ترفيه

مصر: الجنس لم يعد الرقم الأول في شباك التذاكر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

السينما النظيفة تنسف مشاهد الإثارة والراقصات أصبحن عملة نادرة
مصر: الجنس لم يعد الرقم الأول في شباك التذاكر

تامر حسني ومي عز الدين في فيلم "عمر وسلمى" إبراهيم علامة من القاهرة: هل يؤدي مزيد من الحرية إلى إصابة مقص الرقابة المسلط على السينما المصرية بالصدأ؟ وهل يحال الرقباء الذين امتهنوا تشذيب المشاهد الساخنة وتقليصها من الأفلام إلى التقاعد، فتختفي النزاعات الطويلة التي طالما عايشناها بين الرقيب والمنتج السينمائي، والتي كانت تنتهي غالبًا أمام القضاء؟
فكرة من هذا القبيل ما كانت لتراود أيًا ممن عملوا في صناعة السينما المصرية خلال العقود الماضية. لكن الحقيقة هي أن الخلافات بين الرقابة والمنتجين، تبدو اليوم وكأنها في طريقها إلى التلاشي ولم تعد تجد ما يبرر وجودها. وكل ذلك بسحر ساحر.
تفسيرات العاملين في السينما المصرية لما يجري تتفاوت. بعضهم يعتبر أن الإنتاج السينمائي كان محكومًا خلال العقود الثلاثة الماضية بعوامل تجارية محضة، تخص عوائد شباك التذاكر. هذه العوامل أدت إلى تغليب الكمية على النوعية، وهذا يعني جرعات كبيرة من المشاهد الساخنة. وهم يقرّون الآن أن السينما المصرية تغيرت، كما لو أنها لم تعد تعتقد بضرورة استخدام مشاهد إغراء في أفلامها لجذب الجمهور إلى الصالات.

التغيّر يعزوه بعضهم الى الإشباع الذي تولّد لدى الجمهور بسبب انتشار الفضائيات وكليبات الأغاني ذات الإيحاءات الجنسية الواضحة، ويعتبر أنه قلل من أهمية المشاهد الساخنة ومشاهد الرقص الشرقي في اجتذاب الجمهور، وجعل التركيز ينصب أكثر فأكثر على الأعمال الجدية. وهناك من يرى أن أحد أسباب التراجع سببه محدودية الفرص لعرض مشاهد الرقص الشرقي وهز البطن والوسط لأنه لم تعد هناك راقصات يقمن بتلك الأدوار بسبب قلة عددهن واعتزال بعضهن.

لكن الحقيقة هي أن أكبر صناعة للانتاج السينمائي في العالم العربي وفي قارة أفريقيا تسير بإتجاه مختلف، يغيب فيه دور الرقيب أو يكاد يغيب، وهذا أمر غير مألوف.


"إيلاف" حملت في جعبتها بعض الأسئلة إلى اثنين من المخرجين اللامعين الذين يعرفون خبايا السينما المصرية، ومنها:
ما أسباب تراجع مشاهد الإغراء؟ ومن المسؤول عن عزوف المخرجين عن إدخال المشاهد الساخنة ؟ وهل للإسلاميين دور في ذلك أم هي شركات الإنتاج؟

مهرجان القاهرة السينمائي... والجنس
فيلم "الحياة منتهى اللذة" المخرج أكرم فريد كان له رأي واضح بما يجري، إذ اعتبر أن التكنولوجيا شكلت تحديًا تغيّرت بموجبه قوانين اللعبة، وأن الفضائيات انتزعت من شركات الانتاج الفائدة في زيادة مبيعات شباك التذاكر وجعلت المنتجين يعزفون عن استخدام النجمات في مشاهد ساخنة مثيرة للغط.

وأضاف متحدثًا عن دور للإسلاميين في التأثير على طريقة إنتاج العمل الدرامي في السينما: "لا شك أن هناك دورًا كبيرًا للإسلامين"، مشيرًا إلى تلك المشاهد التي تقدم بطريقة مستفزة للجمهور، لذا بدأ الجمهور ينفر منها لأنها لا تقدم في الواقع ضمن فكرة السياق العام لدراما الفيلم. ويتابع قائلاً: "كانت مشاهد الإغراء لتكون مقبولة لو أنها قدمت في إطار الدراما الحقيقية للعمل. أما لو كانت مجرد مشاهد للإغراء هدفها الأخير هو اللعب بغرائز المشاهد فحتمًا سوف ينفر منها لأنها سوف تكون مجردعنصر دخيل على الفيلم.

ونسأله: أخرجت فيلم "أيظن" وهو فيلم توقف عنده النقاد. هل تعترف بأن استخدامك لمشهد الراقصه في الفيلم كان الهدف منه اجتذاب المشاهد؟
أكرم : بالطبع. مشهد الراقصة الشعبية كان جزءًا من مشهد أغنية "أيظن". ولعله يمكن لشخص ما أن يقول إنه كان من الممكن حذف هذا المشهد من الفيلم، ولكن بما ان إسم الفيلم "أيظن" هو عنوان مبهم قضت الضرورة بوجود الأغنية لكي يُفهم معنى الفيلم وأيضًا كان ذلك في سبيل الدعاية.
ولكنني لم أرَ أي مشاهد يمكن أن تعتبر خارجة عن الآداب، في مشهد الأغنية، أو مستفزة أو مبتذلة. كذلك فإن ملابس مي عز الدين كانت معتدلة وغير فاضحة وكان عماد بعرور يغني أيضًا من دون رقص.
س فيلم "عمارة يعقوبيان" الأجرأ : ولكن لعل كلمات الاغنية كانت بها بعض الإيحاءات. يعني تغيب السخونة عن المشهد وتبقى في الكلمات؟
أكرم : من الممكن ان تفهم أي أغنية بأكثر من معني، وأن يفهم كل شخص كلماتها حسب طريقته في التفكير، فمثلا أغنية "خدني في حنانك خدني"، وهي من روائع تراثنا الفني ممكن ان تفهم بشكل خاطئ وهي لأم كلثوم. والأعنية كما القصيدة يمكن أن يفهم معانيها كل متذوق أو مستمع على حسب طريقته في التعامل مع اللغة ومع اللحن...
س: وماذا عن المشاهد الساخنة التي يكشف بها المخرج عن بعض مفاتن النجمات الجميلات لاستقطاب الجمهور. الملاحظ أن الأمور تغيرت اليوم؟
أكرم : هذا صحيح. وخير دليل على ذلك أن صالات مهرجان القاهرة السينمائي قبل عشر سنوات كانت كاملة العدد. ولكن هذه الصالات الآن تكاد أن تكون خالية من الجماهير. ألا يدفعنا هذا إلى طرح سؤال عما يحدث أمام أعيننا. السبب هو أن الجمهور لم يكن في السابق متذوقًا للسينما.
الجمهور إنما كان يأتي من أجل مشاهدة مشاهد معينة حيث كان المنظمون للمهرجان في تلك الفترة يهتمون بإبراز تلك المشاهد لحشد الجمهور، فكانت المشاهد جنسية وفيها إثارة كي يكون هناك حضور جماهيري كبير. كذلك فإن شركات الانتاج قد لعبت على هذا الوتر عبر إظهار بعض النجمات في مشاهد اغراء .
لكن الآن، وبعد الإنتشار الهائل للفضائيات والأقمار الصناعية أصبح هناك إشباع لدى المشاهد من مشاهدة اللقطات الساخنة، فلم يعد هناك إقبال من قبل الجمهورعلى مشاهد الإغراء في بعض الأفلام. لقد تغير الجمهور ولو كانت تلك المشاهد تندرج ضمن السياق العام لدراما الفيلم فسيتقبلها، اما اذا كانت هذه المشاهد لا تماشي موضوع الفيلم، فسوف تكون مستفزة للجمهور.
س: ما هي آخر أعمالك؟ وهل ستعتمد على الإثارة؟
أكرم : بالطبع لا. وحاليًا، أقوم بعمل فيلم مع الممثل السوري جمال سليمان ومع مجموعة من الوجوه الجديدة راندا البحيري ومروة عبد المنعم وضياء عبد الخالق وحسن حرب ومدحت ومجموعة كبيرة من الشباب، سيناريو محمد سليمان وانتاج شركة الحوت.
ومتى يعرض في الصالات؟
أكرم : إن شاء الله علي عيد الفطر. التصوير يجري في منتجع طابا. وتدور قصة الفيلم حول جريمة قتل تقوم بها مجموعة من الشبان الذين كانوا يقضون إجازتهم.


سينما نظيفة
فيلم "بنات وسط البلد" أما المخرج عمرو بيومي فيشير إلى ظهور "سينما نظيفة" وإلى تحول في طبيعة الأفلام بسبب التأثير الذي يمليه ذيوع التلفزيون والبث الفضائي، في وقت صار المشاهد فردًا من أسرة تجمعها قيم محافظة داخل منازلها.

و يشير إلى أن الإسلاميين لا علاقة لهم بتراجع مساحة اللقطات السينمائية التي قد تجانب الحشمة، ومعتبراً أن هناك بعداً اجتماعياً في علاقة السينما بجمهورها لا بد من مراعاته وأن ما يفعله المخرجون هو محاولة التجاوب مع تطلعات المتفرجين وهم جمهور أوسع من صالات السينما.


ويضيف: "تراجع مشاهد الإثارة في الإنتاج الدرامي السينمائي في مصر ليس له علاقة بالإسلاميين. الجمهور أصبح محافظًا أكثر في وقت بات المنتجون والموزعون يدركون أن الجمهور لا يقبل على أفلام بها مشاهد عاطفية جارحة للجمهور".

ويلفت إلى أنه يجب النظر إلى الرقص الشرقي باعتباره فنًا راقيًا. ويقول: "في السابق برزت نجمات في هذا الفن مثل نجوى فؤاد أو زينات. والرقص الشرقي كان محبوبًا لدى عموم الجمهور، ومن لم يكن يذهب الى نادٍ ليلي ليرى راقصة كان يراها في فيلم. لكن الآن بات الجمهور مختلفًا، والسبب هو أن المشاهد يرى فيديو كليب يجري فيه استعراض مهارات الرقص بجميع الألوان وليس بالشكل التقليدي السابق".

التغير في نظر المخرج عمرو عرفه طاول نوع السينما نفسها وتعريفها. يقول: "المشاهد العاطفية في السينما باتت تنحصر في إطار ما يطلق عليه مصطلح السينما النظيفة. وقد ظهر هذا المصطلح وتحددت ملامحه بعد أن أصبحت هناك أفلام كوميدية، وفي كل ذلك يجري التركيز على أفلام الأسره والتي لا يمكن أن توجد بها مشاهد غير مناسبة".

ويضيف، ملقيًا بدلوه حول سبب تقني بحت قد يفسّر انتشار مشاهد الإثارة: "شخصيًا أرى أن هناك سببًا آخر يبرر هذا التراجع، إذ إنه عندما يتم وضع مشهد بعيد عن السياق يفقد الفيلم مضمونه. فعلى سبيل المثال، يشكل فيلم سهر الليالي دليلاً واضحًا على أهمية مراعاة الحبكة النفية الدقيقة من دون زوائد. والفيلم كان مقبولاً ونجح جماهيرًا ولم يأتِ الإقبال عليه لأنه يحفل بمشاهد عاطفية أو مشاهد إثارة. وختامًا أقول إن المسألة مرتبطة بالذين يسيطرون على السينما" .

للكبار فقط
الممثلة داليا البحيري أما الممثلة داليا البحيري فهي ترى، أن هناك بعض الأفلام تحتوي على بعض المشاهد الساخنة وتحظى بإقبال جماهيري، وتضيف "انا أرى أن من الأهمية هو أن ينظر الى ضرورة وجود المشهد في العمل كدراما ليس لمجرد المشهد ولكن لضرورة وجوده ، وان يكون المشهد موجودًا داخل السيناريو لهدف معين، وأعتقد بأن المشاهد واع ويعلم ما يدور من حولة، وهناك شعار " للكبار فقط " وأن المشاهد للضرورة الدرامية وهذا الشعار هو لحماية الاطفال من مشاهدة تلك الأفلام ، ويجب على القائمين على صناعة السينما أن يقوموا بنشر هذا الشعار حتى لا يمكن للأطفال رؤية مشاهد ساخنة أو مشاهد اباحية، وهذا الشعار يتداول بالتلفاز".
وتضيف قائلة:" فالسينما تغيرت نحو الأفضل، ففي فترة السبعينات من القرن الماضي كانت 99 في المئة من الافلام بها مشاهد جنسية، لكن اليوم من يريد أن يشاهد أعمال اباحية يمكن له أن يراها على الإنترنت والفضائيات لأنها متاحة بشكل كبير جدًا.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف