوت بارتفاع يزيد عن المتر ونصف هي طبيعية وليست اصطناعية .

وتقول مصادر قطاع الغابات بأنه تم بيع مليوني شجرة خاصة بالميلاد هذا العام أما المصادر التاريخية فتقول إن الشجرة لم تكن جزءا من تقاليد الاحتفال بعيد الميلاد منذ فترة تاريخية طويلة وان أول مرة ظهرت الشجرة في الاحتفالات كانت في قصر ليبينسكي في براغ في عام 1812 عندما وضعها لضيوفه على العشاء في عيد الميلاد مدير المسرح القومي انذاك ي .ك. لييبيخ ومنذ ذلك العام بدأت الشجرة تنتشر في بيوت الطبقة النبيلة ولدى العائلات التي تسكن في المدن الكبيرة في البداية ثم أخذت مكانها التقليدي والأساسي في كل منزل بدءا من الأربعينيات من القرن الماضي والى اليوم .

ويتم تزيين أشجار الميلاد ليس فقط بالأضواء والأشرطة الملونة ومظاهر الزينة المختلفة وإنما يوضع عليه السكاكر وقطع الشوكولاته ويعلق عليها الجوز والتفاح أما في أعلى الشجرة فتوضع نجمة ملونة تمثل رمز الميلاد . ويقترن عيد الميلاد أيضا بتحضير النساء السكاكر والحلويات المنزلية المختلفة لتقديمها للزوار وبإرسال العائلات والأقارب فيما بيينهم ملايين بطاقات التهنئة بالعيد سواء عن طريق البريد أو نصوص الهواتف الخليوية أو النقالة وعبر البريد الالكتروني أما الركن الأساسي لعيد الميلاد فهو تبادل الهدايا الذي يتم بعد العشاء والذي يتشوق إليه الأطفال أكثر من الآخرين لأنه عيدهم الذي يحققون فيه اغلب رغباتهم .

ويسبق بدء العيد بعدة أيام قيام الأطفال الصغار بكتابة رسائل طويلة إلى يسوع الصغير يؤكدون فيها في البداية بدبلوماسية بارعة أنهم كانوا شاطرين في مدرستهم وأنهم لم يكونوا يقومون بأفعال تزعج أهاليهم أو مدرسيهم ومدرساتهم ولذلك فبعد هذه المقدمة ينتظرون من يسوع الصغير أن يرسل لهم الهدايا وان يتكرم بوضعها تحت شجرة الميلاد أما قائمة مطالبهم فتبدأ بالحصان الخشبي الهزاز وتنتهي بالكومبيوتر والألعاب الكهربائية مرورا بالحلويات والهواتف النقالة .... وتختفي هذه الرسائل من الأماكن التي توضع فيها في المنزل بعد أيام قليلة ولاسيما ليلا عندما ينام الأطفال كي يتولى الأهل بدلا من " يسوع الصغير " الصغير جلبها للأطفال قدر مستطاع كل عائلة أما عند شجرة الميلاد فبمجرد تلقي الأطفال الهدايا التي كتبوا ليسوع بشأنها فإنهم يشكرون يسوع الصغير على استجابته لطلباتهم فيما لا يحصل الأهل على الشكر لأنهم لم يفعلوا شيئا لان " يسوع الصغير هو الذي جلبها " .

ويتبادل الكبار أيضا الهدايا فيما بينهم وفق قدراتهم المادية لأنه لا يمكن التصور هنا بان يمر العيد من دون تبادل الهدايا بين أفراد العائلة الواحدة وبين الأقارب وبين الأصدقاء والزملاء في العمل ولو اضطرت العائلات إلى الاستدانة الأمر الذي يحصل في تشيكيا بشكل متزايد لأنه يتم تبادل هدايا تصل قيمتها إلى مليارات الكورونات . وعلى الرغم من أن طقوس فرح خاصة تسود لدى أعياد الميلاد في المدارس وأماكن العمل وفي الشوارع إلا أن العديد من الناس يأخذون على هذه الاحتفالات غلبة الطابع التجاري على الطابع الروحي فالكثير من الناس يلهثون وراء تامين الهدايا الغالية والمتنوعة وينسون في الكثير من الأحيان الناس من حولهم الذين يحتاجون إلى مساعدة ربما تكون مالية وربما تكون كلمة طيبة أو دافئة لان الميلاد يعتبر هنا فرصة ليس فقط للم شمل العائلة وإنما أيضا للتسامح ولفتح صفحة جديدة في القلوب .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف