تاكسي السعودية .. إيماءات جنسية وعروض للدعارة

خالد العبدالله من الدمام: تلونت سوق سيارات الأجرة السعودية بمثل تلون شعارات الأجرة الثلاث التي تبدلت في مراحل مختلفة على مدى العقود الماضية، منذ أن دخلت الأجرة الخدمة في السعودية باللون الأصفر المائل إلى البرتقالي وصولا إلى اللون الأبيض المعمول به حاليا، لتتبدل معها آراء المجتمع بعد أن شكلت قضية وطنية كانت النساء ولايزلن أهم أبطالها الأساسيين. "إيلاف" ومن خلال تحقيقها الميداني استطاعت الوصول إلى ثلاث نتائج، سواء حول جرائم بعض السائقين، أو عن تـفوق السعودة الشعبية من جانب المجتمع على السعودة الرسمية المغلفة بالبيروقراطية، والثالثة عن كشف تحايل ملاك شركات الأجرة على قرارات إيقاف العمالة الوافدة في قطاع الأجرة. "إيلاف" شاركت سائقي سيارات الأجرة عملهم على مدى عشرة أيام تفرقت بين مدينتي الدمام وجدة سعيا وراء كشف المناخ العام لسوق الأجرة المليء بالوقائع الغائبة. فيروز بوعلي 22 عام طالبة جامعية من الدمام ترى بأن نظرة المجتمع السابقة نحو سائق سيارة الأجرة السعودي التي تصفه وحشا مقنع آخذ في التراجع، وأن النساء أصبحن يفضلن السائق السعودي على غيره لعوامل أهمها وقوفه عائقا يقطع الطريق على المتحرشين من الشباب. وتجيب على سؤال المحرر الذي التقى بها في صورة سائق (ليموزين) حول سبب توجهها له في الوقت الذي تتوافر فيه سيارات أجرة بسائقين آسيويين قائلة "ملامحك التي كشفت لي بأنك سعودياً هي التي دفعتني لاختيارك من بين بقية السائقين الأجانب لحرصي على دفع الأجرة لابن بلدي بالدرجة الأولى أو السائق العربي بالدرجة الثانية". وتبين فيروز أن الأهالي يقعون في تناقضات حين يبذلون جهدا في السؤال عن سائق سيارة الأجرة الذي سيقل بناتهم يوميا في مشوار المدرسة أو الجامعة عندما يكون سعوديا، وفي المقابل يمنحون السائق الأجنبي ثقة مطلقة، وهي تقول "كأنهم ينفون عن الأجنبي صفة الآدمية والنفس البشرية غير معصومة من الخطأ ". وتضيف بأن تجربتها مع السائقين الآسيويين كشفت لها فساد البعض منهم بخلاف ما يعتقده المجتمع فيهم من صلاح أو انكسار. تعارف لا أكثر وتروي إيمان علي (20 عاما) بأنها استقلت سيارة أجرة من أمام مجمع تجاري من النوع المعروف بسيارات الأجرة الخاصة التي لا تحمل أية شعارات، لتفاجئ بأن سائقها يعرض عليها العمل كموظفة استقبال لمجموعة سكنية في أحد الأحياء المغلقة المعروفة باسم الـ ( كامباوند) ملمحة بأن عرض السائق كان يتنافى مع الأخلاق. كما تقول نوال الغامدي ـ سيدة في العقد الثالث من عمرها ـ "تعاملت خلال الأشهر الماضية مع سائق سيارة أجرة من النوع الخاص التي لا تحمل شعارات الأجرة، من الجنسية الآسيوية ويعمل في الأساس في محل تجاري للمواد الغذائية، و قال لي خلال إحدى جولات ركوبي معه إنه متمكن من كشف ملامح المستقبل عن طريق قراءة الكف، ليتبع عرضه بعد تطور الحديث طلبه رؤية وجهي من غير الغطاء عارضا مبلغا مالي قدره 500 ريال، حتى اشتد الحديث وساد التوتر ما جعله يوقف السيارة ويأمرني بالنزول في منتصف الطريق قبل أن يوصلني إلى المنزل. عدد من النساء قلن لـ "إيلاف" إن السائق السعودي أصبح أكثر نضجا في مهنته، إلا أنه لازال من بين السائقين من يسيء إلى نفسه ويضر بسمعته المهنية من خلال التحرشات الجنسية، ولكنها غالبا ما تكون محاولات تعارف ليس إلا، ويتوقف الأمر عند نهاية المشوار. في حين نفى عدد من السائقين السعوديين صحة ما يتهم به السائق السعودي بالانجراف وراء تصرفات غير أخلاقية مع النساء، يقول راضي التركي"إنها حالات فردية يقوم بها سائقون غير جادين وهم قلة، وبأن سائق سيارة الأجرة غير مضطر إلى التعرض لزبائنه بإساءات أيا كان نوعها، إذ أنه في بعض الحالات هو الذي يتعرض لتحرشات ومعاكسة من قبل قلة من النساء تجاهه". الدعارة .. والأمن اللواء محمد النفيعي مدير سجون الشرقية أكد لـ "إيلاف" وجود جرائم في أوساط سائقي سيارات الأجرة الوافدين وضبط البعض منهم متلبسا في قضايا متنوعة. وأضاف بأن أعمال الدعارة تعتبر من أهم جرائم سائقي سيارات الأجرة الأجانب، وأن محاولاتهم بعرض أعمال لا أخلاقية على النساء تأتي في الدرجة الأولى بهدف تشغيل شبكات الدعارة، والحصول على أموال بقدر يختصر عليهم سنوات من العمل النزيه. فضلا عن أن بعض السائقين يرتكب تحرشات جنسية بهدف إرضاء غرائزهم الجنسية نتيجة اغترابهم وانعدام قنوات الحصول على الشهوات الجنسية بصفة قانونية في السعودية لكونها تسن قوانينها من مصادر التشريع الإسلامي . ويشير إلى أن لدى الشرطة بلاغات تحرشات جنسية قليلة جدا، وذلك نتيجة لسببين رئيسيين هما خوف النساء من الفضيحة والثاني قبول البعض منهن ما يعرضه سائق الأجرة، وهو ما يعني انتفاء أسباب التبليغ بشكاوى التحرش. وأضاف بأن سجن الدمام يضم نزيلين كانا يمتهنان قيادة (الليموزين) أدينا بتهمة تشغيل شبكات دعارة، الأول من جنسية عربية والثاني من الجنسية الهندية. 31% من السعوديات تعرضن لإساءات وتحرشات جنسية "إيلاف" أجرت استطلاعا للرأي خصص للسعوديات اللواتي يستخدمن سيارات الأجرة شمل 300 سيدة على مدى أسبوع كامل. وكشف الاستطلاع أن (31%) من النساء تعرضن تحرشات جنسية صريحة مرة واحدة على الأقلوقعت لهن على أيدي سائقين وافدين.وأن (91%) ممن استطلعت أرائهن يرين أن السائق السعودي أصبح أكثر نضجا في مهنة قيادة سيارة الأجرة، في مقابل (9%) يرون أنه لا يزال غير صالحا لمهنة سيارة الأجرة لاعتبارات عدة. في حين تفضل (75%) من النساء أن يكون سعوديا في مقابل (25%) لا يحبذن الركوب معه، كما أن (38%) يرين أن السائق السعودي يتصف بالفضولية مع الزبائن، في مقابل (62%) يرون عكس ذلك.وترى (18%) منهن السائق السعودي بأنه يطمع في أجرة زائدة مقابل (82%) يرونه لا يطلب أجرا زائدا. وبين الاستطلاع أن (67%) من النساء ينظرن إلى مبلغ الأجرة من منظور اقتصادي يقدرن قيمة الأجرة ويجتهدن في البحث عن السائق السعودي كي يستفيد من مبلغ الأجرة. في مقابل (33%) لا يعرن المنظور الاقتصادي أي اهتمام. و(49%) ممن شملهن الاستطلاع قلن بأن الرجل في الأسرة يقف ضد ركوب النساء مع السائق السعودي، في مقابل (51%) قلن بأن الرجل في أسرهن لا يعارض ركوبهن مع السائق السعودي.و79% ممن استطلعت أرائهن يرين أن ثقة المجتمعفي السائق السعودي آخذة في الازدياد في مقابل (29%) يرين بأن المجتمع لا يزال يفتقر إلى الثقة في سائق سيارة الأجرة السعودي.وشاركت في الاستطلاع الذي أجرته "إيلاف" (56.7% من النساء اللواتي لم يصل تعليمهن إلى المرحلة الجامعية ) في مقابل (43.3%) من حملة الشهادات الجامعية وما فوقها. من بينهم (72.4%) تقل أعمارهن عن 30 عاما في مقابل(27.6%) تزيد أعمارهن على 30 عاما. ملاك الأجرة في سكرة أرباح تقارب 220% وروى لـ "إيلاف" بعض سائقي الأجرة السعوديون قصصا حول مخالفات وتجاوزات قانونية يرتكبها وافدون، أبرزها تشغيل سيارات غير مسجلة في إدارة النقل والمواصلات. وإشراك سائقين غير نظاميين بحكم الصداقات بينهم والبحث عن الفائدة بتأجير المركبة على سائق آخر قد لا يحمل رخصة وقد يكون حديث عهد بتعلم القيادة. يقول هادي اليامي سائق ليموزين في الدمام "إن العلاقة بين ملاك شركات سيارات الأجرة وبين الأفراد من السائقين السعوديين تشبه إلى حد بعيد العلاقة بين الحيتان والسمك الصغير في البحر، حيث يحصل مالك شركة (الليموزين) على أرباح خيالية وهذا سبب استعطافهم ولي الأمر في السابق حين أمر الملك عبدالله عندما كان وليا للعهد بإيقاف عمل الأجانب عن مهنة (الليموزين)، ما حمل ملاك الشركات إلى استعطاف الملك والتوسل إليه بتمديد فرصتهم في السوق". ولملاك شركات الأجرة طريقتهم الخاصة في التعامل مع سائقيهم ، وتكون فترة استهلاك السيارة لمدة لا تقل عن 4 أعوام يطلبون من السائق مبلغ متوسط قدره 2800 ريال شهريا وما زاد في دخل السائق فهو له ويتحمل بذلك السائق مسئولياته كاملة وكأنه شريك في السيارة. وتحقق السيارة الواحدة دخلا صافيا مقداره 134 ألف بعد أربع سنوات تقريبا لسيارة متوسط قيمتها 60 ألف ريال أي يحقق مكسب تصل نسبته إلى 220% خلال الأربعة أعوام وهي نسبة عالية إذا ما قورنت بمعدل الأرباح في السوق السعودي ومتوسطه 15% سنويا". ويتهم ناصر الهاجري ـ سائق أجرة ـ شركات الأجرة بأنها تضر بسائقي الأجرة بشكل مباشر نتيجة تركها تفاصيل العمل للعمالة الوافدة لتعبث بالسوق كيفما تشاء بعيدا عن رقابة مالك الشركة الذي لا يهتم سوى بالإيرادات. وكشف لـ"إيلاف" مدير شركة أجرة من جنسية عربية يعمل في جده بأن ملاك شركات الأجرة في السعودية قادرين على إحلال سائقين سعوديين بدلا من الأجانب، وإنما السعودي يحتاج إلى تدريب في كيفية التعامل مع الزبون مدة قصيرة حتى يكون مؤهلا بشكل كامل لهذه المهنة، مقيما السعودي بأنه أكفأ من السائق الوافد لعدة اعتبارات، منها تمكنه من القيادة أكثر من السائق الأجنبي مؤكدا بأن كثير من السائقين الأجانب استقدموا بتأشيرات على أنهم سائقين وفي الحقيقة تعلموا القيادة في ما بعد وصولهم السعودية. ويضيف مدير الشركة "كما أن رفض السعودي من قبل ملاك الشركات سببه تصورهم حجم التكاليف التي سينفقونها في حال استبعاد الوافد، إذ أن السعودي فضلا عن أنه يحتاج لتدريب فإنه لن يقبل بقيادة سيارة تحمل أعطالا فنية على عكس الوافد الذي يقود المركبة بمجرد قدرتها على المسير دون النظر إلى أعطالها". ويجمع عدد من السائقين الوافدين في مدينة الدمام على أن معدل العمل اليومي لا يزيد على 200 ريال بما فيها العمل مع زبائن دائمين عن طريق الهاتف. البرامج التأهيلية من جانبه قلل المتخصص في برامج التدريب المهني الدكتور جمعة العنزي من أهمية أعذار أصحاب شركات سيارات الأجرة التي تشيع عدم قدرتهم الاعتماد على السائق السعودي في مجال قيادة سيارات الأجرة قائلا "لو قامت تلك الشركات بفتح فصول تدريبية تقوم على مناهج علمية مفيدة لاستطاعوا أن يصنعوا جيلا من السعوديين متمكن بدرجات عالية في مجال قيادة الأجرة وبشكل أفضل من الوافد، خصوصا وأن شركات الأجرة تتحمل مسئولية كبيرة في قضايا السياحة، وأن إهمال قطاع الأجرة في السعودية سيضر بمشاريع الهيئة العليا للسياحة ملمحا إلى التأخير في معالجة أخطاء قطاع الأجرة الذي سيضر بمشروعات السياحة". وحذر العنزي من ترك سائقي سيارات الأجرة دون إخضاعهم لبرامج تدريبية وتأهيلية في تخصصهم، مطالبا بتدخل الدولة لإحياء مؤسسة تدريبية تعنى بتأهيل السائقين السعوديين. منوها إلى ضرورة تضمين التدريب دروسا في أخلاقيات المهنة والسلوكيات المهنية، وفرض توحيد زي سائق سيارة الأجرة على السعودي وغير السعودي. وكشف لـ "إيلاف"مسئول في إدارة النقل في الدمام بأن عدد مراقبي سيارات الأجرة وشركاتها أربعة مراقبين تغطي مسئولياتهم الرقابية المنطقة الشرقية بأكملها ويتولون مسئوليةالرقابة على أكثر من 9 آلاف سيارة أجرة في الشرقية وحدها، منها 4928 يملكها أفراد سعوديون والبقية يشغلها أجانب وتمتلكها حوالي 83 شركة، إضافة إلى 1320 حافلة نقل مدرسي مرخصة فضلا عن آلاف السيارات غير الرخصة التي تعمل تحت نظام سيارات الأجرة الخاصة، ولا تحمل شعار (الليموزين) وحافلات تعود ملكيتها لأفراد لم يصدروا لها تراخيص رسمية من وزارة النقل والمواصلات. وقال مصدر مسئول في إدارة النقل والمواصلات بالمنطقة الشرقية "إن طلبات رخص سيارات الأجرة تصل لـ 40 رخصة أسبوعيا وأن من بين شروط الوزارة أن من المتقدمين بالتصريح للنقل المدرسي إثبات زواج السائق والتعهد بمرافقة الزوجة أثناء نقل الطالبات، إضافة إلى طلب عقد رسمي مع الراكبات يتضمن موافقة أولياء أمورهن". مبينا بأن عدد المخالفات المنصوص عليهافي كراسة تصريح السيارة تبلغ 69 مخالفة معظمها لم يعد في العرف العام مخالفة كما بينته الكراسة مثل مخالفة (عدم تشغيل العداد وإنزال الركاب من غير الجهة اليمنى و إركاب زبائن بأعداد أكبر من سعة السيارة و تحميل بضائع في خلفية السيارة تزيد على حجمها الطبيعي وتركيب أدوات زينة).