حرب تصريحات عنيفة بين الممثلين السوريين والمصريين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فمقولة إن السّياسة تفرّق والفن يجمع يبدو أنّها سقطت، خصوصًا عندما ارتأت بعض الأصوات المصريّة المطالبة بإقفال عاصمة الفن العربي أمام الفنانين الوافدين، وأصدر نقيب الممثلين المصرين أشرف زكي قرارات تحدّ من فرص هؤلاء الفنّانين، من خلال قيامه بإلغاء تصاريح العمل الموقتة التي كانت النقابة تصدرها سابقًا، وبمنع عمل الممثلين غير المصريين في المسلسلات والأفلام المصرية، إلا بعد حصولهم على إذن خاص من النقابة المصرية كما من نقابات بلادهم.
هذه القرارات لم تحد من فرص الفنانين العرب فحسب، بل ومن موقع القاهرة الريادي في مجال احتضان المواهب العربيّة، ما دفع أحد الزملاء المصريين إلى الكتابة في جريدة الأهرام "تخيلوا معي أن السيد النقيب الحالي كان نقيباً للممثلين عندما جاءت صباح وماري كويني وفريد الأطرش وعبد السلام النابلسي واستيفان روستي ونور الهدى ووردة الجزائرية وغيرهم كثيرين، هل كانت السينما المصرية سوف تخسر كل هؤلاء وغيرهم، وهم جزء من تاريخها وإبداعها بسبب نقيب يهوى التصريحات والشهرة؟".
فنانات لبنايات وهجوم مصري مباشر:
النبرة العدائيّة وقف لها بالمرصاد بعض الصحافيين المصريين، غير أنّ الهجوم الأعنف كان من قبل الصحافة السوريّة التي انجرّت إلى ردّة فعل، بعد أن أصبح الممثل تيم حسن الذي لعب دور الملك فاروق في المسلسل الشهير، ضحيّة مقالات تحريضيّة، على الرغم من تتويجه نجمًا على عرش الدراما المصريّة في رمضان الماضي.
غير أنّ الهجوم غير المبرّر الذي تعرّضت له الفنّانة مايا نصري في مصر، والشائعات التي رافقت عرض فيلمها الأوّل وتزامنها مع تصوير مسلسل "سلطان الغرام" الذي عرض خلال شهر رمضان الماضي، لم يكن مبررًا، خصوصًا أنّ معظم ما كتب استند إلى شائعات لا أساس لها من الصحّة كان هدفها النيل من الفنانة فحسب.
مايا لم تهاجم لأنّها لبنانيّة، أو هكذا أوحت المقالات التي كتبت تهاجمها على خلفيّة كتابة اسمها في أفيش المسلسل قبل اسم زميلتها رانيا يوسف، التي صرّحت أنّها أهم من مايا وأنّ ما جرى هو انتقاص من مكانتها الفنيّة.
لكن الهجوم الذي تعرّضت له الفنّانة كارول سماحة قبل أيّام، اتخذ طابعًا عنصريًا بحتًا، حيث لم تتوانَ بعض الأقلام عن مهاجمة كارول لمجرد أنّها فنانة لبنانية تجرأت على الغناء في حفل ليالي التلفزيون في مصر، إذ كتب أحد الزملاء في جريدة "الوفد" المصريّة وبصريح العبارة "بقيت نقطة وحيدة نود أن نطرحها وهي مشاركة اللبنانية كارول سماحة في الليلة الثانية ومايا نصري في الليلة الثالثة، الأولى لها بريقها لكنّنا نعتب على التلفزيون لدعمه هذه الأصوات، وحشرها وسط هذه الحفلات لأننا لم نشاهد فضائية لبنانية أو سورية أو تونسية تحشر نجومنا في حفلاتهم، فهذه الحفلات يجب أن تكون مصرية خالصة، وتواجد كارول سماحة يأتي في اطار محاولة فرضها داخل الوسط الغنائي المصري بشتى الطرق، والدليل انها شاركت أمس وتشارك بعد أقل من شهر في مهرجان الموسيقى العربية الذي تنظمه دار الأوبرا".
إذاً لم يعد ثمّة شك أن هناك من يحاسب الفنّان على جنسيته ولو كانت عربيّة، وكأن الزميل غفل أنّ الفضائيات اللبنانية وبرامجها الفنيّة، تخصّص نسبة كبيرة من حلقاتها لاستضافة الفنانين المصريين والعرب، وأن بيروت أصبحت النقطة التي تنطلق منها المواهب العربيّة ضمن برامج تخريج الهواة التي لم يفز فيها سوى لبناني واحد، مقابل مواهب عربية أصبح أصحابها نجومًا، وأنّ النجوم العرب الذين يحيون حفلات في لبنان ليسوا ملزمين بدفع ضرائب لنقابة الفنانين اللبنانيين، كما هو سائد في معظم الدول العربية.
أيمن زيدان: لن أصادر رأي أحد
ضراوة الهجوم الذي تعرّض له فنانو لبنان لا تقاس بما يتعرّض له النجوم السوريين من ممثلين ومخرجين حجزوا مكانًا لهم على خارطة الدراما المصريّة، مع اتهامهم بسحب البساط من تحت أقدام الفنانين المصريين، لتبدأ حرب كلاميّة لم تنته مفاعيلها بعد، خصوصًا أن الحضور السوري برز بقوّة في المسلسلات المصرية هذا العام، ما أثار بعض الفنانين الذين وجدوا في اقتحام زملائهم لأعمالهم الفنية، تهديدًا لمكانتهم وتقليصًا لفرصهم، بل ذهب بعضهم إلى حد القول إنّ اقتحام الممثلين السوريين للدراما المصرية هو بمثابة قطع لأرزاق المصريين!
ميلاد يوسف، المصريون يكذبون ونحن نصدقهم
أمّا الفنان ميلاد يوسف فكان ردّه عنيفًا، إذ اعتبر في حديث أدلى به إلى صحيفة سورية، أن المنافسة بين الدراما المصرية والسورية أصبحت عبارة عن صراع وحرب، قائلاً: "هم أرادوا ذلك وبشهادة الممثلين السوريين، ثمّة خطة للقضاء على الدراما السورية من قبل أسماء معروفة، فكيف سنعمل في مناخ تملؤه النوايا السيئة؟"
وتابع هجومه العنيف قائلاً "مشكلتنا أنم يكذبون الكذبة و نحن نصدقهم، فيقولون تعالوا الى مصر ونحن نجعل منكم نجوماً، وأنا بدوري أدعوهم إلى العمل في الدراما السورية لأنها في القمة ومتفوقة على الدراما المصرية، بدليل دعوة الفنان السوري إلى مصر لتسويق الدراما المصرية، التي تراجعت في الفترة الأخيرة ونحن نرحب بهم".
فاروق الفيشاوي: فليسكت السوريون أو يرحلوا
تصريح ميلاد يوسف العنيف كان له ما يبرره، خصوصًا عندما قام الممثل فاروق الفيشاوي بشن حملة لم يسبق لها مثيل على زملائه السوريين، في حديث أدلى به إلى صحيفة "القبس" الكويتية، قائلاً: "نرحّب بكل العرب في الدراما المصرية وفي السينما والمسرح والغناء، فهذا قدرنا، مصر هي مركز الفن العربي وهذا دورها". وتابع: "واحد مثل جمال سليمان كان مميزًا في 'حدائق الشيطان'، لكن من ناحية أخرى يجب أن يلقى هذا الاحتضان والترحيب منا بهم بكلمة شكر أو على الأقل بأن يسكتوا، لأنهم بشكل عملي لم يحضروا إلى العمل في مصر إلا لتحسين مستواهم المادي والفني والحصول على شهرة أكبر".
وأسف الفيشاوي لانزلاقه إلى هذا المستوى من الرد، لكنه برر قائلاً " أنا مستفز جدًا مما أقرأه من تصريحات من إخواننا السوريين، ومن باب حسن الضيافة سنضطر إلى بلع كل هذا الكلام".
حسين فهمي: تصريحات السوريين لا تخلو من غرور
بدوره شن الفنان حسين فهمي هجومًا شديدًا على الفنانين السوريين، متحديًا أن يقف أي ممثل سوري أمام المصري ويتمكن من التفوق عليه.
فهمي الذي دخل في حرب التصريحات العنيفة، اعتبر أنّ الدراما السورية كانت قوية لفترة محددة، بدليل أن نجومها سعوا إلى الدراما المصرية الأقوى ليشاركوا فيها، حسب قوله.
وأضاف في حديث أدلى به إلى أحد المواقع الإلكترونية "بصراحة أنا لست حزينًا بسبب ما يقال عن الدراما المصرية، لكنّي حزين من تصريحات السوريين الذين رحبنا بهم كفنانين كبار في مصر، ثم أطلقوا تصريحات نارية يشوبها الغرور، وأدعوهم إلى تغيير هذه اللهجة حتى يصدقهم الجمهور العربي، لأن الممثل إذا لم يكن صادقًا في الواقع، لن يكون صادقًا في تمثيله".
فهمي أعرب خلال حديثه عن قلقه من حركة تطور الدراما إذا لم تقــــم علي أكتاف أبناء البلد أولا، داعيًا إلى تغليب مصلحة الممثل المصري الذي اعتبره موهوبًا أكثر من سواه، الأمر الذي يؤكده التفاف العالم العربي حول الممثل المصري حسب تعبيره.
هل يسدل الستار على التعاون الفني المشترك؟
قبل فترة بدأ الحديث عن طلبات عدة قدمت لنقابة الممثلين المصريين، للتدخل في لجم ظاهرة اقتحام العرب للدراما المصرية، من خلال إصدارها قرارًا يمنع إسناد البطولة في الأعمال المصرية إلى النجوم العرب، غير أن النقيب أشرف زكي أعلن أن مثل هذا القرار من الصعب إصداره، بسبب قانون التعامل بالمثل بين العديد من النقابات في كثير من الدول العربية.
الأصوات المعارضة للتعاون العربي المشترك ارتفعت عاليًا ولم تعد تجد حرجًا من إعلان نواياها ورغبتها بالتقوقع ورفض الانفتاح على الآخر، خصوصًا أن بعض المنابر الصحافيّة انحدرت إلى مستوى التحريض وتخويف المصريين من شبح الفنانين العرب الذي أتوا ليصادروا نجاح الفنانين المصريين، حيث انعكس هذا الجو على التعاون القائم، ما أدى إلى مشاكل عدة بين مخرج مسلسل الملك فاروق السوري حاتم علي، وفريق العمل المصري إذ نقلت بعض الصحف أن الانسجام كان مفقودًا بين الفريق والمخرج السوري، متهمة إياه بأنه لم يتفهم طبيعة المصريين الميالة إلى المزاح، مقابل الطبيعة السورية الجامدة كما وصفتها بعض الصحف.
التعاون المصري السوري أثمر أعمالاً فنية قيمة، غير أنّ ما يجري وراء الكواليس لا يبشر بالخير، خصوصًا مع الحساسيات التي سببتها التصريحات العدائية من الطرفين، تصريحات تجعلك تتمنى لو أن كل فريق بقي يلعب في ملعبه متقوقعًا على ذاته، قبل أن تصبح الانتاجات العربية جريمة يطالب بعضهم علانية بمحاربتها ووضع حد لها.