مخدرات موريتانيا فاحت رائحتها وفر مهربوها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سكينة اصنيب من نواكشوط: عثرت الشرطة الموريتانية على السيارة التي كان يستقلها سيدي محمد ولد هيداله المتهم الرئيسي في قضية شحنة المخدرات المقدرة بـ600 كلغ من الكوكايين، خارج حدود موريتانيا على بعد 255 كلم شمال شرق مدينة نواذيبو في منطقة حدودية تفصل بين المغرب والجزائر. وقالت المصالح الأمنية أن السيارة التي عثر عليها هي في ملكية أحد المطلوبين في ملف المخدرات، رافضة ذكر اسمه حفاظا على سرية التحقيق، وأضافت أن السيارة من صنع أميركي ومجهزة بمنظومة أقمار اصطناعية وحاسوب وتلفاز، تمكن ركابها الاتصال، من أي مكان، بالجهة التي يطلبونها، ومن التقاط عدة قنوات. وتعمل هذه السيارة بالتشفير الالكتروني.
وأشارت مصادر مطلعة الى أن عناصر الأمن لاحظوا آثار سيارتين رباعيتي الدفع بجوار سيارة المتهم، مما يعني أن ولد هيداله طلب مساعدة آخرين فأجلوه عن المنطقة إلى جهة آمنة يعتقد أن تكون احدى القرى الحدودية بين الجزائر وموريتانيا وإن كانت بعض الفرضيات ترجح يكون ولد هيداله لجأ الى جبهة البوليساريو التي تحفظ ودا كبيرا لأبيه الرئيس الأسبق لموريتانيا محمد خونه ولد هيداله الذي اعترف بجبهة البوليساريو.
وكانت الخيوط الاولى لما اصبح يعرف في موريتانيا بـ"قضية المخدرات" قد تكشفت مع إفراغ مروحية ثنائية المحرك، قبل اسبوع في مطار انواذيبو لحوالي 600 كلغ من الكوكايين قبل ان يعثر عليها رابضة على الطريق بين انواذيبو ونواكشوط.
وتطورت ملابسات هذا الملف بحيث شملت العديد من الاستجوابات لموريتانيين وأجانب، احتجز منهم سبعة ومازال نحو الخمسة من المشتبه فيهم في حالة فرار. كما مكنت تطورات هذا الملف من حجز مروحية ثانية ومصادرة سيارات وتجهيزات ومعدات الكترونية ومبالغ نقدية وصلت اكثر من عشرين مليون أوقية موريتانية ومن 800 ألف اورو.
وتحظى قضية المخدرات باهتمام واسع من قبل الموريتانيين، وسط مخاوف من تنامي ظاهرة عصابات المافيا والمخدرات في بلد ضعيف أمنيا كموريتانيا. وتفاعل الرأي العام الموريتاني وبشكل غير مسبوق مع هذه القضية التي تعد أكبر عملية تهريب للمخدرات يتم الإعلان عنها في موريتانيا، مما حدا بالسلطات الموريتانية الى وضع الرأي العام في صورة ما حدث من خلال مؤتمرات صحفية للناطق الرسمي باسم الحكومة وتصريحات لمصادر الشرطة القضائية والأمن العمومي، مع تعهد هذه الجهات بالمزيد من التوضيح عند الاقتضاء.
ويتوق الرأي العام الموريتاني كثيرا الى معرفة ما ستفضي اليه نتائج التحقيق في هذا الملف، أملا ان يأخذ التحري والتقصي بعديهما كاملين والعدالة مجراها في ظل تأكيدات المسؤولين أن لا احد فوق القانون.
ويعتقد على نطاق واسع أن سيدي محمد ولد هيداله الذي ترددت أنباء غير مؤكدة عن تدخل أبيه لدى الرئيس الموريتاني لوقف الاتهامات الموجه له، يملك وحده مفاتيح اللغز الذي يحير الرأي العام، وذلك وسط أنباء عن وصول فرق من الشرطة الدولية والمخابرات الأمريكية للمساعدة على كشف ملابسات القضية التي تورطت فيها شخصيات سياسية ومالية نافذة في البلاد.
واهتمام الرأي العام الموريتاني بهذه القضية نابع ليس فقط من أنها أكبر قضية تهريب مخدرات احتجزت خلالها طائرتين و600 كيلوغرام من الكوكايين كما تمت مصادرة سيارات ومبالغ مالية قدرت بمليوني دولار، فهي أيضا قضية تورطت فيها شخصيات سياسية واجتماعية ورجال أعمال نافذين. ولا يزال التحقيق جاريا للكشف عن علاقتهم بالمتهم الأول في القضية سيدي محمد ولد هيداله نجل الرئيس السابق، والذي لا يزال فارا.
وكانت الشرطة قد استجوبت السياسي الشهير أشبيه ولد الشيخ ماء العينين رئيس حزب الجبهة الشعبية ومرشح رئاسي في الدورتين الماضيتين، بشأن علاقته بالمتهمين في القضية، وأشارت الصحف الموريتانية الى أن الشرطة وجدت بحوزة ولد الشيخ ماء العينين مبلغ مليون أورو قال بأنها ودائع لديه، كما وجدت لديه جواز سفر كولمبي باسمه يحمل أختام عدة مطارات دولية، وأكدت أن الشرطة فرضت الإقامة الجبرية على بعض السياسيين.
واستنكر حزب الجبهة الشعبية الذي يرأسه محمد الأمين أشبيه ولد الشيخ ماء العينين "الحملة الدعائية المغرضة ضد رئيسه"، نفيا تورطه في فضيحة المخدرات ومؤكدا أن "كل ما تردد في الآونة الأخيرة من إشاعات وأقاويل مضللة لا تمت للواقع بصلة".
ودعا بيان أصدره الحزب السلطات الموريتانية إلى إنارة الرأي العام حول ملابسات هذه القضية "سدا للباب أمام الإشاعات والأكاذيب التي قد تنال من حرية وسمعة الأفراد"، وأضاف "أنه من غير اللائق ومن غير المنصف ربط اسم شخصية وطنية مرموقة بهذا الحجم معروفة بنضالها الوطني المتجذر والساطع بمثل هذه الممارسات التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتناسب معه أو تنسب إليه".
وتعتقل السلطات سبعة متهمين بعد أن استجوبت 30 شخصا فيما البحث لازال جاريا عن خمسة متهمين فارين، بينهم مواطنان بلجيكيان وسيدي محمد ولد هيداله. ومن بين المعتقلين الموريتانيين في الملف الناجي ولد محمد محمود رجل أعمال وصاحب محال صرافة ساعد زعيم الشبكة على تحويل مبلغ مليون دولار، وعبد الله ولد محمد وهو جمركي ساعد على خروج احدى السيارات وبها مبلغ كبير من المال.
وتعتقد مصادر صحفية أن المتهمين الرئيسيين بملف المخدرات والذين يرجح أنهم كانوا في كولومبيا قبل أيام قد وصلوا الصحراء الكبرى ويرجح أنهم في ضيافة الجماعة السلفية للدعوة والقتال بقيادة أميرها المختار بلعور، وتضيف أن مسئولين موريتانيين سابقين ترددت أسماؤهم في الملف ربطوا صلات وثيقة مع الجماعة السلفية إبان مطاردة ولد الطايع لخصومه في تنظيم فرسان التغيير العسكري.
وقالت نفس المصادر أن "عملية التسليم كانت تتطلب حسب مخطط المهربين إنزال الشحنة في المنطقة القصية من المطار على أن يتم نقلها إلى منزل أجره سيدي محمد ولد هيداله قرب المطار وتقرر أن تنفذ العملية في هذه الأيام استغلالا لوضعية المطار الذي يشهد عمليات ترميم إضافة إلى خلو المنطقة ضف إلى ذالك أن وصول الشحنة كان مقررا أن يكون يوم عطلة رسمية".
وفرضت هذه القضية تساؤلات كثيرة عن مدى استعداد الأمن الموريتاني للتصدي لمافيا المخدرات التي وجدت في الشواطئ الموريتانية التي ترتبط بحركة تجارية نشطة مع الموانئ الأوربية، معبرا مهما تحت حماية جهات نافذة، وتساءل الموريتانيون هل يمكن أن تعالج السلطات هذه القضية وفق معايير العدالة والقانون رغم ورود أسماء شخصيات سياسية ومالية نافذة وتورط أجانب فيها؟
وفي موضوع ذي صلة احتجز الشرطة الموريتانية ما يقارب عشرة أطنان من الخمور بعد تفتيش ومتابعة قام بها مع أجهزة الأمن لبعض المحلات التي لها علاقة بفضيحة المخدرات. وأكد مصدر أمني أن كمية الخمور التي تم ضبطها "بعضها مغشوش ويحتوي على سموم قاتلة والبعض الآخر منتهي الصلاحية"، وأضاف أنه "ضبط مع الكمية المذكورة جهاز يشتبه في أن له علاقة بتزوير العملات".