ترفيه

كوثر البشراوي لإيلاف: عاصي الحلاني دمّرني

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تعتبر أن عائلتها سقطت حين دفنت أمها
كوثر البشراوي لإيلاف: عاصي الحلاني دمّرني

فاتن حموي من بيروت: لم ولن تحيد قيد أنملة عن مشروعها العروبي الذي يعتبره البعض حلماً تافهاً. مَن يقلّل من احترامها، تؤدّبه على طريقتها. دفعت وتدفع الترحال ضريبة لأنّها تأبى تغيير مبادئها. تعترف بأنّها تحمّل الآخرين عبء عقدها الشخصية. اتّهمت بالعمل لصالح المخابرات السعودية. سُرق عمرها وأصبحت جزءاً من جريمة. لديها مفهوم خاص للعدالة الإلهية وتعترف أنّ عاصي الحلاني دمّرها... أمّا ابنها فهو وطنها وأمّها لا تقارنها بنصف المجتمع العربيّ.
هي الإعلامية كوثر البشراوي التي حاورناها ولم يخل حوارنا معها من مواقف ناريّة. أبادرها بالسؤال:

- هل تنظرين إلى الوراء على الصعيد المهني؟
أخطاء الماضي وإنجازاته هي الأسس التي تقوّي الإنسان، الماضي جزء منّي ولا يمكن أن أتنكّر له مهما كان بشعاً أو متواضعاً ومهما كانت عيوبه... الأمس أوصلني إلى اليوم. كلّ يوم من الماضي جزء من عمري وتعبي، هو صدقي وأخطائي التي هي أخطاء صدق تلك المرحلة. ألتفت إلى الوراء بهذه المعاني ولا أندم على ما فات وضاع، لا أندم أيضاً على الأمور المتبقيّة. لا وجود للندم في حياتي.

-لو طُلب منك العمل في إحدى المحطات التلفزيونية التي تركتها (MBC- الجزيرة- العربية) أيّها تختارين ولماذا؟
أختار اثنتين لا واحدة لأولويات معيّنة. يُحزنني أنّني تركت الجزيرة لسبب شخصيّ وليس مهنياً، ومَن كان السبب وراء تركي العمل في الجزيرة غادرها بعدي بشهرين، وهذا ما يُحزنني. محزن فعلاً أن تكون أخطاء فردية وربما شخصية هي السبب وراء الاستقالة. أشعر أنّ الجزيرة محيط وظيفي يشبهني، ومحيط بشري يريحني، هي الأقرب إلى توجّهي في حياتي الفكرية على الأقلّ. أمّا الـ MBC فهي الجزء الذي أنتمي إليه والذي شاءت الأقدار وليس المال أو الناس أو أنا أن أكون جزءاً من نبتتها الأساسية، شوقي إلى هذه المحطة التلفزيونية يشبه شوقي إلى بيت أهلي، ومن الممكن أن أشتاق إلى بيت الجيران لأنّني أرغب بالتواجد هناك لقناعة خاصّة بي. الـ MBC شهادة ولادة، القدر الذي لم أختره ولم يختره أحد لي، ولا يمكن لأيّ إنسان التنكّر لتاريخ ميلاده والبلد الذي وُلد فيه.

مدير الجزيرة يكره السعودية
-ما هي تفاصيل المشكلة الشخصية التي دفعتك للاستقالة من الجزيرة؟
الموضوع تافه وشخصيّ جداً، عملت في الجزيرة بقرار واختيار من رئيس مجلس الإدارة الشيخ حمد بن ثامر، وكان المدير العام آنذاك محمد الجاسم العلي ... كرهه الشديد للسعوديين دفعه ليكرهني، لذلك أقول دائماً إنّ على القطري الذي يكره السعودي أن يشتم السعودي وليس الإعلامي التونسي أو السوري أو... مَن لديه مشكلة مع السعوديين عليه أن يسعى إلى حلّها معهم وليس مع الإعلاميين، لأن لهم استقلاليتهم وكرامتهم وانتماءهم. نعم أنا أحبّ السعودية لكن هذا لا يعني أنّني أعمل لصالح جهاز مخابراتها. لا أقبل أن أكون مع مخابرات بلدي فلماذا أعمل مع مخابرات دولة أخرى؟؟؟ للأسف المدير العام كان مصاباً بالعمى لشدّة كرهه للمؤسسة السعودية، ما جعله يرفضني قبل ذهابي إلى الجزيرة. سكت سنتين ولم يستطع تقبّلي بعد ذلك. في إحدى المرّات قام بحركة تنمّ عن قلّة أدب وحياء لا يجب أن يقوم بها تُجاه أي امرأة فما بالك بإعلامية...الكرامة قبل الخبز بالنسبة إليّ، لذلك أحببت أن أذكّره بآداب السلوك على طريقتي طبعاً.

-ماذا فعل تحديداً؟
كنت أهمّ بالجلوس في مكتبه فقال لي من غير المسموح أن تجلسي ولم أعطك موعداً، وكلامه غير صحيح طبعاً بالنسبة إلى الموعد، قصد إهانتي ورددت الإهانة على طريقتي. الموضوع سخيف أليس كذلك؟ أليس من المحزن أن أغادر الجزيرة بسبب إنسان يكرهني لأسباب لا دخل لي بها؟ لم أكن أعرف أنّه يحوي هذه الكمية من الكره... هذه مشكلته على كلّ حال، والغريب أنّه ربّما من القلّة الذين عرفتهم في حياتي الذين منحهم الله كلّ شيء كي يُحبّوا وهو مصرّ على أن يُكره، قلت هذا الكلام عندما كنت أشتمه عبر الشاشات وأقوله اليوم، إنّه محترف في مهنته وذكي والله منحه القبول لكنّه مصرّ على مناداة الناس لتكرهه.

أريد تحرير ابني من كل عيوبي
-لم تأتِ على ذكر العربية، هل سبّبت لك جرحاً ما؟
القضية لا علاقة لها بالجرح فهو يضمّ أموراً أكبر بكثير من مغادرة مكان. أكبر جرح لا يندمل في الحياة هو اليتم.

-هل أنت يتيمة وبأي معنى؟
نعم أنا يتيمة مع الزمن، الإنجاب، والأمومة. الأمومة حالة ذهنية لا يمكن تجاوزها، وربّما كل أخطائي العاطفية والاجتماعية كانت بوهم البحث عن العائلة.

-هل ما زلت تبحثين عن رفيق العمر؟
تجاوزت هذه المرحلة والحمد لله (تضحك). عافانا وعافاكم الله. لا أريد الزواج مرّة أخرى.

-هل سترفضين الزواج حين يخفق قلبك لإنسان يناسبك بكل المعايير؟
عندما أقول "لا" يعني هذا أنّني لن أكرّس وقتي للبحث عن رفيق العمر. لكن إذا وُجد مَن يخاف الله لم لا؟ على فكرة العيب بي ولا ألوم الآخرين (الزوج- الأصدقاء- الزملاء...).

-ما هي مشكلتك وما هو هذا العيب؟
أحمّل الآخرين عبء العائلة. فيما مضى من عمري كنت أطالب الزوج أو الشخص الموجود في حياتي أن يكون الزوج، الصديق، الأخ، الأمّ، والأب. هذا ظلم إذا كان الآخر غير قادر على أن يكون كل هؤلاء. فليكن زوجاً لا أكثر ولا أقلّ أليس كذلك؟ لا أريد أكثر من هذا. خطأي هو البحث عن العائلة في شخص. هذا وهمُ اليتيم الذي يبحث عن الحنان والكلمة الطّيبة. أعلم جيّداً أنّ ما كنت أبحث عنه هو وهم. لقد ظلمت بتوقعاتي المبالَغ بها وباحتياجي العاطفي المبالَغ به. وضعت عبئي العاطفي على كاهل فرد، وليس بالضرورة أن يتحمّل الفرد هذا العبء لأنّه ليس بالضرورة أن يكون مقصّراً بحقّي كشخص أو كرفيق أو كزميل...حمّلت الكثيرين عبء عقدي الشخصية لذلك كانت العلاقة معي مرهقة بالنسبة إلى الآخرين.

-هل تحمّلين ابنك الوحيد يوسف هذا العبء؟
أحاول أن أعفيه تماماً منه وأريد أن أحرّره من كلّ عيوبي.

-هل يمكن أن نحرّر الآخرين من عقد لا تزال ترافقنا؟
لديّ Phobia من العنكبوت، ولا أخاف منها بحضور إبني لأنّني قرّرت أنّه ممنوع عليه الخوف منها. أمر صعب جداً لمن لديه Phobia، ولن أسمح بأن يعيش الرعب الذي أعيشه. الطفل هو نقطة ضعف أمّه، أمّا إبني فقد قوّاني، وبتّ أكثر تشبثاً بآرائي لأجله، ولكي يُقال له (أنت ابن فلانة). أنا مصرّة أن يقال ليوسف (أنت ابن كوثر البشراوي). يجب أن أترك له صورة نظيفة. ممنوع أن يرى إبني عيوبي وأخطائي.

العودة إلى تونس أكبر وهم
-ألم يئن الأوان للاستقرار مع يوسف في تونس بلدك الأمّ؟
لي مفهوم آخر للأمومة والبنوّة والوطن. وطن الابن هو أمّه. لذلك لم أسافر للعمل يوماً إلا وهو معي. وطني هو إبني لأنّه مصدر أماني.

-ألا يُحزنك قضاء شهر رمضان بعيداً من تونس على سبيل المثال؟
رمضان محزن بالنسبة إليّ. لو عدت إلى تونس لن أذهب إلى بيت أبي لأنّه لم يعد موجوداً. أبي وأمي توفيا ومعظم إخوتي خارج تونس. العودة إلى تونس وهمٌ بحد ذاتها. الغربة الطويلة تجعلك تشتاقين إلى ما كنت ما كنت عليه قبل مغادرتك البلد وليس ما أنت عليه الآن. أشتاق إلى رائحة الطعام والصراخ مع اخوتي وكلّ التفاصيل الصغيرة التي تحدث في أيّ بيت. عندما تكون مواقع الذكريات خلاء وقفار ومجرّد مكان يصلح ليكون دكاناً، لا معنى لها، بل على العكس تزيدني إيلاماً. أمر محزن جداً أن تقطني في فندق في بلدك. لا أتمنّى لأحد أن يمرّ بهذه التجربة.

-هل لديك بيت في تونس؟
نعم... لكنّ العائلة ليست جدراناً. لديّ بيت في لندن وآخر في بيروت، لكنّ الوطن لا تبنيه الجدران إنّما تبنيه العائلة. لا يجب أن نكذب على أنفسنا فالحياة من دون أمّ هي نصف حياة. وإذا سألتني إن كانت لديّ عقدة الأم سأقول لك بالتأكيد. لديّ عقدة يتم الأمّ. هذا قضاء الله وقدره، مع هذا أشعر أنّني حُرمت منها وغيابها أتعبني.

-كم كان عمرك حين فقدتها؟
9 سنوات.

-هل عشت مع زوجة أب؟
تزوّج أبي سبع مرّات بعد وفاة أمّي لكنّني لم أعش مع زوجة أب.

سقطت عائلتي حين دفنت أمي
-مع مَن عشت؟
ظروف... بيت أبي كبير جداُ ويمكن لشخص أن لا يلتقي بالآخر في البيت نفسه. يا سيدتي لا أريد أن أتذكّر هذه المرحلة من حياتي، مع العلم أنّ ما لا أعيه في طفولتي هو ما أثمر فيّ الآن. أنا متأكدة أنّ أمّي صنعت كوثر التي أنا عليها. على الرّغم من أنّ ذكرياتي طفيفة عنها لكنّني أشعر أنّني أدين لها بقوّتي وقدرتي على إخفاء ضعفي. صحيح أنّها كسرت ظهري بغيابها لكنّها قوّتني بغيابها أيضاً. سقطت العائلة مع دفن أمّي.

-مَن ساعدك على صقل شخصيتك؟
الحياة والقدر صقلا شخصيتي وربي ساعدني. علاقتي مع الله فيها الكثير من الحبّ لأنّني مؤمنة. كوني امرأة منطقية وعقلانية أقول لولا الله لما استطعت الخروج من مآزق عدّة وقعت بها. مررت بظروف قاسية في الرابعة عشرة من عمري، ولا يمكن أنّ يصدّق إنسان ما مررت به بعد طفولة من الاستقرار والعزّ. وفاة أمّي قلبت علينا المائدة على المستوى النفسي والمادي والاجتماعي. زيدي على ذلك أنّ أمّي مسيحية أجنبية في مجتمع بدويّ لا يتقبّل الغريب.

-ما هي جنسيتها وكيف تعامل المجتمع معك كون والدتك مسيحية أجنبية؟
أمّي إيطالية مالطية. دفعت واخوتي فاتورة الزواج المختلط. نحن أبناء الأجنبية، لا نليق بالعروبة والشرف؟! هذه مجتمعات ظالمة تجعلك تدفعين ثمن يُتمك. أعرف أنّ اليتيم يُحتضن. نحن نبكي اليتيم عند الدّفن وبعد ذلك نلعن والديه لأنّ أمّه التي ماتت لم تقم بتربيته، وكأنّه تربّى في الشارع؟!! الموضوع مؤلم. عندي ثورة كبيرة ضدّ الناس وليس ضدّ الله. لو توفي ابني غداً لا قدّر الله سأقول (لله ما أعطى ولله ما أخذ). مشاكلي كبيرة مع الناس. لا أستطيع قبول هذا الظلم المجّاني والنفاق الجماعي في مجتمعاتنا. لا أقبل دفع فاتورة شيء لم أقم به لأنّني فتاة ولدت في ظروف وملامح معيّنة، ولأنّ أمّي غابت وأبي مزواج. كأنّ المفروض أن نكون بنات العاصمة وبالتالي فاسدات... هذا ظلم. ثمّ مَن قال إنّ المرأة المعتنقة للإسلام لا ترقى إلى المسلم؟ ما زلت مصرّة على عدم قبول أنّ يعتقد المسلم الذي "يشهد ويفسد ويسكر" أنّه أفضل من مسيحي أو يهودي لم يُؤذِ أحداً في حياته... هذه لا أقبلها. لي مفهوم خاص بالنسبة إلى العدالة الإلهية. الله بمفهومي يختلف عن الله عند بعض الناس، ومعذرة على هذا الكلام، "اللهي" أجمل بكثير من أن يُدخل هذا إلى الجنّة فقط لأنّه ولد مسلماً وذاك إلى جهنم لأنّه ولد مسيحياً.

-هل يُنظر إليك على أنّك معتنقة للإسلام كونك ابنة أجنبية؟
أنا مسلمة غصباً عن الجميع. أمّي ظُلمت في المجتمع العربيّ لأنّها أجنبية. هناك غيرة من الأجنبي. أمّي جميلة جداً ومثقفة. لا أريد أن أقارنها بنصف المجتمع العربي. كانت تبكي عندما تعرف بوجود فقير لم تستطع مساعدته. البعض يقرأ المصحف بأكمله ولا تنهمر دمعة من عينيه. أمّي كانت تبكي عند قراءة الفاتحة خشية من الله وحباً لله. نحن نركّز على خشية الله وننسى جانب الحب. يُقال لنا: "انتبه من النار!! انتبه كي لا تُعلّق من عينيك!!" ربي أرحم من الناس فليُبعد الناس أذاهم عنا والباقي على الله.

لماذا لا تسألون لماذا تعرّين صدرك؟
-وصفك البعض بالمخلوقة الغريبة لأنّك تضعن الطرحة على رأسك، ودوماً تُسألين عن شكلك وشعرك الخ... لماذا تجيبين على هذه النوعية من الأسئلة؟
توقّفوا عن طرح الأسئلة فنتوقّف عن الإجابة. طرح عليّ زاهي وهبي في برنامج "خليك بالبيت" سؤالاً صدمني لأنّه أتى من صديق وليس من زميل إذ قال :" لماذا تضعين الطرحة على رأسك؟" فأجبته قائلة: " لم أسمع أنّ أحداً سأل فلانة لماذا تعرّين صدرك ومؤخّرتك... لماذا تسألني عن الطرحة وهي عادية في المجتمعات العربية؟"
-هل أنت سعيدة كون ملامحك الأجنبية والطرحة يميّزانك؟
أحمد الله على أنّه خلقني امرأة وأحمده على كلّ النعم التي أنعم بها عليّ، وعلى الأرزاق التي منها وجهي، عقلي، صحتي، قدرتي على الاستمرار، وقوّتي على عدم الانكسار. صحيح أنّ هناك ألماً وأسأل نفسي أحياناً كيف استطعت الاستمرار ولم أنتحر أو أهرب. ربي أعطاني رزقاً غريباً هو القدرة على الاستمرار والتصالح مع ربي ونفسي. لديّ مشكلة مع النفاق والدجل... ولا أشعر بعقلية الاضطهاد والظلم بما أنّه لا مشكلة لديّ مع نفسي. لم أكن يوماً امرأة مظلومة، فإذا ظُلمت فأنا جزء من هذا الظلم، وإذا وقعت في مشكلة أنا جزء منها. لا يمكن أن أعفي نفسي من أيّ ورطة صادفتني.

اتهموني بتمسيح الجوخ للسعوديين
-هل ملامحك كانت عائقاً أم فتحت أمامك الأبواب على الصعيد المهني؟
شعرت أنّها عائقاً، إذ استكثر عليّ الجمهور في بداية تجربتي التلفزيونية حبّي للبادية على الرّغم من أنّ أبي من الجنوب التونسي (الواحات). كان يقول البعض إنّني أمسح الجوخ للسعوديين. أنا ابنة الواحات وبعض السعوديين لا يعرف معنى الخيل الذي نعرفه، في منطقتي لا ننطق حرف القاف، لهجتنا أقرب إلى الليبية. يسنكثرون ميولي للعالم العربي في حين أنا منه ومن البادية والنخيل. كثيرون قالوا ظلماً لأنّها تعمل في مؤسسة سعودية لديها ميول للحديث عن حاتم الطائي وتصوّر برامجها في اليمن والكويت... أنا أجد هناك شيئاً من جذوري اعترفوا هم بها أم لم يعترفوا. هذا الجانب موجود بي غصباً عن الجميع. ناهيك عن أنّ اللغة العربية الفصحى جزء من حياتي في منزل العائلة وأمي كانت تتحدّث بلهجة أقرب إلى الفصحى. إذاً موضوع اللغة يتعلّق بطفولتي ولا دخل للعالم العربي أو الخليج أو الـ MBC بها. في تونس كانوا يقولون عني مشرقية، لأنّ شكلي لا يمكن أن يكون مطابقاً لمواصفات التونسية برأيهم، وهذه مشكلتهم وليست مشكلتي. استكثروا عليّ أن أتحدّث في الثقافة، يبدو أنّ برامج الموضة والأغنيات تناسب نوعية وجهي برأيهم. هذا الكلام برمّته كان إهانة لجهدي في عملي. انتُقدت لأنّني لا أضع الماكياج، لا دخل لكم بهذا، حاسبوني على سؤال خطأ ومن حقي أن تقولوا هذا السؤال جيّد.

أنا كاذبة ولست مثقفة
-هل تسعدين إذا قيل إنّك مثقّفة؟
لا أعتبر نفسي مثقّفة والحمد لله. لديّ معرفة جزئية بعد أسفاري وخبرتي ومعرفتي بالناس. مثقفة لأنّني أعرف العالم العربي كجغرافيا وناس؟ لست أديبة ولست شاعرة ولست كاتبة ولا أريد أن أكون إحداها.
-ما هي قراءتك للصورة الإعلامية العربية والمشهد العربي بعد مرور سنة على عدوان تموز2006؟
جيل ما بعد الـ 67 يعرف جيّداً أنّنا رضعنا ذكرى النكبة والنكسة و73، نتذكّر كيف صرخ أهالينا عند توقيع معاهدة كامب ديفيد، الذين ربّونا هم: مارسيل خليفة، محمود درويش، محمد عبد المعطي حجازي، سيد حجاب... ونحن أبناؤهم. ربونا على تشي غيفارا، نلسون مانديللا، أبطال الجزائر ودول أميريكا اللاتينية... عندما حصلت البطولة في لبنان العام 2006 قال البعض: "القول إنّ ما حصل هو إنجاز عيب". كيف هذا؟ أريد من أحد الذين ربّونا أن يُفهمني. كيف تطلب منّي أن أسير باتجاه الأحمر، وعندما أصل إليه تقول: "باتجاه الأحمر لكن من غير المسموح أن تصلي إليه". هذه أكذوبة... أن يحلم الإنسان طوال عمره بقضية الفدائي ومقاومة إسرائيل وعندما يصبح هناك إنجاز ولو كان 0،01 % يُقال طلبنا منك أن تحلمي وليس أن تُنجزي. صعب قبول هذا الموضوع في سن الأربعين... سرقوا منّا عمرنا وجعلونا نتحدّث عن قضية فلسطين حتى أصبحنا جزءاً من الجريمة نكذب على الناس. هل تتخيّلين أنّني وبعد أن قدّمت برامج حول يوم القدس على مدى عشر سنوات (طلعت كذابة وطلع كل الموضوع خرابيط)؟

-هل دفعت الترحال ضريبة أم ضريبة الترحال؟
انتقالي من قناة إلى أخرى هو الضريبة لتشبثي ببعض مبادئي، قد أكون على خطأ في عيون الآخرين لكنّني مؤمنة بمشروعي العروبي. لم أغيّر مشروعي الخاص، والذي أعتقده يشبه مشروع ملايين المشاهدين العرب. لا أنتمي إلى ضيوفي من المثقفين بل أنتمي إلى المشاهدين. أسئلتي هي أسئلة الجاهل وغير العارف وليست أسئلة المثقف. في العمل تسقط وتُلغى كل مقاييس الصداقة. الانتقال من رصيف عربيّ إلى آخر ليس مشكلة. ليس الإعلام العربي فقط هو الذي لا يتّسع صدره لمّا يسميه البعض الأحلام التافهة (العروبة والوحدة والعالم العربي والإسلامي). أنتمي إلى العروبة والإسلام بكلّ ذنوبي وجنوني وعدم التزامي. أنتمي إلى هذه الأمّة. نصفي غير العربيّ يجعلني أتفهّم انتمائي العربيّ بصورة أكبر، ويجعلني أحترم الآخرين لكنّني مصرّة على احترام نفسي أولاً. مصرّة على ثباتي في هويتي. أنا مسلمة ثمّ عربية ثمّ تونسية، تغيير هذه الأولويّات لا يمكن أن يحدث لا بالمال ولا بالشهرة. كلّ تنقّلاتي كان سببها تمسّكي بحلمي. صحيح أنّ حلمي أصبح هذياناً وغباء واكتشفت هذا في ذكرى النصر في 14 آب (أغسطس) 2007، وفهمت أنّ المفروض نعي حال جيلي. الترحال هو الضريبة. ما يحزنني هو أنّ الجغرافيا قد لا يتّسع صدرها في زمن العولمة، أي أنّ العالم العربي ينفتح على الآخر بخطى سريعة في الوقت الذي ينغلق صدره على أبنائه، وهذا أخطر ما في المشهد العربي. العالم العربي يقبل كلّ التيارات الفكرية إلا العروبة ومَن هو ضدّ إسرائيل. نقبل كل شيء ما عدا أبناءنا، والمحزن أيضاً أن لا موطىء قدم لنا لا في أوطاننا ولا في أوطان غيرنا. العالم بعد أحداث الحادي عشر من أيلول لا يتسع لنا في أيّ مكان بما فيه أوطاننا. الإعلام مرايا صغيرة من مرايا مهشّمة للعالم العربيّ.

أنا عابرة سبيل
-تحبين أغنية "شاطر" لنانسي عجرم، لماذا؟
أعجبتني لأنّها أغنية للأطفال، ثمّ هناك نبرة حزن في صوت نانسي في هذه الأغنية بالذات يشبهني كثيراً. لمست كمية من الحزن في الأغنية ربّما هو حزن الطفلة في داخلي. إسمعيها بأذني وحاولي اكتشاف ما الذي أقصده عن الحزن في هذه الأغنية الراقصة. هناك كمية من الحزن تتسع لي.

-أيّ أغنية تشبهك؟
كثيرة هي الأغنيات التي تشبهني. أنا امرأة عاشقة للموسيقى والأغنيات، لديّ عالم كبير من الموسيقى لأنّني إذاعية في الأساس، كما أنّني مهووسة بقيادة السيارة بسرعة مع الموسيقى العالية. والأغنية التي أثّرت بي أخيراً هي "الباب عم يبكي"، عاصي الحلاني دمّرني بها، الأغنية ذات تركيبة غريبة لغوياً. أحبّ الموسيقى التركية والإيرانية، الموسيقى التصويرية للأفلام.

-صفي كوثر بكلمة...
عابرة سبيل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف